عادي
«أمورك تمام؟..»
أقرأها في صندوقِ الواردِ فأعرفُ أنك الآنَ تقبعُ في مطارٍ (ما)، تتأكدُ بين الفينة والفينة من لوحة الرحلات، وتراقب بسأمٍ العابرين بحقائبهم المدولبة. وما بين مطار وآخر يُذكّرُك شيءٌ ما في وجه الرجلِ الذي يختمُ جوازك أو في صوت المضيفةِ اللطيفةِ التي تطلبُ منك أن تقفل جوالك بشيء آخر تحتاجهُ بإلحاح وتعتقد «مخطئاً» أنه معي.
«أمورك تمام؟..»
تكتبها بطريقةٍ حيادية أكثر مما يجب تحسُّباً لعينين أخريين أصبحتا تملكان حق العبث في تفاصيلي الخاصة، تقرآن رسائلي، تُعلّقان على فساتيني، وتغدقان عليّ حباً (عادياً) لا يشبهُ شيئاً مما أحتاجهُ بإلحاحٍ وأعتقدُ «موقنة» بأنه معك!
«أمورك تمام؟»
أقرأها للمرة العشرين وأحاول عبثاً تبيّن الكلمات المختبئة خلف النقطتين التي تطبعهما بعد علامة الاستفهام بالكثير من «الحرص»، فلا تساعدني الصور المنهمرة كنهر من اقصى زاوية في تاريخي على فك شفراتها الصامتة والمرتابة في الوقت ذاته!
وحالما تُعييني المحاولة أستسلم فوراً للهزيمة وأعود ثانية للتَّحقُّق من تاريخ آخر رسالة كُنتَ قد أرسلتها علّي أتمكن من معرفة كم استغرقت هذه المرة من (الوجد) لتدور دورتك الموسمية تلك التي تتأرجح خلالها بين صلف المكابرة وغباء الـ(واقع)، قبل أن تقرر تجاوز كبريائك المجروح بالـ(تجاهل)، وتكتب ثانية عبارة (عادية) تعرف جيداً اني رغم اللامبالاه المُخيّمة على السطح الا اني لا أزال اكثر (غلياناً) من أن ارد عليها.
ربما لو كتبت شيئاً حقيقياً لمرة واحدة في حياتك.
شيء متهور لا تحسب فيه حسابا لما (يحب) ان يكون بل لما تريد من أعمق قرار في روحك أن يحدث.
عبارة كـ «أنا أحمق».
أو «أعرف الآن انك على حق».
أو «اتركي زوجك وأولادك وعودي إليّ (!)»
عبارة لا يمكن ان اتجاوز وجعي قبل أن أسمعها، ذلك الوجع الذي يقسم ذاتي الى قسمين يخفي زيف أحدهما حطام الآخر، منذ أن قررتَ أن تُعطل أنسانيتي ذات تهوّر لأنك تصدق نساء عائلتك (الطاهرات) وتُكذّب قلبك.
هل وجدت ما وعدوك به؟ عندما قدّموا لك تلك الصبية المنتقاه بعناية على طبق من الالحاح زاعمين لك بأن الفضيلة لا تعرف الحب؟ عندما تسلّلوا الى وعيك الساذج كطفل وزرعوا في غفلة منك تلك القائمة المبتذلة حول أصناف الحب الموقوته بالزواج!
أم انك مثلي عالقٌ في واقعٍ (عاديِّ) أملكُ وحدي كبرياء تجرُّعه بمسوح الرضا، وتواجه وحدك (غباء) اختياره!
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024