تحميل المجلة الاكترونية عدد 1075

بحث

Al-Balad جدة تحفة فنية وإرث يعترف به العالم

البلد جدّة... قد يبدو للبعض أنه مكان تاريخي عادي ولكنه في الحقيقة بكامل تفاصيله وديكوراته القديمة، يعكس اندماج الثقافات المتنوعة التي مرت على المملكة العربية السعودية، ويؤمن بقصصه التاريخية فرصة للعودة بالزمن إلى الوراء، حيث قاومت أسوار هذه المنطقة العوامل التاريخية ببواباتها القديمة، خاصة أن تاريخ “البلد” التي تقع في قلب مدينة البحر الأحمر جدّة، يعود إلى القرن السابع.


مبهر هذا الحيّ السعودي التاريخي في جدّة بهندسته المعمارية التقليدية وديكورات أبنيته المشيّدة من الطوب اللبن والأخشاب، والتي ما زالت تحافظ على شكلها القديم الفاخر، إضافة إلى شوارعه وأزقّته الضيّقة التي تعبق بروحية خاصة بجمالها وبساطتها، ولا يمكن تجاهل أسواقه المزدحمة التي تعكس معالم المدينة العتيقة وتراثها وتاريخها الغني.

وتزخر مدينة جدّة في السعودية بمقومات تاريخية وأثرية وعمرانية فريدة من نوعها، فهي تضمّ مجموعة من المعالم التراثية التي تضع المدينة على خريطة المدن التاريخية العالمية الحيّة، حيث تعتبر الأبنية والفنادق والمحال من التحف الفنية البارزة، وهي قلب مدينة جدّة النابض بالحياة والجمال، وواحة لاستضافة العديد من المناسبات الثقافية والفنية السنوية. وبفضل تصاميمها المُبهجة التي تسعى السلطات المحلية إلى المحافظة على شكلها العتيق ورونقها التاريخي من خلال صيانة مبانيها وترميم كل زاوية منها، تم تصنيف الحيّ ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 2014.


سحر «البلد» يكمن في تفاصيله القديمة

وفي إطار خطّة المملكة لتطوير السياحة وخلق أماكن جذب جديدة، تسعى دائماً إلى المحافظة على خصوصية هذا الحيّ العريق بهندسته المعمارية الرائعة، من خلال الأبنية ذات الجدران المشيّدة من الحجر المرجاني، والمزيّنة بالرواشين الخشبية، والأبواب المزخرفة. وإلى جانب الأبنية، هناك متحف المتبولي ومسجد الجفالي ومسجد الشافعي ونافورة الملك فهد، وكلها تشكّل نموذجاً معمارياً لا مثيل له في المنطقة ومقصداً لعشّاق التاريخ والثقافة ومهندسي الديكور بهدف استكشاف المكان عن قرب والتعلّم من هذه الثقافة العمرانية القديمة.

ولا يقتصر سحر «البلد» على التراث المحيط بالمكان، بل يتخطّاه إلى تصاميم المباني والديكورات التراثية التي تزيّن الحيّ العريق، والمؤلّف من أكثر من 600 مبنى تراثي، و36 مسجداً تاريخياً، وخمسة أسواق تاريخية رئيسة، هي من أعرق الأسواق الشعبية، وتمثّل وجهة مفضلة لدى محبّي التراث والحِرف والقطع التذكارية، وهناك أيضاً الساحات العتيقة المزيّنة بأسلوب قديم، والأزقّة التي لا تزال تحافظ على شكلها التراثي، لتصبح كلها بمثابة متحف أثري قديم، يُشعر الزائرين وكأن كل جزء منه يروي حكاية من تاريخ المدينة.


سور جدّة التاريخي وبواباته السبع

وهناك أيضاً سور جدّة التاريخي وبواباته السبع الأثرية والمميزة بزخرفاتها التقليدية الساحرة وعناصرها الحِرفية الداخلية والخارجية، التي تجعلها إرثاً تاريخياً لا مثيل له، يضعها على قائمة معالم البلدة الأثرية، حيث يشهد كل منها على تاريخ حافل مرّ على المملكة عبر القرون، فمن باب مكّة، وباب المدينة، إلى باب شريف، وباب جديد، وصولاً إلى باب البنط، وباب المغاربة... كل جزء منها يروي حكاية قديمة خاصة تعيش عبر السنين.

وبفضل المعالم الأثرية المنتشرة في كل ركن من «البلد»، يلاحظ أي زائر أن المدينة تخبّئ الكثير من الأسرار والكنوز التراثية، فديكورات أبنيتها الساحرة وحاراتها العتيقة ومساجدها التاريخية وأسواقها القديمة، تشكّل سجلاً تاريخياً راسخاً وإرثاً عربياً فاخراً.


فنادق عصرية بعناصر داخلية وخارجية قديمة

ومع انفتاح المملكة على السياحة، تحتضن المنطقة القديمة عدداً من أماكن الضيافة المميّزة التي تستقبل الضيوف لعيش تجربة فاخرة لا تُنسى وسط معالمها التي تشكّل جزءاً من تاريخ المملكة وثقافتها، ومن بينها: بيت جوخدار الذي يتميز بتصميمه التراثي الساحر المؤلّف من الرواشين التي تغطي النوافذ والشرفات البارزة، والتي تُصنع من أجود أنواع الخشب. ويضمّ هذا الفندق 9 غرف وأجنحة تحتضن السحر التقليدي للحيّ مع مطعم يحافظ على ديكوراته وتصميمه القديم من خلال بعض العناصر التي تزيّنه مثل الجص، الأقواس والزجاج الملوّن. وبيت الريَس الذي يُعدّ من الفنادق العتيقة المميّزة، من خلال غرفه التي تحافظ على رونقها القديم، إضافة إلى فناء المبنى العتيق الذي تم ترميمه في وقت سابق، ما يتيح للضيوف القيام برحلة والتوغّل في عمق التاريخ، وهو مكان ساحر يجمع الفخامة العصرية والعناصر المستوحاة من تراث المنطقة وتاريخها. وبيت كدوان الذي يجذّب الزوّار، وهو صرح تراثي يتميّز بنوافذ مغطّاة بشبكات مصنوعة من ألواح خشبية تنسجم مع طابع الحي القديم. إضافة إلى بيت باعشن الذي بات مزاراً مذهلاً وملتقى ثقافياً واجتماعياً، وهو يتميّز بعمارته القائمة على الرواشين الخلاّبة والشرفات القديمة المسبوكة بدقة وفق أعلى معايير الفن الإسلامي، ويضمّ البيت الآن مصنوعات يدوية وصوراً ومخطوطات نادرة.

يُذكر أن المملكة تسعى من خلال برنامج «جدّة التاريخية» وبدعم من وزارة الثقافة وشركة «تطوير البلد»، إلى ترميم الأبنية القديمة والمحافظة على طرازها المعماري التراثي القديم، مع إضافة لمسة عصرية إليها.


المجلة الالكترونية

العدد 1075  |  حزيران 2024

المجلة الالكترونية العدد 1075