تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

لوكسيتان L'Occitane رحلة تبدأ في البروفانس ولا تنتهي فيها

تدعوك دار لوكسيتان L Occitane للإرتماء في أحضان الطبيعة في منطقة البروفانس الفرنسية في الريف الخصب، على خطى الكاتب الإنكليزي بيتر مايل في كتابه الشهير «سنة في البروفانس» Une Annee En Provence. دعوة الى بساطة العيش وجماله للتعرّف الى فوائد الأعشاب البرية وأزهار اللوندة واللوز وغيرها من المكوّنات التي تستخدمها دار لوكسيتان في تصنيع مستحضرات وزيوت وعطور بمواد وتركيبات طبيعية بفوائد استثنائية، والى التسليم لحكايات قروية هانئة سعيدة.


 
يستقبلك الريف الفرنسي بأخضره وحقوله البنفسجية ومزارعه الخصبة وبيوته التراثية. طبيعة غنّاء غنيّة أوحت لأوليفييه بوسانOlivier Baussan، مؤسس دار لوكسيتان، تصنيع مستحضرات تجميلية معتمداً على التقنيات التقليدية المتّبعة في حوض البحر الأبيض المتوسط لمعالجة زهرة اللوندة البرّية التي تنبت في الريف الفرنسي، وتسويقها محلياً. فأحيى بذلك تقاليد متوارثة في استخراج زيوت هذه الزهرة ذات الفوائد العلاجية والجمالية الجمّة، وطوّر تركيبات جديدة أخرى. وساهم نجاح هذه المستحضرات في انتشار لوكسيتان عالمياً انتشاراً فاق كلّ التوقعات. فاستطاع بوسان بذلك أن يصنع من مشروع ريفي بسيط، نجاحاً عالمياً لا مثيل له. وعن ذلك يقول: «النجاح هو في نقل بساطة العيش الريفي في مستحضر بتركيبة طبيعية وفاعلة، وهو أيضاً في تقاسم أشياء جميلة وحقيقية. وفي ذلك كلّ السعادة ومنتهى الجمال». 

من اللوندة، الى الزيتون المرطّب والمقاوم للسيلوليت، واللوز الناحت للبشرة والعسل المغذي والمجدد للخلايا، وزبدة الشيا المرطّبة وزهرة الخلود البرّية الصفراء L'Immortelle التي لا تعرف العفن أو الموت، والتي باتت ركيزة لمجموعة مستحضرات العناية المقاومة للتجاعيد، وصولاً الى عشبة الملاكL'Angelique وفوائدها الفائقة الترطيب وزهرة البيفوان ومستخرج عطرها الرائع. اللائحة تطول وتتنوّع بتنوّع مجموعات مستحضرات لوكسيتان. زيارة للجامعة الأوروبية للنكهات والروائح UESS في بلدة فوركالكيه في البروفانس كفيلة بإدخالك عالم الأعشاب.

تقول خبيرة الأعشاب تاشكا سوفر إننا نحتاج الى 150 كيلوغراماً من اللوندة لاستخراج كيلوغرام واحد من الزيت. كذلك فان كلّ أربعة آلاف كيلوغرام من بتلات ورود البيفوان، كافية لاستخراج ليتر واحد من زيت هذه الورود، ويمكن أن نستخرج من كلّ ألف كيلو من الصعتر ليتراً واحداً من زيت الصعتر الأساسي. وتشرح تفاصيل عملية التقطير، إذ توضع الأعشاب في وعاء كبير كي يتسنّى لبخار الماء الغالي في وعاء تحته أن يعبره، ويمتلئ بجزيئات الأزهار والأعشاب الجافّة، ثم يمرّ بقسطل بارد فيتحوّل البخار الى سائل ويتقطّر زيتاً أساسياً. وتشدّد تاشكا على أهمية أن تقطف الأزهار والأعشاب في أيام الجفاف وقبل هطول المطر، كي لا تفقد جزيئاتها المركزة. كذلك الأمر بالنسبة الى اللوز.

وتسترسل تاشكا في رواياتها فتقول إن أعشاب البروفانس الشهيرة التي تستخدم في الطبخ تساعد في عملية الهضم. وان النساء الرومانيات كنّ يزرعن الريحان على شرفاتهنّ للدلالة على أنهنّ طاهيات ماهرات. وكانت لقاءات العشاق الرومان مفعمة بالريحان، إذ كان الرجل العاشق يضع غصن ريحان في شعره، أما المرأة فتضع غصناً في حزامها.


في حقول الخزامى

«لوكسيتان رحلة، تبدأ في البروفانس وتنتهي فيها»، كما يقول أوليفييه بوسان مؤسس هذه الدار. وحقول الخزامى أو اللوندة، وتمتدّ فوق هضاب تعلو ألف متر عن سطح البحر، محطة رئيسة في هذه الرحلة. هناك تستقبلك مارتين راين، مالكة هذه الحقول البنفسجية، بابتسامة وقصّة: «أحبّ أزهار الخزامى. ويبهرني بشكل خاص زيتها عند التقطير لأنه يحمل لوناً ذهبياً جميلاً وتفوح منه رائحة رائعة». ورثت مارتين هذه الحقول عن والدها، الذي ورثها بدوره عن والده، حتى باتت العناية بهذه الحقول فناً متوارثاً عبر الأجيال. «نحاول أن نحافظ على تنوّع هذه الأزهار وطبيعتها البرّية، خصوصاً اننا نخضع لشروط زراعية قاسية في إطار تصنيف المزروعات المحمية المنشأ، للحفاظ على طابع هذه الأعشاب البرّي والعفوي. فيمنع علينا رشّ المزروعات بالمبيدات أو استنساخ البذور حفاظاً على تنوّعها الطبيعي. كذلك تخضع الزيوت الأساسية التي نستخرجها من الخزامى المزروعة في أراضينا الى فحوص مخبرية لمعرفة نسبة كثافتها الشمّية واللونية، قبل الموافقة على تصنيفها ضمن الزيوت الأكثر جودة». يذكر ان زهرة اللوندة أو الخزامى أساسية لصناعة منتجات كثيرة من لوكسيتان، خصوصاً لجهة فوائدها المبلسمة والمهدئة للبشرة.



مع مزارعي اللوز

وكما هي الخزامى، كذلك هو اللوز. يروي جان بيار جوبير، أكبر مزارعي اللوز في منطقة البروفانس، فيقول: «عندما أحار ماذا أفعل أيام الآحاد، أذهب لرؤية أشجاري. أنا لا أملّ أبداً مع وجود عشرة آلاف شجرة لوز. مجرد النظر إليها، ينسيك أيّ شيء آخر». قبل اثني عشر عاماً، قرر جان بيار أن يستعيد تقليد زراعة أشجار اللوز في هذه المنطقة، رغم الصعاب التي ترافقها من أذية الصقيع الصباحي شتاء، وجفاف الجوّ صيفاً. وكان أن نجح في تحديه هذا.
تزهر أشجار اللوز بدءاً من منتصف آذار/ مارس، في وقت يكثر فيه الجليد الصباحي وتنخفض فيه الحرارة الى تحت الصفر، مما يؤثر سلباً على الزهر وبالتالي على الإنتاج. لذا يستخدم جان بيار مولدات كهربائية هوائية تطرد الهواء البارد لمساعدة الأزهار على الصمود في الصقيع. وفي فصل الصيف والجفاف، يحرص على ريّ الأشجار مرة في الشهر. ويعتبر لوز فالينسول الأفضل، بمواصفات عالمية عالية الجودة ويُصدّر الى دول عدة، ويُستخدم في صناعة السكاكر. وتشتري دار لوكسيتان من جان بيار كلّ اللوز المكسور، والذي لا يمكن استخدامه في صناعة الملبّس الذي تشتهر به هذه المنطقة. بمعنى آخر ان النوعية التي تستخدمها لوكسيتان في تصنيع مجموعة كريمات Amande الخاصة بالجسم تمتلك المواصفات نفسها لتلك التي تستخدم في صناعة السكاكر. وتدخل خلاصات اللوز في جوهر روتين خبراء العناية بالبشرة خصوصاَ لجهة مزاياها المرطبة والمحددة للقوام والناحتة والمقاومة للسيلوليت. 

في المختبرات العلمية

مراقبة الطبيعة ومحاولة فهمها أكثر، توحي لدار أوكسيتان منتجات جديدة بمنافع جمّة. هذا ما يؤكده القيمون على الأبحاث العلمية في مختبرات لوكسيتان في بلدة مانوسك. وهذا ما حصل مع عشبة الملاك. بداية الحكاية كانت عندما خطرت لفريديريك نيفون فكرة زراعة «عشبة الملاك» البرية التي تنمو على ضفاف الأنهر التي كان يلعب على ضفافها في طفولته. وعشبة الملاك تحب المياه والأرض الباردة والمتوازنة والعميقة والغنية بالمواد العضوية، لضمان نموّها الإستثنائي. وقد يبلغ طولها مترين في بضعة أسابيع فقط بفضل قدرة جذورها على حبس المياه. ويروي جان لويس بييريسنارد المدير العلمي لدى دار لوكسيتان ان فريديريك جاءه بشرح مطوّل عن فوائد هذه العشبة البرية وأهمها تحفيز الترطيب الذاتي. ويضيف: «أجرينا أبحاثنا ووجدنا ان لهذه العشبة القدرة على الحفاظ على رطوبة البشرة من الداخل والخارج وتحسين الدورة الدموية بين طبقاتها المختلفة وبالتالي تحفيز الترطيب بنسبة 39 في المئة. والنتيجة بشرة حيوية، مشرقة، مرنة، رطبة، وممتلئة... فكانت ولادة مجموعة كاملةA L -Huile Essentielle et Eau D-Angelique Bio ترواح بين كريم الوجه واللوشن المرطب وجل التنظيف وقناع الوجه وجل التقشير والرذاذ المنعش وغيرها». 


في بوتيك دار لوكسيتان ومتحفها في مانوسك

هو أكبر بوتيكات لوكسيتان في فرنسا، ويتضمن كلّ مستحضرات لوكسيتان بالإضافة الى أحدث منتجات الدار بأسعار تفضيلية، أقلّ بنحو 10 في المئة من أسعار المتاجر الأخرى. ديكور البوتيك رائع تتجوّل فيه مع سلّة من القش تملؤها بما تحتاجه من الصابون الى الشامبوهات والكريمات ومستحضرات العناية بالبشرة والجسم والعطور وشموع المنزل المعطّرة والزيوت الأساسية. وللرجل حصّته في البوتيك: مستحضرات عناية مرتكزة على العرعار والفردون Verdon لتفادي علامات التقدم في السن، ومجموعة الحلاقة الرائعة وماء التواليت المنعش. وقرب البوتيك، متحف يقدّم خبرة عطرية حسّية للتعرّف الى الخطوات المختلفة التي تدخل في إنتاج مستحضرات لوكسيتان. يمكن استكشاف هذه المساحة التشاركية بواسطة الحواس المختلفة. وهي تسطّر تاريخ لوكسيتان بدءاً من لحظة التقطير الأولى عام 1976 والآلات المستخدمة فيها، والماكينات البدائية لصبّ الصابون وقطعه، وصولاً الى المشاريع الخيرية التي تدعمها لوكسيتان: دعم المكفوفين وتمكين النساء في بوركينا فاسو. ولمن لم تتسنَ له فرصة السفر الى البروفانس الفرنسي، متاجر وبوتيكات موزّعة في دول الشرق الأوسط المختلفة: السعودية والبحرين وقطر والكويت والإمارات ومصر والأردن ولبنان. وفي الموقع الإلكتروني لدار لوكسيتان التفاصيل الكاملة لنقاط التوزيع في الشرق الأوسط
 www.loccitane-me.com 


مع مؤسس الدار أوليفييه بوسان

اختار أوليفييه بوسان، مؤسس دار لوكسيتان والعاشق الأبدي للطبيعة وعناصرها والمخلص أبداً للبروفانس وقراها وحقولها حيث ترعرع وكبر، أن يلتقي الوفد الصحافي الهائم في أحضان الطبيعة وحكاياتها قرب عين قرية صغيرة. هذه العين التي أوحت له أول مجموعة ماء كولونيا التي تطلقها الدار وهي Eau Universelle الملائم للرجال والنساء و Eau Ravissante النسائي الذي يتميّز برائحته الزهرية المنعشة وEau Captivante للرجال ويتميّز هذا الماء برائحته العطرة المنشطة الآسرة. ويقول أوليفيه بوسان انه أراد أن يروي قصّة عيون الماء التي تزيّن ساحات القرى في البروفانس، خصوصاً ان كلّ شيء كان يدور سابقاً حول العين، مصدر الحياة في كلّ قرية. لذا جاءت قاروة ماء الكولونيا مستوحاة من التصميم الهندسي لعين الماء في الريف الفرنسي، ولكن بأسلوب حديث.

يروي أوليفييه قصص القرى في البروفانس الفرنسية، وهي قصص يعشقها ويعمل جاهداً كي يعيد إحياءها من خلال لوكسيتان، قبل أن تندثر وتصبح ذكريات غابرة. تقاليد القرية وأهلها ما زالت تفتنه رغم النجاح العالمي الذي عرفته الدار الذي أسسها. العالمية بلغها من خلال نقل حياة القرية وزراعاتها الصغيرة الى الحضارات المختلفة، وتخليدها عبر كريمات ومستحضرات ومنتجات هي أشبه بالأساطير المتناقلة من الجدة الى الأم، ومنها الى الإبنة. «أنتمي الى هذه الأرض التي أعطتني الكثير، وقد تعلّمت أن أحترمها وأبادلها العطاء من خلال مساعدة المزارعين على الصمود في أرضهم والإستمرار في ما يقومون به، حفاظاً على هوية الريف. إحترام الطبيعة والإنسان هو أولى القيم التي نقدّسها في لوكسيتان». ترتبط لوكسيتان بعقود طويلة ومباشرة مع المزارعين لشراء منتجاتهم من خزامى ولوز وأعشاب وغيرها، بغية مساعدتهم على الإستمرار والبقاء في أرضهم. وتساهم الأبحاث التي تجريها الدار في اكتشاف مزايا جديدة في الطبيعة ومزروعاتها لمزيد من الإنتاجية والدعم الزراعي، كما في عشبة الملاك وزهرة الخلود البرّية الصفراء L'Immortelle التي أوحت مجموعة  L'Immortelle المقاومة للتجاعيد.

عن هذه المجموعة يقول أوليفييه: «بعد عشر سنوات على أول بحث أجريناه وأظهر مزايا زهرة الخلود الإستثنائية في مكافحة آثار التقدم في العمر، اكتشفنا اليوم مكونات فاعلة أخرى يمكن استخراجها من قلب الزهرة. فكانت مجموعة Divine المركزة المقاومة للتجاعيد والتي تعمل على تحسين التماسك بين الأدمة والبشرة لتصبح هذه الأخيرة أشدّ وأملس وتختفي التجاعيد عن سطحها كما في عمقها».  شكّل كريم اليدين Hand Cream Shea Butter نجاحاً استثنائياً خصوصاً عندما نعلم ان كريماً واحداً يُباع كلّ 5 ثوان في مكان ما في العالم. ويكمن السرّ في التركيز العالي (20 في المئة) لزبدة الشيا الذي يحويه الكريم، مقارنة بكريمات أخرى تروّج لها دور شهيرة وتعتمد على 2 في المئة فقط من مركّز الزبدة. بالنسبة الى أوليفييه، هو نجاح مزدوج، لأنه يعني المزيد من الإنتاج الذي تشتريه الدار من نساء بوركينا فاسو مباشرة، وبالتالي المزيد من المدخول المالي لهؤلاء والإستقلال الإقتصادي. وبلغ عدد النساء اللواتي يعملن مع الدار 14 ألف سيدة. ولا ينفكّ أوليفييه يعلن ان كريم اليدين هذا، هو مستحضره المفضّل والأقرب الى قلبه بين كلّ المستحضرات الأخرى التي عمل عليها. وقد حاول أن يغيّر شكل أنبوبه الذي يشبه أنابيب الطلاء المستخدمة في الرسم أو معجون الأسنان، لكن ذلك أثّر سلباً على المبيعات. فكان ان احتفظ الكريم بصيغته الأولى الناجحة والتي صار عمرها 29 عاماً.

- هل يندم أوليفييه بوسان على مستحضر قدّمه ولم ينجح؟
لقد أطلقت مجموعة عناية مرتكزة على العنب، لكنها لم تعرف النجاح الواسع فاضطررت الى وقف إصدارها. لكنني لم أندم على تلك التجربة، بل على العكس، تعلّمت منها الكثير.

- حدثنا عن جديد اكتشافات أوليفييه؟
أعمل اليوم على عشبة رائعة تملك مزايا استثنائية، كانت رائجة لدى الرومان والمصريين القدامى. لا يمكنني الكشف عن هويتها ولا التحدّث عنها أكثر. وأتركها مفاجأة أعلن عنها قريباً.

- ماذا عن تطلعات أوليفييه وأحلامه المستقبلية؟
أتطلع الى الحفاظ على الخط نفسه في اكتشاف الطبيعة، والبحث عن نقاط جمالية فيها لا يلاحظها الآخرون. إنها متعة شخصية أمارسها منذ أكثر من 36 عاماً. وكلّ ما أطمح إليه هو نقل بساطة الحياة الريفية الى العالم في منتجات صغيرة، لتصبح فلسفة جديدة وأسلوب عيش يعتمد على الأصالة الحقيقية.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079