تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

عندما لا يستطيع التلميذ التركيز في دروسه

يبدو التلميذ أحياناً غير قادر على التركيز أثناء إنجازه فروضه المدرسية. فبعد يوم طويل انحصر خلاله في غرفة الصف حيث عليه الإصغاء إلى المعلمة والتركيز في فهم الدروس، يعود إلى البيت ليكمل ما بدأه في الصف. ولكنه يريد الترويح عن نفسه وإخراج الطاقة التي كبتها في المدرسة، ففترة الفسحة لم تكن كافية. وتشكو الأم عدم قدرة ابنها على التركيز أثناء إنجازه الفروض، فيبدو أن كل شيء حوله مثير للاهتمام ما عدا الواجبات الموجودة أمامه. ومشكلة عدم  التركيز مشتركة بين الكثير من التلامذة، وهذه بعض الأسئلة التي تطرحها الأمهات على الاختصاصيين.

- كيف يمكن أن أعرف أن ابني يعاني صعوبة في التركيز؟
تشبه الصعوبة في التركيز عطلاً طرأ على حيوية الطفل ومتعته وحاجته إلى التفكير والتعليم. وهذه الصعوبة تظهر إما شاملة، أي عدم قدرة على التركيز في كل الأمور، وإما محصورة في أمور معينة. فتفكير الطفل يكون منشغلاً بأمور تقلقه وأسئلة تحد من قدراته. إذ تشكل مسألة نموه و محيطه مشكلة بالنسبة إليه، تقلقه وتؤثر في ملكته التعلّمية.
والمشكلة هي الميل إلى وسم مشكلة عدم التركيز في إطار أدائه المدرسي فقط. فعندما لا يتجاوب التلميذ مع ما يطلب منه في المدرسة يميل الأساتذة والاختصاصيون النفسيون في المدرسة إلى القول إنها مشكلة عدم انتباه وعدم تركيز. ولكن الأهل عليهم أن يكونوا حذرين من هذه المقولة.
فمن المعلوم أن التعليم المعاصر صار مرتكزاً على سلوك الطفل ومهارته الحركية بدءاً من دخوله الحضانة، وغالباً ما تسمع الأم عبارة «طفلك كثير الحركة»، وهذا قد يعني أنه يعاني اضطراباً. وفي المقابل الذي على الأهل أن يتذكروا أن اللعب الحر والضجيج والحركة هي طرائق يتعلم الطفل بواسطتها الكثير. فهناك الكثير من الأطفال يتعلّمون عن طريق اللعب. فالطفل يمكنه أن يركز في إنجاز لعبة تركيب المكعبات، حتى لو لم يكن أداؤه المدرسي ممتازاً، ولكن هذا لا يعني أنه يعاني صعوبة في التركيز.

- متى يجدر بالأم أن تقلق؟ وكيف يمكن مساعدة الطفل؟
عندما يصبح الطفل غير مكترث لأي أمر وفي شكل متواصل، ومن ضمنها الأمور التي يهواها. إضافة إلى ظهور مشكلة أخرى مثل اضطراب في النوم، وتناوله طعامه بسرعة، وعدم التركيز أثناء التحدّث معه... عندها يجب التفكير في ما يجعله قلقاً أو عصبياً، والتحدث إليه بهدوء والإصغاء إلى ما يقوله.  كما يجب الوجود معه للحظات دون إلزامه بأي شيء كي يشعر في حضور والدته بالهدوء وأنها متوافرة.
ومن الضروري تجنب مراقبته باستمرار أو إثقاله بالأوامر والتهديدات. وإذا ازدادت حال الطفل سوءاً يجب استشارة اختصاصي.
كما على الأم التأكد من أن الذين يقولون لها إنها ابنها لديه صعوبة في التركيز، ليسوا أشخاصاً قلقين أو ممن يميلون إلى قمع الآخرين، فأحياناً تكون المعلّمة ذات شخصية عصبية وقلقة مما يؤثر سلباً في التلميذ فيكون عدم تركيزه هو نوع من أنواع الحماية الذاتية، فهو يرفض التعلم من شخص يسبب له ألماً.

- ماذا عن قيام الطفل بأمور عدة في آن واحد؟
في هذه الحالة هناك مشكلة اضطراب في التركيز. فهو يقوم بتصرفات غير متناسقة، مهما كانت المواقف الموجود فيها. فيبدو الطفل فوضوياً يقوم بأشياء عدة في الوقت من دون أن تكون هناك صلة بينها، فمثلاً يقفز عن الكنبة ثم يمسك كتاباً ولا يستطيع الجلوس هادئاً لأكثر من دقيقتين... ويصعب عليه تذكر الأمور التجريدية.

- ما الفرق إذا بين اضطراب في التركيز و صعوبة في التركيز؟
الصعوبة في التركيز تتعلق بصعاب داخلية يعانيها الطفل. فهو يستطيع الجلوس لمدة طويلة في إنجاز فروضه ومع ذلك يواجه صعوبة في التفكير وتشغيل ذاكرته. فمساحته العقلية يحتكرها القلق والخوف والأفكار المتوترة. والطفل في هذه الحالة ليساً واعياً وفي الوقت نفسه ليس مذنباً، فهو في حاجة إلى المساعدة والشعور بالأمان.

- هل أسلوب الحياة المعاصرة هو السبب في عدم التركيز عند الأطفال؟
نعم. إنه نمط الحياة السريع الذي يتطلب تصرفات سريعة، والقيام بنشاطات متعددة خلال وقت واحد. نفعل نسمع ننظر إلى أشياء عدة معاً. أسلوب الحياة المتقاطع هذا يترك آثاراً على تصرفاتنا. والأطفال ينشأون في هذا الإيقاع السريع وغير المتواصل. صحيح أن هذا النمط من الحياة يعزز القدرة على الفهم بسرعة ولكنه في الوقت نفسه يخفض الشعور بالأمان والسلام الداخليين الضروريين لتعزيز ملكة التركيز. لذا على الأم أن تعلّم طفلها كيف يأخذ فترة راحة يفكّر فيها وحده وتحمّل التكرار، وهذا يتطلب التركيز على أمر واحد فقط.
وتجدر الإشارة إلى أن الطفل يتماهى بوالديه، فإذا كانوا من الأشخاص الذين يقومون بأمور عدة في آن واحد من الطبيعي أن يقلدهما. لذا على الأهل أن ينتبهوا إلى تصرفاتهم اليومية.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078