لكل واحد من هؤلاء الإختصاصيين دوره
مع عودة التلامذة إلى المدرسة ينهمك الأهل في توفير كل ما يلزم ليمر العام المدرسي بنجاح ومن دون صعاب.
فيوفّرون لهم القرطاسية والكتب والدفاتر... وبعد مرور شهر على دخول المدرسة تظهر صعاب تعلّمية عند بعض التلامذة يلاحظها الأهل ولكن لا يعرفون أسبابها، فيظنّون أن أبناءهم منخفضو الذكاء أو كسالى.
ولكن الحقيقة عكس ذلك، فالصعوبة التعلّمية التي يعانيها التلميذ لا تأتي من فراغ، بل هناك أسباب قد تكون نفسية أو صحية، وحلّها موجود إذا ما عرف الأهل أيًا من الإختصاصيين عليهم التوّجه لإستشارته.
وكثيرًا ما يتردد على آذان الأهل «ابنكم يحتاج إلى مقوّم نطق، أو اختصاصي علم نفس حركي، أو اختصاصي علم نفس تربوي».
فما وظيفة هؤلاء و ما المؤشرات التي على الأهل التنبه إليها لإستشارة أحد هؤلاء الاختصاصيين؟ « لها» التقت الاختصاصية في التربية فرح تميم التي تحدّثت عن دور كل واحد من هؤلاء الاختصاصيين ووظيفته.
في البداية تقول تميم: «قبل التحدث عن وظيفة كل اختصاصي ومهمته من المهم جدًا أن يكون لدى أساتذة المدرسة التي يرتادها التلميذ إلمام تربوي صحيح يمكّنهم من ملاحظة ما إذا كان التلميذ لديه مشكلة تعلّمية أو نفسية.
فالأستاذ يمكنه بحكم خلفيته التربوية أن يميز بين ما إذا كان التلميذ يعاني صعوبة تعلّمية أو نفسية وذلك من خلال أدائه وسلوكه في الصف، فيحمل ملاحظاته إلى اختصاصي علم النفس الموجود في المدرسة الذي بدوره يستطيع من خلال الملاحظات التي أعطاها أستاذ الصف أن يحدد المشكلة. فإذا كان في إمكانه حلّها يتعاون والأهل على حلّها، أما إذا كانت المشكلة ليست من اختصاصه فهو بدوره يوجّه الأهل إلى الإختصاصي المناسب الذي يحتاج ابنهم إلى مساعدته».
- ما وظيفة اختصاصي علم النفس في المدرسة؟
وجود اختصاصي علم نفس في المدرسة هدفه وضع برنامج عمل لكل تلامذة المدرسة بالتعاون مع الإدارة، مثلاً وضع خطة تربوية هدفها تعزيز الثقة بالنفس عند كل تلامذة المدرسة.
أما على المستوى الخاص فهو يعالج حالة خاصة أشار إليها أستاذ الصف، مثلاً تلميذ يعاني صعوبة في التعلم أو مشكلة سلوكية، وخلال جلسات العلاج يراقب التلميذ ويقوّم عمله ويلتقي الأهل ويتحقق من سلوكه في المنزل لتتضح له أسباب المشكلة ومن المخول حلّها، فإذا تبين له أن الصعوبة التي يعانيها التلميذ لا تقع ضمن اختصاصه يساعد الأهل في اختيار الاختصاصي.
لذا دوره مهم جدًا لأنه يساعد الأهل في حل المشكلة بصورة أسرع. فإذا بينت نتيجة الإختبار أن لدى التلميذ مشكلة نطق مثلاً يوجه إلى مقوّم النطق، أو مشكلة في استعمال أعضائه الدقيقة أي يديه وأصابعه يوجهه إلى اختصاصي علم النفس الحركي...
وللأسف هناك بعض المدارس لا يوجد فيها اختصاصي نفسي، والأستاذ يبالغ في حجم المشكلة ويعقّدها رغم أن حلها قد يكون بسيطًا، فالمبالغة في تصوير حجم المشكلة تؤدي إلى ضغط نفسي على الطفل والأهل على حد سواء. لذا من المهم جدا وجود الاختصاصي النفسي و الأستاذ المحترف في المدرسة.
- من هو مقوّم النطق ومتى على الأهل التوجه إليه؟
يأخذ اختصاصي مقوّم النطق على عاتقه مسؤولية الوقاية والتطوّر والمعالجة والدراسة العلمية للصعاب واضطرابات التواصل والصعاب المترتبة عنها.
في هذا الإطار يدرس مقوّم النطق كل الوظائف المتعلّقة بالفهم وطرق عملها، واللغة وما تتضمنه من قدرة التعبير لفظًا وقراءة وكلامًا.
فيتحقق من قدرة التلميذ على اللفظ الصحيح، وما إذا كان يربط بين ما يقوله وما يحققه، وقدرته على تحليل الكلام، كيف يتحكّم في صوته، وهل يفهم ماذا يقرأ، وهل لديه مشاكل في القراءة.
كما يتحقق من المخزون اللغوي عند التلميذ: هل لديه مخزون كافٍ من اللغة؟ هل يستعمله؟ كما أن وظيفته معالجة المشكلات المتعلقة بالاستيعاب والقراءة، فهل يمكن التلميذ الإجابة عن السؤال الذي يطرح بصيغة مختلفة، فهناك الكثير من التلامذة يحفظون جيدًا ويفاجأ الأهل بالعلامة المتدنية التي تعود إلى أن التلميذ لم يفهم السؤال رغم معرفته بالجواب، فقد أتى السؤال بصيغة مختلفة.
كما يعالج اختصاصي مقوّم النطق الحالات التي لا يتكلم فيها الطفل نتيجة صدمة عصبية ونفسية، والأطفال الذين لا يسمعون جيدًا والتلامذة الذين يعانون ديسليكسيا أي كل ما يتعلق بالتواصل مع الآخرين.
لذا عندما ترى الأم أن لدى ابنها مشكلة في النطق كأن لا تفهم ماذا يقول وتشعر بأنه متأخر عن أترابه في اللغة والتعبير، وإذا لاحظت المدرسة هذه الأمور فهذا دليل على أنه في حاجة إلى مقوّم نطق ولو للإستشارة. وقد تحل المشكلة في جلسة واحدة التي يجري المقوّم خلالها اختبارًا للتلميذ ليتبين أساس المشكلة.
- من هو اختصاصي علم نفس الحركي؟
يختص علم نفس الحركي بكل ما له علاقة بحركة الجسم لا سيما الأعضاء الدقيقة كاليدين والأصابع. وعمومًا يعالج اختصاصي علم نفس الحركي الطفل الذي تعرض لمشكلة نفسية أثرت في حركة جسمه.
الطفل الذي لا يعرف الإتجاهات أي اليمين من اليسار، ولا يعرف الفارق بين المساحة والوقت. فمثلاً إذا وضعناه في مكان وانتقلنا إلى مكان آخر وطلبنا منه تكرار الأمر لا يعرف.
يقوم اختصاصي علم النفس الحركي بتمارين تجعل الطفل يفهم وظائف حركة جسمه مثلا تمرين التقاط الكرة، فيقول له «أمسك الطابة في يدك اليمنى». من خلال الجلسات يحاول أن يجعل الطفل يشعر بكل أعضاء جسمه وإعادة التوازن إليه.
ويساعده على فهم وظائف أعضاء جسمه، مثلا هناك أطفال لا يعرفون الفارق بين الذهاب والإياب، وليس لديهم نقاط مرجع. وهناك تلامذة يمسكون القلم ويشدّون عليه ولا يضعون مسافة بين السطور على الصفحة الواحدة.
هنا دور الاختصاصي خلال جلسات عدة يخضع خلالها الطفل لتمارين تعلّمه استعمال يديه وأصابعه بالطريقة الصحيحة.
- من هو الأورتوبيداغوغ Orthopedagogue؟
هو الإختصاصي الذي يعالج حالات الإعاقات التعلّمية وذوي الاحتياجات الخاصة. يرافق التلميذ الذي لديه اضطرابات حسية وتعلمية، ويكون مع التلميذ في الصف، ويتعاون مع معلمة الصف على تطوير قدرات التلميذ.
كما يعمل مع المدرسة والمعلمة والأهل ليجعلوا البرنامج مناسبا لحالة التلميذ. فيضع خطة تدريس تختلف عن خطة التلامذة العاديين بحيث تراعي حالة التلميذ العقلية والجسدية، ويجد الاستراتيجية التعليمية المناسبة له.
وعمومًا يوجد في معظم المدارس صف خاص بتلامذة ذوي الاحتياجات الخاصة يشرف عليها اختصاصيون تربويون لذوي الاحتياجات الخاصة.
وأخيرًا تشدد تميم على أن أحدًا من هؤلاء الاختصاصيين لا يمكن أن ينجح علاجه مئة في المئة إلا من خلال تعاون الأخل والإختصاصي والمدرسة.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024