كلمات

نساء عربيات
لا أريد أن أنظر من حولي. لا وقت للنظر الآن. ألصق وجهي بالحائط. مطلوب مني أن أؤدي أدواراً عديدة وأن ألبس هويات كثيرة ومتضاربة أحياناً. أنا أمّ وزوجة وإبنة وكنّة وقريبة وموظفة وتلميذة، وعليّ أيضاً أن أكون عارضة أزياء وأن أستعير من ممثلة سينمائية قدرتها على الاهتمام بمظهرها. أنا كل هذا، وأنا بعض ما طالبت به وما وصلت إليه. لا أقول إنني غير سعيدة وإنني أقبل بالتنازل عن المكان الذي وصلت إليه، لكنني أطلب مزيداً من الدعم واعترافاً بما أنجزته وما أنجزه. أنا امرأة تعيش الأسبوع كلّه في يوم واحد. وأحلم بأن أغمض عينيّ لأرتاح من المشاهد التي تمرّ سريعاً من حولي. أود أن أتخلّص من الضجيج اليومي ومن الثرثرات المستفزّة، ومن أن أباع وأُشترى لأن غيري تباع وتُشترى. وحين أُغمض عينيّ، أتذكر أيامي الماضية وأعرف أنني لا أريد العودة إلى الماضي. أريد ألا أحمّل نفسي مزيداً من المسؤوليات فقط كي أقول إنني تغيّرت وإنني قادرة على أن أغيّر.

بين قوسيْن
تخاف لينا من كل شيء. تخاف من الصباحات الهادئة وتخاف من جنون المساء في شارعها البيروتي. تخاف من التاريخ ومن الماضي القريب، وتخاف من الغد وما سيحمله. لينا دوماً مسكونة بالخوف وكلّما تجرّأت على البوح بفكرة خاصة بها، قالت لي: «هذا الكلام يبقى بيننا... ضعي كلامي بين قوسين». الخوف يدفع لينا إلى أن تترك الكلام بين قوسين. خوفها يحشر الكلام بين قوسين، وأنا أخاف عليها من خوفها. فلا يمكن أن تمضي حياةٌ كاملةٌ بين قوسين.

الأربعاء
حين ينتهي الأربعاء، تبدأ الحياة بالتقلّص وتنقلب علاقتي بالوقت وتظهر هوياتي الأخرى. مَن أنا في نهاية النهار؟ أسأل نفسي. أجمع المقالات، أجمع الحروف وأضعها فوق حروف غيرها، وأردّد لنفسي أن اللغة أجمل اختراع. اللغة دواء ونسيان، واللعب بالكلمات عبر الكتابة هو الطريقة الوحيدة التي تسمح للكاتب باللعب بجهله. أنا أيضاً بين قوسين أثرثر. اللا مبالاة تحشر الكلام بين قوسين. والخوف هو خوف من الوقاحة بالدرجة الأولى.

حياة طائرة
لا أعرف كيف دخلت السيدة الجميلة في بنطلونها. أظنّها ستنام فيه بعد سهرتنا الطويلة. فمَن يقدر على التخلّص من قماش التصق بالفخذين حتى أصبح جزءاً منهما؟ قالوا إنها عارضة أزياء مكسيكية سابقة. في المكسيك أيضاً تتباهى بعض السيدات بحقيبة اليد والحاجبين المرتفعين إلى منبت الشعر. وقفت العارضة إلى جانب زوجها. مَن غيرها اقترحت عليه أن يصبغ شعره بلون الشوكولا وأن يملأ الفراغ في فروة رأسه بشعيرات مزروعة؟ أربعون عاماً فقط تفصل بين سنّه وسنّها، أربعون عاماً تكفي لدفع ثمن أعوامها المزنّرة بالماس والمكسوة بالفرو وكلّ ما يجعل الحياة خفيفة و«طائرة».

مقالات ذات صلة

خارج الصورة

عدو المرأة

هالة كوثراني