تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

الطفل أيضاً يعرف معنى الصداقة

«بدأ كريم ( 3 سنوات) بتكوين علاقة صداقة مع جاد (3 سنوات) وصارا لا يفترقان». إنها الصداقة التي بدأت في سن الثالثة، فهل هذا يعني أن الطفل قبل هذه السن لا يعرف معنى الصداقة؟

يظن الكثيرون منا أن الصداقة تبدأ عند الطفل في سنته الثالثة في حين يؤكد اختصاصيو علم النفس أن الطفل قادر على إنشاء علاقة صداقة وتطويرها بدءاً من شهره الثامن. ففي سنته الأولى يكترث الرضيع لأهله ويتواصل مع أقرانه في شكل ضئيل، ولكن منذ أن يبدأ خطواته الأولى وحين يبلغ الثمانية أشهر يتصرّف بطريقة مختلفة مع الأشخاص المحيطين به.
ففي السابق كان يظهر الاهتمام بلعبة تروق قرينه. أما مع بداية هذه السن فأصبح يتبادل الابتسامات والمناغاة مع أقرانه.
يظهر انسجام طفلين مع بعضهما إذا كان لديهما الاهتمام نفسه بشيء ما، فحين يمسك أحدهما الكرة تلمس يداه يدين أخريين، يرفع نظراته ليفاجأ بوجه ينظر إليه بدهشة هو أيضاً. يبقى هذا التواصل مختصراً.
ولكي تعززه الأم يمكنها أن تجلس طفلها إلى جانب طفل آخر يتمكن من الاحتكاك به أثناء اللعب، علماً أن الطفل يلعب بسهولة مع طفل آخر رآه سابقاً.

- متى تتبلور الصداقة؟
يبدأ الطفل بين سن السنة والسنة ونصف السنة بالتعبير عن مشاعره ونواياه. يبتسم حين تعطيه الأم لعبة ويحتج حين تأخذها منه، وفي الوقت نفسه يميل إلى إعطاء لعبته إلى قرين له أو يحاول تهديده بها. إنها المرحلة التي تبدأ فيها النزاعات.
وتظهر في هذه السن أيضاً لعبة المحاكاة. أي أن الطفل يقلّد رفيقه في اللعب كأن يمسك الشيء بالطريقة نفسها وفي الوقت نفسه. وعندما ينجحان يضحكان، ويظهران تكاملهما. ويجد الإختصاصيون في هذه المحاكاة الخطوة الأولى نحو تعزيز الصداقة.
لذا يمكن الأم أن تقدم لطفلها إذا كان برفقة طفل آخر ألعاباً من الحجم نفسه والألوان نفسها. كما عليها أن تكون حاضرة أثناء لعبهما من دون أن تتدخل.
فالطفل يشعر بالطمأنينة بوجود راشد. وتظهر في سن الثانية فكرة الأمور المفضلة. يتميز بعض الأطفال عن غيرهم بأنهم أكثر فضولاً من أقرانهم وبأنهم أكثر حركة ونشاطاً، لذا يبدون اهتماماً للتعرّف إلى أقرانهم ومحاولة التقرّب منهم.
وعموماً يتميّز الأطفال بقدرة على التساهل للحفاظ على أصدقائهم، وهم يستمتعون بالمشاجرة لأنهم يتوقعون رد فعل الآخرين.
كما أنهم يظهرون في هذه السن مفهوم التعاطف مع الآخرين، ويمكن الأم تعزيزه من خلال تحفيز طفلها على مساعدة رفيقه الذي أضاع لعبته.
مثلاً كأن تقول له: «رامي حزين جداً لأن دميته قد ضاعت. ما رأيك أن نساعده في البحث عنها؟».

- هل الصداقة بين البنتين هي نفسها بين الولدين؟
تختلف صداقات البنات عن الصبية ذلك أن صداقة الأولاد عموماً ترتكز على النشاطات الفيزيائية كالرياضة مثلاً في حين ترتكز صداقة البنات على الأمور العاطفية وعموماً تحب البنت أن يكون لديها الكثير من الصديقات.
رغم أنه لا يجوز تقويم التلميذ بناء على علاماته المدرسية، تؤثر الصداقة في أدائه المدرسي، فالتلميذ الذي لديه صداقات يتميز أداؤه المدرسي بكونه جيداً مما يعزز تقويمه الذاتي.

- هل على الأم أن تقلق إذا لم يكن لدى طفلها صديق؟
يشير الإختصاصيون إلى أن الطفل الذي ليس لديه صديق لا يعاني صعوبة أو مشكلة ما، فقد يكون هذا الطفل قد وجد كل ما يحتاجه في محيطه العائلي، مما يدل على وجوده في مناخ عائلي سليم.
في حين يجد بعض الأطفال ممن يعيشون في جو عائلي غير سليم أن وجود الأصدقاء في حياتهم أمر ضروري، فهم يوفرون لهم الاستقرار النفسي الذي يفتقدونه في منزلهم.
وأخيراً يؤكد الاختصاصيون أهمية الصداقة في حياة الطفل وضرورة أن يعززها الأهل. فهي من الأمور المهمة التي تساعد الطفل في الانفتاح على المجتمع وتمنحه مرونة في التعامل مع الآخرين، مما يجعله كائناً اجتماعياً بامتياز.

في سن الثلاث سنوات الصديق أولاً
يشكّل الصديق في هذه السن جزءاً مهماً في حياة الطفل، فخلالها يكتشف متعة اللعب مع الأصدقاء ورواية القصص وتبادل الأسرار والثقة بالنفس. كما تعتبر هذه السن، سن الغيرة والنزاعات، واختبار الحياة الاجتماعية. ويلاحظ أن الصديقين المقربين هما اللذان يجلسان إلى جوار بعضهما في الصف.
وعموماً يميل الطفل إلى الصديق الذي في السن نفسها والذي يشاطره الاهتمامات نفسها إضافة إلى أنه من الجنس نفسه. فمن النادر أن تتكوّن صداقة بين البنت والولد. وفي سن العشر سنوات تتكون الصداقة بين الأطفال الذين يتميزون بالسلوك نفسه ولديهم الاهتمامات نفسها.
رغم أن الصديقين هما اللذان يشبهان بعضهما في الكثير من الأمور يفضّل بعض الأطفال الصديق المختلف عنهم. مثلاً يفضل التلميذ ذو الأداء المدرسي المتوسط أن يكون لديه صديق مستواه جيد جداً.

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080