نور: الموسيقى وسيلة للتعبير عن الذات

نور هي مغنّية وكاتبة موسيقية بدأت مشوارها الفني في غرفة صغيرة، حيث كانت تكتب وتلحّن وتسجّل أغانيها بمفردها. ورغم شكوك عائلتها في البداية حول مستقبلها المهني، إلا أن دعم أصدقائها كان دافعاً كبيراً لها للاستمرار. تطوّر أسلوبها الموسيقي بشكل كبير على مر السنين، حيث تعلّمت طرقاً جديدة للتعبير عن مشاعرها وأفكارها. تأثرت بنجوم مثل بيونسيه، التي ألهمتها بالتفرّد والمثابرة. بالإضافة إلى الموسيقى، تسعى نور لتحقيق حلمها بأن تصبح مدرّبة يوغا، وتطمح إلى إغناء مشوارها الفني في المستقبل عبر التمثيل وإنتاج الفيديوهات الموسيقية.

مديرة إبداعية ومنسقة أزياء . Carmel Harrison

تصوير . Amina Zaher

مكياج . Sharon Drugan

الشعر . Ivan Kuz

موقع التصوير .The Chedi Al Bait, Sharjah

البداية

- كيف بدأتِ مشوارك الفني؟

مشواري الفني بدأ في غرفة صغيرة كانت بمثابة ملاذي الخاص، حيث كنت أكتب الأغاني وأسجّلها باستخدام «اللابتوب». في البداية، عملتُ بمفردي بدون مساعدة من أي فريق، فكنت أكتب، ألحّن، وأسجّل بنفسي. كانت تلك التجربة بداية عملية بناء لمهاراتي الفنية. أحياناً، كنتُ أطلق بعض الأغاني عبر الإنترنت على أمل أن تصل إلى جمهور قليل، لكن في الوقت نفسه أحاول أن أطوّر نفسي. هذا التحدّي المبكر شكّل أساس مشواري الفني، لأنه علّمني الاعتماد على النفس في كل جوانب العمل الفني.

- هل تلقّيت الدعم من عائلتك وأصدقائك في بداية مشوارك؟

عائلتي في البداية كانت ترى أن ما أقوم هو مجرد هواية، حيث كانوا يعتقدون أن الموسيقى ليست مهنة يمكن الاعتماد عليها في المستقبل. ومع ذلك، كان أصدقائي يدعمونني للاستمرار بالعمل في هذا المجال، ويشجّعونني على أن أجعل الموسيقى جزءاً من حياتي المهنية. كانوا يثقون في موهبتي ويؤمنون بأنني أستطيع تحقيق النجاح إذا أصررتُ على متابعة حلمي. هذا الدعم من أصدقائي كان له دور كبير في تحفيزي للاستمرار رغم الصعوبات.

- لو لم تكن الموسيقى جزءاً من حياتك، هل كان هناك حلم آخر يراودك؟

نعم، لدي حلم آخر وهو أن أصبح مدرّبة يوغا. أشعر بأن اليوغا تمنحني توازناً داخلياً وشعوراً بالسلام، وهذا أيضاً يعزّز من قدرتي على الإبداع في الموسيقى. في المستقبل، أتمنى الحصول على شهادة تدريب في اليوغا تخوّلني العمل بها إلى جانب الفن. إذا لم أتمكّن من متابعة مسيرتي الموسيقية لسبب ما، فإن اليوغا ستكون مهنة بديلة لي، وهذا يضيف بعداً آخر في حياتي المهنية. في النهاية، أرى أن هناك تداخلاً بين الجانبين حيث يساعد كل منهما الآخر في تعزيز الصحة النفسية والجسدية.

شغف بالغناء وكتابة الأغاني

- هل كانت الكتابة جزءاً من شغفك منذ البداية؟

الغناء وكتابة الأغاني كان لهما تأثير كبير في تشكيل شخصيتي. في فترات من حياتي كانت مليئة بالتحديات العاطفية والشخصية، كنت أجد في الأغاني وسيلةً للتعبير عن مشاعري التي يصعُب عليّ توصيلها بالكلمات العادية. الأغاني بالنسبة إليّ ليست مجرد كلمات وألحان، بل هي وسيلة للتخلص من التوتر الداخلي وتخطّي الأوقات الصعبة. مع مرور الوقت، أصبحت كتابة الأغاني جزءاً أساسياً من شخصيتي، وأعتبرها طريقة لتنقية مشاعري والتواصل مع الآخرين بصدق.

- هل تجدين صعوبة في التعبير عن نفسك بكلمات؟

نعم، أحياناً أواجه صعوبة في التعبير عن مشاعري، خاصة عندما تكون المشاعر معقّدة أو يصعُب العثور على الكلمات المناسبة. في تلك اللحظات، قد أشعر بأنني عالقة في محاولة إيجاد صيغة مناسبة للوصف، لكن مع مرور الوقت والتدريب على الكتابة الموسيقية، أصبحتُ قادرة على التعبير عن نفسي بطريقة أكثر وضوحاً. الأغاني هي وسيلة لتفريغ هذه المشاعر، وعندما أتمكن من العثور على الكلمات المناسبة، أشعر بأنني قد حققت تواصلاً حقيقياً مع نفسي ومع الجمهور.

- إذا كان في إمكانكِ أن تختاري مكاناً واحداً في العالم يشعركِ بالإلهام، أين سيكون هذا المكان ولماذا؟

البحر هو المكان الذي أجد فيه إلهامي وحرّيتي. عندما أكون بالقرب من البحر، أشعر بنوع من الراحة والسلام الداخلي، مما يتيح لي الفرصة للتأمّل والتفكير بعمق في حياتي وفي مشاريعي المستقبلية. ومن الأماكن المفضّلة لي، منطقة سينا التي تتميز بطبيعتها الهادئة.

- إذا كنتِ ستختارين أغنية واحدة من أغانيكِ لتمثّل «الجانب الأكثر حقيقية» فيكِ، أي أغنية ستكون ولماذا؟

أغنيتي «نجوم» هي التي تعبّر عني بشكل كامل. في هذه الأغنية، جسّدت العديد من المشاعر والتجارب الشخصية التي مررتُ بها. كان إنتاج الفيديو المصاحب لها خطوة كبيرة في مسيرتي الفنية، حيث شكّلت هذه الأغنية نقلة نوعية في أسلوبي وأدائي. كانت التجربة مليئة بالعاطفة، وأعتقد أنها تعكس جزءاً مهماً من شخصيتي الفنية.

نور والموضة

- يبدو أنكِ قادرة على دمج الموضة مع الموسيقى بأسلوب فريد. هل تعتبرين ملابسك جزءاً من القصّة التي تحكيها أغانيك؟

أرى الموضة وسيلة للتعبير عن شخصيتي وطريقة لفهم كيف يمكنني تقديم نفسي الى العالم. الملابس ليست مجرد قطع أرتديها، بل هي جزء من قصّتي الشخصية ومن الطريقة التي أختار بها أن أظهر للعالم. عندما أرتدي شيئاً يعكس ذوقي الخاص، أشعر بأنني في أفضل حالاتي. الموضة بالنسبة إليّ هي لغة غير شفوية تعكس مشاعري وكيف أعيش اللحظة الراهنة، لذلك أراها عنصراً مهماً في تقديم رسالتي.

مواجهة التحديات

- ما أكبر التحديات التي واجهتكِ في مسيرتك الفنية حتى الآن؟

التحدّي الأكبر بالنسبة إليّ هو كوني امرأة تعمل في مجال يهيمن عليه الرجال. أحياناً، كنت أشعر أن هناك أشخاصاً لا يرونني فنانة موهوبة، بل مجرد امرأة في هذا المجال. كان هذا يشكّل عائقاً نفسياً، ولكنني كنت دائماً أعمل على إثبات جدارتي من خلال تقديم أعمال قوية تؤكّد موهبتي. هذه التحديات جعلتني أقوى وأكثر إصراراً على النجاح.

تطوّر الأسلوب الموسيقي

- مع كل إصدار جديد يتطوّر أسلوبك الموسيقي. كيف تصفين هذا التغيير؟

أسلوبي الموسيقي تطوّر بشكل كبير مع الوقت، وذلك من خلال التجارب المتنوعة التي خضتها والتعلّم المستمر. عندما بدأت في كتابة الأغاني، كنت أركز على التعبير عن مشاعري في تلك اللحظة، ولكن مع مرور الوقت بدأت أكتشف طرقاً جديدة للتعبير عن نفسي. في كل أغنية جديدة أكتبها كنت أتعلّم شيئاً جديداً، سواء كان ذلك في استخدام الكلمات أو الألحان أو حتى في أسلوب الأداء. في بعض الأحيان، كنت أفاجئ نفسي بكيفية كتابة أغنية أو تلحينها، مما جعلني أكتشف أبعاداً جديدة لموسيقاي. هذا التقدّم المستمر سمح لي بتطوير أسلوب موسيقي أكثر نضجاً وعمقاً. تعلّمت كيف أدمج بين الإحساس والموسيقى بشكل أفضل، وكيف أتعامل مع الأدوات الفنية المتاحة لي لتحقيق الصوت الذي يعكس شخصيتي بشكل حقيقي. اليوم، أصبح لدي أسلوب موسيقي خاص بي يمزج بين الإبداع الشخصي واكتساب المهارات المتطوّرة.

- مَن هم الفنانون الذين تأثرتِ بهم؟

بالتأكيد، بيونسيه كانت من أهم مصادر الإلهام بالنسبة إليّ طوال مشواري الفني. شخصيتها القوية وقدرتها على التفوّق في كل مجال عملتْ فيه كانتا دائماً الدافع لي للاستمرار والسعي وراء النجاح. هي تعتبر نموذجاً يُحتذى به في المثابرة والتفرّد، حيث أظهرت للعالم أن في إمكان المرء الحفاظ على التميّز في مختلف جوانب حياته المهنية من دون أن يساوم على جودة عمله. وإذا أُتيحت لي الفرصة لأوجّه إليها سؤالاً واحداً، فسيكون حول كيفية حفاظها على التميّز وطريقة تعاملها مع التغيرات المستمرة في صناعة الموسيقى. إن قدرة بيونسيه على التكيّف مع التحوّلات المتسارعة في عالم الفن واستمرارها في تقديم أعمال متجدّدة هو أمر ألهمني الكثير في مسيرتي الخاصة.

- هل شعرتِ بالإحباط أو الحسد في مشوارك الفني؟

بالطبع شعرت بالإحباط والحسد في فترات معينة من مشواري الفني. الوصول إلى النقطة التي أنا فيها اليوم لم يكن سهلاً، وتطلب الكثير من التحدّيات الشخصية والمهنية. شعرت أحياناً بأن الطريق أمامي طويل وأنني سأواجه صعوبات أكثر من الآخرين. كانت هناك لحظات من الشك، حيث تساءلت إن كان عليّ الاستمرار أم لا. بالإضافة إلى ذلك، الحسد كان جزءاً من المشهد الفني، خاصة عندما كنت أرى فنانين آخرين يحققون نجاحاً أكبر. ومع ذلك، أدركت أن هذا جزء من أي مجال تنافسي، وتعلّمت أن أجعل من هذه المشاعر وقوداً للتحفيز والنمو الشخصي. بدلاً من الاستسلام للإحباط، قررت أن أعمل بجدّ أكبر، وأن أثق في قدرتي على النجاح.

التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية

- كيف توازنين بين حياتك الشخصية وعملك الفني؟ هل تجدين صعوبة في الفصل بينهما؟

في البداية، كان من الصعب جداً الموازنة بين الحياة الشخصية والمهنية، خاصة حين كنت في المرحلة الجامعية وأطمع في النجاح على كل المستويات. كنت أضغط على نفسي لتحقيق إنجازات كبيرة في العمل الفني وفي دراستي في الوقت نفسه. لكن مع مرور الزمن، تعلّمت أن أفضل طريقة للتعامل مع هذا التحدّي هي أن أخصّص وقتاً محدّداً لكل جانب من جوانب حياتي. كنت أضع جدولاً زمنياً يساعدني على التفرغ للموسيقى، وأيضاً للحياة الاجتماعية والأنشطة الشخصية التي تهمّني. كما أدركتُ أن الحصول على وقت للراحة والتركيز على الصحة النفسية والبدنية هو جزء أساسي من التوازن. هذا التوازن جعلني أكثر قدرةً على الاستمرار في مشواري الفني من دون أن أُهمل حياتي الخاصة.

- هل هناك ثقافة أو حركة فنية ألهمتك في بداية مشوارك؟

كنتُ دائماً مفتونة بالحركات الفنية التي تجمع بين الأساليب المختلفة وتدمج بين الموسيقى العالمية. في بداية مشواري، كنت أبحث عن أنواع من الفن غير تقليدية وتمزج بين الثقافات المختلفة وتقدّم أسلوباً مبتكراً. هذه الحركات ألهمتني لأنني أؤمن بأن الفن يجب أن يكون وسيلة للتعبير عن التجارب البشرية المشتركة عبر الثقافات المختلفة. أحببتُ الطريقة التي كانت تحاكي بها هذه الحركات الفكر والروح البشرية، وكيف كانت تعكس تنوعاً في الأساليب والموسيقى. كنتُ دائماً أهتم بتطوير شيء جديد وغير تقليدي يعكس هذه التنوعات الثقافية والفنية.

التخطيط للمستقبل

- ما هي خططك المستقبلية في مجال الموسيقى؟

خططي المستقبلية في عالم الفن تركز على تحقيق شهرة عالمية والوصول إلى جمهور أوسع. أريد أن أتمكن من مشاركة موسيقاي مع أكبر عدد ممكن من الناس حول العالم، وأن أترك بصمة واضحة في مجال الفن والموسيقى. إلى جانب ذلك، أنا حالياً أعمل على مشاريع موسيقية متكاملة تتجاوز إصدار الأغاني الفردية. أرغب في تقديم أعمال فنية مميزة تشمل ألبومات وفيديوهات موسيقية مبتكَرة، بالإضافة إلى تجربة طرق جديدة في الإنتاج الفني. أطمح إلى استكشاف المزيد من الأبعاد الفنية وتوسيع نطاق رؤيتي الموسيقية بحيث تشمل مشاريع متنوعة ومتكاملة تحمل بصمتي الشخصية، وتحفّز جمهوراً متنوعاً. سأستمر في العمل على تطوير مهاراتي الفنية والتقنية حتى أتمكن من تقديم أعمال أكثر نضجاً وجودة.

- هل ترين نفسكِ في مجالات أخرى مثل التمثيل أو الإنتاج الفني؟

نعم، لدي طموح في تجربة مجالات فنية أخرى، ومن أبرزها التمثيل. أحب التفاعل مع الشخصيات والقصص التي يمكن أن تُجسَّد على الشاشة، وأشعر بأن التمثيل سيمنحني الفرصة للتعبير عن مشاعري بطرق جديدة. بالإضافة إلى ذلك، أرغب بالعمل في مجال إخراج الفيديوهات الموسيقية، سواء كانت لي أو لغيري. أعتقد أن هذه المجالات ستكون مكمّلة لمشواري الفني الحالي، حيث يمكنني من خلالها توسيع آفاق إبداعي وتقديم أعمال فنية تشمل جوانب متعدّدة من التعبير.

تصوير - Amina Zaher

شعر - Ivan Kuz

مكياج - Sharon Drugan

شارك