تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

Wafa Al Falahi.. رحلة إبداع وابتكار

وفاء الفلاحي

وفاء الفلاحي

وفاء الفلاحي اسم لمع في مجال التصميم متعدد التخصّصات. تتميز وفاء بقدرتها الفريدة على دمج الثقافة والتاريخ والعلوم في تصاميمها المذهلة. وهي تُعرف بأسلوبها الفريد في الابتكار حيث تُحلّق بأفكارها نحو آفاق جديدة، مما يجعل كل عمل لها تجربة فنية تفاعلية تعكس عمق التراث الإماراتي. كما تُظهر وفاء مهارات استثنائية في فن النحت بالصلصال، مما يضيف بعداً آخر إلى إبداعها. أثبتت وفاء الفلاحي نفسها من خلال مجموعة أعمال متنوعة قُدّمت في معارض محلية ودولية، بالإضافة إلى تعاوناتها المبتكَرة مع علامات تجارية ومؤسّسات ثقافية. دعونا نغوص في عالم وفاء الفلاحي ونكتشف المزيد عن إلهامها، مشاريعها، ورؤيتها للمستقبل.


- كيف اكتشفتِ شغفك بالفن ومتى؟

اكتشفتُ قدراتي الفنیة في سنّ مبكرة، حیث شعرت أن الإبداع یأتي إليّ بشكل طبیعي. وبما أنني ابنة وحیدة، كنت أمضي وقتي في رسم لوحات مُتقنة وأقُدّمها لوالدتي بحماسة عندما تعود من العمل. أتذكّر بوضوح كیف كنت أحوّل الخربشات البسیطة على الورق إلى شخصیات، لكلٍ منها قصّتها وسردها، ولكنني استطعت أن أستثمر في الفن عندما أصبحتُ أكبر سنّاً.

- ما هي الصعوبات التي واجهتك في البدايات، وكيف تغلّبت عليها؟

بالنسبة إليّ، كان التنقل بین التصمیم والفن تحدّیاً ومصدر إلهام في الوقت ذاته. مع خلفیتي في تصمیم الدیكور الداخلي، كنتُ معتادة على العمل ضمن معاییر محدّدة، حیث الهدف هو حل مشكلة معینة أو تلبیة حاجة واضحة. یمیل العمل في التصمیم إلى أن یكون هادفاً، ویُقیَّم بناءً على المشروع. ولكن عندما انتقلت إلى الفن، وجدتُ نفسي في مجال جدید ترك لي المرونة لاستكشاف الذات بحرّیة، مع التركیز على التعبیر عن النفس.

- لماذا اخترتِ الطين لابتكار أعمالك الفنية؟

بدأت العمل بالطین في منتصف دراستي الجامعیة، وقد فتح لي ذلك عالماً جدیداً من الإمكانیات الإبداعیة. في البدایة، شكّل الطین تحدیاً كبیراً لي، فهو خامة تتطلب الصبر والحساسیة، وإتقان الماده استغرق وقتاً. في البدایة، وجدتُ صعوبة في فهم هذه المادة؛ إذ كانت استجابتها وتغيّرها غیر المتوقع یجعلانها تبدو كأنها حیّة بین یدي. ومع مرور الوقت وتوسّع تجربتي معها، بدأت أقدّر تفاصیلها الدقیقة والطریقة التي تتفاعل بها مع اللمس والرطوبة ودرجة الحرارة، وكیف أن كل حركة بسیطة تشكّلها. والواقع أن هذه الرحلة لم تعمّق فهمي لمادة الطين فحسب؛ بل منحتني أیضاً حریة شعرت بأنها مختلفة تماماً عن أي شيء كنت قد اختبرته في التصمیم.

- ماذا تعلّمت من الطين؟

علّمني الطین أهمیة الصبر، لیس فقط كمهارة، بل كعقلیة تحوّل عملیة الإبداع. العمل تطلّب مني التمهّل والإصغاء الى المادة بعمق، والتكیّف معها. هذا الإیقاع جعلني أشعر بالتوازن، وساعدني على الاتصال مع نفسي ومع فعل الإبداع ذاته.

- كيف تصفين ابتكاراتك؟

تجسّد إبداعاتي سیولة أقدرّها جيداً. أستمتع بترك المادة تأخذ زمام الأمور، موجهةً حركاتي نحو المنتَج النهائي. تمنحني هذه الطریقة إحساساً فریداً من الحریة، مما یسمح لي باستكشاف المجهول واحتضان العفویة في عملي.

في بدایة كل مشروع، أشارك في مرحلة بحث واسعة، والتي تشكل أساس إلهامي. أحب أن أشهد كیف تتطور هذه الأفكار الأولیة وتظهر في القطعة النهائیة، مشكّلةً السرد والمعنى مِن ورائها. هذه العملیة ممتعة للغایة، حیث تتیح لي ربط عناصر متباینة ونسجها معاً في كیان متماسك.


- ومِن أين تستمدّين الإلهام؟

أجد إلهامي بشكل أساسي في البحث الأكادیمي. أحب استكشاف مواضیع متنوعة تتعلق بالتاریخ والعلوم وعلم النفس، مما یمنح كل عمل خلفیة فریدة.

- كيف توفّقين بين التراث واللمسات العصرية في تصاميمك؟

استكشافي الفني للمواضیع المرتبطة بتراثي ونشأتي هو مرحلة مستمرة ويؤثر في عملي الإبداعي. من خلال عملي، أسعى لاستكشاف السردیات الثقافیة والتقالید التي شكّلت هویتي.

- إلى أي مدى أثّرت الثقافة الإماراتية في أعمالك؟

في سیاق برنامج "تنوین للتصمیم"، یمثّل مشروعي "Roots" فصلاً مهماً في اكتشاف هویتي. المنتَج مستوحى من الذكریات والقصص التي تشاركها جدّتي، والمشروع يهدف الى استحضار الحنین والمساهمة في إعادة تفسیر طقوس الحنّاء والاحتفال بها بطریقة معاصرة. یسمح لي هذا النهج بمدّ جسور بین الماضي والحاضر، ومزج تجارب شخصیة مع سیاقات ثقافیة أوسع. من خلال دمج تقنیات التصمیم الحدیثة مع التأثیرات التقلیدیة، آمل في خلق صلات على مستویات متعددة: عاطفیاً، ثقافیاً وجمالیاً. یعزّز هذا الاندماج للتراث من ممارستي للإبداع، ویساهم في حوار أوسع حول الهویة والتقالید والابتكار داخل مجتمع التصمیم.

- ثمة مراحل عدة في الابتكار الإبداعي للتصاميم. أية مرحلة هي الأحب إلى قلبك ولماذا؟

أقدّر حقاً المرحلة المفاهیمیة من المشروع عندما یبدأ في التشكّل، لأنها تمنحني الفرصة لنحتها وتشكیلها إلى سرد متكامل. أستمتع في إنشاء الرسومات التي تساعد في توجیه مسار العمل وتؤثر في تطوّره.

- ما هي مشاريعك المستقبلية؟

في الوقت الحالي، أركّز على تطویرSORBE STUDIOS كمساحة إبداعیة، كما أشارك في برامج متنوعة في كل أنحاء الإمارات والتي تساعد في تعزیز نموّي الفني ولغتي.


- نصيحتك للفنانات الإماراتيات الشابات؟

من المهم الحفاظ على عقلیة مرنة تساعد في تأسیس لغة الفن أو الإبداع بشكل عام لتكوین أعمال تساعد في تطویر الأبحاث التي یسعون الى تطویرها. ولا بدّ أیضاً من مراجعة البحوث الحالیة في أي مجال لتحدید الطرق الفعالة لدمج الأسالیب الحدیثة مع الأسالیب التقلیدیة. بالإضافة إلى ذلك، التعاون مع الخبراء والاطّلاع على وجهات نظر متنوعة یساعدان في تطوير الأفكار التصمیمیة.

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080