تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

سارة المنصوري... تصاميمي تحتفي بروح الثقافة الإماراتية

سارة المنصوري فنانة إماراتية شابة تبتكر أعمالاً وتصاميم ترتبط عن كثب بالتراث الغني لدولة الإمارات العربية المتحدة، وتمزجه بسلاسة مع التعبير الفني الحديث. ويصحّ القول إن أعمال سارة الفنية بمثابة جسر بين الماضي والحاضر، إذ تعيد تفسير التقاليد القديمة من خلال الجماليات المعاصرة، وتدمج الرموز والقصص والعادات الإماراتية التقليدية مع التقنيات الفنية المبتكَرة. كما أنّ سرديات الهوية الإماراتية والتراث العريق هما أساس تفوّق تصاميمها، علماً أن تفانيها في الحفاظ على الهوية الثقافية وتعزيز الحوار بين الثقافات واضح في كل قطعة تبدعها. دعونا نغوص في عالم سارة الإبداعي ونتعرف على رحلتها الإبداعية، والتحدّيات التي واجهتها، واستعدادها لعرض أعمالها في مهرجان أبو ظبي 2025.


- متى بدأ اهتمامك بتصميم المجوهرات؟

بدأ حبّي للمجوهرات منذ صغري، حيث كنت مفتونة بالأشكال الهندسية الجميلة في الذهب العربي والنقوش الرائعة. كل قطعة كانت تحمل طابعاً فريداً يميّزها عن الأخرى، مما زاد من شغفي بهذا الفن.

- مَن شجّعك في مسيرتك؟

لطالما كانت أمي ملهمتي ودافعي في مسيرتي كفنانة تشكيلية. فقد ساندتني وشجّعتني على التعبير عن نفسي من خلال الفن، مما أعطاني الثقة لمتابعة شغفي بتصميم المجوهرات. ساهمت أمي بشكل كبير في تعزيز هويتي الإماراتية، حيث ألهمتني قيم التراث الجميل وثقافتنا الغنية.

كانت تروي لي قصصاً عن التقاليد والفنون الشعبية، مما جعلني أستمدّ إلهامي من جمال الطبيعة والتراث الذي يحيط بنا. كل قطعة من مجوهراتي تعكس جزءاً من هويتنا وثقافتنا، وأحاول دائماً دمج العناصر التقليدية مع لمسات عصرية، لتكون تعبيراً عن فخرنا وإبداعنا. دعمها لي كان بمثابة نور يهدي طريقي، وأشعر بأن كل إنجاز أحققه هو نتيجة لذلك الحب والتشجيع الذي منحته لي. أمي هي السبب وراء شغفي، وهي روح كل قطعة أُبدعها.

- من أين تستمدّين إلهامك؟

غالباً ما يأتيني الإلهام من قصص وتراث المرأة الإماراتية والحِرف التقليدية. من خلال ملاحظة الأناقة الدقيقة في التراث ومرونة جذورنا الثقافية، أجد الطاقة اللازمة لإنشاء قطع تتجاوز الزمن، مما يسمح للمشاهدين بتقدير الماضي وسرده المتطوّر في السياقات المعاصرة.

- إلى مَن تتوجّه تصاميمك؟

تصاميمي تتوجه إلى "أم الإمارات" الشيخة فاطمة، التي ساهمت بشكل كبير في تعزيز مكانة المرأة الإماراتية. إنجازاتها تُعدّ نجاحاً يُحسب لدولة الإمارات في مجال تمكين المرأة، مما يلهمني في كل خطوة أخطوها.

- أخبرينا عن شعورك يوم حصدتِ جائزة "مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون" عن فئة التصميمات الإبداعية للمجوهرات.

كان شعوراً لا يوصف! لقد غمرتني السعادة لأنني حققت أحد أهدافي. كان لحظة فخر واعتزاز، حيث شعرت بأنني حصدت ثمار جهودي وتفانيّ في العمل. هذا الإنجاز كان دافعاً لي للاستمرار في تقديم الأفضل والتطوير من مهاراتي.


- ما الذي يميّز ذلك التصميم الإبداعي تحديداً؟

ينبع إلهامي من تضافر الصحراء والبحر، حيث أستحضر تحفة فريدة تتجذّر بعمق في الثقافة الإماراتية. تصميمي يشيد بصمود المرأة الإماراتية الذي لا يتزعزع، ويعكس شجاعة الرجال الإماراتيين الذين يغوصون بحثاً عن اللؤلؤ، مما يرمز إلى التراث الغني لدولة الإمارات العربية المتحدة.

كما أنني استلهمت من فن السدو، الذي يُعدّ رمزاً مهماً من رموز الهوية الإماراتية. والسدو هو أحد أنواع النسيج البدوي التقليدي، ويعكس حياة أهل البادية وثقافتهم. يُستخدم السدو في حياكة الخيام والسجاد ورِحال الإبل، مما يجعله جزءاً لا يتجزأ من تراثنا. يشكّل اندماج الفخامة الإيطالية مع الثقافة الإماراتية اتحاداً جريئاً ومتميزاً، يتجاوز الحدود التقليدية. هذه القطع ليست مجرد مجوهرات؛ بل هي تعبيرات قوية عن القوة والأسلوب، واحتفال بالانصهار الثقافي، وشهادة على الجرأة والتميّز. كل قطعة تحمل قصة، وتعكس حبّنا العميق لتراثنا واعتزازنا به.

- ما الذي أضافته إليك هذه الجائزة، وما هي التحدّيات التي ألقتها على عاتقك؟

فوزي بجائزة DOLCE&GABBANA X ADMAF DESIGN AWARD كان بمثابة علامة تحوّل حقيقية في مسيرتي المهنية. لم يقتصر الأمر على منحي الشهرة والتقدير العالميين، بل دفعني أيضاً لتحسين هويتي الفنية واستكشاف طرق إبداعية جديدة. التعاون مع هذه العلامة التجارية المرموقة ساعدني على الارتقاء بأسلوبي في التصميم، مما دفعني لدمج الفخامة مع الأصالة الثقافية.

لكن الجائزة لم تخلُ من التحديات؛ فقد كان عليّ تحقيق توازن دقيق بين الجماليات الإماراتية التقليدية وتوقعات الأزياء الراقية للجمهور الدولي. ومع ذلك، عزّزت هذه التحديات إصراري على الحفاظ على الأصالة الثقافية مع تبنّي ديناميكية التصميم الحديث.

- وماذا عن الفرصة الاستثنائية مع "دولتشي إند غابانا"؟

كانت الفرصة للعمل مع Dolce & Gabbana رحلة غنية للتعاون بين الثقافات. تطلّبت هذه التجربة فهماً عميقاً لتراث كلتا العلامتين التجاريتين، حيث استلهمت من تراث "دولتشي إند غابانا" الغني في الموضة وتراث دولة الإمارات العربية المتحدة. ألهمتني هذه التجربة لتجربة الأنماط المعقّدة والتصميمات الجريئة، ونسج عناصر الثقافة الإماراتية بسلاسة في قطع الأزياء الفاخرة المعاصرة.

- كيف تدمجين التقنيات الحديثة مع الهوية الإماراتية في عملية التصميم الخاصة بك؟

أدمج التقنيات الحديثة مع الهوية الإماراتية من خلال استلهام فن السدو التقليدي. هذه الحِرفة اليدوية الإماراتية تستخدم شعر الإبل وشعر الماعز وصوف الأغنام، وتشتهر بألوانها الزاهية وأنماطها المعقّدة. من خلال الحفاظ على التقنيات التقليدية، أعمل على تطويرها لتتناسب مع التصاميم المعاصرة، مما يعكس الأهمية الثقافية والمهارات الفنية للمرأة الإماراتية التي حافظت على هذه الحِرفة لأجيال.


- هل تركّزين على الاستدامة في عملك، ولماذا؟

نعم، أركّز على الاستدامة في عملي لأنها تعكس التزامي بالحفاظ على التراث الثقافي والبيئي. أؤمن بأن التصميم يجب أن يكون مسؤولاً، وأعمل على دمج المواد المستدامة وتقنيات الإنتاج الصديقة للبيئة في كل قطعة أصمّمها.

- ماذا عن مشاركتكِ في مهرجان أبو ظبي 2025؟

مشاركتي في مهرجان أبوظبي 2025 تمثّل فرصة فريدة لتوسيع روايتي الفنية، وستسمح لي بتقديم الجوهر الثقافي لدولة الإمارات العربية المتحدة من خلال منشآت تفاعلية تحتضن الحداثة والتقاليد. هدفي هو خلق تجربة غامرة تحتفي بروح الثقافة الإماراتية بأساليب مبتكَرة، وتعزّز الروابط بين الماضي والحاضر. أشكر مؤسّسة "أبوظبي للموسيقى والفنون" على هذه الفرصة القيّمة.

- ما هي طموحاتك المستقبلية؟

تتمحور طموحاتي المستقبلية حول وضع نفسي كسفير ثقافي رائد للتراث الإماراتي من خلال الفنون. أطمح إلى إنشاء منصّة ديناميكية تعرض السرد الثقافي لدولة الإمارات، وتؤسّس لحوار هادف بين التقاليد والحداثة على نطاق عالمي. أريد أن أدمج التقنيات الناشئة والأشكال الفنية المبتكَرة، وأُعيد تعريف كيفية فهم الثقافة الإماراتية وتقديرها.

على المدى الطويل، أتصوّر توسيع عملي على المستوى الدولي، والتعاون مع المؤسّسات والعلامات التجارية المرموقة لتنظيم المعارض الثقافية، والمنشآت الغامرة، ومجموعات التصميم التي يتردّد صداها مع جماهير متنوعة. أنا مدفوعة بشكل خاص لإلهام الجيل القادم من الفنانين، وتشجيعهم على احتضان تراثهم وإعادة تصوّره بثقة وإبداع.

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080