الحد من نشاطات المراكز النسائية في شرق السعودية
بعد قرار منع مزاولة الحمام المغربي والسونا، وسحب الأجهزة الرياضية من المراكز النسائية، ووضع ضوابط وشروط حول ذلك، وتحويل أنشطتها إلى المراكز الطبية، وكذلك المساج الاسترخائي، دخلت صاحبات المشاغل في المنطقة الشرقية في السعودية دوامة البحث عن رخص للأندية الصحية، وهو أمر أشبه بـ «المستحيل» على حد تعبيرهن، مما عمّق الأزمة الحالية وفجر خلافات بين أمانة المنطقة وصاحبات الأعمال، أي مالكات المراكز والمشاغل النسائية.
لم يهدأ الحال ولم يرق البال، لمجموعة سيدات أعمال إلا بمعرفة أسباب منع رخص الأندية الصحية، علماً أن غالبية السعوديات يبحثن عن الأندية الصحية ذات السمعة الجيدة، والتي تتكون من صالة ألعاب مجهزة بكامل المعدات، وصالة أخرى للمشي والتمارين، ومسبح ضخم، وغرف منفردة للملابس والسونا والبخار والمساج، وجاكوزي، وملاعب تنس وكرة طاولة، إلى جانب توفير المأكولات الصحية «الدايت». فيما تعمل بعض الأندية على تقديم دروس خاصة لمعظم الرياضات من يوغا وكاراتيه وايروبيك على أيدي مدربات متمرسات.
وفي حال عدم توافر ما سبق، تلجأ غالبية السعوديات في شرق السعودية إلى البحرين التي يربطها جسر بالمنطقة، لا يتجاوز وقت عبوره ساعة واحدة. وتقول إحدى المتضررات من القرار إن «عدم السماح بأنشطة معينة كالرياضة والسونا والمغربي والمساج، إجهاض لأبسط حقوق المرأة. فعندما حاولنا التوجه إلى تحويل تلك المراكز إلى أندية، واجهنا عثرة لا يمكن إزاحتها إلا بتدخل رسمي من جهات ذات علاقة، فالرخص للأندية الصحية النسائية ممنوعة ولا يمكن السماح بها، إلا أن البعض ينفذها بطرق مخالفة، أي باستئجار منازل أو فلل ضخمة، وإنشاء نادٍ متكامل، بعيدا عن الرقابة. فهل العشوائية والفوضى بديلان من التنظيم والالتزام؟ وهل لا يحق للمرأة أن تمارس الرياضة وتدلل نفسها بعد عناء وتعب سواء في عملها أو منزلها؟ في فيما تمنع المدارس والجامعات ممارسة الرياضة النسائية ضمن أروقتها».
مطالب ومقترحات
في غضون ذلك، وجهت مجموعة مستثمرات في قطاع التجميل عبر « لها» مجموعة مطالب ومقترحات حول تطوير القطاع والعمل بصورة نظامية، وتطوير الاستثمار الرياضي النسائي والسماح به ضمن اطر وضوابط، كسَنّ تشريعات خاصة من شأنها السماح بالتصريح للأندية النسائية بالعمل، فيما تشتكي مستثمرات سعوديات ينوين الدخول في الاستثمار الرياضي من ضبابية الإجراءات الخاصة بهذا الأمر، وتعم حالة من الفوضى في مشاغل نسائية استحدثت صالات رياضية دون ترخيص. ومن ضمن المقترحات، تشكيل لجنة وزارية من وزارات عدة تجتمع باستمرار لوضع آلية محددة لكيفية التصريح للأندية النسائية بالعمل، على أن تتركز مهمة هذه اللجنة على بناء نظام لهذه الأندية، إضافة إلى سن اللوائح والقوانين التي تنظم وضع هذه الأندية، للحد من الاستخفاف، وتخفيف القيود من الاختناقات الحاصلة لصاحبات المراكز النسائية اللواتي أُجبرن على مزاولة تصفيف الشعر والماكياج فقط، فيما مراكزهن مصممة لتضم نواحي عدة كالرياضة، السونا المغربي وسواهما.
وأكدت سيدة الأعمال نورة سالم أن مكاتب رعاية الشباب في مختلف المناطق تلقت مئات طلبات الترخيص لأندية رياضية نسائية مقدمة من سيدات أو مستثمرين، إلا أن المشكلة أنه لا يوجد أي جهة حكومية مخولة بإعطاء رخص لهذه الأندية. وقالت: «تكمن المشكلة في أن هذه الأندية النسائية، ورغم تبرؤ كل الجهات الحكومية منها، وعدم تبعيتها لأي جهة، فهي تنتشر بشكل كبير خصوصاً في المستشفيات الخاصة، وقطاع الفنادق، وحتى المشاغل النسائية حيث تعمد هذه القطاعات إلى التحايل على النظام وإنشاء أندية بطرق غير شرعية وبمسميات مختلفة، فتسميها في المستشفيات الخاصة «مراكز علاج طبيعي»، وتعلن الفنادق أنها للنزلاء، فيما هي في الحقيقة للنزلاء ولغيرهم.فهل سيبقى مصير الأندية الصحية النسائية مجهولا ومكبلا بالحديد؟».
وأضافت: «أمانة المنطقة الشرقية ألقت المسؤولية كاملة على الشؤون الصحية، وهذه أكدت أن لا علاقة لها بذلك، وهكذا تدور الحلقة مفرغة، والأمانة تنفذ جولات مستمرة وتسحب الأجهزة التي اشتريناها بآلاف الريالات».
وأوضحت سالم أن السعوديات، بحسب الدراسات، يعانين السمنة المفرطة بسبب عدم ممارسة الرياضة مما يؤدي إلى شيوع عدد من الأمراض مثل داء السكري والضغط وغيرهما في صفوفهن. «ومن خلال مجلس الشورى، طالبنا بإنشاء أندية رياضية نسائية متكاملة مع إعطاء القطاع الخاص الرخص لإنشاء أندية إضافية، ورفعنا دراسة بهذا الخصوص إلى مجلس الوزراء وهو الجهة المخولة اعتماد أي دراسة من مجلس الشورى. وتضمنت دراستنا إنشاء 5 أندية رياضية في كل من الرياض وجدة والشرقية كمرحلة أولية، ولا نتيجة حتى الآن».
بدورها أكدت نضال عبد العزيز التي تملك مركزاً نسائياً أن «سحب الأجهزة الرياضية من المراكز النسائية، وتخصيص النوادي الصحية بذلك، أوقع العديدا من المراكز في خسائر، علماً أنني عندما توجهت لرعاية الشباب للحصول على ترخيص نادٍ صحي لم أتمكن بسبب التعقيدات، وعندما توجهت للمديرية العامة للشؤون الصحية أكدت أن القرار يعود إلى صحة البيئة، ولا علاقة لوزارة الصحة بذلك».
وأضافت: «قدمت كل الأوراق والشهادات الثبوتية لصحة البيئة، إلا أن كل شيء قوبل بالرفض. وحاليا تنفَّذ حملة على المشاغل والمراكز لمنع الحمام المغربي والسونا، كل ذلك لم نجد له مبرراً. وقد رفعنا خطاباً لوزير الشؤون البلدية والقروية ولم نحصل على رد حتى هذه اللحظة (...). بادرت مجموعة مراقبات ودخلن المركز ، وتم الاتصال بالمسؤولة المباشرة في الأمانة وإيضاح ما حصل، فأوضحت انه لا بد من تطبيق القرار حتى لا يكون هناك مخالفات».
من جانبها، تحدثت رئيسة لجنة المشاغل وخبيرة التجميل في المنطقة الشرقية شعاع الدحيلان إلى «لها» قائلة: «من الطبيعي أن تقوم لجنة المشاغل النسائية بالتواصل مع صاحبات المشاغل، لاسيما أن هناك أضراراً ستترتب عليهن، علما أننا كلجنة شددنا على أهمية التقيد باشتراطات الصحة والسلامة، وفي حال عدم التقيد لا بد من تطبيق نظام العقوبات، لأن دورنا توعوي وليس تنفيذياً، ومهمتنا هي بث التوعية وتأكيد أهمية تطبيق القوانين والتعليمات. وفي ما يتعلق بالخسائر المادية، اعتقد أن هناك خسارة كبيرة، وستكون فادحة إذ تفوق كلفة الحمام المغربي أو السونا من حيث الإنشاء 30 ألف ريال. ولا بد من الإشارة إلى انه قبل نحو ستة أشهر، كشفت لجنة من إدارة صحة البيئة على الأجهزة التي يتم استخدامها وتمت الموافقة عليها، أي انه لم تتم مزاولة هذا النشاط إلا بموافقة من الجهة المعنية وهي إدارة صحة البيئة».
بدوره قال مدير عام صحة البيئة في الأمانة، الدكتور خليفة السعد: «سنستمر في حملة منع حمام السونا والمغربي. وتمت إزالة 300 حمام في حاضرة الدمام. فكل ما يتعلق بالمجال الصحي لا بد له أن يكون في بيئة صحية مناسبة، وهذا دورنا كجهة مشرفة ومراقبة لصحة البيئة».
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024