تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

للحضانة شروط ومعايير لا يمكن التهاون بها

يعتبر إرسال الطفل إلى الحضانة أولوية لا يمكن الاستغناء عنها خصوصًا أن معظم الأمّهات موظّفات ويحتجن إلى أشخاص موثوقين يوكلن إليهم مهمة الاهتمام بأطفالهن أثناء غيابهن، وفي الوقت نفسه يوفرون لهم الوسائل التربوية الصحيحة مما يساهم في نموهم النفسي والذهني بشكل صحيح.
في إي سنّ يمكن الأم إرسال طفلها إلى الحضانة؟ وما هي معايير اختيار الحضانة؟ وماذ عن لحظة الإنفصال إذا كان الطفل يذهب للمرة الأولى إلى الحضانة؟ «لها» التقت الاختصاصية في علم نفس الطفل كالين عازار التي أجابت عن هذه الأسئلة وغيرها.

- في أي سن تنصحين الأم بإرسال طفلها إلى الحضانة؟
لا يمكن الحديث عن السن المثالية لإرسال الطفل إلى الحضانة، فالطفل حتى شهره الثامن عشر يحتاج إلى رعاية والدته النفسية والمادية.
فقد لاحظت دراسات طبية أن بعض الأمراض الجلدية التي يصاب بها الأطفال سببها أن الطفل لم يأخذ كفايته من حنان والدته ورعايتها عندما كان رضيعًا.
ولكن معظم الأمّهات أصبحن يعملن خارج المنزل مما يضطرهن لإرسال أطفالهن الرّضع إلى الحضانة. ولسوء الحظ فترة إجازة الوضع في الشركات والمؤسسات لا تتعدى الشهرين في الدول العربية، فضلاً عن الضغط النفسي الذي يسببه قلق غياب السيدة عن العمل لأن هناك من سيحلّ محلّها في الوظيفة وبالتالي تضطر لإرسال طفلها الرضيع إلى الحضانة.
والمشكلة أنه رغم أن حجم الوقت ليس مهمًا كثيرًا بقدر النوعية، فعندما تعود الأم من عملها وتكون غير قادرة على احتضان طفلها ومنحه عاطفتها بشكل كاف، يشعر الطفل بأنه مهمل.
وللأسف هناك خادمة المنزل التي تعطيها بعض الأمهات مسؤولية تربية الطفل رغم أن وظيفتها الأساسية تدبير المنزل، والتي قد تحلّ المشكلة. ولكن هذه سيدة تأتي من بيئة وثقافة اجتماعية مختلفتين فضلاً عن أنها تتكلّم لغة مختلفة.
وبما أن الطفل عندما يولد يكون بحاجة إلى مرجع أساسي وواحد، فإن وجود أكثر من شخص يعتني به يسبب له تشوشًا في فكره وقد يؤثر ذلك في صحته الجسدية.
لذا أنصح الأم العاملة أن تحاول قدر الإمكان أن تمنح طفلها خلال الوقت القصير الذي تمضيه معه الكثير من عاطفتها وحنانها لتعوّض عليه غيابها.

- ماذا عن الجدّة؟ هل يمكنها أن تحلّ محلّ الحضانة؟
الطفل حتى الثانية تقريبًا بحاجة إلى بيئة عائلية، فإذا كان في إمكان الجدة الاهتمام به، وأعني توفير احتياجاته العاطفية والذهنية أي لديها الصبر والقدرة على إثارة حواسه من خلال اللعب والتحدث إليه، فهذا أمر جيد ويُغني عن الحضانة.
وعندما يصبح الطفل في الثانية يكون قد اكتسب بعضًا من الاستقلالية ونال كفايته من الحنان والعاطفة وأصبح نومه أكثر ثباتًا وكذلك تناول وجباته وذهابه إلى الحمام.
ولكن قد يحدث أن الجدة لا يمكنها القيام بذلك وتكتفي بتلبية حاجات الطفل الأساسية أي الأكل والشرب والنوم وتغيير الحفاض، وقد تضع الطفل أمام التلفزيون من دون أن تجري حوارًا معه، مما يؤدي إلى غياب التواصل الاجتماعي ويسبب مشكلة تأخر في الكلام. في هذه الحالة يكون إرسال الطفل إلى الحضانة أفضل.

- ماهي إيجابيات الحضانة؟
للحضانة دور في تعليم الطفل اكتساب مفهوم الجماعة أي العمل الجماعي وأن يكون موجودًا في فريق، واحترام القوانين. مثلا ينتظر دوره ويتبادل الأدوار في اللعب، هذه الأمور قد لا تتاح له في المنزل.
ففي الحضانة يكون موجودًا مع مجموعة أطفال يتوزّع عليهم اهتمام الحادقة، فيما في المنزل يكون فردًا نال كل الاهتمام، خصوصًا إذا كان الطفل الأول في العائلة وليس لديه أخوة.

ولكن هذا لا يمنع أن تقرر الأم ألا ترسل طفلها إلى الحضانة شرط أن توفر له الأنشطة التي تثير حواسه وفكره إذا كان لديها الوقت والصبر والمخيّلة وهذا يحتاج إلى طاقة، مثلا حين تخرج معه إلى السوق وتتحدث إليه عما تقوم به فإنها تتواصل معه وتثير حواسه وانتباهه وهو بدوره يسجّل كل ما تقوله في ذاكرته وإن كان رضيعًا. وهذا يتطلب من الأم الطاقة والصبر.
وللحضانة دور في تحضير الطفل للدخول إلى المدرسة، خصوصًا أن معظم المدارس اليوم تجري للطفل اختبار دخول لمعرفة نسبة إدراكه للأمور مثل الكلام ومعرفة الألوان والتصنيف وقدرته على التعبير... وهذه الأمور قد لايكون للأهل الوقت والصبر الكافيان لتعليمها للطفل. لذا فالأمهات اللواتي يعملن طوال النهار من الأفضل وضع أطفالهن في الحضانة.

- ما هي معايير اختيار الحضانة وماذا على الأم أن تسأل؟
هناك بعض الأهل يظنون أن الحضانة ذات القسط المرتفع أو الأكثر شهرة هي الأفضل، فيما المعايير الأساسية هي:
عدد الأطفال في الشعبة الواحدة: من المهم أن تلاحظ الأم عدد الأطفال في الصف الواحد وعدد الحادقات اللواتي يهتممن بهم، فإذا كان هناك حادقة واحدة تهتم بعدد كبير بالأطفال فهذا مؤشر غير جيد.


معايير
الأمان والسلامة

  • موقع الحضانة وما إذا كانت موجودة في منطقة فيها ضجيج أم في منطقة هادئة، فالطفل في سنواته الأولى في حاجة إلى أن ينمو بهدوء لأن التلوث السمعي يؤثر سلبًا في مزاجه.
    هناك بعض الأهل يفكرون في موقع الحضانة القريب من المنزل، فيما يفضّل آخرون الخضانة الأشهر ولو كانت بعيدة جدًا، مما يسبب لهم ضغطًا نفسيًا من حيث المواصلات. لذا إذا كانت الحضانة قريبة ومناسبة فمن الأفضل إرسال الطفل إليها فهكذا تستفيد الأم من الوقت بدل أن تمضيه في الطريق.
  • الأكسسوارات الموجودة فيها، وما إذا كانت من النوعية الجيدة، مثلا الألعاب والزينة التي يجب أن تراعي شروط الأمان والصحة.
  • ديكور الحضانة ما إذا كان حميميًا وألوانه طفولية. من الضروري أن يكون الطفل قد تعلم الكلام وطريقة الحوار كي يتمكن من إخبار أمه عما حدث في الحضانة، حتى تعرف ما يحدث.

معايير صحّية

  • أوقات النوم في الحضانة: من الضروري أن تتحقق الأم من برنامج موعد النوم في الحضانة، إذ لايجوز الطفل أن يكون نائمًا عندما تأتي والدته لاصطحابه إلى المنزل.
  • وجود ممرضة للحالات الطارئة: من الضروري أن يكون هناك ممرضة للحالات الطارئة والحوادث.
  • النشاطات: من المهم أن تعرف الأم نوع النشاطات التي توفرها الحضانة للطفل، وهل تساهم في تطوير شخصيته وتواصله الاجتماعي. وعمومًا الأهل يختارون الحضانة التي تلبي تطلعاتهم.
  • الحادقات: من المهم أن يكون فريق العمل في الحضانة مطّلعاً على كل ما هو متعلق بالطفل، وكيفية التعامل معه من الناحية النفسية.
  • ملاحظة: سلوك الطفل بعد عودته من الحضانة ما إذا كان سعيدًا أم لا. في البداية قد لا يكون سعيداً ولكن حين يعتاد يصبح يحبها، بينما إذا بقي حزيناً لفترة طويلة فهذا مؤشر لأنه غير مرتاح في الحضانة.



- ما هي الخطوات التي على الأم القيام بها قبل دخول طفلها إلى الحضانة لاسيّما إذا كانت المرة الأولى التي ينفصل فيها عن والدته؟
التحضير
لدخول الحضانة واستباق الانفصال: الدخول إلى الحضانة بالنسبة إلى الطفل يعني تمضية النهار من دون والديه. وهذه مرحلة صعبة يمكن الوالدين استباقها بأن يعهدا إلى الجدة أو الخالة أو إحدى الصديقات الاهتمام به في الفترة السابقة لإرساله إلى الحضانة. وهكذا يعتاد الطفل على وجود أشخاص آخرين غير الوالدين يهتمون به، مما يسهّل لحظات الانفصال.

طمأنة الطفل: قبل الدخول إلى الحضانة بأيام على الأم أن تشرح لطفلها أنها تذهب إلى عملها خلال النهار وأنه خلال هذا الوقت سوف يكون في الحضانة، حيث يوجد أشخاص يهتمون به وحيث يلتقي أقرانًا له.
حتى ولو كان لا يزال صغيرًا على فهم ما تعنيه والدته، فإن الطفل يكون حساسًا للرسالة التي توصلها إليه. لذا عليها أن تتحدث إليه بنبرة صوت تشعره بالأمان كي يفهم أن كل شيء يسير على ما يرام بالنسبة إليه وإلى والدته في الوقت نفسه.

إيجاد الوقت للحوار: لكي يتكيّف الطفل مع دخوله إلى مكان جديد ويتآلف مع أشخاص جدد بشكل ناجح، على الأم أن تدخل في حوار بنّاء مع المسؤولة عن الحضانة. وتكون فرصة لها ليطمئن قلبها إذا كان لديها تساؤلات.
مثلا ماذا يفعل الطفل خلال النهار؟ من سيهتم به؟ كيف تتصرف عندما يبكي الطفل؟... وإخبارها عما يفضله طفلها وعاداته. فبناء الثقة بين الأهل والمسؤولين عن الحضانة ضروري كي لا يشعروا بالقلق خلال النهار.

مرافقة الطفل خلال الأيام الأولى لدخوله الحضانة: قد يستغرق اندماج الطفل في أجواء الحضانة أسبوعين. وفي بعض الحضانات من الممكن أن يُسمح لأحد الوالدين بأن يرافق الطفل خلال النهار ومشاركته في لحظات خاصة ومميزة كاللعب أو الغداء أو القيلولة... وتتقلّص ساعات البقاء مع الطفل يومًا بعد يوم إلى أن يعتاد تدريجاً على المحيط الجديد.

عدم نسيان لعبته المفضّلة: يعتبر «البيلوش» مثل الدب أو الدبدوب بالنسبة إلى الطفل شيئًا أساسيًا ويسمى هذا الغرض في علم النفس شيء انتقالي، فـ«البيلوش» لديه قيمة رمزية وهي الاتحاد مع الأم.
ووجود «البيلوش» الدائم مع الطفل يساعده في تحمل ابتعادها عنه. كما تذكره بالمحيط العائلي وتشعره بالطمأنينة عندما يخرج من فلكه العائلي.

عدم إحصاء وقت الوداع: على الأم ألا تستعجل في وداع طفلها أثناء تركه في عهدة الحادقة، بل عليها حضنه والقول له إلى اللقاء وتحديد ساعة عودتها إلى الحضانة لأخذه.
حتى وإن لم يكن يفهم جيدًا ما تعنيه، فهو حساس جدًا لما تشعر به. لذا على الأم أو الأب منح لحظة الوداع الوقت الكافي كي لا يشعر الطفل بأن والدته مستعجلة، بل عليها أن تطمئنه بنبرة صوتها، ولكن في الوقت نفسه عليها ألا تبالغ في إطالة لحظات الوداع هذه.

الدقة في المواعيد: على الأب أو الأم العودة في الوقت المحدد إلى الحضانة لأخذ الطفل، فهذا يشكل أمرًا مهمًا بالنسبة إلى الطفل، مما يعزّز ثقته بوالدته أو والده ويسهل لحظات الوداع الصباحية.

الاستعداد النفسي للمحيط الذي يتطور فيه الطفل: رغم أن الحضانة غالبًا ما تكون مراقبة فإن الطفل قد يواجه صعابًا كثيرة مثلاً قد يتشاجر مع أحد أترابه على لعبة.
وفي المقابل على الأم ألا تخشى من هذا النوع من المشكلات الطفولية والنظر إلى الأمور بشكل إيجابي، فهذا الانفصال مفيد للطفل لأنه يتعلم أسلوب العيش في المجتمع وبناء صداقات خارج الإطار العائلي.

الوقت الذي يمضيه الطفل في الحضانة: إذا كانت الأم مضطرة للعمل حتى ساعات متأخرة من النهار وليس لديها بديل لهذه الحضانة، فعليها أن تختار الحضانة بدوام طويل يناسبه. ولكن الأفضل أن يمضي الطفل في الحضانة نصف نهار وليس النهار كله.


- ما
هي مساوئ الحضانة؟

  • قد لا تحترم النمط الشخصي للطفل، فالأطفال يختلفون في الطباع والأنماط، وأحيانًا يتأثر الطفل بهذا.
  • التقاط العدوى، فجهاز مناعته لا يزال ضعيفًا.
  • قد يتعب الطفل إذا أمضى وقتًا طويلاً في الحضانة ويشعر بأنه مهمل، وهذا الإحساس قد يؤثر في تطوره النفسي في الحالات القصوى.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080