أحلام نهارية
حدّقت بتركيز في شاشة التلفاز لتعرف ان كان «مدحت» سيتزوج أخيراً من «مديحة»؟ وهل سيعود «مصطفى» الى بيت والديه الغاضبين في «البلد»؟ و«ناهد» التي طلقها زوجها والقى بها بُكل ما تحمل من «أولاد» الى الشارع هل ستجد الراحة في منزل والدها الذي تحكمهُ زوجة شريرة؟
- «مرام هل غسلت أطباق الغداء؟»
تجاهلت النبرة الغاضبة لوالدتها التي لا شك تجلس منهكة في الصالة، تُحاول باستماتة اقناع شقيقها الأصغر بأن واحداً ضرب واحد يساوي واحداً وليس كما يصر أن يكتب في دفتر الرياضيات. وأن القرد من الحيوانات التي تلد ولا تبيض. وأن الألف في كلمة (على) تكتب ياء ولكن بدون نقط. وكخلفية تصويرية للمشهد يصلها صوت شقيقتها الرضيعة وهي تبكي طلباً لشيء(ما)، تعرف والدتها بأنه طعام او غيار جديد أو حتى النوم. فتنصرف الى شاشة التلفاز ثانية وهي لا تخفي دهشتها من تلك اللغة التي تربط هذا الكائن الجديد الغريب والبالغ الصغر بوالدتها بدون الحاجة الى الكلمات!
وعندما تحكي ذلك لصديقتها، نورة، في حصة العربي بينما تحاولان جاهدتين تفادي نظرات المعلمة الغاضبة، ترد «نورة» ضاحكة، أن الأمهات يعرفن كل شيء. فتستغرب هي كيف يمكن ان تعرف «نورة» معلومة كهذه بينما ليس لديها أم! انها تعيش منذ سنين مع والدها وزوجته واخوتها غير الاشقاء الذين لا يعاملونها جيدا كما أخبرتها غادة صديقتها الأخرى ذات مرة. فتكاد تراها تقبع وحيدة في ذلك المنزل الموحش ،تنام أمام المدفأة وتحلم بحفلة الأمير .وأحيانا تلمحها بينما تركض مسرعة يتردد خلفها صوت الساعة وهي تدق اثني عشرة دقة. وفي مكان ما خلفها يقبع حذاء زجاجي بالغ الجمال، بالغ الوحدة.
«مراااااام الأطباق!»
مسكينة «نورة» تحكي عنها «غادة» حكايات كثيرة لا تنتهي، تصدقها أحياناً وتشك في مدى صدقها أحياناً أخرى. اذ رغم كل شيء تميل غادة للمبالغة في حكاياتها، ربما بسبب حياتها في منزل والديها المنفصلين، والتي تجعلها تقضي أيامها في التنقّل بين بيتين ، وغرفتين ،وعائلتين، وحياتين. وفي كل مرة تواجه «ذئباً» ما يقبع خلف شجرة «ما» يسألها عن وجهتها وعن فستانها الاحمر وتسأله عن أسنانه الكبيرة و...
«مرااااااام... هل تسمعينني؟!»
تسحب الريموت من على الطاولة وتغلق التلفاز قبل أن تعرف ان كان «مدحت»" سيتزوج من «نادية»؟ وهل سيعود «مصطفى» الى بيت والديه الغاضبين في «البلد»؟ وماذا سيحدث لـ«ناهد» التي طلقها زوجها والقى بها بكل ما تحمل من «أولاد» الى الشارع، هل ستجد السكينة في منزل والدها وزوجته الشريرة؟ وفي طريقها الى المطبخ تضع سماعات «الآي بود» وتفكر:
«ماذا عني؟ متى ستبدأ حكايتي؟»
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024