صُوَر على صُوَر
لم نفترق يوماً منذ كنا في الثالثة. وفي الثالثة والعشرين فرّقتنا أميركا. بدا منطقياً أن تجري صديقتي خلف الحلم الأكاديمي الأميركي. ولم يكن حلماً بالنسبة إليها، كان حقيقة امتلكتْها سريعاً. ساعدها ذكاؤها في انتزاع الشهادات والإنسجام مع الغربة ومع مجتمع غريب تماماً عن المجتمع الذي تربت فيه. ذابت صديقتي في أميركا. إختفت ولم تظهر إلا في إجازات قصيرة. ثم عثرتُ عليها اليوم صباحاً في «إيميل» أسعدني وأبكاني في اللحظة نفسها. لقد وضعت صديقتي طفلها الأميركي ومنحته اسماً أميركياً.
أرسلت لي الصور في «إيميل». وأرسلت الصورُ لي الحقيقةَ خلف شاشة بلاستيكية. والحقيقة في الصور قريبة مني، قريبة جداً، لكنني لا أسمعها ولا أقرؤها. يمكنني أن أراها وأمنحها تفاسير شخصية، هي تفاسيري أنا. هكذا رأيت الفرح والخوف في عينيّ صديقتي. رأيت فرح الأمومة وقلقها رغم المسافة التي تفصل بيننا. تذكرتُ فرحتي الأولى بالأمومة، وهي فرحة منحتني طاقة عجيبة ورغبة في ابتلاع الحياة. لم تعبّر صديقتي في رسالتها القصيرة عما نقلته الصور إليّ. أفهمتني الصور أحاسيسها. إستطعت أن أفهمها في لحظات نادرة. لذا رضيت بالصور وسامحت أميركا التي أخذت منا الحقيقة الملموسة والوجود المادي وأعطتنا صوراً عنهما.
أعشق الصور وأعتمد عليها أساساً متيناً يدعم ذاكرتي. تحتاج الذاكرة إلى الصور والكلمات عبر كتابة اليوميات أو المذكرات كي تحافظ على نفسها. لكن ثمة صوراً غير فوتوغرافية تخرب حياتي. هي صور تُبنى ولا تُرى، صور نفسية. وقد حاولت أن أضمّ هذه الصور إليّ بخيوط متينة، كي لا تبقى منفصلة عني فأتعب كي أقترب منها.
وهي صور أعيد تركيبها يومياً كي أعرف نفسي ولا أعرفها. هذه الصور تقيّد حريتي وتجرّد عفويتي من أي رغبة في الانطلاق وتدفعني إلى الإلتزام بنموذج إجتماعي مزروع فيّ. لن أسمح لابنتي بأن تهتمّ بالصور الإجتماعية التي هي صور نفسية أولاً وأخيراً. أعالج نفسي لأتخلّص من الصور النموذجية، من «الملفوفة» التي أعيش فيها. فأعود إلى الماضي إلى ما لا يمكن تغييره، أنبشه لأكتفي بفهمه. وتخيفني المنطقة فيّ التي تطفو إلى السطح، تظهر في أيامي العادية، في علاقتي بالآخرين.
هل أكذب حين أصرّ على أنني صادقة مع نفسي؟ وهل أبحث عمّن يعلّمني الكذب؟
تتداخل الصور. صور فوتوغرافية تظهر فيها صور نفسية أو داخلية أو نماذج زرعتها تربية مثالية فينا لكنها لا تنفع في زمن العلاقات العامة والصور المفبركة.
الأكثر قراءة
أخبار النجوم
سعد الصغير يبكي ويرفض الحكم الصادر بحقه (فيديو)
ساعات ومجوهرات
لجين عمران تخطف الأنظار بالوردي وبمجوهرات راقية
إطلالات النجوم
البساطة عنوان إطلالتَي الملكة رانيا والأميرة رجوة
أخبار النجوم
رانيا فريد شوقي تثير جدلاً بين جمهورها بسبب...
أخبار النجوم
خاص لها - إلهام شاهين تكشف سر خسارة وزنها ووجود...
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024