سعوديات يبحثن عن الترفيه في الشواطئ الخاصة والأسواق والمطاعم
تجديد الحياة وكسر الروتين هما ما يبحث عنه جميع أفراد المجتمع، ولكن المرأة تصطدم بواقع عدم توافر أماكن ترفيهية خاصة بها تحافظ من خلالها على خصوصيتها، فلذلك ترى أن الأسواق والمطاعم والزيارات العائلية وتجمعات الأصدقاء هي أنسب طرق الترفيه المتوافرة لديها، أو أن يكون السفر إلى الخارج الحل في التغيير الذي تبحث عنه، إذا توافرت الإمكانات. وتعود أسباب عدم توافر أماكن ترفيهية خاصة بالنساء إلى القوانين والإجراءات والقيود المعقدة لإنشاء مشروع نسائي، وأيضاً لزيادة التكلفة ومحدودية القدرة الاستيعابية، وعدم توافر الكوادر النسائية المدربة... استطلعت «لها» أراء النساء والمختصين للتعرف على أماكن خروج النساء ومطالبهن في هذا الإطار.
غادة السبحي: شروط تعجيزية وقوانين
غادة السبحي مديرة التطوير والتدريب في كريستان ديور، قالت: «تبحث المرأة عن متنفس لها من ضغوط الحياة والعمل، ولكنها تصطدم بواقع عدم وجود أماكن ترفه فيها عن نفسها سوى الأسواق والمطاعم والكوفي شوب والزيارات العائلية وتجمع الأصدقاء».
وأضافت: «لا يوجد الكثير من النوادي الرياضية كما باقي الدول العربية، ويمكن إحصاء عددها، ووجودها في مناطق محدودة، ويصعب الوصول إليها لعدم توافر المواصلات لدى الجميع، وارتفاع أسعار الاشتراكات».
وأكدت «أن عزوف سيدات الأعمال عن القيام بالمشاريع النسائية يعود إلى الشروط التعجيزية والقوانين المعقّدة، لذلك نجد جميع المستثمرين ينفرون من إنشاء مشروع ترفيهي أو مشروع نسائي».
نجود عسيري: ممارسة السباحة تحت أشعة الشمس
تقول نجود عسيري، الموظفة في القطاع الحكومي: «ازداد في الفترة الأخيرة استئجارنا للشاليهات والاستراحات وتجمع الأهل والأصدقاء هناك، لأننا اعتبرنا هذا الأمر كسراً لروتين الحياة الذي نعيشه، فبدلاً من تكرار ذهابنا إلى الأسواق والمطاعم اكتفينا بتجديد نشاطنا في ممارسة السباحة واللهو تحت أشعة الشمس».
وأضافت: «المرأة التي تشترك بالنوادي الرياضية يكون هدفها إنقاص وزنها، وليس التسلية والترفيه، ولذلك أتمنى أن يسلط الضوء على تنوع الرياضة حتى نتمكن من الترفيه عن أنفسنا، كإنشاء نوادٍ لتعليم الفروسية وممارسة الرياضة على أنواعها واكتشاف مواهب النساء في المجال الرياضي».
وزختمت: «لا أحبذ قيام مشاريع نسائية مخصصة كالأسواق، لأنني أرى أن المشاريع النسائية يكون الوضع فيها أسوأ لأنها عبارة عن تباهٍ وتنافس بين النساء. وابحث دائماً خلال سفري عن المتاحف والمباني الأثرية وتجذبني السينما ومشاهدة الأفلام، وهذا لا أجده في موطني».
لينا المعينا: نريد كوادر نسائية مدربة
تقول لينا المعينا كابتن فريق يونايتد لكرة السلة: « تتميز مدينة جدة بالبحر، ولدينا شواطئ خاصة لكنها تبقى مكاناً مخصصاً لأشخاص يمكنهم تحمل تكلفة الاشتراك فيها، وهذا يؤكد أن أماكن الترفيه النسائية في السعودية محدودة».
وأضافت: «كوّنا فريق يونايتد عام 2003، وأقمنا مشروعاً رياضياً تجارياً عام 2006، وأصبحنا أكاديمية رياضية مصرحاً بها، ولدينا قسم شباب وقسم بنات... لفت نظري وجود حديقة أميرة النسائية في جنوب جدة لذوات الدخل المحدود، وهي من أروع ما يكون للتنزه والترفيه، وتتوافر فيها خدمات متنوعة وممشى للسيدات وصالة لإقامة المناسبات الخاصة وألعاب للأطفال، وأتمنى أن يطبق هذا النموذج على مستوى مدن المملكة».
وأكدت المعينا «أن الرياضة لغة العصر واستثمار وطاقة ووقت، وطريقة للتعارف والتواصل بين أفراد المجتمع ولها فوائد صحية ونفسية واجتماعية. ولكن الثقافة الترفيهية والرياضية مغيبة لدى المجتمع، وندرة الأماكن والإمكانات فاقمت ذلك».
وطالبت بـ «توفير الكوادر النسائية المدربة وتحديد ميزانية من الدولة لتدريبها بالشكل الصحيح الذي يعود على الوطن بالفائدة».
سميرة بيطار: المجتمع كان منفتحاً على الحياة في السبعينات والثمانينات أكثر
«ببساطة المجتمع السعودي كان أكثر انفتاحاً وأكثر إقبالاً على الحياة في السبعينات والثمانينات»، هذا ما تقوله سيدة الأعمال السعودية سميرة بيطار، قبل أن تضيف: «للأسف حصلت سقطة في تقدم المجتمع في كل مناحي الحياة، واختلطت العادات والتقاليد بالتعاليم الدينية وتغلبت عليها، ونشأ ما يسمى بالصحوة ولا أعلم صحوة من ماذا ولماذا! فنحن مجتمع مسلم بنسبة مئة في المئة... بدأ التراجع في التنمية البشرية، والفكر وأصبح هناك نوع من الفصل العنصري بين الرجل والمرأة الذي أفرز الكثير من المشكلات الاجتماعية التي غيبت الدور الحقيقي للأسرة في التربية والتنشئة، وأصبحت ثقافة العيب والحرام هي السائدة من دون أن يرافق هذين المفهومين أيُّ نوع من الشرح والتفصيل حتى لا تختلط المفاهيم».
وأوضحت بيطار «أن ممارسة الرياضة واحدة من أهم وسائل الترفيه التي أقوم بها للقضاء على الملل، ومن أهم هذه الوسائل ممارسة التنس بصفة خاصة مع بعض الصديقات. والحقيقة ليس هناك خيارات كثيرة لأماكن الترفيه لدينا، ولكن اللجوء إلى البحر، وأقصد هنا الشواطئ الخاصة، هو الخيار الوحيد المتاح لي، وبعض الصديقات يرين في اللجوء إلى الأسواق والمراكز التجارية نوعاً من أنواع الترفيه، والبعض الآخر يرى الذهاب إلى المطاعم والمقاهي أيضاً شكلاً آخر من أشكال الترفيه».
وتطالب بيطار بـ «إنشاء دور السينما والمسرح والمكتبات العامة والاهتمام بالمناطق الأثرية، وتوفير الوسائل التي تخدم هذا النوع من السياحة، بتوفير فنادق ووسائل مواصلات تليق بمساحة المملكة. فنحن في هذا الجانب مضى علينا أكثر من عشر سنوات وما زالت السياحة تدرس مشاريع لم ترَ النور. وأيضاً أرجو أن يكف البعض عن تصوير الآثار والمناطق الأثرية على أنها نوع من الرجس فالأمم حضارات وامتداد، ومن لا يملك ماضياً فلا حاضر له».
ولفتت إلى أن «أسعار الأندية الرياضية في بلادنا مبالغ فيها، ناهيك بأن الكثير ينقصها لتكون أندية رياضية بمعنى الكلمة. وأيضاً سياسة الدفع في هذه النوادي جعلت نساء كثيرات يعزفن عن ارتيادها، والنساء مللن من الأماكن المغلقة. فما الفرق بين ذهابك إلى ناد مغلق ومكيف وممارسة الرياضة في البيت في غرفة مغلقة ومكيفة؟ على المجتمع السعودي الخروج قليلاً عن العزلة التي يفرضها على نفسه، فذلك سوف يساعد على إنشاء نواد رياضية عائلية تخدم كل أفراد الأسرة، وتوفَّر فيها مسابح تراعي الخصوصية، ومطاعم وصالات تنس مفتوحة ومغلقة وبلياردو، ودور سينما، وتعليم رماية وركوب خيل على غرار النوادي في الدول العربية».
الرأي الاقتصادي:
خالد الحارثي: البيروقراطية تسبب عزوف النساء عن الاستثمار المحلي
يعتقد رئيس مركز أرك للدراسات الاقتصادية ورئيس لجنة الضيافة الدكتور خالد الحارثي أن قطاع الترفيه يقف عاجزاً للعديد من الأسباب، أولها أن الأماكن والمواقع المناسبة لهذه المشاريع محدودة، مما يرفع قيمة التكلفة على المستثمر، والأماكن الترفيهية تحتاج إلى مساحات كبيرة وهذا يتطلب رأس مال كبيراً. وليس هناك الكثير من المتخصصين من أصحاب الأعمال في هذا القطاع، بالإضافة إلى أن القوة الشرائية لهذا القطاع تعتبر ضعيفة بالمقارنة مع قطاعات أخرى (كقطاع التجزئة والمأكولات) لأن الثقافة الاجتماعية الموجودة لا تعزز النشاط الترفيهي، ولا تدعو إليه بالشكل المطلوب».
وأوضح الحارثي أن مفهوم الترفيه يشمل العائلة وإن كان يتوجه أكثر للأطفال، «وبالتالي أرى أن المرأة جزء من الإشكالية المطروحة، فليس هناك مشاريع موجهة لها لعدم الإقبال الكبير على هذه المشاريع، ولدينا تجارب في جدة لم تحقق الإقبال المطلوب، فضعفت الجودة وأغلقت أبواب هذه المشاريع».
ولفت إلى أنه في ما يخص الاستثمار «المرأة غير مدعومة، ولا يوجد تسهيلات لها في عملية الاستثمار مقارنة بالرجل، ففي الدوائر الحكومية تجد المرأة معاناة كبيرة في مراجعة معاملاتها سواء في وزارة التجارة أو جهات ذات الاختصاص في البلديات. فليس هناك أقسام خاصة، وإذا راجعت المرأة القسم الرجالي لا تعامل كما هو مطلوب، فبذلك تواجه عقبات حكومية بيروقراطية ضد الاستثمار، وهذه البيروقراطية تسبب عزوف النساء عن الاستثمار المحلي».
وقال:» هناك كوادر نسائية مدربة في مختلف القطاعات، ومنها القطاعات الإدارية وغيرها وقد تفوقت فيها على الرجل، ولكنني أرى أن ثقافة الاستثمار لدى المرأة في السعودية غير جريئة وخجولة، وثقافة المجتمع طغت على الرغبة الاستثمارية لدى المرأة وجرأة اتخاذ القرار».
حديقة «أميرة طرابلسي» فكرة بسيطة تحولت إلى مشروع ترفيهي يخدم النساء والأطفال
قال المدير العام لجمعية أصدقاء حدائق جدة أيمن فيلالي: « تعتبر حديقة أميرة طرابلسي العامة الحديقة النسائية الأولى في جدة التي أصبحت مركزا اجتماعيا لأهالي الحي خاصة وأهالي مدينة جدة عامة، بل أضحت الحديقة مكانا مثاليا لتمضية أوقات الفراغ مع الأهل والأصدقاء. وهي تابعة لمؤسسة غير ربحية مكونة من مواطنين سعوديين هدفهم إنشاء الحدائق العامة والمتنزهات المفتوحة في مدينة جدة، وذلك لأهمية حصول عائلات مدينتنا على فرص ترفيهية تمكنهم من ممارسة اللعب والترفية والاسترخاء والتعليم في بيئة صحية وآمنة ومفتوحة عن طريق تأسيس حدائق ذات مواصفات عالمية، وذلك بالتنسيق مع الجهات المختصة (أمانة جدة) للحصول على أراضٍ صالحة لإنشاء الحدائق، وبمساعدة القطاع الخاص لتمويل عملية البناء حسب متطلبات سكان المنطقة. ويأتي دورنا في صيانة المتنزهات وإدارتها، بالإضافة إلى إنشاء برامج لنشر الوعي البيئي، والصحي، والاجتماعي، والعلمي».
وأضاف: «أساس فكرة المشروع هي السيدة زكية بندقجي نائبة رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء حدائق جدة، فبحكم قربها من هذه الأحياء وجدت أنه من الضروري إيجاد مشروع يحتضن أفراد المجتمع في أماكن صحية وآمنة، بعيدا عن تجمعاتهم في الشوارع والأرصفة وخطر السيارات. وقد اجتمعت مع السيدة سلوى رضوان والسيدة سميرة مراد، وبدأت فكرة المشروع تتبلور لإنشاء نادٍ رياضي أو حدائق لتجمع هؤلاء الأفراد في مكان آمن وبيئة تناسبهم. ثم تجسّدت الفكرة في إنشاء جمعية أصدقاء حدائق جدة، وهدفها إنشاء حدائق نموذجية تخدم جميع فئات المجتمع. وأنشأت الجمعية ثلاث حدائق هي حديقة نزية وورطان، وحديقة فيصل زاهد الرياضية للشباب، وحديقة أميرة طرابلسي العامة المخصصة حاليا للسيدات والأطفال وتقع في حي القريات جنوب جدة».
وأوضح أن «الحديقة تبرعت بإنشائها لمدينة جدة عائلات زاهد وزينل وعبد الجواد التي امضى أفرادها أكثر من 60 عاما في هذا الحي، وقد اتفقوا على أن يحمل اسم الحديقة «أميرة طرابلسي» رحمها الله وهي الجدة التي تشترك بها العائلات الثلاث. وكانت كلفة المشروع 20 مليون ريال سعودي، وتبلغ مساحة الحديقة 300 ألف متر مربع وتم افتتاحها في 2010».
وتستقطب الحديقة العديد من السيدات والأطفال يومياً بنسب متفاوتة، ولكن في نهاية الأسبوع والإجازات الرسمية يبلغ العدد أكثر من 2000 سيدة وطفل، إذ بلغت نسبة إقبال الزوار على الحديقة في إجازة الفصل الدراسي الأول في أسبوع واحد فقط أكثر من 11 ألف زائر من سيدات وأطفال من مختلف أحياء مدينة جدة. وصُممت الحديقة لتكون متنزهاً نموذجياً للعائلات والأطفال، وقد تم تجهيزها بكل المرافق اللازمة بحيث تحتوي على مساحات خضراء وملاعب للأطفال، ومضمار ركض بطول 500 متر تمارس عليه السيدات رياضة المشي، ومسرح مفتوح تقام عليه البرامج الثقافية والترفيهية. وهناك مكتبة متخصصة تحتوي على أكثر من 400 كتاب وقصص مخصصة لزوار الحديقة من الأطفال تبرعت بها جمعية «مكتبتي».
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024