تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

تقليد البنت لأمها في المظهر...

تتسابق المجلات في عرض صور  سوري كروز ابنة النجم توم كروز والممثلة كاتي هولمز وهي ترتدي ملابس نسخة طبق الأصل عن ملابس أمها، ولكن هذه المجلات نفسها شنت انتقادًا شديدًا عندما ظهرت سوري تمسك بيد والدتها منتعلة حذاء بكعب وتحمل حقيبة يد من أغلى الماركات كما لو أنها شابة.
أما لورد ابنة مغنية البوب مادونا فإنها تعتمد لوك والدتها في أدق التفاصيل من أسلوب الملابس والألوان والماكياج إلى طريقة المشي، ولمَ لا فربما تصبح مثلها مغنية بوب!
والنجمة الأم، هي أمّ قبل أن تكون نجمة ومن الطبيعي أن يكون تعاملها مع طفلتها أساسه غريزة الأمومة، وهي كما كل أم ترى ابنتها أجمل طفلة في العالم وتريدها أن تظهر بأجمل حلّة وجعلها حديث الناس ووضعها تحت الأضواء تلاحقها عدسات الكاميرا أينما ذهبتا معًا، وتفاجئ الكاميرات بإرتداء الملابس نفسها هي وابنتها.
فهل يجوز أن تكون البنت نسخة طبق الأصل عن والدتها في كل شيء لا سيّما الأزياء والمظهر الخارجي؟ ومتى يخرج هذا التماهي مع الأم عن حدوده المقبولة؟

«لها» التقت الإختصاصية في التربية فرح تميم التي أجابت عن هذه الأسئلة وغيرها

بداية تقول تميم: «من المعلوم أن الفتاة الصغيرة تحب أن تقلّد أمها في كل شيء، والثياب مظهر من مظاهر تماهي البنت بأمها.
فمثلاً كثيراً ما نرى البنت الصغيرة تنتعل حذاء أمها ذا الكعب العالي وتحاول تقليدها في طريقة المشي وأحيانًا تضع خلسة أحمر الشفاه، وغالبًا ما تكون ردة فعل الأم ضحكة خصوصًا إذا كانت البنت صغيرة جدًا.
وأثناء اللعب تقلّد البنت أمها في تصرفاتها، مثلاً حين تحمل دميتها وتحضنها وتتحدث إليها كما لو أنها ابنتها.
إذًا الأم هي النموذج الأنثوي الذي تتماهى به البنت والذي ستكون على صورته في المستقبل حين تصبح شابة. لذا من الطبيعي أن تتماهى البنت بأمها، سواء في مظهرها أو تصرفاتها، فهذا يساعدها في إدراك أنها أنثى». وتضيف تميم: «لا يقتصر ارتداء البنات الصغيرات ملابس نسخة طبق الأصل عن ملابس أمهاتهن، على بنات النجمات، فمثلاً نصادف في الشارع أو في أي مكان عام أمًّا وابنتها الصغيرة ترتديان الملابس نفسها، وهذه صورة طريفة وجميلة، طالما أن هذا التقليد Mini me لا يتعدّى كونه من أجل الطرافة وطالما أن الأم لا تتعمّد شراء كل ملابس طفلتها نسخة عن ملابسها. والأمر نفسه في حالة البنت ابنة النجمة، وإنما المختلف هو ملاحقة عدسات الكاميرات لهما».   

 

- ولكن لماذا الأم تقبل أن تقلّدها ابنتها الصغيرة بملابسها؟
بعض الأمهات يفعلن ذلك لمجرّد إسعاد بناتهن الصغيرات.  تفرح الأم لأن ابنتها ترتدي مثلها لأنها تريد أن تكون لديها صورة إيجابية «هذه ابنتي»، وبهذه الطريقة تظهر أنها متصالحة مع نفسها وتعكسها بإبنتها، ولو كانت لديها صورة سلبية عن نفسها ما كانت لتظهرها بابنتها بل ستخفيها.
ولكن في الوقت نفسه لا يجوز أن تمتلكها. فهناك بعض الأمهات اللواتي يردن امتلاك بناتهن. فتتصرف الأم مع ابنتها كأنها شيء أو غرض تملكه، وتعتبرها دمية تحرّكها كما تريد، وهذا من أسباب الصراع الذي يحدث بين الأم والبنت في المستقبل، أي عندما تمرّ البنت في مرحلة المراهقة.
كما يمكن أن تكون الأم تعاني نقصًا عاطفيًا فتقوم بنوع من الإسقاط على طفلتها، وتكون مسيطرة عليها وتفرض عليها نوعًا من الأزياء يشبهها لأنها تريد ابنتها صورة طبق الأصل عنها mini me . وقد يحوّل تسلّط الأم والصراع مع ابنتها العلاقة بينهما إلى كراهية.
فالبنت صغيرة تأخذ صورة الأم نموذجًا وعندما تكبر في سن المراهقة تقرر أنها لا تريد أن تكون صورة طبق الأصل عن والدتها فهي بدأت تكوّن شخصيتها وهويتها الخاصتين.

- هل الحالة نفسها مع الأم النجمة؟
حياة الأم النجمة صعبة، ولكن في المبدأ تقليد البنت لأمها النجمة مثل ارتداء الملابس نفسها بين الحين والآخر هو نفسه. المختلف أن ابنة النجمة تسلّط عليها الأضواء وتكون محط أنظار الجميع، لذا وظيفة الأم النجمة صعبة لأن عليها أن تحافظ على خصوصية العلاقة مع ابنتها وفي الوقت نفسه تريد أن تكون علاقتها بابنتها طبيعية كما كل الأمهات فهي تريد الخروج معها للنزهة أو للتسوّق، وتجعلها ترتدي أسلوب الملابس نفسها ولمَ لا! في المقابل تملك بنت النجمة صورة جميلة جدًا عن الأم، «أمي نجمة»، وتفتخر بهذا الأمر.
وعندما تصبح البنت في سن المراهقة قد تتحوّل هذه الصورة إلى تساؤل، «لماذا الماما هي دائمًا النجمة؟». وقد تنمو معها فكرة النجومية «أنا أريد أن أصبح نجمة». وإذا كانت النجمة لا تفرض ذوقها في الثياب على ابنتها قد تصر البنت على أسلوب والدتها النجمة في الملبس كي تلفت الأنظار.
فالبنت تشعر بأن العالم ينظر إلى أمها، في حين أنها تود لفت الانتباه، وتحتاج إلى أمها لتعطيها الثقة بالنفس.   

- هل يمكن بنت النجمة أن ترفض صورة والدتها بالكامل؟
طبعًا خصوصًا إذا كانت الأم النجمة مشغولة ولا يوجد حوار مع ابنتها التي قد تقوم بتكوين صورة خاصة بها تتناقض تمامًا مع صورة أمّها، فتلجأ إلى اعتماد أسلوب مختلف في الأزياء.
وهي تتصرّف على هذا النحو للفت الإنتباه إليها وتقول لأمها «أنا مهملة ولا أريد أن أكون صورة طبق الأصل عنك». وفي المقابل عندما تقلّد والدتها إلى درجة تصبح نسخة طبق الأصل عنها، فهذا أيضًا مؤشر لوجود مشكلة تحديد الهوية والأم لا تساعدها، وكلما زاد التقليد عن حده يصبح خطرًا.
من الضروري ألا تتماهى البنت بصورة الأم إلى حد الذوبان، «ماما نجمة وأنا أيضًا» فهذا يؤدي إلى تفاقم الأمور بين الأم النجمة وابنتها وتتعقد العلاقة بينهما، وقد يؤثر ذلك في أدائها المدرسي لتلفت انتباه أمها.

- في كلا الحالتين ماذا يجدر بالأم أن تفعل؟
أعود وأكرّر أن تقليد البنت لأمها في الملابس مقبول طالما أنه موقت أي يحدث من فترة إلى أخرى، أما التقليد طوال الوقت فهذا مؤشر لخروج التقليد عن إطاره الصحي.
لذا على الأم أن تؤكد لابنتها أن السماح لها بتقليدها هو فقط للطرافة، ولكن في الوقت نفسه لا يمكن منعه فجأة، بل عليها أن تشرح لها أنها لا تزال صغيرة، وأنه يجب أن ترتدي ما يلائم سنها، وعندما تكبر يمكنها اختيار نمط الأزياء التي تريده، أي تفتح أمامها الإختيارات لكي تكون مسؤولة عن نفسها، وتتعلم مهارة تدبر شؤونها الخاصة Autonomie .
فمع الوقت ستزول رغبة الطفلة في التقليد لأنها بدأت تدرك كيانها الخاص المستقل عن أمها. أمّا إذا شعرت بأن أمها تفرض عليها أسلوبًا معيّنا من الثياب، وليس هي من تختار، فيؤثر في ما بعد في قدرة البنت على الاستقلالية واكتساب مهارة تدبر شؤونها الخاصة. 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079