تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

بارانويا

يقول لي (...) كل الكلمات المناسبة والحبيبة ولكني لا اطمئن!

يغدقُ عليَّ من محبتهِ وقلبهِ وأظلُ أجيبه بريبة:Really ؟

يقول لي كما بالأفلام المغرقة في الرومانسية والفقيرة في الألوان:

 «..أعشق التراب اللي تمشين عليه..»

 وأتذكر اعتزازه المَرَضي بنفسه فاندهش كثيرا،وأضحك كثيراً، ولكني لا اطمئن!

قال لي مرة بأنني مصدر البهجة الوحيد في حياته..

«بدونك لا اعرف كيف أحتمل حياة رتيبة كالتي أعيشها»

وعندما أتذكر استغراقه الشديد في عمله المضني على حساب مسرات يَعبُّ منها آخرون بنهم أوقن بأن حياته فعلا مملة« ولكن النوارس المذبوحة في صدري لا تقدر أن تنام »*

أعرف أنه لا يقوم بأي عمل مريب، ولكني أدرك أيضاً بأنه إن فعل فلن أعرف بالأمر على كل حال.

هل الشك هو القاعدة واليقين هو الاستثناء ؟!

- القاعدة الوحيدة في الموضوع انك مغفلة.

تقولها لي صديقتي نورة بحنق في كل مرة أعريّ فيها مخاوفي أمامها قبل أن تبدأ بتذكيري بأن عليّ أن أتزوج وأن العمر لا ينتظر أحدا وأن الشياطين المزروعة في تاريخي آن لها أن تغيب..

- طيب انتِ الحين ايش تبين منّه؟

أريده أن لا يؤذيني ذات يوم. أن لا أحدق يوما في المرآة وأنا أتساءل أن كانت تلك الأصوات التي ترنّ في أعماقي عندما أتحرك تخص أشلاء كنت اسميها في ما مضى قلبي، أن لا أجد نفسي متكومة تحت ألف غطاء مبلل أتساءل إن كان هناك ما يستحق الخروج على الضفة الأخرى من السرير.. 

- أريده أن لا يحطم قلبي!كيف أتمكن من الاطمئنان لذلك؟

-قلت لك  انك مغفلة ما صدقتيني..

وتبدأ نورة بارتشاف كوب الكابتشينو الساخن بينما نجلس في (كوستا كوفي) خلف الستارة الثالثة من اليمين وهي تحكي لي عن آخر مغامراتها البوليسية للعثور على دليل مادي يُدين ذلك الرجل الذي سُمح لها على مضض أن تناديه حبيبي لمجرد أن «مأذوناً» ما وقع لها ورقة تصريح تُجيز ذلك. ومن وقتها وهي تعيش في منزله، تنام معه، تزور أهله، تربي أطفاله وتخشى أن يتزوج عليها مسيار... مرة جديدة!

تعيد الاتصال بهاتفه النقال للمرة العاشرة وهي تقول لي:

-تزوجيه يا مغفلة .. الزواج استقرار صدقيني.

 ثم تشتم وهي تغلق الهاتف  ما أن تجد الخط مشغولاً.

ولكنه لا يتقدم لي!

قلتها بصوت عال وحزين أنفجر بقوة ولكن في رأسي فقط. يحب التراب اللي امشي عليه.. ولا يتقدم لي!

يعتبرني مصدر بهجته الوحيد.. ولا يسألني أن اسكن بيته!

يحبني.. ولا يحرك ساكنا للحصول علي.. أين أنا من الطمأنينة التي يثور بشدة حين أحدثه عنها ويسألني بانفعال ويأس وحيرة حقيقية:

«ايش تبيني أسويّ أكثر من كذا عشان تتطمنين؟»

ماذا لو تزوجتني يا غبي!

تُفرغ نورة كيسا جديدا من السكر في كوبها.. تحركه بهدوء وهي تقول بصوت يقطر حكمة لا نعرفها إلا عندما يتعلق الأمر بمشاكل الآخرين.

-لا تخلين الخوف يسرق منك واقعك.. تزوجيه وبطلي هبل.

وأنظر في عينيها بصمت. استطعم أحمر الشفاه بنكهته التي تشبه الخوخ وأنا أعض على شفتي السفلى، أُقرّب كوب الكابوتشينو،أشيح ببصري وأقول:

-ربما أفعل.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079