تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

تحسين جذريّ في الشكل الخارجيّ

يحاول كلّ شخص إبتكار طلّة خاصّة به، تعكس شخصيّته وطباعه ومجال عمله ومستواه الإجتماعيّ ورؤيته الخاصة. بيد أنّه مهما حاول التنويع والتسوّق لإبتياع مختلف الموديلات والألوان والقصّات، يبقى في أغلب الأحيان أسير نمط معيّن ويقبع حائراً حيال إختيار الأنسب لطلّته وفق ما يتوافق مع ذوقه وتركيبة جسمه وشكل وجهه ولون سحنته. فنرى أحياناً الشخص نفسه في حالات نفسيّة مختلفة، مردّها التغيير في الثياب والألوان والأكسسوار وقصّة الشعر ولونه والتسريحة. فحيناً، يكون المرء يانعاً نابضاً بالحيوية ومفعماً بالجمال، وأحياناً يكون مرهقاً وتظهر بوادر الشيخوخة المبكرة على ملامح وجهه ويبدو حزيناً وكئيباً. لكن ما السبب؟ إنها ببساطة طريقة الملبس وتسريح الشعر وإعتماد مختلف الStyles.

على كلّ شخص أن يعرف ما الألوان التي تتماشى مع سحنته ولون شعره وعينيه، وأن يُحسن إختيار قصّة الملابس ونوعيّتها، وأن يُدرك تنسيق الأكسسوار والتسريحة وسواها. ويتمّ ذلك عبر إختصاصيّ في تحسين الطلّة Image Consultant.

  تشرح الإختصاصيّة في ال Image Consulting ديالا سماحة، الحائزة شهادة في مجال الإستشارة لتغيير المظهر، هذه التقنيّة المختصّة التي تسمح لكلّ فرد بأن يتمتّع بطلّة خالية من الشوائب، وذلك عبر تعليمه كيفية إنتقاء اللون والقصّة والتسريحة للشعر، ونوعيّة القماش والموديل ولون الثياب والأحذية والأكسسوار.
كما يفسّر إدغار ياغي، الإختصاصيّ في علم النفس، إنعكاس الشكل الجميل على النفسية وعن تصالح الشخص مع ذاته ومحيطه حينما يعرف كيفيّة الظهور بالطلّة المطلوبة.

 ما هو ال Image Consulting؟

كثيرون يحتارون عندما يُقدمون على إبتياع الملابس أو الأحذية أو حتى الأكسسوارات والنظارات وحقائب اليد. والبعض يختار عشوائياً، أو تبعاً للموضة أو حسب نصيحة البائع. وهذا أمر خاطئ. إذ إنّ كلّ شخص يتمتّع بقامة فريدة من نوعها، وبتقاسيم وجه خاصّة، وبتركيبة جسم معيّنة، وبلون سحنة مميّز، كذلك الأمر بالنسبة للشعر والعينين. لذلك، لا بدّ من التنسيق ما بين كلّ هذه المقوّمات لمعرفة إختيار الأنسب.

تقول الإختصاصيّة سماحة «إنّ مبدأ ال Image Consulting ينطبق على كيفيّة رؤية الناس للشخص، وعلى ماهيّة إرتياحه مع ذاته وتصالحه مع شكله. يبقى الهدف الأساسيّ هو توجيه المرء لمعرفة إختيار ما يليق به، وفق شخصيّته وطبعه وسنّه ومجال عمله ونمط حياته. ويكون ذلك عبر الأخذ بعين الإعتبار لون السحنة ولون العينين ولون الشعر الطبيعي. عندها، يمكن ببساطة إختيار الثياب والأكسسوارات والأحذية وسواها، لتظهر الجميل في الطلّة وتموّه أو حتى تخفي ما يجب حجبه». هذا الإختصاص المنتشر بشكل واسع في أوروبا وأميركا لا يزال يخطو بخطوات متواضعة وخجولة في البلدان العربية. إذ لا يعرف الجميع بوجود أشخاص إختصاصيين، مهمّتهم مساعدة كلّ إنسان عبر تعليمه ما يناسبه من ألوان وموديلات وما لا يليق به مطلقاً.

تشير سماحة الى «إنّ الفرق ما بين ال Image Consulting  وال Relooking هو أنّ فكرة ال Relooking  ترتكز على تغيير الشكل جذرياً لمرّة واحدة، بحيث يتمّ تغيير شكل الشعر والماكياج والملابس مثلاً، من غير أن يُفسّر السبب أو أن يتعلّم المرء كيفية إنتقاء ثياب يوم غد! ويعتمد ذلك على إتباع الموضة السائدة أو على تلبية رغبة الشخص ذاته. لكن ال Image Consulting هو تعليم لمدى الحياة، وإختصاص قائم بحدّ ذاته، ويرتكز على دراسة تقاسيم الوجه وتركيبة الجسم وطبيعة الألوان وتقنيّات تصميم الأزياء وأشكال الأحذية والأكسسوارات والنظارات وحقائب اليد...».

 تفسيرات واضحة

لا تناسب كل الألوان مختلف الناس. فبعض الألوان من شأنها أن تُظهر التعب في الوجه وأن تبرز التجاعيد وأن تخطف تلوّن السحنة. بينما نرى في المقلب الآخر، أن بعض الألوان تجمّل الإنسان وتعطيه الإشراقة الطبيعية والنضارة في البشرة. ونلاحظ أن الجسم نفسه قد يبدو نحيلاً أو بديناً، طويلاً أو قصيراً، حسب الزي الذي نرتديه. كما نلاحظ أنّ إختلاف التسريحة والقصّة ولون الشعر يغيّر جذرياً في شكل كلّ شخص. ذلك ان لكلّ إنسان مجموعة ألوان Palette، تليق به وعدداً من القصّات وتصاميم وأنواع من الأكسسوار وبعض تسريحات الشعر.

تقول ديالا سماحة: «يتمّ الإرتكاز على لون السُحنة بالإضافة إلى لون الشعر لتحديد «الموسم» Season الذي ينتمي إليه كلّ شخص. فهذه ال Combination تصنّفه إمّا شتاءWinter أو صيف Summer أو خريف Autumn أو ربيع Spring. وقد عمدنا إلى إضافة بعض التفاصيل بحيث يكون إمّا High Contrast  وإمّا Low Contrast من ضمن الموسم ذاته. وما هذا سوى لمعرفة ما الألوان التي تليق به وتلك التي لا تُبرز جماله مطلقاً. لكن تجدر الإشارة إلى أنّ لكلّ لون تدرّجات عديدة، فاللون الأزرق مثلاً فيه تدرّجات متعدّدة تبدأ من الأزرق الممزوج بالأبيض لتصل إلى الأزرق الممزوج بالأسود وما بينهما! لذلك، نقول أنّ لكلّ شخص تدرجات Tonality لونية تليق به».
لا يتمّ تصنيف «موسم» الشخص بالإعتماد على البشرة السمراء أو البيضاء مثلاً، وإنما يتمّ الإرتكاز على الإصطباغات الموجودة على البشرة، إذ يمكن أن تكون زهرية أو صفراء أو زيتونية أو بنيّة وما شابه.

 تركيبة الجسم وتقاسيم الوجه

تقول سماحة «إنّ مهمّة الإختصاصيّ هي إرشاد الشخص إلى الجميل والمقبول واللائق وإبعاده عن القبيح والنافر للعين والمبتذل. نركّز على شكل الجسم وتركيبته وعلى تقاسيم الوجه للإختيار السليم. يمكن القول ان أشكال الجسم متعدّدة، ولعلّ أبرزها ال Apple Shape أي الأجسام التي تكون بدينة في منطقة البطن، وال Pear Shape وهي الأجسام التي تتكدّس فيها الشحوم في منطقة الوركين والردفين،  وال Vase Shape وهي الأجسام العريضة المنكبين، والHour Glass Shape وهي الأجسام الأمثل التي تمتاز بالتناسق ما بين الكتفين والوركين ويتوسطهم الخصر الرفيع. من خلال إنتقاء طريقة الملابس والتصاميم والقصّات ونوعيّات القماش، نسعى إلى صنع طلّة ممشوقة عبر ال «الخدعة البصرية» Illusion. يكون ذلك من خلال الحصول على الشكل المطلوب عبر إبراز الجميل وإخفاء أو تمويه الشوائب والعيوب. يمكن تحقيق هذا الهدف من خلال معرفة تنسيق الملابس مع شكل الجسم. وعبر ذلك يمكن تنحيف الشخص أو تعريضه، ويمكن إعطاؤه قامة أطول أو أقصر، يمكن ببساطة إعطاؤه الطلّة المطلوبة عبر إيهام العين بزوال كل الإنحناءات النافرة وغير المتناسقة».

أمّا من حيث تقاسيم الوجه، فيجب معرفة إختيار قصّة الشعر الملائمة والتسريحة المطلوبة وحتى شكل الأكسسوار المناسب، للحصول على الشكل الأمثل. وتشير سماحة الى ان «هناك الوجه المستدير والطويل والعريض والمثلّث وغيرها، ولكلّ شكل وجه شعر ملائم وأكسسوار مناسب».

 غريزة داخليّة

كلّ إنسان يُدرك ضمنياً ما يليق به ويمتدح طلّته، وما يشوّه شكله ويتعبه. تؤكّد سماحة «إذا أعطينا طفلاً صغيراً ثياباً من ألوان مختلفة، سوف يختار لا محالة اللون الأنسب له تلقائياً. ذلك لأنّه لم يتأثر بعد بالموضة الرائجة والإعلانات والإعلام. وكلّ شخص بيننا يجب أن يعود، حسب لون شعره الأساسيّ ولون عينيه وسحنته، ليختار الأنسب. لكن تجدر الإشارة إلى أنّه عندما يتمّ تغيير لون الشعر، يتغيّر «الموسم» وتتبدّل تدرّجات الألوان التي تليق بالشخص».

 أكسسوارات

تلعب الأكسسوارات أيضاً دوراً مهماً في تحديد الطلّة المناسبة. ترى سماحة ان «بعض السيدات يليق بهن الأكسسوار الفضي وأخريات الذهبي. كذلك الأمر بالنسبة الى النظارات التي تختلف أشكالها بإختلاف شكل الوجه، وألوانها بإختلاف ألوان الشعر والبشرة. كما أنّ الأقراط لها أهمّية كبرى، بحيث أنّ إختيارها الخاطئ يشوّه شكل الوجه. فإذا كان الوجه مستديراً مثلاً ووضعنا أقراطاً مستديرة، فسوف يكون المظهر نافراً للعين! وحقيبة اليد يتمّ إختيارها حسب طول السيدة وشكل جسمها. لذلك يجب معرفة إنتقاء شكل الحقيبة وحجمها ولونها أيضاً. من جهة أخرى، إنّ الأحذية أيضاً تؤثر على الطلة، بإختلاف تصاميمها، الكعب الرفيع أو ال Rocky أو المعكوف، وبأشكالها المفتوحة أو المغلقة. وتجدر الإشارة إلى أنه من المستحسن إنتعال الحذاء المفتوح عند إرتداء قميص بأكمام قصيرة والعكس صحيح.

تقول سماحة «يجب العمل على ايجاد تناسق في الشكل في كلّ ما نرتديه وننتعله ونحمله، بالإضافة إلى تسريحة الشعر. إنّ النظر لا يجوز أن يضيع أو أن يشيح، بل المهمّة هي لفت النظر وإنما بطريقة راقية».
وحتى ألوان الماكياج وطريقة وضعه لها دراسة خاصة تتوافق مع تكاوين الوجه ومع ألوان الشعر والبشرة والعينين، إذ إنّه من الممكن تصنيف الألوان على أساس، ألوان دافئة أساسية وألوان باردة أساسية حسب ما يليق بكلّ موسم.

 مهمّة الإختصاصيّ

تفسّر سماحة: «عندما يلجأ الشخص، كائناً من كان، إلينا نحن الإختصاصيين، نتّبع بروتوكولاً خاصاً للتوصّل إلى تعليمه كيفية الإختيار مدى الحياة، ولكل المناسبات. نحن نتعامل مع الرجال والنساء على حدّ سواء، من سنّ السابعة عشرة وحتى السبعين! إنّ الفرق ما بين الرجل والمرأة، هو أنّ الرجل يكون أسهل في التعامل لأنه يقتنع بسهولة، لكن العمل متساوٍ للإثنين».

في البداية، نعطي للشخص أسئلة للتعرّف عليه عن كثب ولفهم شخصيّته ونمط حياته وحاجاته وطباعه وما يحتاجه في حياته اليومية والعملية. ثمّ نرى ما الموجود في خزانة ثيابه من ألوان وتصاميم وأحذية وأكسسوار، ومن ثمّ نضعه مباشرة أمام المرآة، للتوصل الى الألوان التي تناسبه. يتمّ ذلك تدريجياً وعبر الشرح المُسهب حتى يقتنع ويتعلّم.

تنصح سماحة: «من المستحسن التوجه إلى إختصاصيّ حتى يتعلّم كلّ شخص كيف ينظر إلى الأشياء بمنظار آخر. وهذه الإستشارة هي بمثابة إستثمار مدى الحياة بحيث يتعلّم الإنسان كيفية الإختيار من غير أن يحتار، ويوفّر بذلك الوقت والمال أثناء التسوّق».

في الختام، يجدر التنويه بأنّ اللون الأسود، على عكس ما يعتقده الكثيرون، لا يليق بالجميع، بل يظهر التعب في البشرة، وقد يسمّن أحياناً، في حال إختيار القماش الخاطئ والقصّة غير المناسبة! لذلك، يجب إختيار الألوان التي تجمّل المرء وتشيح النظر عن العيوب وتضيء الوجه وتمنح الرونق والجمال.

  راحة نفسيّة

 أن يكون المرء مرتاحاً مع ذاته، يعني أن يتصالح مع نفسه أوّلاً وأن ينعكس ذلك إنخراطاً واضحاً في المجتمع.
يفسّر الإختصاصيّ ياغي «إنّ الشخص الذي يكون خجلاً من مظهره، غالباً ما يميل إلى الإنزواء وإلى التقليل من نشاطاته الإجتماعية. كما قد يفضّل الإختباء في ملابس فضفاضة ذات ألوان سوداء وغير نابضة بالحياة، وذلك مخافة أن يلفت الأنظار. ومن حيث يدري أو لا يدري، يتأثر نمط حياته بالأمر وقد ينعكس ذلك سلباً على ادائه المهني».

لكن من جهة أخرى، عندما ينعم الشخص بالراحة النفسية والسكينة ويكون متصالحاً مع طلّته، يُصبح أكثر تفاعلاً مع من حوله وينسى طرق الإختباء والتواري عن الأنظار، ليبرز من خلال شخصيته وأدائه وآرائه ويفرض ذاته مساوياً للآخر!
يرى ياغي أنه «من المهمّ ألاّ ينصاع الشخص خلف الآراء المتضاربة والأذواق المختلفة التي تحيّره أكثر. بل عليه أن يختار حسب ما يرتاح ليشعر حقاً أن طريقة لبسه وتصفيفه لشعره هي تعبير واضح عن شخصيته هو وعن طبعه هو وعن ذوقه الخاص، بعيداً عن الإنجراف الأعمى خلف الموضة السائدة في الأسواق وعبر الإعلانات».

من المؤكّد أنّ الشكل الخارجيّ له تأثير مباشر على النفسيّة. وكما يُقال «الجمال الخارجيّ والجمال الداخليّ مترابطان»، لذلك يجب عدم إهمال الواحد على حساب الآخر كي لا يعاني الشقّ الآخر من إنعكاسات سلبية.
يختم ياغي «أن يرتاح المرء في حياته، يعني أن يكون متمكّناً من كلّ خطواته وأن يكون ممسكاً بزمام الأمور. ومن البديهيّ أوّلاً أن يتمكّن من إختيار أبسط شيء، ألا وهو شكله ومظهره الخارجيّ وطريقة لبسه، لأنه هو الذي يختار ويكون مسؤولاً عن خياراته هذه. وبمجرّد الإحتكام إلى المساعدة المختصّة في تنسيق الثياب والشعر والطلّة المتكاملة، يمكن تخفيف وطأة الضغط النفسي الذي يرافق الخيارات المغلوطة، وبالتالي يتمّ توفير جوّ من السكينة والمصالحة الذاتية والإكتفاء بالشكل».
يمكن التعديل أو التغيير جذرياً في الشكل من دون اللجوء إلى عمليات التجميل وتقنيات التجميل المتطوّرة والمعقّدة. يكون ذلك عبر ال Image Consulting لتعلّم الإختيار ولتأمين الرضى الذاتي ونيل إستحسان الآخرين.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079