عمليات جراحية لتعديل الأنف
إنها أكثر عمليات التجميل شيوعاً بين النساء والرجال على حدّ سواء. إنها مطلب الغالبية وتقضّ مضجع الأكثرية، بحيث نكاد لا نلقى شخصاً راضياً تماماً عن شكل أنفه... لذلك تنتشر عمليات تجميل الأنف في كل المجتمعات أسرع من النار في الهشيم، لأنّ من شأنها أن تزيح العبء الكبير عن صدر المرء عندما يتمّ تصحيح شكل أنفه حسب ما يراه مناسباً ويرتاح له. لكن من جهة أخرى، قد تكون هذه الجراحات ضرورة أحياناً لتصحيح مشكلة طبيّة بحتة أو لتحسين تشوّه واضح، فيما قد تكون أيضاً تحت الطلب ولتلبية رغبة الشخص الذي لا يرتاح الى مظهره.
تجدر الإشارة إلى أنّ «إختيار» الأنف المطلوب بعيد كلّ البعد عن مجرّد إنتقاء شكل من مجلّة أو صورة! ذلك أنّ الأنف عضو في الوجه، يجب أن يليق بكل التكاوين ، ليشبه صاحبه ويتناسب مع طلّته. فلا يجوز أن يكون مشابهاً لأنف تلك الممثلّة أو ذاك المطرب، أو لأنها الموضة السائدة!
ومن الضروري الأخذ بعين الإعتبار شتى الأمور الطبية والنفسية والتجميلية قبل الإقدام على جراحة تجميلية للأنف، بغية تحسين مظهره وإخفاء العيوب، وليس لإبراز التشوّه وإظهار التصنّع.
يشرح الدكتور ريمون الحلو، الإختصاصيّ في جراحة التجميل والترميم، وجراحة الفك والوجه، والجراحة المجهرية وجراحة اليد، عمليات التجميل الخاصة بالأنف، موضحاً أسبابها الطبية والتجميلية وعارضاً لكل جوانبها. كما يدلي أشخاص بشهادة حياتية خاصة، كونهم خاضوا هذه التجربة لسبب أو لآخر.
جراحة الأنف
إنّ الهدف الأساسيّ الكامن لجراحة تجميل الأنف هو تصحيح عيب ظاهر إلى حدّ ما، حسب تحديد الشخص له، وكونه يشكّل مصدر إزعاج لصاحبه. لكن تجدر الإشارة إلى أنّ الموضوع نسبيّ وعائد إلى نظرة كلّ إنسان، بحيث ما قد يراه البعض «قبيح الشكل» أو غير مستوٍ، قد يعجب البعض الآخر.
يقول الدكتور الحلو: «تاريخياً، بدأ ترميم الأنف كحاجة لتصحيح طرف الأنف الذي كان يُبتر للدلالة على المرأة الزانية. ومن ثم تطوّرت الجراحة لتشمل تشوّهات أخرى. ولا تزال تتطوّر وباتت اليوم بفضل ما يُعرف بعملية ال Rhinoplasty، تسمح للجرّاح القيام بتعديلات واسعة، من حيث تكبير الأنف وتصغيره وتضييقه، والرفع والزرع، وحتى إستحداث أنف جديد في حال فقدانه. فلا شيء تقريباً بعيد عن المنال».
إنّ أكثر الأسباب التي تجعل الناس يتهافتون على جراحة تجميلية للأنف، هي رغبتهم في الحصول على شكل يتناسق مع وجههم، كون الشكل الأصليّ لا يعجبهم. ومن الممكن أن يكون السبب هو التعرّض لحادث أدّى إلى ما يقتضي إعادة تشكيل كسر أو تشوّه في الأنف. ومن جهة أخرى، قد يكون السبب طبياً بحتاً كضيق في النفس أو ألم في الرأس.
أسباب طبية
يبقى المطلب هو التحسين، حسب حالة كلّ شخص وتقاسيم وجهه وتكاوينه. لكن يشكّل الأنف أحياناً سبباً مرضياً يمنع التنفّس بشكل صحيح ويزعج صاحبه.
بإمكان الجميع الخضوع لعمليّة تجميل الأنف. ويمكن البدء بها منذ سنّ السابعة عشرة، أي عند سنّ البلوغ وإكتمال النموّ الجسديّ.
يقول الدكتور الحلو «قد تترافق عملية التجميل مع عملية طبية جراحية للأنف، لإزالة اللحمية أو العضميّة أو الإلتواء الذي تسبّب ضيق النفس. فهذه العوامل كلّها تسبّب تقريباً الأعراض نفسها، ألا وهي منع الأوكسيجين من الدخول بطريقة سليمة إلى الرئتين».
إلتواء الغضروف Septal Deviation
يحصل الإلتواء في الأنف من جرّاء حادث أو سقوط أو بسبب النموّ الطبيعيّ، بحيث ينمو الغضروف بطريقة أسرع من الأنف، فلا يلقى مكاناً داخل المنخر، فيلتوي عندئذٍ. ومن الجدير القول بأنّ نحو 70% من الأشخاص يعانون من حالة إعوجاج في الغضروف أي Septal Deviation لكنها لا تكون جميعها بحاجة إلى جراحة، ولا يمكن ملاحظتها بالعين المجرّدة.
إزالة اللحمية Turbinectomy
إنّ عملية إزالة اللحمية Turbinectomy قد تكون أحياناً ضرورة نتيجة لتضخّمها. فلا تعود اللحمية قادرة على القيام بوظيفتها الأساسية التي هي تسخين الهواء وتنظيفه وغربلته من التلوّث وترطيبه وتنقيته، مما يؤدّي إلى ضيق في النفس وقلّة نوم أثناء الليل ونعاس في النهار. لذلك يقتضي إعادتها إلى حجمها الطبيعيّ.
Sinusitis إلتهاب الجيوب الأنفية
ويبقى السبب الطبي الثالث للقيام بعملية للأنف هو المعاناة من إلتهابات في الجيوب الأنفية Sinusitis لأسباب معيّنة كالحساسية أو إلتهاب في المجاري الهوائية كالزكام وغيره أو إرتفاع نسبة الحموضة Acidity في المعدة. فتتقلّص فتوحات هذه الجيوب وتصبح غير قادرة على التصريف وبالتالي تلتهب.
يؤكّد الدكتور الحلو «أنّ عملية تحسين الأنف هي كسواها من العمليات التي تستلزم بنجاً موضعياً وتقتضي إيقاف أدوية السيلان قبل الإقدام عليها. كما لا يجوز للحوامل القيام بها».
تجميل بحت
بغية الخضوع لعملية جراحية تجميلية، لا بدّ من إستشارة طبيب تجميل وترميم مختصّ للتشخيص. ومن ثمّ يتمّ وضع معيار جماليّ مرتبط بكلّ شخص على حدة، حسب ما يليق بشكل وجهه وتقاسيمه. بمعنى أنّ المريض قد يرى صوراً ونماذج وأشكالاً، لكن الوجوه مختلفة والأنف ذو طابع شخصيّ ومتميّز، فلا يجوز نقله أو إستنساخه.
يرى الدكتور الحلو أنّ «عملية تعديل الأنف ليست كشراء سلعة أو تغيير ماكياج أو ثياب، لأنها ذات مفعول دائم ويجب مراعاة كلّ تقاسيم الوجه. كما يجب الأخذ في الإعتبار رأي الطبيب المختص الذي يفقه أكثر من المريض بفعل الخبرة والتكرار والتمرّس. إنّ الفرق الوحيد ما بين الرجال والنساء الذين يقدمون على هذا النوع من العمليات، هو أنّ الرجل يقتنع بسهولة أكثر من المرأة ولا يجلب معه صوراً لأشخاص أو لأنوف، فيما قد تعتبرها بعض النساء موضة رائجة ويأتين بصورة أو مجلّة أو كاتالوغ!».
عند القيام بالعملية، يجب الإنطلاق من نقطة محدّدة لتعديل الشكل، بالإضافة إلى الذوق والتناسق والخبرة والطلب الشخصي، لكن لا يجوز التغيير الجذريّ من دون سبب واضح.
ويقتضي التنوية بتعدّد أشكال الأنوف حسب المناطق الجغرافية والأعراق. فمن الملاحظ وجود الأنوف الأوروبية الرفيعة والعالية، والأنوف العربية العريضة والأنوف الأفريقية الفطساء والأنوف الصينية...
يبقى أنّه لا وجود مطلقاً للأنف المثالي، الخالي من الشوائب والذي يجب تطبيقه على الجميع، بل الأنف الأجمل هو ذاك الذي يقترب اكثر ما يمكن من الطبيعة، من دون مبالغة وتصنّع.
عملية ووقاية
يقول الدكتور الحلو «إنّ عملية تجميل الأنف تتمّ تحت بنج موضعيّ وتحتاج إلى نحو ثلث ساعة، ولا تستلزم النوم في المستشفى. يمكن إجراء تقنيّتين في يومنا هذا، التقنية المقفلة Closed Technique والتقنية المفتوحةOpened Technique. ما من داعٍ لإزالة القطب يمكن إزالة الفتيل في اليوم التالي للعملية ويبدأ الورم في التبدّد. كما يوضع الجصّ لأسبوع واحد وتبدأ عملية التعافي. لا وجود للتصبغات والإزرقاق تحت العينين بعد الآن بفضل تطوّر التقنيات، إذ تكون هذه عواقب لتقنية معينة أو بسبب طول مدّة العملية. بعد مدّة شهر، نحصل على النتيجة شبه النهائية وبعد ستة أشهر تقريباً، نحصل على النتيجة النهائية».
أما أساليب الوقاية فهي بسيطة. فعلى الشخص الذي خضع لهذا النوع من العمليات أن يلزم الحذر. كما يجب عدم التعرّض للشمس. ولا يجوز وضع نظارات في الشهر الأوّل. كما يجب الوقاية من الضربات ومن الكدمات على الوجه والأنف.
يختم الحلو: «من الضروري إستشارة طبيب التجميل المختصّ للحصول على نتيجة خالية من المضاعفات والأعراض الجانبية والأخطاء الطبية. لكن يبقى أنّ هامش الحاجة إلى Retouche، حسب الكتب العالمية هو نحو 6% من الحالات، فعملية تجميل الأنف ليست تفصيل قطعة قماش بل هي التعامل مع جلد حيّ. فمن الممكن أن تتفاعل البشرة مع الخيط المستعمل أو مع أيّ من أدوات الجراحة، أو أن تختم بطريقة مغايرة للمتوقّع وبحسب نوعية البشرة، لذلك قد تحدث بعض المضاعفات البسيطة التي يمكن السيطرة عليها». إنّ إتّباع إرشادات الطبيب المختصّ هو أساس لنجاح العمليّات.
شهادات حيّة
- ناتالي فتاة في مقتبل العمر كانت تعاني منذ صغرها إلتواء في الأنف وبروز عظمة نافرة. تقول أنها كانت تخجل بمظهرها ولم تكن ترفع شعرها مطلقاً كي لا يظهر العيب في الأنف جلياً في ال Profile. لذلك كانت تكفي بالتمويه. لكن، بعد إكتمال نموّها، خضعت لعملية ال Rhinoplasty كي تعدّل شكل أنفها وتتخلّص من المشكلة. وقد حصلت على مطلبها، إذ بات أنفها جميلاً وطبيعياً وصارت ترفع شعرها دون خوف أو تردّد. وتشير إلى أنها لم تكن تعرف كيف تختار الشكل المطلوب، لكن الطبيب نصحها وأرشدها على الطريق الصحيح، فلم تستعن بصورة لممثلة أو مطربة، بل إكتفت بتصحيح شكل أنفها الخاص مع الإحتفاظ بتميّز وجهها وفرادته.
- شادي رجل عانى من ضيق التنفّس بسبب اللحمية، ولم يكن قادراً على النوم براحة في الليل. لذلك، فضّل الخضوع لعملية تصحيحية للأنف. وأثناء القيام بالعملية، طلب من الطبيب التعديل بعض الشيء كي يحصل على الأنف الأنسب لشكله. يقول قمتُ بعمليّتين في آنٍ واحد، إذ تخلّصت من مشكلة اللحمية التي رافقتني منذ وقت، كما حسّنتُ في شكل الأنف الخارجي كي احصل على الشكل الخالي من العيوب الظاهرة. تردّدت في البداية، كوني رجلاً شرقيّاً، لكن سرعان ما عدلتُ لأنني لم أكن قادراً على التنفّس بشكل طبيعيّ ولّد هذا الأمر إزعاجاً في حياتي اليومية.
- منى سيّدة تحبّ أن تبقى انيقة على الدوام بفعل عملها في مجال التجميل والماكياج. وهي تسعى دوماً لتحسين شكلها، بشتى الطرق. تقول: «كوني في مجال يحتاج إلى المظهر الحسن والطلّة المتكاملة، كنتُ أشعر أنني أستطيع التميّز والحصول على الأفضل فالأفضل. ورغم أن الآخرين لم يكونوا يلحظون عيباً جلياً في شكلي، فضّلت الخضوع لعملية تجميلية لأنفي لتحسينه قدر المستطاع وتجميل شكله، كي أتصالح مع صورتي الذاتية وأصبح مرتاحة الى شكلي. إنّ تجميل الأنف، كسواه من عمليات التجميل هو لخدمة المرء وكي يشعر بالرضى عن شكله الخارجيّ».
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024