تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

عندما يتحوّل الهاتف الذكي إلى نقمة غبيّة

لمى بنداق

لمى بنداق

معين ولد في العاشرة الأوّل في صفه. كافأه والداه بهاتف محمول من الطراز الحديث. وبعد أقل من شهرين بدأت علاماته الدراسية تتدنى وأصبح يمضي أغلب أوقاته على الهاتف.
وبما أن والديه ليسا على دراية كافية بالتكنولوجيا الحديثة التي تمتاز بها الهواتف الذكيّة، فهما لا يعلمان ماذا يفعل خلال الساعات الطويلة التي يمضيها على الهاتف المحمول، فضلاً عن أن الوقت الذي يمضيه مع عائلته بات أقل بكثير.

معين هو عيّنة من الجيل الرقمي المتفوّق على أهله في ما يخص عالم التكنولوجيا، فهو أكثر مواكبة لهذا العالم ويعرف تفاصيله ويبحث في جديده لأنه جزء من حياته.
ولهذا نسمع في الآونة الأخيرة معظم الأهل يقولون وأحيانًا يتفاخرون بمعلومات أطفالهم المتقدّمة في عالم وسائل الإتصال والتواصل الحديثة.
ولكن هل أصبح هذا العالم ضرورة لا يمكن الإستغناء عنها؟ ما الفائدة التي يجنيها الطفل أو المراهق من هذا العالم؟ ومتى يكون مفيدًا له ومتى يصبح نقمة؟
«لها» حملت هذه الأسئلة وغيرها إلى الإختصاصية في التقويم التربوي، لمى بنداق.


ما هي سيئات الإستعمال المفرط للهاتف المحمول؟
المبالغة في إستعمال الهاتف المحمول تؤدي إلى

                                                          

  • هدر الوقت، فإذا نظرنا إلى فئة الأولاد نرى أن الهواتف الخلوية بكل أنواعها وغيرها من وسائل الإتصال تحتل حيزًا كبيرًا من حياتهم اليومية، إلى درجة أنها أصبحت جزءًا من كيانهم مما أدّى بهم إلى الإستغناء عن النشاطات الضرورية لنموّهم الفكري والجسدي، وغالبًا ما نسمع طفلاً أو مراهقًا يتذمر إذا ما طلب منه قراءة قصة وتحليلها وتقديم ملخّص عنها، فيما يمضي ساعات أمام شاشة كمبيوتره المحمول أو الآي باد أو هاتفه الخلوي.
  • تدني التحصيل العلمي، وقد تمً تأكيده علميًا فالواجبات المدرسية أصبحت مملة بالمقارنة مع الألعاب الإلكترونية التي تستطيع الإستحواذ التام على إنتباه التلميذ.
  • ·         إدمان المواقع المشبوهة لسهولة الولوج إليها.
  • التعرف إلى رفاق السوء، فمن خلال الإنترنت يمكن للشخص وضع صورة مخالفة لما هو عليه، وبذلك يمكنه التعرف إلى الأولاد والتأثير فيهم.
  • السمنة، فالوقت الطويل الذي يمضيه الطفل أو المراهق على الهاتف أو الكمبيوتر يجعله في حالة خمول، وبالتالي لا يقوم بأي نشاط رياضي.

ماهي الدراسات التي أثبتت مضار الإستعمال المبالغ للهاتف المحمول والأي فون والأي باد وغيرها؟
نوّهت وزيرة الصحة العامة البريطانية بأهمية تأمين الأهل لأبنائهم الموبايل لأسباب تتعلق بسلامتهم، ولكنها في الوقت نفسه شدّدت على عنصر المراقبة والحذر من الإفراط في الإستعمال.
واستنادًا إلى بحث علمي أجراه علماء في موسكو ثبت ان استعمال الاولاد للهاتف المحمول يؤدي الى ضرر صحي لأنه يُضعف وظائف العقل لديهم لمدة ساعة بعد استعماله مما ينعكس على الوظائف الحيوية للجسم، اذ أن الإشعاعات التي تستقبلها منطقة الرأس عند استعمالهم الهواتف الذكيّة تُحدث خللاً في خلايا المخ، مما يسبّب الصداع وضعف البصر، وبالتالي يعيق الاستيعاب والاستذكار ويؤخر التقدم الدراسي لدى الاطفال.
وجاء في توصيات المؤتمر الدولي الأوّل في لندن الذي عُقد لمناقشة الآثار السلبية على الصحة لإستعمال الهواتف المحمولة وغيرها من وسائل الإتصال، أنه يتوجب إبعاد الهاتف المحمول عن جسم الانسان مسافة لا تقل عن خمسة سنتمترات عن الرأس.
ولكثرة المشكلات التي سببها الهاتف المحمول للاطفال شدّد المكتب الصحي التابع للحكومة البريطانية على ضرورة حظر استعماله من جانب الاطفال دون 16 عاما لأنهم الاكثر عرضة لأمراض الجهاز العصبي وخلل وظائف المخ.

وحذّر عالم الكيمياء ومخترع رقائق الهاتف المحمول الألماني فرايدلهام فولنهورست من أخطار ترك أجهزة الموبايل مفتوحة في غرف النوم على الدماغ البشري، وأشار إلى أن ذلك يسبب الأرق، والقلق، وإنعدام النوم، وتلف في الدماغ، وعلى المدى البعيد يؤدي إلى تدمير جهاز المناعة. وهو نفسه أصبح يعاني مرض السرطان.

كيف يمكن تجنب إدمان الطفل الهاتف المحمول؟
الحوار الإيجابي هو الأساس، فقبل شراء الهاتف المحمول للطفل يجب مناقشة ذلك معه، وعقد اتفاق بين الأهل وابنهم بأن يقتصر استعماله على المسائل الضرورية.
أما في يتعلّق بالإمتيازات الأخرى التي يتضمنها فعليهم تحديد المدة لاستعماله على ألا تتعدى ساعة. ومن جهة أخرى على الأهل أن يكونوا مطّلعين وإن بالحد الأدنى على كل ما تنتجه تكنولوجيا الإتصال كي يتمكّنوا من مراقبة ما يقوم به ابنهم، وبالتالي حمايته من أي اعتداء محتمل عبر الإنترنت.

ماذا عن المراهق الذي يصعب على الأهل السيطرة أو التحكّم في شغفه بالتكنولوجيا؟
يتعلق المراهق بالتكنولوجيا عندما يشعر بفراغ سواء عاطفي أو عائلي كأن لا يعطي الأهل قسطًا من وقتهم لأبنائهم، هذا الفراغ يؤدي إلى إدمانه هذه الأمور.
وفي بعض الحالات يتعلّق المراهق بالتكنولوجيا لأنها تسمح له بالهروب من واقعه وصورته الجديدين، وهذا السلوك ليس سيئًا ولكن بشروط، فإذا لاحظ الأهل مبالغة المراهق في تمضية الوقت بالمحادثة عبر الفيسبوك أو واتس أب، عليهم التدخّل بطريقة سلسة إذ لا يمكن منعه بالقسوة بل على الأهل تخفيزه ومصادقته.
المهم المراقبة غير المباشرة والتوعية ومنحه الثقة بالنفس بالعبارات الجميلة وتحميله مسؤولية أموره.

ما النصيحة الذهبية للأهل؟
قبل لوم التكنولوجيا عليهم أن ينظروا إلى النشاطات التي يوفرونها لأبنائهم. فمن المهم جدًا أن يقوم الطفل بنشاطات عدة وتكون التكنولوجيا جزءا منها لا محور كل نشاطه، فهو في حاجة إلى أن يقوم بنشاط يصرف من خلاله طاقته الجسدية مثل ركوب الدراجة أو مزاولة كرة القدم او مشاهدة السينما، هناك الكثير من النشاطات التي يمكن أن يقوم بها.
كما من الضروري مشاركته في النشاط مثلا الرسم معه أو مشاركته في الألعاب الاجتماعية. فمن الضروري منح الطفل المتعة بالنشاطات الأخرى غير التكنولوجيا، فيجب أن يتعرّف إليها ويستمتع بها لتصبح مطلبه.
كما أن الأهل هم النموذج الذي يقلده الطفل، فإذا كان يرى والده بعد عودته إلى المنزل يجلس إلى الكمبيوتر ولا يكترث لغيره، فمن الطبيعي أن يصبح مهتمًا بالكمبيوتر فهو يقلّد والده وهذا ما يسمى التربية الصامتة إذ يرى الصورة أو النموذج ويقلّده.
بينما إذا رأى والديه يهتمان بنشاطات أخرى يصبح مثلهما. لذا لا يمكن الأهل أن يتذمروا لجلوس ابنهم إلى الكمبيوتر فيما هم يجلسون ساعات طويلة أمامه، فهذا السلوك يُشعر الطفل بالتناقض.
فالطفل يتعلم من خلال التقليد، وإذا وجد أهله يتمتعون بالتوازن في أعمالهم وسلوكياتهم فذلك يجعله أكثر إقترابًا من التوازن بدل إدمان شيء.
وبتطور التكنولوجيا على الأهل مرافقة أبنائهم أي يجب عليهم بدورهم متابعة التطور، فاليوم أصبح تعريف الأمي ينطبق على الذي لا يعرف العمل على الإنترنت وليس الذي لا يفقه القراءة والكتابة.
وأخيرًا أنصح بالمراقبة المستمرة، فالإحصاءات الأميركية أثبتت أن 25% من محركات البحث تتناول موضوعات جنسية، وأن هناك ما يقارب 25 ألف صورة جنسية لأطفال تتداول عبر شبكة الإنترنت اسبوعيًا.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077