تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

أمينة الجاسم... أول امرأة تصمّم للرجال

للمرة الأولى، أسندت إلى امرأة مهمة تصميم أزياء الفرق الفنية والراقصين المشاركين في الأوبريت السنوي في مهرجان الجنادرية حيث وقع الاختيار على المصممة السعودية أمينة الجاسم التي سابقت الزمن لتتمكن من إنجاز حوالي 500 قطعة في مدة لا تتعدى الشهرين. شكّل هذا تحدياً كبيراً للجاسم كامرأة بالدرجة الأولى لتثبت أنها قادرة على تنفيذ هذه المهمة الصعبة، وكمصممة، خصوصاً أن هذه المهمة أسندت لسنوات طويلة للمصمم السعودي يحيى البشري. في هذا اللقاء، تحدثت أمينة الجاسم عن هذه التجربة المميزة في حياتها كامرأة وكمصممة.

- كيف وقع الاختيار عليك لتصميم ملابس الفرق الفنية والراقصين المشاركين في أوبريت «وحدة وطن» في مهرجان الجنادرية؟
تم اختياري عن طريق شركة في بيروت تعاملت معها سابقاً ضمن برنامج «نجم الخليج» الذي صممت ملابس معينة فيه. وقد اختيرت هذه الشركة عينها لتنفيذ العمل فوقع الاختيار عليّ نظراً لإعجابهم بالتصاميم التي كنت قد نفّذتها في البرنامج. وسلّم المشروع إليّ في 26 كانون الثاني/يناير.

- ألم يكن الوقت ضيقاً لتنفذي هذا العدد من التصاميم لعمل بهذا الحجم؟
اتفقنا على المشروع في 26 كانون الثاني/يناير وكان موعد الأوبريت في 17 آذار/مارس، وهو وقت قصير لأنفذ فيه هذا المقدار من التصاميم. كان تحدياً كبيراً لي لكني أردت أن أثبت قدرتي على القيام بهذا العمل بجدارة. لذلك وظّفت كل طاقاتي وقدراتي وفريق عملي بالكامل من القسمين النسائي والرجالي بهدف إنجاز هذه المهمة. بقيت تفاصيل صغيرة قبل موعد التسليم بيوم أنجزناها. كذلك بالنسبة إلى الأكسسوارات وتنظيمها وترتيبها قبل التسليم. لكن مهما كان العمل متعباً، كانت متعة حقيقية لي وأحببت التعامل مع كل القيّمين على العمل لنقدم شيئاً جميلاً للجنادرية  في اليوبيل الفضي. وأنا فخورة فعلاً بكوني جزءاً من هذا العمل الرائع الذي أثر كثيراً في الناس رغم التعب والإرهاق. حتى أن الديوان الملكي وقف معي للتأكد من اكتمال العمل بالشكل المناسب وأشكر الكل على ذلك. ساعدوني كثيراً كامرأة لأتمم عملاً قام به رجال طوال 25 سنة. حتى أني لم أشعر بأني بين رجال. كنت واحدة من السيدات اللواتي عملن على المسرح مع أخريات من شركة Imagic.

- هل كان سهلاً لك التمايز كمصممة في تنفيذ هذا النوع من التصاميم؟
عندما أعطيت كلمات الأوبريت للشاعر ساري وألحانها والمشاهد فيها، خططت لأزياء المشاركين في العمل. علماً أني عندما قرأت الكلمات أحسست مباشرةً أنها قريبة من القلب وشعرت أن التصاميم تظهر في ذهني مباشرةً لبساطة الشعر وقربه من القلب. وقد استعملت الشعر في التصاميم بتطريز الكلمات على الأثواب مع حفاظي على هوية الزي ورجولته، وهذا أمر حرصت عليه بشدة حتى لا يقال أني كمصممة امرأة انتقصت من هوية الرجل أو من هوية الثوب وأني أضفت إليه طابعاً أنثوياً. وهذا أيضاً شكل تحدياً لي. إضافةً إلى ذلك، حرصت على أن تكون الإطلالة متكاملة، ليس فقط بالثوب بل بالأكسسوارات المرافقة والمتممة له والتي حضرتها بنفسي حتى لا ينقص شيء على المسرح.

- لم يقتصر عملك في هذه الحالة على تصميم الملابس، فهل تخطيت دورك كمصممة؟
في عمل من هذا النوع لا يمكن أن أكتفي بتصميم الأثواب، بل حرصت على التدخل في أدق التفاصيل مع المخرج حتى تكون الإطلالة متكاملة على المسرح. فألبست المشاركين بحسب المشاهد مع كل الأكسسوارات والمعدات المرتبطة بالمشاهد والرقصات. وأشير إلى أني كنت قد قدّمت أفكاري وأعطيت تصوّراً كاملاً للعمل، وبعد أسبوعين من تبادل الآراء ومن التغييرات توصّلنا إلى الأفكار النهائية. ومن ذاك الوقت لم يكن عندي أكثر من شهر للتسليم.

- هل استعنت بفريق عمل خاص لإنجاز هذه المهمة في الوقت المناسب؟
استعنت بفريق عمل لبناني وخططنا معاً وعملنا بالطريقة الصحيحة لننجز العمل.  وزعت العمل في مختلف المناطق التي أعمل فيها واستعنت بفريق تنفيذ التصاميم النسائية بعد أن أوقفت أي عمل آخر لأني كنت في حاجة إلى مساعدة جميع الذين يعملون معي.

- هل كنت ملزمة بشروط معينة في التصميم لهذه المناسبة؟
الأقمشة التي اعتمدتها كلّها كلاسيكية، لأنها ابتعدت عن ذلك في السنوات الأخيرة وأراد القيّمون على المهرجان العودة إلى هذا الإطار التراثي. استعملت أقمشة من مختلف المناطق في السعودية مع الأكسسوارات المناسبة والمجاند، واعتمدت التطريز بنوعية عالية رغم أن هذا ليس مطلوباً على المسرح. اعتمدت أيضاًَ اللفات على الجسم وهذا مأخوذ من الجنوب. ومن الملابس أيضاً ما هو ملّون كالبساط. أما الألوان فكانت كثيرة كالأحمر والأصفر والذهبي والفضي. تقيّدت بالإطار التراثي الكلاسيكي حفاظاً على هوية المهرجان.  استعملت أقمشة البروكار بألوان الأبيض والأسود والبيج والبوردو والذهبي،وهي معتمدة في وسط السعودية. إضافةً إلى الأزياء المستوحاة من الغرب التي تعتمد على القطن البارد والألوان البرتقالية الجميلة على المسرح. وحتى للأقمشة القطنية، استعملنا القطن الراقي  ولم أخفف من القيمة من أجل المسرح ليظهر العمل بروعته. الأقمشة كلّها من المناطق المختلفة في السعودية.

- هل شجعتك هذه التجربة على تصميم الملابس الرجالية؟
أنا من البداية أصمم فقط للمرأة. ورغم أنه كان يطلب مني أن اصمم للرجال، لكني كنت أستبعد الفكرة دائماً لان الثوب السعودي معروف ويصعب أن أغيّر هويته. وأنا أصلاً أحب كل ما هو حديث، لكن في ما يخص الثوب السعودي يصعب أن أنفذ ذلك لأني لا أريد أن أمس بهويته. التجربة الأولى لي في تصميم الملابس الرجالية كانت في برنامج «نجم الخليج» وجاءت عن طريق الصدفة. لكنها كانت ناجحة ولاقت استحساناً  بعد أن صممت ملابس المشاركين الرجال ومقدم الحلقات ومقدّم الحلقات اليومية، إضافةً إلى ملابس المشاركات وملابس الفنانة ديانا حداد. في الوقت نفسه، لا يمكن أن أحكم على نفسي من خلال تجربة واحدة لأني عملت طوال 25 سنة على تصميم الملابس النسائية ومن الطبيعي أن أتفوّق فيها. لكن في ما خص تجربة «نجم الخليج» كانت الظروف التي عملت فيها صعبة حيث كنت في بلد والعمل في بلد آخر والوقت كان ضيقاً للتسليم. أما العمل في مهرجان الجنادرية، فكان مختلفاً لأن طاقمي كان معي بالكامل وكان يمكن أن نقوم بتعديلات في اللحظات الأخيرة في حينها. كان هناك إبداع فعلاً في العمل. لا يمكن أن أعطي جواباً قاطعاً في ما يتعلّق بتصميم الملابس الرجالية لكني لا أستبعد الفكرة، بل فكرة افتتاح محل للملابس الرجالية الجاهزة أمر وارد عندي كوني أحببت تصميم الملابس الرجالية ونجحت فيها كما أحببت التصميم للنساء. ولاحظت أني بذلك تبعت خطوات المصمم يحيى البشري الذي عمل في تصميم الملابس النسائية لسنوات طويلة وانتقل صدفةً إلى الملابس الرجالية. أما الملابس التي أنوي تصميمها للرجال فستكون بأسلوب مميز خاص بأمينة الجاسم، وسيكون عندي قسم خاص بالملابس التقليدية الكلاسيكية لمن يفضّلها وآخر للملابس الحديثة. إذ أنه في السعودية تختلف الأذواق بحسب المناطق، ففي الغرب يميل الرجال أكثر إلى ارتداء الملابس الحديثة، فيما يتمسكون في الوسط والشرق بالأسلوب الكلاسيكي والثوب «السادة» ولا يحبون النقوش فيه. نجد شباباً يحبون «الستايل» في الملابس التي يرتدونها ويميلون إلى الموضة، ولا بد من أن أفكر فيهم عندما أصمم للرجال دون أن أمس بهوية الثوب السعودي. أحاول أن أكون على حياد بين الكلاسيكي  والحديث. لذلك سأصمم ما هو كلاسيكي وما هو حديث للجيل الذي يحب التجدد ولا يريد طلّة رسمية دائماً بل يريد طلّة أنيقة وجذابة وشبابية. فالشباب في العشرينات يفضلون الCasual كما لاحظت من حديثي مع شباب لمعرفة أذواقهم. لم تتبلور عندي بعد فكرة تصميم الملابس الرجالية، لكني سأنطلق بالمشروع قريباً وسأعرض المجموعة في بيروت.

- هل ستكونين أول مصممة للملابس الرجالية في السعودية؟
ثمة محلات خاصة لتصميم الملابس الرجالية في السعودية. سأكون المصممة الأولى للملابس الرجالية في السعودية، كامرأة، غير أن ثمة مصممين رجالاً. ولولا ذلك لا أعتقد أني كنت لأجرؤ على هذه الخطوة. التصميم للرجال موجود أصلاً في السعودية. إنما عندي أفكار جميلة متجددة للأزياء الرجالية، وإن كنت أحب الأسلوب الكلاسيكي.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079