الأميرة نورة الفيصل: تصاميمي تروي قصّتي
الأميرة نورة بنت محمد العبدالله الفيصل، مؤسِّسة دار مجوهرات "نون" Nuun وواحدة من أبرز شخصيات المجتمع السعودي، باتت اسماً بارزاً في مجال تصميم وصناعة المجوهرات الراقية، علماً أن بداية رحلتها في عالم المجوهرات كانت من خلال مخطّط بسيط أثناء محاولتها إعادة تصميم أقراط إذن لوالدتها. أدركت الأميرة نورة شغفها بالأحجار الكريمة وقرّرت سبر هذا العالم المذهل. والبداية الفعلية كمصمّمة كانت من خلال تصميم القطع حسب الطلب لعائلتها وأصدقائها. وسرعان ما اتّسعت قاعدة العملاء إلى أن افتتحت الأميرة نورة بوتيكها الأول في شارع "فوبور سانت أونوريه" في باريس وابتكرت علامة "نون" سنة ٢٠١٤، لتبدأ حكاية مسطّرة بالنجاح والرقي والفخامة. في هذا الحوار، تُطلعنا الأميرة نورة الفيصل على التحدّيات التي تواجهها للحفاظ على تميّز علامتها، وتعاونها مع علامة "أسبري" ضمن شراكة إبداعية مميزة، ونتعرف على نصائحها للجيل الصاعد من المصمّمين السعوديين...
- ما الذي يميّز مجوهراتك الراقية عن غيرها؟
إنه المزيج الفريد من الثقافة والتراث والتجارب الشخصية التي تمنح كل قطعة طابعها الخاص. تصاميم "نون" تروي قصة - قصتي. يعكس كل منحنى واختيار للأحجار الكريمة وتفصيل دقيق الأماكن التي زُرتها والفن الذي يُلهمني والتقاليد التي أثّرت فيّ.
- كيف تعاونتِ مع أرشيف "أسبري" للعثور على الإلهام، وكيف عملتِ مع الفريق لضمان الحفاظ على هوية العلامة طوال عملية التصميم؟
عندما تواصلت معي علامة "أسبري" لتصميم مجموعة معاصرة مستوحاة من خط الريش الشهير لديهم، كنت متحمّسة جداً. أتاحوا لي الوصول إلى أرشيفاتهم التي كانت كنزاً حقيقياً من الإلهام. الغوص في تاريخ "أسبري" العريق سمح لي بفهم جوهر العلامة التجارية: روحها المبتكَرة وإحساسها الممتع بالمرح. بينما كنت منغمسة في الأرشيفات، وجدتُ نفسي منجذبة إلى التأثيرات الفنية لفترة الفن الزخرفي في أعمال "أسبري" السابقة. وقد ترافق كل ذلك مع شخصية العلامة التجارية التي أصبحت أساساً لعملي الإبداعي. طوال رحلة التصميم، كان فريق "أسبري" داعماً بشكل رائع. كانوا دائماً متاحين عندما كنت بحاجة إلى ملاحظات، لكنهم أيضاً منحوني الحرية الإبداعية للتعبير عن رؤيتي. كان هذا التوازن حاسماً لضمان أن تبقى المجموعة النهائية وفيةً لهوية "أسبري" مع تقديم رؤية جديدة ومعاصرة.
- كيف تعاملتِ مع تحدي تحقيق التوازن بين الابتكار وتراث "أسبري" الغني؟
للوهلة الأولى، قد يبدو تحقيق التوازن بين الابتكار وتراث "أسبري" العريق بمثابة تحدٍ. ولكن عندما انغمست في تاريخ العلامة التجارية الرائع، اكتشفت شيئاً مثيراً للغاية: الابتكار جزء لا يتجزأ من إرث "أسبري"! منذ بداياتها الأولى وحتى الوقت الحاضر، كانت "أسبري" في طليعة الإبداع والحِرفية عبر كل خطوط منتجاتها، وليس فقط المجوهرات. كان هذا الكشف ملهماً ومحرّراً في الوقت نفسه. كان يعني أنه يمكنني تكريم إرث العلامة التجارية مع الاستمرار في دفع حدود التصميمات الخاصة بي. عملياً، يتيح لي هذا النهج أن أستلهم من الرموز والتقنيات الشهيرة لـ"أسبري"، ثم أُعيد تفسيرها باستخدام أحدث المواد أو التركيبات غير التقليدية. إنها عملية مثيرة تحترم التقاليد من جانب، وفي الوقت ذاته ترحّب بالمستقبل، تماماً كما فعلت "أسبري" على مدار تاريخها اللامع. كل قطعة تروي قصّتها الفريدة من خلال تفاعل الألوان والمواد.
- ما هي بعض الجوانب الأكثر تحدياً في عملية التصنيع، وكيف تغلّبتِ عليها؟
يمكنني القول إنني محظوظة جداً للعمل مع فريق من الحِرفيين الذين يتفوّقون في حلّ المشكلات. إنهم يواجهون كل تحدٍ جديد بحماسة، وهو أمر ضروري نظراً للتعقيدات التي نواجهها غالباً في تصاميمنا. من المثير للاهتمام أن تكون العناصر التي تبدو بسيطة في كثير من الأحيان هي الأكثر تحدّياً. في هذه المجموعة الخاصة، جاء أكبر التحدّيات من مصدر غير متوقّع وهو الريش نفسه. بالنسبة الى ريش التيتانيوم، كان تحقيق لون متناسق تحدّياً كبيراً. التيتانيوم معروف بتقلّبه الشديد عندما يتعلق الأمر بالألوان، وضمان التناسق عبر قطع متعددة تطلّب الكثير من التجارب والدقّة. أما بالنسبة إلى ريش الكريستال، فقد دفعنا تصميم هيكله للصعود الى آفاق جديدة من الابتكار. تلك التحدّيات، على الرغم من أنها تتطلّب جهداً كبيراً، هي ما يجعل عملنا مجزياً للغاية. وهذه الابتكارات المستمرة هي ما يحافظ على شغفنا بما نقوم به.
- يُمثّل هذا التعاون خطوة جديدة في شراكتكِ المستمرة مع "أسبري". كيف تطوّرت علاقتكِ بالعلامة التجارية، وما الذي يثير حماستك أكثر بشأن مستقبل هذه الشراكة الإبداعية؟
كانت رحلة "نون" مع "أسبري" استثنائية بكل المقاييس. مع تطوّر شراكتنا، فتحت أمامنا آفاقاً جديدة مثيرة للإبداع. كانت الفرصة للدخول في فئات منتجات جديدة، مثل خط الحقائب المحدود لدينا، مُرضية للغاية. دعم "أسبري" الثابت وثراء خبرتها كانا أساسيين في تحقيق هذه الرؤى. ما يميز هذه الشراكة حقاً هو الثقة الاستثنائية التي منحتها لي. لقد منحوني حرية إبداعية كاملة في هذه المجموعة الجديدة، وهي هبة نادرة وثمينة في صناعتنا. هذا المستوى من الثقة يعكس بوضوح التزام "أسبري" بالابتكار وإيمانهم بدفع الحدود. عند النظر إلى المستقبل، أشعر بالحماسة تجاه الإمكانيات اللامتناهية التي تحملها شراكتنا. هناك طاقة بيننا تعِد بإطلاق المزيد من الإبداعات. الأمر لا يتعلق فقط بصنع قطع جميلة؛ بل بإعادة تصوّر ما يمكن أن تكون عليه المجوهرات الراقية والإكسسوارات الفاخرة.
- بصفتكِ مصمِّمة، كيف ترين تطوّر عملكِ مع مجوهرات "نون" في إطار هذه الشراكات الرفيعة؟
بصفتي مصمِّمة، سيبقى قلبي دائماً مرتبطاً بمجوهرات "نون". لقد استثمرتُ سنواتٍ من الشغف في بناء هذه العلامة التجارية وتعزيز العلاقات الثمينة مع عملائنا. مع ذلك، فإن هذه الشراكات الرفيعة مثيرة للغاية بالنسبة إليّ، سواء على الصعيد الشخصي أو المهني. على الصعيد الشخصي، تتيح لي هذه الشراكات الفرصة لاكتشاف مجالات إبداعية جديدة وتوسيع نطاق تجربتي الفنية. إنه مثل إضافة ألوان زاهية جديدة إلى لوحتي، مما يجعلها أكثر حيويةً وإلهاماً. لكنْ هناك جانب أكثر أهميةً لهذه الشراكات، وهي أنها بمثابة منارة تضيء مساراً للمصمّمين السعوديين الآخرين. خلال التعاون مع دور عالمية شهيرة، نعرض الموهبة في منطقتنا ونفتح الأبواب أمام الأجيال المستقبلية من المبدعين. لذا، بينما تظل "نون" في طليعة أولوياتي، فإن هذه الشراكات تتيح لي أن أُطوّر نفسي كفنانة، وفي الوقت نفسه دعم المجتمع السعودي الأوسع في مجال التصميم. فهي تجمع حقاً أفضل ما في العالمين!
- هل يمكنكِ مشاركتنا قصة أحد تصاميمك المفضّلة من المجموعة؟
الأمر مشابه لسؤال أحد الوالدين عن اختيار طفله المفضل! كل تصميم في هذه المجموعة يحمل معنىً عميقاً ويحتل مكانة خاصة في قلبي. لكن إذا توجّب عليّ اختيار تصميم واحد، فسأرغب بالتحدّث عن قلادة الريش. هذا التصميم متربّع في قلبي لأسباب عدّة. تخيّلي قلادة تلتف حول العنق وتُضفي طاقة تُشعرك بالحياة. صفوف متعددة من الريش الرقيق، تتناغم ألوانها وتندمج في رقصة ساحرة. متناثرة بينها، تتخللها قطع من الألماس التي تتلألأ تحت الضوء، مما يضيف بريقاً سماوياً. ما أحبّه في هذه القطعة هو التوازن بين الإتقان الفني وإحساس الحيوية. تصميم قلادة بهذا المستوى من المرونة تطلّب خبرة واسعة، ومع ذلك، فإن النتيجة النهائية تبدو حيوية وطبيعية. إنها تجسيد مثالي لما أسعى لتحقيقه في عملي، مجوهرات ذات قيمة لا تُضاهى، لكنها تُضفي لمسة من الفرح والمتعة. يتطلب ابتكار هذه التصاميم المعقّدة من حِرفيي "نون" تطوير تقنيات جديدة.
- ما هي قطعة المجوهرات التي لا تفارقك أبداً؟
خاتم زفافي.
- هل لديك أي نصائح للجيل الصاعد من المصمّمين السعوديين؟
للجيل الصاعد من المصمّمين السعوديين، أودّ أن أقول: لا تتوقّفوا أبداً عن الحلم. من خلال تجربتي، مع الإخلاص والمثابرة، يمكنكم تحقيق أشياء مذهلة. عالم التصميم مليء بالإمكانات، ورؤيتكم الفريدة تمتلك القدرة على خلق شيء استثنائي حقاً. اعتبروا كل تحدٍ فرصةً للنمو وصقل حِرفيتكم. العمل الجاد هو المفتاح بالتأكيد، ولكن الإيمان بأنفسكم وأفكاركم لا يقل أهميةً. تذكّروا أن كل قطعة مجوهرات أيقونية بدأت كشرارة من الخيال. تراثكم الثقافي هو مصدر غني للإلهام، استفيدوا منه، ولكن لا تتردّدوا في دفع الحدود وابتكار طرق جديدة. ابقوا فضوليين، واستمروا في التعلّم، وأحيطوا أنفسكم بأشخاص يدعمون طموحاتكم. قد لا تكون الرحلة دائماً سهلة، ولكنني أؤكد لكِ أنها تستحق العناء. لا أستطيع الانتظار لرؤية التحف الفنية التي ستبتكرونها.
- هل لديكِ مشاريع جديدة تودّين مشاركتها؟
أعمل حالياً على مجموعة مجوهرات جديدة مستوحاة من التراث السعودي.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024