تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

نافذة

 (نافذة) هي كل ما كانت تريدهُ.

منذ ان غرر بها الناضجون لتخطو عتبة الدهشة متأخرة بعض الشيء، واعدينها بكل (ما لا تريده).

نافذة مربعة  تستقبلها صباحاً ما ان تنهي تسريح ضفيرتها الطويلة وتبدأ بالقاء تحيتها الصباحية على كل تلك التفصيلات المحاطة بأربعة أعمدة خشبية هي كل ما أصبح مسموحاً لها به على مضض.

صباح الخير أيتها الشجرة الواقفة منذ يومي الأول تتأملين (الغادين) كل صباح بملل. وحالما تبدأ خيوط الشمس بالهرب الى ذلك المكان الرائع - كما نحب أن نتخيل أنا وأنت- تجمعين أوراقك استعداداً لرحيل لا يأتي ومن مكانك تبدئين مشوار متابعة (الرائحين) بالملل ذاته.

صباح الخير ايتها العاشقة الواقفة خلف ستارة البلكونة المقابلة تنتظرين عبور قلب يخصك. يرفع عينيه الى حيث تبتسمين، وتحدثينه بحماس عن شيء لا أسمعه عن موعدكما البارحة مثلا، عن خاتم الفضة الرخيص الذي اصبحتِ تضعينه، وعن حقيبة السفر التي  تحضرينها منذ مروره الأول وتخبئينها بنشوة تحت السرير.    

صباح الخير ايها الصبي المشاغب الجالس تحت النافذة تصفّ باهتمام كرات الطين الواحدة بعد الاخرى، وتفكر في معارك تنوي كل مرة ان تحسمها قبل ان تسمح لك تلك الصغيرة ذات الفستان الوردي بدفع مرجيحتها.

صباح الخير ايها الغريب المتعب ذو المكنسة التي تحفر اصابعك على ذراعها الخشبية منذ قدمت هربا من واقع يسبقك كل مرة بخطوة، وتتساءل متى تتوقف اوراق الشجر عن التساقط  حتى تتمكن من العودة الى (بيتك).

صباح الخير أيها الشيخ الجالس في طرف الحديقة . تختار الكرسي الثالث على اليمين بعناية  لتتمكن من مراقبة عاشقَي البلكونة متمتما تعاويذ تحرسهما حتى تتوارى هي خلف الستارة  بوجل، ويسرعُ هو مبتعداً خلف أول منعطف.

صباح الخير ايتها المرجيحة الفارغة تتهادين ذهابا وايابا وتتساءلين عن سر تخلف الصغيرات الواحدة تلو الاخرى عن موعدكم الصباحي ولا تحظين باجابة!

صباح الخير أيها العالم المحكوم علي بالتعرف إليه من خلف زجاج النافذة المصقول بعناية و(البارد) بإحكام!

نافذة هي كل ما كانت تريده، الآن تريد الباب.

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077