قصر قامة الطفل قد يخفي وراءه مشاكل صحيّة مختلفة
لا تقتصر مراقبة الطول والوزن على أهمية جمالية، فهما معيار النمو لدى الطفل الذي قد يخفي وراءه مشكلات صحية تتفاوت في أهميتها. في الواقع قد يكون قصر القامة مؤشراً ينبه الأهل إلى ضرورة البحث عن مشكلة ما لدى الطفل.
هنا تبرز أهمية توعية الأهل ليدركوا أن قصر القامة قد لا يرتبط بالسبب العائلي، كما يبرر كثر معتبرين أن قصر قامة الطفل سببه وراثي وناتج عن قصر قامة الأهل فقط، بل إن السبب يمكن أن يكون مرَضياً ويحتاج إلى متابعة وعلاج مع الطبيب الاختصاصي.
تحدّثت رئيسة لجنة أطباء الأطفال المتخصصين بأمراض الغدد الصماء في الجمعية اللبنانية لطب الاطفال إليان خلوف كلاس عن معايير النمو وضرورة مراقبته من جانب طبيب الأطفال من خلال الزيارات الدورية المنتظمة، والمشكلات الصحية التي يمكن أن يخفيها قصر النمو مع ما له من تأثير، في حال إهماله ، على شخصية الطفل وحياته وحالته النفسية.
ما هو معيار النمو الطبيعي لدى الطفل؟
النمو الطبيعي للطفل يقضي بأن يزيد طوله في السنوات الخمس الأولى بمعدل 50 سنتمتراً. فيزيد الطول في السنة الأولى بمعدل 25 سنتمتراً .
وبعدها بمعدل 9 سنتمترات. أما بعد سن 5 سنوات فيزيد الطول بمعدل 5 أو 6 سنتمترات في السنة، ثم تعود سرعة النمو لتزيد بعد البلوغ وتصل إلى 7 أو 9 سنتمترات في السنة إلى أن تكتمل العظام.
في اي سن يتوقف النمو؟
عادة تبدأ العادة الشهرية لدى الفتاة في حوالي سن 10 او 11 سنة، فيزيد النمو لفترة ثم يعود ويتراجع. أما لدى الصبي فيبدأ النمو بالتراجع بعد سن 16 سنة إلى أن يتوقف.
وبالتالي متى يمكن القول أن طفلاً يعاني بطئاً في النمو؟
لمجرد أن ينمو الطفل بمعدل أقل من هذه الأرقام التي ذكرناها، لا بد من التأكد من عدم وجود مشكلة تعيق نموه.
من المسؤول عن مراقبة النمو لدى الطفل وملاحظة أي خلل فيه؟
من المفترض أن يأخذ الأهل الطفل إلى طبيب الأطفال بانتظام خصوصاً في السنتين الأولى والثانية. فالكل يعلم ان الطفل يزور الطبيب بكثرة في السنوات الأولى للحصول على اللقاحات شهرياً.
كما يجب ان يلاحظ طبيب المدرسة أي خلل في النمو او مشكلة لدى الطفل. أما الأهل ففي كثير من الأحيان تختلط الأمور لديهم ويعتقدون أن قصر قامة الطفل طبيعي في عائلة لا يتمتع أفرادها بطول القامة.
لكن في الواقع من الضروري مراقبة النمو بشكل دقيق وأي نقص في المعدل يجب أن يؤخذ في الاعتبار في الوقت المناسب.
لكن لا يمكن أن ننكر أن ثمة أطفالاً لا يزورون الأطباء بشكل دوري، ما الحل في هذه الحل لتعقب أي مشكلة؟
يعتبر قياس الطول والوزن من الأدوات الأساسية في الفحص السريري لدى طبيب الأطفال.
ففي كل الحالات من الضروري اصطحاب الطفل إلى الطبيب على الأقل مرة أو اثنتين في السنة على الأقل لمراقبة نموه بشكل دقيق.
هذا إلى جانب أهمية حرص الأهل على مراقبة نمو الطفل باستمارا وملاحظة أي تأخّر في النمو.
ما الذي يمكن أن يفعله الأهل عند ملاحظة أي مشكلة؟
الخطوة الأهم هي اكتشاف المشكلة ففي حال وجودها تجرى الفحوص التقويمية اللازمة لتحديد المشكلة وأسبابها.
لا بد من التركيز على مسألة النمو لأنها تعتبر مؤشراً لمشكلات صحية مخبأة، فقد تكون ثمة مشكلة في الجهاز الهضمي تسبب خللاً في الامتصاص. كما يمكن أن تكون المشكلة في الكليتين أو الغدد أو في قلة التغذية.
فكل هذه المشكلة قد تؤدي إلى قصر في النمو. في حال ملاحظة مشكلة في النمو، يحوّل طبيب الاطفال الطفل إلى الاختصاصي لإجراء التقويم اللازم وتحديد سبب المشكلة.
ونقصد بذلك مشكلات النمو المرضية الناتجة عن مشكلة صحية. فقد لا تكون هناك مشكلة صحية بل يقتصر الأمر على قلة الطول ولا مشكلة في ذلك.
ما الفحوص العملية التي يمكن إجراؤها؟
يختلف الأمر بحسب الحال، لكن بشكل عام تُجرى صور تسمح بتحديد المشكلة. وفي حالات معينة يجب إجراء بعض الفحوص التي قد تكون مزعجة للطفل وهي الفحوص التحميضية، لكنها ضرورية وتسمح بالتأكد ما إذا كان جسم الطفل يفرز هرمون النمو بشكل جيد.
هل مساعدة الطفل الذي يعاني قصراً في النمو ممكنة في أي سن كانت؟
مما لا شك فيه أنه بقدر ما يكون التشخيص مبكراً تكون نتيجة العلاج فضلى. فالتأخير ليس في مصلحة الطفل. يمكن مساعدة الطفل بنسب مختلفة إلى أن يكتمل نموّه بعدها لا يمكن تقديمم أي مساعدة له. ففي حال بدء العلاج في سن 4 سنوات مثلاً يمكن الحصول على نتيجة فضلى وتعويض نقص النمو بشكل أفضل مما يمكن فعله في السنوات المتقدمة.
يمكن القول أنه بعد سن 6 سنوات أو 8 تصبح الاستفادة من العلاج محدودة.
وبالتالي، في حال تشخيص قصر النمو في منتصف مرحلة الطفولة أو في آخرها أي في سن متأخرة يصعب على الطفل بلوغ طول القامة المرتقب بحسب المعايير الطبيعية بواسطة العلاج، مما يجعله أقصر بكثير من أقرانه مع ما لذلك من تأثير على حياته وشخصيته ونفسيته.
كيف تتم المعالجة في حال اكتشاف مشكلة؟
تتم المعالجة بحسب السبب، ففي حال وجود قصور في الغدة الدرقية يعطى العلاج المناسب لها .
كذلك إذا كانت المشكلة في الكلى، تتم معالجتها. يختلف العلاج بحسب التشخيص ويمكن دمج علاجات عدة في حال وجود أسباب عدة للمشكلة. ويمكن معالجة حالات كثيرة بهرمون النمو.
ما المشكلات التي يمكن أن تعيق النمو الطبيعي للطفل؟
ثمة عوامل عائلية عدة تلعب دوراً في إعاقة النمو الطبيعي للطفل. لا بد من الأخذ في الاعتبار أن مشكلة الطول متعددة العوامل ولا يمكن التغاضي عن ذلك. ويعتبر التأخر في النممو علامة مبكرة تدل على مشكلة صحية ولا بد من التنبه لها.
لكن قد لا يتنبه الاهل إلى قصر القامة أحياناً بسبب وجود المشكلة لديهم فيعتبرونها مسألة طبيعية لا تدعو للقلق؟
لا يمكن تخطي مسألة طول الأهل التي لها تأثير على طول الطفل. هي تؤخذ في الاعتبار. لكن في الوقت نفسه لا بد من التوضيح أن ثمة حسابات لذلك.
العامل العائلي هو الأول ولا يمكن إهماله، لكن لا يمكن ان ننسى أيضاً عوامل المحيط كالتغذية، علماً أن تحسن مستوى التغذية في العالم ككل ساهم في زيادة مستوى الطول.
وفيما يعتبر تناول الحليب مهماً جداً، لا بد من التوضيح أنه ليس له تأثير مباشر على الطول كما يشاع. ولا بد من ذكر عامل العرق أيضاً لما له من تأثير، فلا يمكن على سبيل المثال مقارنة طول العربي بطول الاسكندينافي.
إذا كان طول الطفل جيداً ويتخطى المعدل الطبيعي عند ولادته، هل هذا يعني أنه سيكون طويل القامة أو ان نموه سيكون طبيعياً؟
ليس لطول الطفل عند ولادته أي علاقة بطوله في السنوات اللاحقة لأن هرمون النمو تختلف تماماً عن الهرمونات التي لدى أمه وهو في الرحم. وبالتالي يمكن أن يتخطى طوله المعدل الطبيعي عند الولادة ويعاني مشكلة في النمو لاحقاً.
متى يجب أن تستشيري الطبيب؟
- إذا كان طفلكِ أكثر قامة من رفاقه في الصف بشكل ملحوظ
- ينمو ببطء مقارنة برفاقه في الصف
- قامته أقصر من معدّل طول الأهل
في هذه الحالات، من الضروري استشارة الطبيب.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024