تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

اجعلي القراءة نشاطاً يومياً...

لا يختلف اثنان على أن المطالعة اليوم أمر يصعب على الأهل إقناع أبنائهم بالمواظبة عليه.
فالنشاطات المتاحة للطفل اليوم، والتي تتضمن عناصر جذب ممتعة، كثيرة، كألعاب الكمبيوتر، ومراكز الترفيه المخصصة له، أفقدت الكتاب أهميّته.
لذا يرى الاختصاصيون أن تشجيع الطفل على المطالعة صار مهمة صعبة، ولكن لا يجدر بالأهل الاستسلام لهذه الصعوبة، والقول إن الكتاب فقد قيمته.
بل في إمكانهم توطيد علاقة طفلهم بالكتاب وتعزيزها بعدم جعله مرتبطاً بمفهوم الدرس والمدرسة، بل يمكنهم أن يجعلوا المطالعة نشاطًا من ضمن نشاطات عطلة الأسبوع.
و يرى البعض الآخر أنه يمكن الأم الاستفادة من دخول طفلها إلى الحضانة أو الذي ينتقل إلى المدرسة بتعويده على المطالعة ليألف الأحرف والكلمات. فهل هذا ممكن؟ وكيف يمكن الأم تحقيقه؟ وماهي الكتب التي على الأم اختيارها؟
«لها» التقت الإختصاصية في علم النفس التربوي فرح تميم التي أجابت عن هذه الأسئلة وغيرها.

- كيف يمكن الأم أن تبدأ بتعويد طفلها على القراءة؟
من المعلوم أن تعويد الطفل على القراءة يبدأ من السنة الأولى من عمره، أي تكون القراءة ضمن طقوس الطفل اليومية وفي وقت الإسترخاء.
صحيح أن الطفل في هذه السن لا يعرف القراءة ولكنه يستمتع بالصور الزاهية، لذا فمعظم القصص الموجهّة إلى هذه السن تكون مرتكزة على الرسوم والقليل من الجمل.
والهدف هو تعويد الطفل على الكتاب والتآلف معه واحترام استعماله، أي يقلب الصفحة بهدوء، يستمتع بالقصة التي تقرأها له والدته أو والده، مما يشعره بحنان أهله وفي الوقت نفسه تتعزز مخيلته وتتطوّر إدراكاته الفكرية والذهنية، وبالتالي تصبح القراءة متعة بالنسبة إليه.

- كيف يمكن تشجيع الطفل على القراءة خلال العام الدراسي؟
بداية يجب أن تكون القراءة نشاطًا يستمتع به الطفل لا أن تكون فرضًا ملزمًا به خصوصًا في فصل الصيف، حيث النشاطات كثيرة ومتنوّعة، لذا يمكن الأم أن تشجع طفلها على القراءة وقت الإسترخاء حين لا يكون لديه شيء يفعله، ومن الممكن أن يكون هذا الوقت قبل النوم أو بعض الظهر.
ولكن في الوقت نفسه من المهم جدًا أن يكون الوالدان النموذج الذي يتماهى به الطفل، أي أنهما أيضًا يخصصان وقتًا للقراءة، ولو قراءة الصحف، فالطفل حين يرى والديه على هذه الصورة فإن ذلك يثير فضوله ويحفزه على تقليدهما.
أما بالنسبة إلى الطفل الذي ينتقل من مرحلة الروضة إلى مرحلة المدرسة الإبتدائية، فإن القراءة تعرّفه على الأحرف والكلمات فتصبح أليفة بالنسبة إليه، وتغني مخيّلته وتفكيره، كما يتعلّم كيف يتعامل مع الكتاب.
ولكن في الوقت نفسه على الأم الإنتباه إلى أن لا تصر على أن تجعله يعرف كل ما سيتعلّمه في المدرسة لأن هذا الأمر سيف ذي حدين، فهو قد يشعر بالملل في المدرسة لأنه يعرف كل شيء وبالتالي قد يؤدي لاحقًا إلى تراجع أدائه، لذا من المفضل أن تعدّه بشكل سلس ومدروس، كما يمكنها الأخذ برأي إدارة المدرسة عما يمكنها أن توفره من كتب تناسب المرحلة المدرسيّة التي هو فيها من دون تخطي المراحل الأكاديمية.

- ما هي مواضيع الكتب التي على الأم اختيارها لطفلها؟
عندما يتقن الطفل القراءة والكتابة يصبح لزاماً على الأهل اختيار الكتاب الذي يحتوي على فقرات.
وينصح بأن تكون فصول القصّة قصيرة كي لا يشعر الطفل بالملل أثناء مطالعتها، فهو غير قادر على التركيز ومتابعة تسلسل الأحداث لأنه لا يزال صغيراً.
أما في ما يتعلّق بالموضوع فليس هناك موضوع محدد يجب اختياره دون غيره، وهذا يعود إلى ميل الطفل.
فرغم أننا نعيش في عصر التكنولوجيا لا تزال القصص الكلاسيكية من الأدب العالمي والتي يرتكز بعضها على الخيال والأسطورة تشدّ الطفل إلى قراءتها، فقصّة سندريللا أو بياض الثلج، على سبيل المثال لا الحصر، لا يزال الإقبال على قراءتها كثيفاً.

- أيهما أفضل اختيار الكتب العلمية الموسوعية أم الكتب القصصية؟
تساهم القصة في تنمية قدرات الطفل التعلّمية، فهي مدخل لكل العلوم التي سيتلقاّها في المدرسة لاحقاً، واختيارها يجب أن يكون على أساس اللغة، ومدى ارتباطها بالتراث الثقافي والاجتماعي.
أما قصص الخيال العلمي فتساعد في تنمية خيال الطفل، وتقدّم له معلومات عن مستقبل البشرية وتتناول مواضيع إنسانية كالخير والشر والمحبة والكره بأسلوب لطيف غني بالصور، إضافة إلى أنها قد تعكس صوراً عن المستقبل مما يشبع مخيّلة الطفل ويدفعه إلى التفكير في آفاق أوسع.
وفي المقابل تحفز الكتب العلمية الموسوعية الفضول العلمي عند الطفل لأنها تجيب عن أسئلته التي لا تنتهي وتقدّم له المعلومات بشكل سريع، وتعلّمه كيفية البحث عن المعلومة وتوثيقها.
شرط أن تكون هذه الكتب مناسبة لسنه، أي تحتوي على الرسوم البيانية والخرائط والصور الموضحة والعبارات السهلة.
وعلى الأهل أثناء اختيارهم الكتب الموسوعية أن يتنبهوا إلى دار النشر، فمن المعلوم أن الكتب الموسوعية تغرق المكتبات ومن الضروري الأخذ في الاعتبار تاريخ الناشر ومصداقيته العلمية في عرض المعلومة.

- هل صحيح أن الكتب الأجنبية تساعد الطفل في إتقان اللغة الأجنبية؟
من الضروري أن يقرأ الطفل قصصاً بلغة أجنبية وبلغة عربية على حد سواء فالمشكلة التي يواجهها الأهل اليوم هو ضعف الطفل باللغة العربية، والسبب في ذلك يعود إلى افتراض الأهل أن اللغة العربية يتعلّمها الطفل بمجرد أنه يتكلّم بها، فيقبلون على شراء كتب أو قصص باللغة الأجنبية.
وهذا خطأ لأن هناك فرقًا بين اللغة العربية التي نتحدث بها وبين اللغة الموجودة في الكتب، مما يربك الطفل ويصعب عليه إتقانها عند دخوله إلى المدرسة.
فهناك مثلاً فرق بين أن نقول «فادي راح عل المدرسة» و «ذهب فادي إلى المدرسة»، فعندما يقرأ الطفل هذه الجملة لن يفهمها، لأنه لم يعتد قراءتها أو سماعها في حياته اليومية.


نصائح الاختصاصية للأهل تكون بمثابة خطوات أوّلية يمكنهم اتباعها لتشجيع أبنائهم على المطالعة

  • أن يكون الكتاب في كل أرجاء المنزل، بمعنى آخر أن يكون في متناول الطفل.
  • تخصيص ركن في المنزل للقراءة حيث يضع الطفل كتبه وقصصه ويرتب المكان كما يريد.
  • أن يطالع الأهل أمام الطفل فهم المثال الذي يقتدي به ويقلّده.
  • جعل اختيار الكتاب نشاطاً من النشاطات التي يقوم بها الطفل، كأن تخصّص الأم عطلة الأسبوع للذهاب إلى المكتبة برفقة طفلها مما يؤثر إيجاباً على علاقته بالكتاب.
  • القراءة للطفل بدءاً من سن الثمانية شهور كأن تضعه والدته في حضنها وتقرأ له شرط أن تكون القراءة في شكل محبب ومثير يرتكز على عنصري التشويق والمفاجأة، بعيداً عن الرتابة في نبرة الصوت.
  • مدح الطفل عندما يمسك كتاباً أو يرتّب مكتبته.
  • القراءة للطفل قبل النوم، بمعنى تحويل هذه الفترة إلى فترة تقرأ له أمه خلالها القصص. وليس من الضروري أن يعرف الطفل القراءة. إذ يكفي أن تقرأ له والدته وينظر إلى الصور حتى تصبح القراءة عنده عادة أو نشاطاً محبباً إليه.

 

أما لاختيار الكتاب المناسب فتنصح الاختصاصية الأهل بالاستعانة بقوائم مطبوعات الناشرين لأنها تساعد في اختيار الكتاب المناسب، فهي تحتوي على تعريف مبسّط عن الكتاب وعرض سريع لمحتواه.
وهناك معايير يجدر بالأهل الأخذ بها إضافة إلى المحتوى: أسلوب العرض والإخراج وشكل الكتاب وصحّة ما يتضمنه من معلومات، وما إذا كان ما يقدّمه يتّسم بالحياد أو الانحياز، وأيضاً سلامة اللغة وما إذا كانت تناسب سن الطفل.


نصائح يمكن الأم اتباعها لتحفيز طفلها على المطالعة من خلال الأمور التي تحدث في الحياة اليومية.

الطبخ معاً: الطلب من الطفل أثناء قيام الأم بتحضير وجبة الطعام قراءة المقادير.

التنزه معاً: تحويل اصطحاب الطفل في نزهة في الطبيعة فرصة لإثارة فضوله العلمي. وكما يمكن تدوين في لائحة الأمور التي شاهداها أثناء النزهة كأسماء النباتات والطيور والحشرات مثلاً.

خلال العشاء: أثبتت الدراسات أن جلوس العائلة حول مائدة الطعام، والتحدث عما حصل خلال النهار أو التحدث عن الأمور التي سوف يقوم بها الأولاد في الغد، تعزز عند الأولاد قدراتهم اللغوية على التعبير.

التسوق: وضع لائحة بالمشتريات قبل الذهاب إلى السوق للتَّبضع. والطلب من الطفل أن يبحث عن الأغراض المدونة في اللائحة ومقارنة الماركة التي تريدها الأم واختيار الأشياء التي تحتاجها. وقراءة الإشارات والعلامات الموجودة في المتجر.

قراءة الصحف والمجلات، فهي تساهم في تنمية القدرة على القراءة خصوصاً المقالات المصوّرة التي تتناول مواضيع ترفيهية أو سياحية.

القراءة والكتابة في شكل روتيني. على الأم أن تقرأ لطفلها بصوت مسموع والطلب منه أن يقرأ لها بدوره، ثم تناقشه في موضوع الكتاب أو القصة ويدوِّنان ملاحظتهما على ورقة.

مشاهدة البرامج التلفزيونية معاً والقيام بنقد موضوعي للبرنامج أو الفيلم، كأن يناقشا أداء الممثلين والحوار والسيناريو.

التحدث مع معلمة الصف، لمعرفة الأسلوب المتبع في المدرسة لتشجيع التلامذة على المطالعة.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079