خبير الروائح تييري فاسر

25 تموز 2012

ها هي دار "غيرلان" Guerlain تدهشنا بعطر جديد يحمل فكرة فريدة من نوعها في عالم العطور.. فهذه المرّة ولد العطر من كواليس الموضة.. من الفستان الأسود الذي لا تخلو خزانة امرأة منه.. تسلل الفستان الأسود من خلف الستارة وعبر منصّة عروض الأزياء ليستقر في قارورة عطر تحمل اسمه، وأصبح بالتالي جزءاً لا يتجزأ من ركن التجميل الخاص بكل امرأة تهوى الفرادة بعد أن كان عنصراً أساسياً في ركن الأزياء الأنيقة. تييري فاسر Thierry Wasser، خبير الروائح ومبتكر الجيل الجديد من عطور Guerlain يروي قصة هذا العطر في مقابلة خاصة:

- ما الذي يجعل عطر La Petite Robe Noire مميّزاً؟
أظن أن فكرة العطر جديدة وفريدة من نوعها فهذه هي المرة الأولى التي يحمل فيها عطر اسم فستان أو يكون مستوحى من فستان. يحمل هذا العطر في طيّاته الفرح، المرح، والحرية. إنه عطر خفيف الظلّ، يعكس حب الحياة والأناقة الباريسية. أما بالنسبة لتصميم قارورته المميّز فقد استوحيتها من قارورة L'Heure Bleue أحد أقدم عطور "غيرلان"Guerlain غير التقليدية أيضاً. لقد أعجبتني قارورة هذا العطر لأن غطاءها يشبه شكل القلب المعكوس. في الواقع كل شيء في هذا العطر مميّز لأن "الفستان الأسود" ينتمي إلى عالم الأزياء، ونحن على مدى 100 سنة في دار "غيلان" Guerlain نبتكر ونصمم العطور ومساحيق التجميل، ولم نكن يوماً داراً لتصميم الأزياء. لذا كانت فكرة العطر مميّزة، وفكرة حملته الإعلانية أطلقت في شكل مميّز شبيهة بفيلم قصير.

وبدلاً من أن نستخدم عارضة أزياء معروفة لتكون سفيرة للعطر، استعنا بموهبة الفنانين "أوليفييه كانتزل" Olivier Kuntzl و" فلورنس ديغاس" Florence Deygas لابتكار شخصية "كرتونية" مرسومة Sketched Cartoon، وجعلناها بطلة حملات الإعلان التسويقية. عطر La Petite Robe Noire المبهج يحتضن قصّة حياتي في قارورته لأنه يجعلني أشعر بالفرح كلما شممته و يُضحكني كلما شاهدت إعلانه المرح. إنه في الواقع قصّة حب من النظرة الأولى.

- هل كانت فكرة عطر La Petite Noire فكرتك أساساً؟
في الواقع، مديرة التسويق "كارولين برازان" هي التي اقترحت علي تجسيد "الثوب الأسود القصير" في عطر. في البدء،لم أتقبل الفكرة لأننا لسنا دار أزياء. لكنني فيما بعد، اقتنعت بفكرتها ووعدتها بأن أجعل من الفستان الأسود الذي لا غنى عنه في خزانة المرأة الأنيقة، عطراً لا يمكن الإستغناء عنه بين العطور الأكثر أناقة في منصة التجميل. وهكذا تحوّل الفستان الأسود إلى عطر متألق تحتضنه قارورة أنيقة بتوقيع دار عريقة.

- ما هي النفحات الرئيسية في عطر La Petite Robe Noire؟
أردت أن يبدو هذا العطر وكأنه مستخلص من فاكهة الكرز الأسود لتعزيز الغموض الآسر الذي يحدد شخصيته وبالتالي شخصية المرأة الشابة التي تتدثر به. كقَصّة ثوب منسدل يعكس عطر La Petite Robe Noire رُقيّ وأناقة دار " غيرلان" Guerlain بفضل مكوّناته العطرية النفيسة التي جمعتها خلال أسفاري حول العالم لابتكاره. ففي النفحات الأولى لهذا العطر المرهف والجريء في آن، تبرز رائحة التوت الأسود واللوز التي تشبه عبق الكرز الأسود، تعانقها رائحة ليمون البرغموت الطازج. تليها نغمات القلب المؤلفة من مزيج ثمين لخلاصة الوردة البلغاريّة النضرة والوردة التركيّة العابقة بشذا الحلوى الشهيّة. ومن أعماق العطر تفوح نسمات دافئة قوامها عرق السوس، والشاي الأسود ، تمتزج معها مستخلصات اليانسون الجافة مع أوراق شاي Lapsang الأسود بتأثيرها الدخانيّ الشبيه برائحة الجلد. لمزيد من الجاذبية ومنح العطر هوية خاصة، أضفت لمسة ال"غيرليناد" Guerlinade المؤلفة من السوسن، الفانيلا، البتشولي، وفول التونكا، والنتيجة كانت عطراً حلواً، مخمليّاً وشهيّاً، يشبه حلوى الماكارون بنكهة الورد لا يمكن مقاومتها.

- هذا العطر يذكرني بعطر Diamonds من Armani الذي ابتكرته عام2007، إلى أي حدّ يتشابه العطران برأيك ؟
بصراحة، لا أجد هذين العطرين متشابهين خصوصاً أن المكوّنات التي يتألف منها كل عطر مختلفة تماماً. فعطر Diamonds أكثر حلاوة ومؤلف من نفحات جافة تسيطر عليها رائحة الليتشيه، زنبق الوادي، الورد، الفريزيا، نجيل الهند، وخشب الأرز. أما عطر La Petite Robe Noire فتغلب عليه رائحة الفاكهة المغلفة بلمسة ال" غيرليناد" Guerlinade التي تميّز عطور "غيرلان" Guerlain عن غيرها من العطور المتوافرة في الأسواق والتي تعطيها هويّة فريدة من نوعها.

- ما أكثر ما يجذبك في مهنتك ويجعلك لا تشعر بالملل أبدا؟
فن ابتكار العطور يشبه موهبة تأليف القصص والروايات. في التأليف القصصي تحبكين القصّة بالكلمات وتلتزمين بالقواعد اللغويّة. أما في عالم العطور فالكلمات هي النفحات العطرية والقصّة المحبوكة تلتزم قواعد الجاذبية. هذا ما يجذبني إلى مهنتي ويجعلني أتعلق بها يوماً بعد يوم، إنه فن نظم القصائد العطرية والقصص الخيالية التي تنسجها مخيلتي من خلال توليفة عطرية لا قيود لها ولا حدود. عملي كعطار لا يعرف الملل لأن الابتكار يحمل الكثير من المفاجئات كل يوم. ولعل أكثر جزء ممتع في عملي هو السفر الذي يساعدني على اكتشاف موارد جديدة ويغذي مخيّلتي.

- لقد أطلقتم عطر La Petite Robe Noire منذ سنتين، لكنه كان متوافراً فقط في متاجر "غيرلان" Guerlain الحصرية. لماذا قررتم إطلاقه الآن في الأسواق العالمية ؟
بكل بساطة، حقق عطر La Petite Robe Noire نجاحاً باهراً في متاجر "غيرلان" Guerlain الحصرية، وكثر الطلب عليه خصوصاً من قبل الشابات، فقررنا ابتكار إصدار جديد منه أكثر انتعاشاً، وتألقاً، وأناقة.

- يقال أن لكل عطر ذكرى تعود بك إلى مرحلة الطفولة. ما هي أولى ذكرياتك العطرية ؟
لقد ترعرعت في الطبيعة، ولديّ أغرب الذكريات العطرية بحق. لكن، ما لا أنساه أبداً هو تأثير عطر Habit Rouge من Guerlain الذي شممته لأول مرة في حياتي عندما كنت في الثالثة عشرة من عمري. أردت أن أقتني هذا العطر فوراً لأبدو مثل رجل ناضج. وصدّقيني، لقد غيّر عطر Habit Rouge شخصيّتي بحيث أصبحت أتصرف بنضج.

- أنت مصمم عطور مبدع، وتقوم بإطلاق أكثر من عطر للنساء والرجال في سنة واحدة. كيف تحرص على تنوّع هذه العطور حتى لا تتشابه، وكيف تُغذي مخيّلتك؟
العطّار الناجح يجب أن يكون شغوفاً، ويتمتع بحسّ الفضول، وحب الإكتشاف والإختبار. وأنا محظوظ جداً لأنني أسافر كثيراً بهدف اكتشاف موارد جديدة. أسفاري هي مصدر إلهامي الحقيقي لأنني من خلالها أقابل أشخاصاً من بلدان مختلفة ومن ثقافات متنوّعة، فأعود وفي جعبتي قصص كثيرة أترجمها من خلال عطور أثيرية.

- ابتكرت العديد من العطور، أي عطر هو المفضل لديك، ولماذا ؟
لكل عطر قصّة وذكرى جميلة، لكن الأغلى على قلبي هو عطر Dior Addict لأنني صممته في ذلك الوقت لامرأة جميلة وجذابة للغاية. ومن بين العطور التي أفتخر بها كثيراً هو عطر Shalimar Initial لأنه مصقول بعناية، لكنه لم يكن ليبصر النور ويلقى النجاح الذي لاقاه لو لم يسبقه عطر Shalimar الأول الذي ابتكره "جاك غيرلان" Jacques Guerlain. لقد تأثرت كثيراً بعبقرية "جاك" Jacques وابتكاراته العطرية التي لا تعدّ ولا تحصى، وهو مصدر إلهام كبير لي في صناعة العطور. من ناحية أخرى، أجد نفسي متعلقاً بعطر Idylle لأنه عطر نضر ويعكس البراءة، وكان أول عطر أبتكره لدار "غيرلان" Guerlain وقد شهدت حياتي تحوّلاً كبيراً منذ التحاقي بهذه الدار العريقة.
شخصياً، أحب النسخة المحدودة الإصدار منه Idylle Duet خصوصاً تلك التي تسيطر عليها رائحة البتشولي. وهذا لأن فنفحات البتشولي والورد تضفي لمسة ترف على العطر ما يجعله ملائماً للمرأة الأكثر نضجاً.

- صف لنا امرأة La Petite Robe Noire.
هي شابة مرحة، مشاغبة وغامضة، تأسر القلوب من النظرة الأولى بجمالها وأناقتها وخفّة ظلها. ومن يراها أو يشمّ عطرها لن ينساها أبداً.

- من هما «كانتزل» KUNTZEL و»ديغاس» DEYGAS مصمّما الرسوم الغرافيكية الخاصة بالعطر ؟
تخرّج «أوليفييه كانتزل» Olivier Kuntzel، السبّاق في الفنّ الجرافيكي الرقمي في فرنسا، من جامعة الفنون التطبيقية «أوليفييه دو سير» Olivier de Serres Applied Arts School، وحاز على شهادة في التواصل البصري. أمّا «فلورانس ديغاس» Florence Deygas، فهي شخصية بارزة في عالم «الرسوم الأنيقة» وتخرّجت من كليّة الفنون البصرية «غوبلينز» Gobelins Visual Arts School مع شهادة في أفلام الرسوم المتحرّكة. منذ 1990، جمع الفنّانان موهبتهما كمصمّمين ورسّامين تحت إسم «كانتزل» KUNTZEL و«ديغاس» DEYGAS ليتشاركا في ابتكار تصميم غرافيكي «سردي» بأسلوب لا يُقلّد. وقد احتلّت «الشخصيات» التي رسماها مكانةً في جميع أنماط الابتكار: الأغراض، السينما، الحملات الإعلانية والمعارض حول العالم.

أمّا الصور الثنائية التي رسماها- «ذو بيوتي» The Beauty (من تصميم «ديغاس» Deygas) و Beast (من تصميم «كانتزل» Kuntzel)، الكلبان الأسودان «كابيرينو» Caperino و«بيبيروني» Peperone أو «ويني» Winney و«لوسي» Loosey، الثور البرتقالي والحمار الأسود- فساعدت في إثارة ضجّة في وسط عالم تصميم الأزياء المذهل والساعات واللوازم الجلدية ودور المجوهرات وحتى أنّها برزت على أغلفة المجلات. على الشاشة الكبيرة، صمّموا رسوم أفلام أسطورية حقّقت نجاحاً كبيراً: Catch Me if You Can من إخراج «ستيفن سبيلبرغ» Steven Spielberg ،The Pink Panther من إخراج Shawn Levy وLe Petit Nicolas من إخراج «لوران تيرار» Laurent Tirard. إنّ هذا التعاون مع «جيرلان» Guerlain يجسّد شخصيّة جديدة. إنّه شكل امرأة باريسية نحيفة، مشاغبة، محبّبة وراقية تتأرجح في عرض متميّز بين عالميّ العطور والأزياء. وهي مُحاكة يدوياً ومخصّصة لأسر شخصيّة عطر La Petite Robe Noire في طيّات ثوبها.

قصة القارورة
قارورة عطر La Petite Robe Noire هي نسخة وفية لقوارير " غيرلان" Guerlainالقديمة: "لور بلو" L'Heure Bleue و»ميتسوكو» Mitsouko (اللتان تبلغان حوالي 100 عام من العمر ولكنّهما لا تزالان تتوّجان منصات العطور التابعة للدار) وهما مميّزتان بالمقبضين الأنثويين عند كتفيّ القارورة والسدادة التي تحمل شكل قلب معكوس. أمّا شكل الثوب الأسود القصير ،فيبدو فائق الألق والنعومة على سطح القارورة الكريستاليّ النقاوة مع تدرّج من الحبر الأسود إلى الزهري الفاتح. هذا الثوب الأنيق صمّمه «سيرج مانسو» Serge Manseau مع أكمام رقيقة ومنتفخة يبرز الأنوثة العارمة.