جدل كبير حول إنجاب أطفال معدّلين وراثياً

18 تشرين الثاني 2024

عادت قضية إنجاب أطفال معدّلين وراثياً إلى الواجهة بعد التغيير الأخير في إرشادات البحث الصحي في جنوب أفريقيا الذي صدر في أيار/مايو 2024، وهو ما أحدث موجة من الجدل الأخلاقي، من خلال فتح الطريق أمام استخدام تقنية تحرير الجينوم الذي سبق الحديث عنه ومنع تطبيقه.

ويعود السبب في الخلاف الحاد حول تحرير الجينوم البشري الوراثي (الفصّ الجيني) إلى تأثيراته الاجتماعية وإمكانياته المتعلقة بالانتقاء الجيني. وهذا التوجه مثير للاستغراب نظراً للمخاطر العالية التي تحيط بهذه التقنية، ولكن تعديل القانون جعل جنوب أفريقيا أول دولة تتبنّى هذا التوجه في العلن.

وأكدت كاتي هاسون المديرة المساعِدة في مركز علم الوراثة والمجتمع في تقرير حديث لمجلة The Conversation أن جنوب أفريقيا بصدد تسهيل هذا النوع من الأبحاث، وهو ما يطرح الكثير من علامات الاستفهام ويثير القلق مستقبلاً.

يُذكر أنه في عام 2018 عدّل عالِم صيني جينات أطفال باستخدام تقنية CRISPR لحمايتهم من فيروس نقص المناعة البشرية، فلاقت الخطوة استنكاراً عالمياً وانتقادات من العلماء والمجتمع الدولي الذين رأوا أن هذا الاستخدام غير مبرَّر وله مخاطر كبيرة.

ورغم الانتقادات وفرض رقابة عامة صارمة على هذه التقنية ذات الأثر الاجتماعي الكبير، يبدو أن جنوب أفريقيا قد عدّلت توجيهاتها للأبحاث في الصحة لتشمل معايير محدّدة لأبحاث تحرير الجينوم الوراثي لكنها تفتقر إلى القواعد التي تتعلق بالموافقة المجتمعية، رغم أن التوجيهات تنص على ضرورة تبرير البحث من الناحية العلمية والطبية مع وضع ضوابط أخلاقية صارمة وضمان السلامة والفعالية. إلا أن هذه المعايير ما زالت أقل تشدّداً من توصيات منظّمة الصحة العالمية.

وتأتي هذه الخطوة وسط انقسام في القانون بجنوب أفريقيا حيث يحظّر قانون الصحة الوطني لعام 2004 التلاعب بالمواد الوراثية في الأجنّة لأغراض الاستنساخ البشري. ورغم أن القانون لا يذكر تقنيات تعديل الجينات الحديثة مثل "كريسبر"، فإن نصوصه تشمل منع تعديل المادة الوراثية البشرية، ما يُثير تساؤلات حول التوافق بين القانون والتوجيهات الأخلاقية.

ويثير هذا التطوّر مخاوف واسعة، بما في ذلك تأثيرات تقنية "كريسبر" في الأمّهات والآباء المستقبليين والأطفال والمجتمع والنظام الجيني البشري ككل.