أهمّية الإستعانة بالمستحضرات والكريمات الطبيّة-التجميليّة
اللجوء إلى الطبيعة أمر لا مفرّ منه، إذ إنّ كلّ ما نستعمله من حولنا ذو أساس طبيعيّ ومُستخرج من مواد عضويّة. بيد أنّ الدراسات الحديثة والتجارب العلميّة قد توصّلت إلى إختراق عالم الجمال من الباب العريض، إذ أثبتت مع الوقت مدى أهمّية الإستعانة بالطرق والتقنيات الطبية-التجميلية، عوض الإتكال على العناصر الطبيعيّة وحدها. فصحيح أنّ المستحضرات الطبية والكريمات والعطور والشامبو وسواها ترتكز كلّها على مواد طبيعية من خضار وفاكهة وأعشاب ونبات... لكن تدخل تركيبتها أيضاً مواد مُضافة خصيصاً لهدف معيّن وهي نتيجة الأبحاث في المختبرات.
لا يجوز مطلقاً في عصر التطوّر والتقدّم هذا، الإعتماد فقط على الأقنعة المصنوعة منزلياً، كمزيج من المأكولات مثلاً، كما لا يليق البتّة بالسّيدّة العصرية أن تهتم ببشرتها وشعرها وجسمها بالإتكال حصرياً على المنتجات التي تجدها في الثلاجة أو في المؤونة! بل يجب معالجة كلّ مشكلة جماليّة ب «الدواء» المناسب والعلاج الفعّال والوصفة الطبية المدروسة. كما يجب إعتماد نظام تجميليّ روتيني من خليط الكريمات واللوسيون والصابون الخاص والأقنعة المُعدّة لنوعيّة البشرة وسن السيّدة وحالة الجلد... تشرح الخبيرة في التجميل باسكال حكيّم أهمّية إدراج المستحضرات الطبية-التجميلية في الروتين الحياتيّ للمراة للحفاظ على بشرتها وجسمها وشعرها. كما تفسّر إختصاصيّة التجميل جوانا الأحمر أسباب الإرتكاز على المواد التجميلية بعيداً عن المواد الطبيعية العشبيّة غير الخاضعة للإختبارات الطبية.
مواد طبيعيّة
كثيرة هي الفوائد التي نحصل عليها من جرّاء اللجوء إلى العناصر الطبيعيّة. فكلّ الفيتامينات الضروريّة لجمال البشرة وصحّتها، نجدها في شتى أنواع المأكولات. فعلى سبيل المثال، إنّ إعتماد نظام غذائيّ مدروس مبنيّ على الخضار والفاكهة واللحوم والألبان والحبوب، بكمّيات معتدلة ونوعيّات مختلفة، من شأنه أن يحسّن الدورة الدمويّة في الجسم ويقدم بالتالي كل الأغذية التي تحتاجها البشرة والشعر والأظافر والجسم. تقول حكيّم: «إنّ المصادر الأساسيّة التي تحتوي على الغذاء للبشرة، والتي هي كفيلة بمدّها بالإشراقة والنضارة والصبا، هي مختلف أنواع الأعشاب والفاكهة والأسماك واللحوم والحليب والحبوب التي توفر كمّيّات البروتين والنشويّات والزيوت المطلوبة للجسم. لكن من جهة أخرى، لا يستطيع الجسم الحصول على كلّ المغذّيات والمعادن الأساسيّة من الطعام فقط، بل يحتاج في بعض الأحيان إلى جرعات إضافيّة تعطي البشرة المواد النادرة التي قد يصعب الحصول عليها بشكل يوميّ مثل الزيوت غير المشبّعة والمعادن والكولاجين وسواها. كما أنّ خليط الفيتامينات المانعة للأكسدة أي فيتامين «أ» و«ب» و«س» و«إي»، ضروريّ جداً لمنع الشيخوخة المبكرة للبشرة ولمحاربة ظهور التجاعيد وترطيب البشرة ومنع تساقط الشعر وتقوية الأظافر والمساهمة في تكاثر الخلايا. لذلك، لا بدّ من إيلاء الطعام الذي هو شقّ كبير من العناية الجمالية، إهتماماً واسعاً. بيد أنّ هذا الأمر لا يعني مطلقاً أنه يجب وضع المواد الطبيعيّة والمأكولات على الوجه للحصول على المغذيات، إذ لا يتمّ الحصول على الإفادة إلاّ من خلال تناول هذه المواد ودخولها إلى الجسم ليتمّ هضمها وإستعمالها وإستخراج الفيتامينات والمعادن منها». فإنّ إستعمال الأقنعة الطبيعيّة لا يعطي نصف إفادة إستخدام الأقنعة الطبية مثلاً.
بغية الإستفادة التامّة من المواد الطبيعيّة، على المرء أن يُدرج نظاماً غذائياّ صحياً في قائمة روتينه اليوميّ كي يتمكّن من الحصول على الطاقة القصوى والعناية الأمثل.
مستحضرات طبيّة-تجميليّة
دأب الإختصاصيّون في مجاليّ الطبّ والتجميل على إيجاد حلول جذريّة تمكّن كلّ راغب في المحافظة على الجمال من الحصول على مبتغاه بأبسط وسيلة ممكنة. تفسّر الأحمر: «لطالما إرتكز عالم التجميل على مستحضرات خاصة للعناية بكلّ نوع بشرة، وفق حالتها الصحية والمشاكل التي تعانيها والعقبات التي قد تطرأ عليها. لذلك، لا يمكن إستعمال المنتج ذاته لجميع السيدات، وإنما يجب بادئ ذي بدء تشخيص حالة البشرة وعمرها لمعرفة نوعيّة المستحضرات الواجب إستخدامها ونوعيّة المستحضرات التي لا يجوز مطلقاً إستعمالها. إذ إنّ إستخدام النوع الخطأ من الكريم أو الجلّ أو اللوسيون أو الماكياج مثلاً قد يؤدّي إلى ظهور التجاعيد والدبوغات والكلف وحبّ الشباب... وهذه مشكلة يكون المرء بغنى عنها».
تضيف حكيّم: «من الضروريّ أن تلتزم السيّدة بالعناية ببشرتها في المنزل أيضاً، وتواظب على إستعمال ما نصحها به الإختصاصيّون، كي تتجنّب ردّات الفعل السلبيّة، وكي لا يضيع تعب جلسات العناية في المركز التجميليّ سُدىً. لذلك، إنّ العمل يكون من الطرفين للحصول على النتيجة المُثلى».
أهّميّة المستحضرات
ترى حكيّم أنّه «من المنطق القول بأنّ المواد الطبيعيّة هي أساس كلّ منتج تجميليّ يستعمله الإختصاصيوّن والأطباء. لكن تكون هذه المواد الركيزة فقط، وتكون مستخلصة من الطبيعة، ليتمّ في ما بعد العمل عليها وإضافة المواد الأخرى التي هي كفيلة بإعطاء العلاج المطلوب. فصحيح أنّ العناصر الطبيعيّة مفيدة، لكن تكون المستحضرات الطبيّة-التجميليّة مركّزة أكثر، من ناحية تأمين الغذاء الأساسيّ الذي تحتاجه البشرة. كما تكون أكثر فعاليّة لأنها مدروسة لهدف معيّن. فكلّ نوع من المستحضرات يعمل على ناحية معيّنة ويعطي الحلّ المناسب لمشكلة محددة، عبر إختراقه طبقات الجلد الداخلية ليعمل على تجديد البشرة من الداخل وتغذية الخلايا. كما أنّه يجب معرفة أنّ المشاكل الجمالية متعدّدة، لكن التقنيات والوسائل المساعِدة متنوّعة أيضاً وهي تصبّ على الهدف مباشرة. وتحتوي المستحضرات والكريمات على مواد حافظة تُطيل مدّة إستخدامها فلا تكون فاسدة من دون علمنا، كما قد تكون الحال في بعض المنتجات الطبيعية التي لا سبيل لمعرفة مدى فعاليّتها ونسبة تركيزها ومقدرتها على العلاج».
من جهة أخرى، تؤكّد الأحمر أنّه «لولا أهمّية وجود كلّ المستحضرات والكريمات الخاصة، لكان الجميع يمتنع عن شرائها ويركّز حصرياً على المأكولات التي يجدها في متناوله، ولكان الجميع يتمتّع ببشرة لا تشوبها شائبة ولا تصادفها مشكلة! لكن هذه ليست الحال، ومن هنا نرى أنّ فعالية الخليط الطبيعيّ الموضوع على الوجه، أو الذي يتناوله المرء في الطعام، ليس كافياً لمدّ البشرة بالعلاج الذي تحتاجه أو بالوقاية والعناية اللتين تتطلّبهما».
أنواع كثيرة
تشدّد حكيّم على «وجوب إستخدام المستحضرات التجميلية التي تخدم شتى الأهداف. فعلى سبيل المثال، لا يجب فقط وضع كريم للنهار وآخر لليل. وإنما على السيدة أن تهتمّ إهتماماً أوسع ببشرتها، فتستعمل كريماً خاصاً لمحيط العينين لحمايتهما من الإسوداد والتجوّر والتجاعيد. كما يجب أن تستعمل غسولاً للتنظيف ومرطّباً خاصاً بنوعيّة البشرة وقناعاً مناسباً ومصلاً أو «سيروم» وكريماً للوقاية من الشمس وآخر لمنع التجاعيد أو لتعزيز الإشراق أو لتبيّض البشرة أو لمعالجة حبّ الشباب أو لمنع التأكسد أو ضدّ الجفاف ونقص الكولاجين... حسب الحاجة. «فنرى أنّ كلّ نوع مستحضر هو لغاية محدّدة، وهذا هو الفرق الأكبر في ما بين المواد الطبيعية والمستحضرات الطبية المدروسة.
إنّ الإختيار الصائب للمستحضرات لا يتمّ عشوائياً وإنما يحدّده الإختصاصّيون والأطباء حتى يتمكّن كلّ شخص من معرفة ما يناسبه، ولا يتّكل على وصفات الجيران أو يستعمل كريم خاص بشخص آخر أو يجرّب وصفة طعام وخليط فاكهة وخضار وبيض ولبن زبادي وعسل... على وجهه!
فوائد العناية المركّزة
إنّ المكافأة التي يحصل عليها كلّ إنسان جرّاء الإهتمام المتواصل والعناية الصحيحة تستحقّ عناء المواظبة. تؤكّد حكيّم «انّ دور الكريمات والأمصال والمستحضرات والمنظفات والأقنعة أساسيّ، فهي مكمّلة لبعضها البعض وتكفل صقل البشرة أو ترميمها أو نضارتها. كما تعزّز دفاعات البشرة وتساعدها على التأقلم مع العوامل الخارجية وتعمل على تجديد الخلايا ومدّها بمادة الكولاجين والإيلاستين. وهي تعمل على معالجة كل الشوائب من حبّ الشباب إلى الدبوغات والكلف، إلى التجاعيد إلى الإحمرار وغيرها من المشاكل».
ويجدر التنويه إلى أنّ البشرة الدهنية تحتاج إلى مستحضرات تحتوي على مواد معيّنة لا تحتاجها البشرة الجافة مثلاً. كما أنّ للبشرة الحسّاسة أيضاً نوعيّة خاصة من الكريمات والمستحضرات. وتجدر الإشارة إلى أنّ كلّ حالة طبية-تجميلية تستدعي علاجاً معيناً يرتكز على مواد خاصة لا يجوز إستعمالها عشوائياً لمعالجة مشاكل أخرى.
ويجب ان تعرف السيدة أنه لا يجوز فقط أن تقوم بالروتين اليوميّ وتضمن صحّة بشرتها وجمالها على الدوام، وإنما يجب أن ترتاد المراكز المختصّة للحصول، أقّله مرّة كلّ فصل، على العناية المركّزة المدروسة القائمة على التقنيات الحديثة والوسائل المتقدّمة مثل الميزوتيرابي وحقن الفيتامينات والتنظيف العميق للبشرة وإستعمال الليزر الخاص لمحاربة التجاعيد، والإستعانة بالمواد الخاصة لتقشير البشرة والتخلص من الخلايا الميّتة، ولمنح البشرة النضارة والحياة اللتين تحتاجهما.
نصائح عمليّة
إنّ الإستهتار أو تأجيل العناية أو الجهل عامةً قد تؤدّي إلى مشاكل عديدة في المستقبل القريب. إذ إنّ العناية والإهتمام يبدآن من سنّ صغيرة. تقول حكيّم: «على الفتاة ألاّ تترك نفسها من دون عناية، بل يمكنها البدء بإستعمال المستحضرات الخاصة بنوعيّة بشرتها والكريمات المناسبة كوقاية وليس كعلاج. كما يمكنها معالجة ما يشوب بشرتها من مشاكل وإن كانت بسيطة. فمنذ سنّ السادسة عشرة، يجب البدء بتنظيف البشرة يومياً وترطيبها وحمايتها من العوامل الخارجية. وبعد سنّ العشرين، يجب البدء بإستخدام جلّ خاص لمحيط العينين مع إستعمال القناع أي الماسك المناسب إضافة إلى التنظيف والترطيب، ليتطوّر الأمر بعد سنّ الخامسة والعشرين، عبر إضافة كريمات خاصة ضدّ إنتفاخ العيون وإسودادها وضدّ ظهور التجاعيد وكريمات للنهار ولليل. كما يجب تقشير البشرة وتناول بعض الجرعات الإضافيّة الخاصة بجمال البشرة وصحّتها. وأمّا بعد سنّ الثلاثين، فتتركّز العناية أكثر لتشمل قناعاً للوجه وآخر للعيون وآخر للرقبة، وكريماً ضد التجاعيد وقناعاً مقشّراً، و«سيروم» خاص... وهكذا، تتصاعد الكميّة والنوعية حسب العمر والحالة الصحية ونوعيّة البشرة، حتى تبقى هذه محافظة على رونقها ونضارتها وصباها».
تختم الأحمر «إنّ البشرة حسّاسة للغاية ولا يمكن وضع أيّ شيء عليها، وإنما يجب معرفة إستخدام ما يجوز من مستحضرات للمحافظة على صباها ولمحاربة الشيخوخة المبكرة ولتجديد الخلايا. وهذا الأمر لا يتمّ بين ليلة وضحاها أو عبر إستعمال قناع طبيعيّ مرّة في السنة، وإنما هو نتيجة جهد متواصل يوميّ يرتكز على المواد المركّزة المدروسة في المختبرات الطبيّة-التجميليّة».
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024