نسرين الحكيم: الدراما السورية حاضرة رغم ما يمرّ به البلد
لجأت إلى الخيار الصعب فشاركت خلال السنوات الأخيرة في القليل من الأعمال لكنها تركت عبر كل منها بصمة النجم التي تؤهلها لترتقي بما تقدم إلى فضاءات أوسع وأرحب... إنها الفنانة نسرين الحكيم التي أعطت من حبها وإبداعها لفنها الكثير.
عميقة في حديثها عمق إيمانها بأن الفن رسالة تحمل بين سطورها روح هذه الحياة. روحها مفعمة بالشفافية والثقة، صادقة مع نفسها ومع جمهورها الأمر الذي حمّلها مسؤولية الاختيار فحرصت على تقديم المميز دائما وسعت عبر أدوارها المختلفة إلى تحقيق التألق على خريطة الدراما العربية.
عملت بإخلاص ومضت في أشواط مسيرتها محققة نجاحا تلو الآخر... معها كان هذا اللقاء
- أين تكمن خصوصية مشاركتك في مسلسل «سيت كاز»؟
جسدت في العمل شخصية هنوف التي تقيم في خيمتها الواقعة على طريق سفر، وتعيش مع أخيها واثنين من مساعديها أحدهما عازف (سعدون) والآخر (نادر) يهتم بأمور الخيمة والزوار من سائقي شاحنات وبولمانات يأتون للاستراحة وللاستمتاع بأجواء الخيمة.
تنشأ معرفة بينها وبين معروف لتتحول إلى قصة حب. وهي شخصية جديدة علي وقدمت بعض المشاهد الغنائية والاستعراضية.
- تطلب الدور منك الغناء، فهل شكّل هذا الأمر بداية خط جديد قد تخوضينه خاصة أنك تملكين صوتا كثيرون أشادوا به؟
لم أخطط للغناء في العمل بصوتي ولكن طبيعة الدور تطلبت مني أن أفعل ذلك، فالشخصية هنا تقوم على الغناء.
وعموما احتراف الغناء بعيد عن دائرة اهتماماتي حاليا، وتوجهي منذ البداية كان نحو التمثيل وإيجاد مساحتي الخاصة في الساحة الدرامية العربية والمحلية. لم ألغِ صوتي وإنما أسعى إلى توظيفه في مكانه الطبيعي كممثلة تؤدي الغناء.
كسر المألوف
- تناول الكوميديا بشكل عام في العمل هل حمل شيئاَ من المبالغة؟
الكوميديا موجودة في المسلسل من خلال كل تفصيل فيه، أي الديكور، الأداء، الإخراج، الإضاءة، الماكياج... فكلّها عناصر ارتبطت بهوية المسلسل، وكان همنا في العمل إيصال المضمون إلى الناس بإحساس جماعي لا فردي وأن يجد كل شخص فينا مكانه في قلوب الناس وذاكرتهم، خاصة أن الجميع ابتعدوا عن الأنانية، وكان هدفنا المشترك أن ننجز العمل بروح الجماعة ونقد فيه روح واحدة، وذلك كله ناتج بطبيعة الأمر عن حالة تبنٍ لما نقدم، وقد امتلكت الشخصيات المطروحة فيه بنية طريفة وغير مألوفة على الإطلاق، لا بل وغير منطقية ما انعكس على الأفعال التي جاءت هي الأخرى غير تقليدية.
- وماذا عن الانتقادات التي تناولت الأعمال الكوميدية أخيرا؟
هذا يعتمد على مزاجية الناس وقت عرض العمل. ففي الموسم الماضي كثيرون لم يتقبلوا التجارب الكوميدية التي طرحتها الساحة الدرامية، ولكن في المقابل كثيرون تعايشوا معها، وصدقوها لا بل باتت لهم محطة تسرقهم من مساحة التوتر التي نعيشها حاليا.
وبالنسبة إلي فإنني أرى أن العمل الذي يقدم نفسه بطريقة مختلفة سيصل إلى الناس، دون أن نستثني دور الإعلام وأهميته في طرح المقدمات الأولية لأي مسلسل من دعاية وترويج والتركيز على النجوم المشاركين فيه وحرفية صنع البروموشن الذي يخلق حالة من الفضول الايجابي لدى المتلقي... ذلك كله يخدم العمل ويؤسس لحالة من الرضا لدى المشاهد حتى قبل متابعته للحلقات.
التجارة والحرفية
- كيف أدرت دفة الأداء في الصراع الذي تعيشه الشخصية جراء إدمان الزوج للكحول في «المفتاح»؟
سيطرت علي حالة الحب التي تعيشها هناء مع زوجها في المسلسل، فحتى وهي في قمة غضبها كانت تبكيه عشقا وألما بدلا من الصراخ والحقد.
وهناء شابة تعمل في فندق خمس نجوم، تعشق زوجها أيهم وتعاني من هذا العشق وهذا الزواج لأنه مدمن للكحول لكنه يحب زوجته ويحترمها.
- هل من ميزة لإنتاج المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي على القطاع الخاص؟
ربما نجد في المؤسسة حالة أعلى من الحرفية، والبحث عن نجاح المشروع دون التقيد الأعمى بالفكرة التجارية التي تحكم بعض منتجي القطاع الخاص، والتي هي من حقهم طبعا.
- هل مهمة الفن تقديم الواقع كما هو أم إعادة إنتاجه وطرحه برؤى جديدة؟
لا بد أن نقدم العمل وفق ميزانه الصحيح وعندما نفعل ذلك لن نخشى من تأطير هوية درامانا ضمن نوع واحد، بمعنى أنه ليس كل ما سنقدمه من واقع حقيقي سيكون سلبيا، ففي واقعنا الكثير من الصور الموجعة، ولكن هناك الكثير من الصور البيضاء والإيجابية أيضا.
- هل تقبلين تجسيد أدوار قد تتناقض مع شخصيتك ومفاهيمك للأمور، كأدوار الشر على سبيل المثال؟
لا أقبل تجسيد كل ما يشبهني، لا بل على العكس فدائما أبحث عن المختلف والصعب، وكثيرة هي الأدوار التي تنافرت مع طبيعتي في الحياة وقدمتها بكل متعة.
- ما الدور الذي يستفزك ويحرضك أكثر، وما نسبة وجود سمات الدور المحرض في ما قدّمته؟
أي دور صعب يجعلني أكسر إطارا قدمت نفسي فيه سابقا يستفزني وأتمسك به، وقد حققت هذا الشرط بنسبة جيدة إلى حد كبير.
- إلى أي مدى استطاعت الدراما السورية نقل نبض هموم ومشكلات واقع المرأة من خلال ما قدمت من أعمال؟
عديدة هي الأعمال الدرامية السورية التي سلّطت الضوء على واقع المرأة ودافعت عن حقوقها في مختلف النواحي، وبالوقت نفسه يقول البعض أن هناك أعمالا أساءت للمرأة السورية وبالتحديد في عدد من أعمال البيئة. ولكن الدراما السورية عموما مهتمة بقضايا المرأة والمتتبع لما يُقدم من أعمال درامية يجد أن المرأة قد حققت حضورا مميزا فيها.
- كيف ترين وضع الدراما اليوم؟
الأزمة التي تمر بها البلاد انعكست على الدراما وعلى حجم وجودها. ورغم ذلك فإن الدراما السورية حاضرة في الموسم الحالي من خلال عدد لا بأس به من الأعمال، وبالتالي لا يمكن أن تتوقف لأنها مؤسسة منذ أجيال ولها حضورها الكبير في سورية والوطن العربي.
- كثيرة هي الانتقادات التي طالت دراما البيئة الشامية، فبأي عين ترينها وما تقويمك للمسلسلات التي أنتجت ضمن إطارها؟
هناك نوعان من أعمال البيئة الشامية، منها ما هو فانتازي يعتمد على قصص متخيلة وبعيدة عن الواقع إلى درجة كبيرة، ومنها ما يعتمد على التاريخ كسند حقيقي للعمل، وهو ما شهدناه على سبيل المثال في مسلسل «طالع الفضة» الذي يعتبر عملا اجتماعيا تاريخيا له أسسه التاريخية والواقعية ويتحدث عن مرحلة مهمة من تاريخ دمشق، في حين أننا نرى أعمالا أخرى تتناول قصصا مستوحاة من الخيال ضمن إطار بيئي مستند للمكان. وبرأيي فإن النوعين مطلوبان لأن الدراما مطالبة بإرضاء مختلف الأذواق.
- متى تعتذرين عن عمل؟
عندما لا أجد فيه ما يناسبني كممثلة وكإنسانة.
- ما سبب ابتعادك عن المشاركة في أعمال مصرية؟
لم أجد في ما تلقيته من عروض ما يضيف إلي أي جديد، ولن أشارك في عمل لا يضيف المختلف والخاص إلى مسيرتي الفنية، لكني سأخوض هذه التجربة عندما أجد الشخصية المناسبة خاصة إن كانت في السينما.
الدور الأول والدور الثاني
- أديت مختلف الأدوار ومنها أدوار صعبة ومركبة وبالتالي تملكين صفات النجمة الأولى في العمل، فلماذا مازلت تجسدين الأدوار الثانية؟
مشاركاتي ليست بطولات ثانية لأني أرى الموضوع من زاوية مختلفة، فدوري وإن كان عبارة عن ثلاثين مشهدا فقط أتعامل معه على أنه الدور الأول، ربما لذلك وصلت بهدوء الى الدور الأول.
كما أن الدراما السورية لا تقوم على مفهوم النجم الواحد، فنلاحظ أن أي عمل سوري يحمل صراعات عديدة لأكثر من بطل وبطلة.
ولكن إن كان القصد من سؤالك عن اسم النجم الذي يساعد في التسويق فهنا إقول أن معك الحق كله، ولكن السؤال ينبغي أن يوجه إلى القائمين على صناعة النجم في سورية، إن وجدوا.
- في المهرجانات العالمية هناك جوائز تخصص للأدوار الثانية، وبالتالي كيف يمكن أن يصنع الفنان من الدور الثاني دور بطولة؟
جائزة الدور الثاني نجدها في مهرجانات العالم كلها، والفنان حين يحصل على جائزة لإتقانه الدور فذلك لأنه أتقن الدور بحد ذاته وليس حجمه، والفكرة هنا هي الأداء والمصداقية و تبنّي حقيقي للفنان لما يقدمه وليس حجم الدور (أول أو ثانٍ) فتلك باتت ذهنية بالية، دعونا نترفع عنها قليلا.
- هل هناك من ظلم في أجور الفنانين الذين يؤدون هذه الأدوار؟
بالتأكيد لأن ميزانية أجور الفنانين في أي مسلسل القسم الأكبر منها يصرف للنجم أو النجمة.
- إلى أي مدى تتحكم المحطات اليوم بطبيعة ما يتم إنتاجه من أعمال درامية؟
مما لا شك فيه أن هناك مجموعة من العوامل التي تلعب دورها في آلية سير الدراما، ومنها المحطات، ولكن لا يمكن إغفال الدور الإبداعي رغم أنه أقل من الدور الطاغي للمحطات وللعملية التسويقية بشكل عام.
- شاركت في تجارب دبلجة، هل شعرت بالغيرة من نجاح شخصية دبلجتها؟
بالطبع لا... فالنجم التركي الذي تعب وقدم جهده في تصوير الدور يستحق النجاح الذي يجنيه في الشرق الأوسط. تخيل لو وضعت صوتي لممثلة مثل yasmin buber بأدائها العالي وإحساسها الخاص وبسبب أدائي السطحي ألغيت لها حالتها الإبداعية وتعبها وكل ما قدمته لشخصية زيزو في مسلسل «وتمضي الايام»؟ وبالتالي فنجاحنا في الشرق الأوسط يكمل بعضه، ونجاحها لا يلغيني بل يكملني ونجاحي في تقديمها وتلخيصها بحنجرتي بالتأكيد سيكملها أيضا.
الشائعة والمشاهير
- كثير من الفنانين خاضوا تجربتي الإعلان والفيديو كليب، فماذا عنك؟
الموضوع مرتبط بتوافر الظروف والعروض المناسبة.
- أين الشائعة في حياتك وهل تؤثر عليك؟ وكيف تتعاملين معها؟
الشائعة موجودة وبالتحديد في أوساط المشاهير وهي جزء من حياتهم، وأنا شخصيا عانيت منها بعد غيابي في الموسم قبل الماضي عندما ابتعدت عن المشاركة في الدراما حيث قالوا إنني اعتزلت ومن ثم تزوجت ثريا عربيا كله كلام يندرج تحت بند الشائعات وليس له أي مصداقية، وعموما الشائعة لا تؤثر علي فبمجرد ظهورها غالبا ما تسارع وسائل الإعلام للاتصال بالفنان لتحصل منه على الخبر الصحيح.
وأنا لدي مكتب إعلامي يديره صحافي متخصص وهو من يدير الشؤون المتعلقة بالإعلام بالتشاور معي.
- أيهما الأقرب إلى نفسك العمل الإداري في الإنتاج أم التمثيل؟ وما جديد مؤسسة الحكيم للإنتاج؟
بالطبع التمثيل، أما عن نشاطات مؤسسة الحكيم فهي بيد والدي الفنان مظهر الحكيم الذي أنتج مسلسل أطفال بعنوان «مغامرات طارق». وقد حقق العمل العديد من الجوائز في العديد من المهرجانات وهو حاليا يستعد لإنتاج جزء ثان من العمل.
- كيف تصفين العلاقة الإبداعية بينك وبين والدك المخرج والمنتج مظهر الحكيم؟
هي علاقة تكامل وحوار واختلاف وتوافق في الآراء والأفكار مثلها مثل أي علاقة فكرية وفنية...
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024