تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

حلوى في الطفولة

هل يمكن الغذاء الذي يتناوله الطفل أن يكون سبب تصرف عنيف في سن الرشد؟

مسألة علمية طرحتها دراسة بريطانية حول تأثير الغذاء في الطفولة في سلوك الراشد. وبينت هذه الدراسة التي شملت 17 ألف  بريطاني من مواليد عام 1970 أخضعوا لاختبار علمي دقيق أن 69% من الذين تناولوا الحلوى في شكل يومي في طفولتهم أصبحوا بعد 30 عامًا راشدين عنيفين، فيما 42 % منهم الذين لم يتناولوا الحلوى والشوكولاته في شكل مستمر في سن العاشرة كانوا أقل عنفًا. وكانت  الحلوى والشوكولاته ذريعة هذه الدراسة، ولكن الذي أخذته  في الاعتبار واعتبرته الأهم  هو أن تلبية طلبات الطفل فورًا لا يسمح له بتعلم الصبر، والنتيجة تطور سلوكه العدواني والمنحرف، هذا ما يؤكده أصحاب الدراسة أنفسهم. وفي المقابل انتقد أصحاب معامل الحلوى والشوكولاته هذه الدراسة نقدًا لاذعًا، وأكّدوا أن الشوكولاته والحلوى ليستا سبب التصرف العنيف إنما عدم قدرة الأهل على إخضاع أطفالهم لسلطتهم.
وأعادت هذه الدراسة إلى الواجهة اختبار عُرف باختبار الحلوى Marshmallow test  للمحلل النفسي الأميركي والتر مايكل . إذ قام هذا العالم بوضع قطعة حلوى على الطاولة أمام أطفال عدة  في الرابعة، وكان أمامهم اختياران: إما أن ينادوا الشخص المسؤول ليسمح لهم بتناول الحلوى، وإما أن ينتظروا عشرين دقيقة إلى أن يأتي الشخص المسؤول ويضع أمامهم قطعة حلوى ثانية يأكلونها مع الأولى. و أراد والتر اختبار قدرة الطفل على الانتظار ليحصل على هدفه. بعضهم لم يقاوم الحلوى وأراد أن يأكلها مباشرة، بينما استطاع بعضهم أن يصبر ليحصل على الاثنتين. والمهم في هذا الاختبار أن والتر تابع الأطفال الذين خضعوا للاختبار حتى بلغوا الثلاثين، وتبين له أن أولئك الذين انتظروا عشرين  دقيقة كانوا سعداء في حياتهم ولديهم أصدقاء كثر وقدرة كبيرة على مقاومة التوتر، فضلاً عن أنهم لم يواجهوا مشكلات إدمان. أما على الصعيد المدرسي فقد كانوا يحصلون على نتائج جيدة، ومقدّرين من أساتذتهم ودخلوا أفضل الجامعات وحصلوا على وظائف بمجرد تخرّجهم.
إذًا ليست الحلوى والشوكولاته مسؤولتين عن التصرف العنيف، وإنما عدم اكتساب الطفل مهارة الصبر والسيطرة على رغباته. وخلاصة هذه الدراسة أن تعليم الطفل المسؤولية والأدب إحدى الوسائل التربوية  التي تساهم في تطوير قدراته الذهنية، لذا فإن تشجيعه على بذل مجهود لتحقيق هدفه أهم من أن يكون الطفل ذكيًّا فقط. وإذا كانت الدراسة برهنت صحة النظرية، فإن الفطرة السليمة لبعض الأهل اعتمدتها بشكل تلقائي. فالأطفال الذين يمارسون رياضة فيها منافسة، والذين يعزفون على الآلات الموسيقية، لا يطوّرون قدراتهم الرياضية والفنية فحسب بل يطورون قدرتهم على بذل مجهود مما يساعدهم على النجاح في الحياة العامة. لذا على الأهل مساعدة أطفالهم على تحمل التوتر وبذل مجهود للحصول على مكافأة.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079