تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

صباح دنكن دونت

اعرف أنها لن تفعل...
أضع الموبايل جانباً وأزيح الأغطية والوسائد لأنزل من السرير. وأمام المرآة أقف أتأمل صورتي وأتساءل إن كان قرار تحولي المفاجئ من سمراء إلى شقراء على يد سيليا كان قراراً صائباً؟ وفي إستراتيجية لا تخلو من جبن اعتمدها كلما عبأتني الحياة في معسكرات الاختيار أُؤجل الإجابة على هذا السؤال إلى أجل غير مسمى.

وفي رحلتي الصباحية إلى مكان عملي أتشاغل بلا مبالاة -حوّلها طول الأمل من مجرد ردة فعل عابرة إلى أسلوب حياة- بالتحديق في السيارات المارقة بجانبي كالسهم، وأفكر بأن كوباً من القهوة الساخنة اشربه من ستاربكس لم يعد يقدم لي السكينة الكافية لاجتياز اليوم بسلام، وأن علي منذ اليوم أن ابدأ البحث عن (مُسَكِّن) جديد.

بابو.. وقف عند دنكن دونت
ينزل السائق يقبض بيديه على عشرين ريالاً قيمة اثنين (لاتيه) سيشرب أحدهما بالطبع. وأفكر أن كان علي كنوع من الديموقراطية أن أسأله إن كان يرغب أصلا بتناول (لاتيه) أو حتى إن كان يوافق على التحول من ستاربكس الى دنكن دونت!

وأضحك لسذاجة الفكرة وأفكر بأن شقيقتي ستضحك كثيراً عندما ارويها لها وستقول:

-«قسماً بالله انجنيتي يا هالبنت .. مو منك من الإفلاس الفكري اللي تعيشين فيه»

ومن الباب الزجاجي للمحل يخرج أحدهم يحدق في سيارتي المضللة النوافذ ويبتسم لمجرد فكرة أن أنثى ما قد تكون موجودة. يتجه إلى سيارته، يفتحها ومليون فكرة منعشة تدور تحت قطعة القماش الحمراء فوق رأسه يثبتها بعقال وعبثاً يُثَبِّت معها عقله. وأمام الزجاج الأمامي لسيارتي يقف مرسلا ابتسامة عذبة ومليون وعد جميعها زائف ولكن منعش لا يمكن إنكار ذلك. وأفكر بأن لا ضير من الاستجابة لنزوة صباحية صغيرة لن تؤدي إلى مكان،ولكني أعود وأتشاغل عنه بالرد على مسج صديقتي وأنا أفكر بحسرة «لو لم تكن عيناه ساحرتين...»

«أحسمي الأمر إن استطعت، أساندك بكل ما أملك من..» وكنت سأكتب خيبات ولكني ابتسمت وكتبت من قوة.

إرسال...

أُسقط الموبايل في حقيبتي وأفكر بأنها لن تفعل!

يستنزفنا انتظار الخسارة أكثر مما نعتقد. يقتلنا ببطء ومزاج رائق، نعرف ذلك ولا نحرك ساكنا لإيقافه ولا نملك القدرة على حسمه. ومهما قال لها بأنه يعشقها وأنها «جزء من قلبه» وأنها «نفسه» ستضل كلماته العذبة مجرد مسكنات هشة أمام سطوة الفعل وواقعيته. قد تساعدها على أن تدير رأسها للجانب الآخر ولكنها أكثر زيفاً من أن تغير الواقع. والواقع انه لن يترك زوجته!

يهرول بابو مسرعا ويمد لي كوب القهوة ومعها عشرون كيسا من السكر يسعده دائماً أنها مجانية. يلقي نظرة غاضبة على ذلك الواقف بجانب السيارة الفارهة البيضاء يحدق في الزجاج الأمامي لسيارتنا ويبتسم. يتمتم بكلمات باكستانية غاضبة لا أفهم معناها حالما يراه يوازينا خلف إشارة المرور الحمراء وهو يرفع موبايله بحركة مكشوفة. ارتشف قهوتي بينما اسمع رنين البلوتوث وابتسم.

«لم أعرف بأن صباحاً رائعاً ينتظرني اليوم... اسمي محمد 055540.........»

«اسمك محمد.. وعيناك رائعتان.. ولكني محبطة! حظاً أوفر في المرات القادمة:)»

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077