عاصي الحلاني: مشواري عمره 24 سنة
من يراقبه يقفز من مكانٍ إلى آخر، ينفّذ المقالب بكل من صادفت عيناه والضحكة لا تفارق محيّاه، يقول إنه مراهق نسيت الحياة أن تمرّ على سنين عمره. لكن عندما تغوص في أعماقه يتجلّى لك شخصٌ آخر. عاصي الحلاني أو محمد الحلاني شخصان في جسدٍ واحد. حدّثنا عاصي عن فنّه عن أعماله وعن برنامج the Voice، أما محمد فحدّثنا عن طفولته أيام الحرب، عن أولاده، عن اليأس الذي لم يطرق بابه، وأبكانا عندما تحّدث عن والدته ودمعت عيناه. عاصي الحلاني، البعلبكي الذي استحقّ لقب فارس بجدارة، يفتح لقراء «لها» قلبه كلاماً فاق غناءه جمالاً، فاقرأوه.
عن الطفولة
«تشبه طفولتي طفولة أي شاب لبناني ولد في المرحلة التي ولدت فيها. أنا من جيل الحرب، تربّيت ضمن عائلة كبيرة، في منزل يضم 13 فرداً، عشر بنات وثلاثة شباب، توفّيت أختي فصار عددنا 12 بالإضافة إلى أمي وأبي.
أنا من بعلبك، ولدت في بيروت وعشت فيها مع أهلي وأخوتي في منزلٍ واحد، إلى أن دخلت مجال الغناء وشاركت في استوديو الفن».
- لم تكن تغنّي قبل استديو الفن؟
قبل استوديو الفن بسنتين، أي في عام 1986، قدّمت أغنية عنوانها «سلّمت عليك»، لحّنها لي أستاذي في المعهد حيث كنت أتعلّم العود. وقتها سمع أستاذي ميشال قرقش صوتي فأعجبه وأبدى استعداده لتلحين أغنية لي فكانت «سلّمت عليكِ» التي سجّلتها ووزّعتها على إذاعات الـ FM.
في السنة التي تلتها، عام 1987، أعدّت الكرّة وسجّلت أغنية ثانية، لم تخرجني من نطاق المنطقة التي أغنّي فيها والتي كانت منحصرة بمكان عيشي، بيروت. كانوا يعتبرونني «ولد وعم بيغنّي».
في العام 1988، بدأت طلبات المشاركة في برنامج اسنوديو الفن، فتقدّمت بطلبي، وسمعتني اللجنة المؤلّفة من الأستاذ زكي ناصيف والأستاذ رفيق حبيقة (رحمهما الله) والأستاذ سيمون أسمر. سألوني ماذ تغني؟ جاوبت أني أغني كل الألوان، فقال الأستاذ سيمون «انت من وين» أجبته «من بعلبك»، فسألني إن كنت أعرف غناء الفولكلور، فرددت «طبعاً». هكذا غنّيت لهم أغنية فولكلورية وقُبلت للمشاركة في البرنامج على أن أغني ضمن فئة الأغاني الفولكلورية، لأن هذا اللون وكما قال لي سيمون أسمر، يوجد نقص فيه «قليل الشباب اللي عم يقدموا على هيدي الفئة». وهكذا كان. أذكر أنه بعد عرض الحلقة الأولى من استوديو الفن التي شاركت فيها، عرفني الناس وراحوا يستوقفوني في الطريق وبدأت شهرتي منذ ظهوري الأول.
- لكنّك قلبت المقاييس، بمعنى أنك حصلت على الميدالية الفضية وتفوّقت في النجومية على من حصل على الميدالية الذهبية، فما هو سرّك؟
حصلت على الميدالية الفضيّة بسبب صغر سنّي. فعندما شاركت في استوديو الفنّ لم أكن قد تخطّيت السابعة عشرة، وكان صوتي لا يزال في طور التكوّن، ولم يكتمل بعد. في ذلك الوقت كانت هناك أصوات جميلة جداً مشاركة في البرنامج، وعندما نلت الميدالية الفضّية حزنت كثيراً، وأعترف بأني بكيت. فقال لي الأستاذ سيمون أسمر بعد أن رآني حزيناً لأني لم أفز بالميدالية الذهبية: «لماذا أنت حزين؟ ماذا تريد؟ تريد الذهبية أم تريد أن تصبح نجماً؟». فأجبته إني أريد أن أكون نجماً بالطبع فأردف قائلاً «أنت ستصبح نجماً».
عندما اجتمعت بفريقي في برنامج the Voice بعد اكتمال عددهم أخبرتهم قصّة حصلت معي خلال مشاركتي في استوديو الفن. أوصيتهم أن يثابروا على تمرين أصواتهم وأن يخفّفوا من تناول الطعام للمحافظة على الرشاقة. وأخبرتهم عن نفسي عندما كنت مشاركاً في استوديو الفن قبل أربع حلقات من النهائيات، يومها كان وزني 104 كيلوغرامات، فجاء سيمون أسمر وسألني «أتريد أن تكون نجماً؟» أجبت «أكيد» فقال لي» روح ضعاف» في إشارة إلى لزوم إنقاص وزني. وسمعت النصيحة بحذافيرها، ونحفت في شهر واحد 14 كيلوغراماً لدرجة أن سيمون أسمر بنفسه لم يعرفني عندما رآني وقال لي مستفسراً «من أنت؟» قلت له «عاصي الحلاني» ففوجئ وانصدم.
- إسمك «عاصي» قبل استوديو الفن؟
أجل، سنة 1986 عندما توفّي الفنان اللبناني عاصي الرحباني كنت في طور التحضير لأغنيتي الأولى، فسمّيت نفسي عاصي تيّمناً به. كما أن كلمة «عاصي» تعود إلى اسم نهر نتباهى به في البقاع وهو «العاصي» الذي يسير صعوداً، تماماً كما يتباهون ويتغنّون بنهر الفرات في العراق وبنهر النيل في مصر. فالبعض لديهم مأخذ على اسم عاصي ويعتبرون أنّه من العصيان ولا المعصية والكفر. العاصي يروي سهل البقاع وهو النهر الأقوى عندنا، فمحبةً بأرضي ومحبّة بالنبع الذي روى أرضي، سمّيت نفسي عاصي.
وانطلقت بهذا الاسم في اسنوديو الفن وأكملت به. ساعدني سيمون أسمر في بداياتي في اختيار الأغنيات واشتهرت بغناء الهوّارة كاسراً القاعدة التي كانوا يرددونها على مسامعي دائماً بأن الذي يغنّي الفولكلور لن تتعدّى شهرته منطقته، وهذا ما كسرته، فقد وصلت بالهوّارة التي طوّرتها إلى كل الآذان. ومن ثم أخذت ألحاناً من رفيق حبيقة وزكي ناصيف، ومن ثم تعاونت مع سمير صفير، وبعدها رحت ألحّن لنفسي، وأطوّر أعمالي حتى لا أبقى محصوراً في إطارٍ واحد. عند انطلاقتي كانوا يطلقون عليّ لقب «ملك الهوّارة» لكني لم أرضَ أن أظلّ محبوساً في نطاق الهوّارة فقط فبحثت عن ألوان حديثة تشبهني وتحافظ على شخصيتي كأغنيات: «يا ناكر المعروف»، و«يمامة جنب الخيمة»، و«مالي صبر»، و«بحبك وبغار» وغيرها الكثير... أسرد هذه الواقعة لأني متأكّد أن المشاركين في برنامج the voice سوف يقرأون هذه المقابلة وأريدهم أن يعرفوا أن الاختيار الصحيح والاجتهاد هما سر النّجاح.
الفنّ مثابرة. اليأس هو عدو النجاح. أنا فشلت في أغنيتي الأولى وكذلك الثانية والثالثة قبل استوديو الفن، ومن ثم فشلت في حصد الميدالية الذهبية في استوديو الفن ومع هذا لم أيأس. بقيت مصرّاً على النجاح، وهذا ما أوصلني إلى ما أنا عليه اليوم. مشواري عمره 24 سنة واليأس لم يطرق بابي بعد.
- سيمون أسمر رأى فيك نجماً منذ مشاركتك في استديو الفن، أنت الآن ترى نجماً في فريقك في the Voice كالذي رآه سيمون أسمر فيك؟
أجل. واحتفظ بالإسم لنفسي حتى لا أؤثّر على أعضاء فريقي.
- مراد بوريقي؟
(مبتسماً) لا جواب.
- ذكريات الحفلة الأولى في حياة عاصي الحلاني.
كان عمري 15 سنة وكنت أغني بالخفاء عن أهلي. كنت أستقلّ سيارة أجرة وأذهب لأغنّي والخوف يرافقني.
حتى أني تسجّلت في المعهد الموسيقي لدراسة الموسيقى من دون علم أهلي. أذكر أني ذهبت إلى منطقة جونية حيث تكثر المطاعم التي يغنّي فيها مطربون صاعدون، وطلبت التحدّث مع مدير مطعم واقنعته بأن أغنّي عندهم من دون مقابل. في تلك الفترة كنت سجّلت أغنيتي الأولى ونشرتها في الراديو من دون علم أهلي أيضاً الذين كانوا يستمعون إلى الأغنية عبر الأثير من دون أن يتعرّفوا عليّ.
أول أجر حصلت عليه كان 250 ليرة لبنانية، مقابل إحياء ليلة رأس السنة، وكان الأمر بالنسبة إلي عيداً. بعد هذه الحفلة صرت أعمل خلال فترة الصيف، في جميع الميادين، حتى أجمع مالاً وأسجّل بواسطته أغنية. وبمجهودي الشخصي اشتريت سيّارة عندما كان عمري 17 سنة.
- هل تذكر ماذا كان نوعها؟
فيات وكانت أول سيارة أقودها.
- تحدّثت عن عاصي المطرب في الخفاء، لماذا هذا التكتّم والسريّة عن الأهل، هل كانوا يمانعون دخولك المعترك الفنّي؟
كانوا يريدونني أن أكمل تعليمي الأكاديمي وأنا كنت أهرب من المدرسة كي أتعلّم الغناء وأمارسه إلى أن عرف والدي بالأمر و»أكلنا بهدلة». أهلي، ككل أهل، يخافون عليّ، خصوصاً أن البلد كان يعيش فترة حرب وأنا كنت صغيراً لم يتعد عمري 16 سنة، كنت أخرج ليلاً وأعود متأخّراً فيقلق أهلي عليّ بسبب سوء الأوضاع الأمنية، وحين أعود أجدهم منتظرين «وناكل علقة».
- امتهنت عملاً قبل الغناء؟
لم أمتهن عملاً بالمعنى الدقيق، لكني عملت في أكثر من مجال للحصول على المال لأخدم فنّي كما ذكرت. فعملت نجّاراً، وحلونجياً وأي شيء يخطر في بالكم. حتى أني عملت مع أهالي الضيعة، حيث كنت أمضي فترة الصيف سنوياً، في قطف القثاء والبطاطا والبندورة كي أحصل على مصروفي وأجمع مالاً لخدمة هدفي.
- من هذه الصيفيّات في مدينة بعلبك، إذا صحّ القول، تعلّمت ركوب الخيل؟ كيف نشأت هذه الهواية؟
هواية ركوب الخيل متأصّلة في العائلة منذ زمن. والدي كان يملك خيلاً في الضيعة لكنه تركه بانتقاله من منطقة البقاع أيام الستينات إلى بيروت حيث ولدت أيام السبعينات. عندما كان عمري 12 أو 13 سنة، كنت أزور البقاع أيام الصيف وأتحيّن الفرصة لركوب أي شيء يشبه الخيل، فرحت أركب على الحمار، والبغل ثم الحصان... الأمر وراثي وبالفطرة. وكانت أجمل متعة لي حين كنت أرافق من يدرسون القمح على البيدر، لأركب النورج، أو على الحمار... هذه ذكريات ترافقني ولن أنساها ما حييت.
بداية التسعينات، اشتريت خيلاً ووضعته في نادٍ في بيروت ورحت أزوره من فترة إلى أخرى وأتمرّن على ركوبه، وأمارس ركوب الخيل، إلى أن بنيت مزرعة في البقاع واشتريت خيلاً وأصبحت أمارس هوايتي على سجيّتي كلّما سنحت لي الفرصة.
- ومتى تسنح الفرصة؟
دائماً (يقول مبتسماً)، أي وقت فراغ يسنح لي، أزور المزرعة وأمكث هناك وأمارس هواية الفروسية. هي هواية أحبّها، رياضة للجسد والروح. أرتاح نفسياً عند ركوب الخيل، خصوصاً أني أمتطي الخيل في البريّة وليس ضمن حلبة محدّدة. هي صفاء لذهني، أنظّف من خلالها نفسي ونفسيّتي وعقلي لأكمل مشوارالحياة.
- تتحدّث كثيراً عن بعلبك، ماذا تعني لك بعلبك؟
بعلبك هي الكرم، والكرامة. بعلبك العزّ والبيوت المفتوحة، بعلبك سنابل القمح والخيرات النابعة من سهل البقاع. كانت بعلبك مقصداً للضيف ولا تزال، على عكس ما يحاولون أن يروّجوا. صورة بعلبك لا تتشوّه، في البقاع رجال وكرامات وأناس أكبر من أن يشوّه صورتهم «زعران» قلائل. أنا تربّيت على هذه الصفات، تعلّمتها من جدّي وأبي. بعلبك قدّمت للبنان الكثير. قدّمت شهداء وتضحيات، في حربنا مع عدو الإسرائيلي وفي كثير من المفاصل التاريخية. وأكثر ما أعتز به في بعلبك هو العيش المشترك، فإذا عدنا بالتاريخ إلى الوراء، أيام الحرب الأهلية، لن تجدوا في بعلبك ضيعة هجّر أهلها أو قتلوا على الهوية كما حصل في مناطق أخرى من لبنان. وهناك حادثة لا تفارق ذاكرتي، بعد مجزرة بلدة القاع، عندما زار الإمام المغيّب موسى الصدر أعاده الله، الذي أعتبره قدوتي ومثالي الأعلى في الحياة، زار القاع وألبس رئيس بلدية دير الأحمر عباءته قائلاً «الذي يعتدي على أي بيت أو أي شخص من دير الأحمر أو من البقاع، كأنه يعتدي على عباءتي وعمامتي».
- ستورث هذا الحب لابنك الوليد؟
هذا الحب موجود عند الوليد بالأصل. ربما انتقل إليه بالجينات. وأنا ربّيته على حب الناس واحترامهم، وعلى الإنسانية والأهم على رفض الطائفية والمذهبية وعلى حبّ الوطن. فالوطن لا يبنى بالتفرقة والبغض والتشرذم والمذهبية والطائفية، التي أعتبرها بدعة أوجدوها للتفريق بيننا والقول أن كل مسلم إرهابي، الإسلام لا ينادي بالإرهاب، هو دين محبة وتسامح، وجلّ ما يفعلونه مؤامرة لتشويه صورة الإسلام. دائماً أردد على مسامع الوليد بيت شعر لأحمد شوقي: «صوت الشعوب من الزئير مجمّعاً وإذا تفرّق كان بعض نباح»، لكي يعرف أهمية التكاتف والوحدة لبناء الوطن.
- على كل حال، أنت مثال للعيش المشترك، وعائلتك الصغيرة مثال (في إشارة إلى زوجته كوليت بولس)...
أنا أؤمن بالعيش المشترك والتعايش وهذا ما سيبني وطننا. أنا إنسان مؤمن يمارس طقوس دينه وأحترم في الوقت نفسه الأديان السماوية الأخرى.
- بما أننا نتحدّث عن عائلة عاصي الصغيرة، يحضر سؤال عن أولادك الذين شاركوك في أكثر من فيديو كليب، ألا تخاف عليهم من النجومية؟
لا. لا أخاف عليهم أبداً، لأن هناك حدوداً وضعتها كما أني حصّنتهم جيداً. هم يعرفون كيف يتعاملون مع النجومية.
- صوت ماريتا جميل، تشجّعها على الغناء؟
لا أريد أن أفرض عليها شيئاً، لم أشجّعها ولم أمنعها، لكني أتمنّى في قرارة نفسي أن لا تخوض الفنّ، لأنه مجال متعب وأنا أخاف عليها كثيراً.
- شاهدناها في لقاءات تلفزيونية، لا شك أنها تملك شخصية قوية وثقة بالنفس كبيرة، فلمَ الخوف؟
في ذلك الوقت كانت سفيرة «طفولة» التي تعنى بالأطفال المصابين بالسرطان، ومندوبتها الإعلامية، هي متكلّمة لبقة وثقتها بنفسها كبيرة وحقّقت نجاحاً باهراً في استفطاب عدد كبير من المشاركين في مهرجان «طفولة». أنا فخور بها، وعندما أجابت سائليها عن سر قوة شخصيتها وحبّها للعطاء، أنني أنا السبب لأني عضو في منظمة الغذاء العالمي، وأقدّم سنوياً حفلات يعود ريعها إلى جمعيات خيرية إنسانية، فرحت ولم تسعني دنياي.
- غصنا في حديث العائلة والأولاد، لنعد إلى الفنّ، أي أغنية تعتبرها النقلة النوعية في حياتك؟
أغنية «واني مارق مرّيت» أعتبرها النقلة النوعية وهمزة الوصل بيني وبين جمهوري العربي بعد أن كنت معروفاً في بلاد الشام. كانت أول فيديو كليب أصوّره من كلمات نزار فرنسيس وألحان سمير صفير وتوزيع طوني الشعك، ولاقت استحساناً كبيراً من الناس في مصر والخليج. كانت المفصل في حياتي الفنّية.
- شاركتك في هذا الفيديو كليب زوجتك...
أجل ومن بعد هذا الكليب شاركتني بفيديو كليب أغنية «يا ناكر المعروف» ومن بعده أغنية «بعد السلام»، وبعدها تزوّجنا (يضيف مبتسماً) ، وعادت وشاركتني في أغنية «خلّيك بقلي بيتك».
- ستشاركك في عمل جديد؟
لا.
- لماذا؟ هي لم تعد تحب المشاركة؟
هي لم تعد تحب وأنا لم أعد أحب. هي الآن متفرّغة للعائلة. في كليب «خلّيك بقلبي بيتك» كانت كوليت بعيدة عن الإعلام ولم تكن تريد المشاركة، لكن سعيد الماروق أقنعني بمشاركتها، لأن قصة الكليب مبنيّة على قصة حياتنا أنا وكوليت ومعاناتنا مع الباباراتزي في بداية علاقتنا عندما كنا نخفيها عن الإعلام.
- أنت من الفنانين القلائل الذين لم تطلهم بكثرة شائعات الزواج والطلاق، لماذا؟ أتظنّ أن السبب يعود إلى إبعادك كوليت عن الإعلام؟
كوليت موجودة دائماً معي. حياتي الخاصة خطّ أحمر، فلتتحدّث الصحافة عن فنّي وأغنياتي وكليباتي ولينتقدوها بقدر ما استطاعوا، لكن حياتي الشخصية والعائلية لي، وأريدها أن تبقى كذلك. وحتى حين يفبركون شائعة عنّي، وقد حصل هذا الأمر، لا أرد عليها كي لا أعطيها أكبر من حجمها وأكبّرها.
- أخبرنا عن المسرحية التي تتشارك فيها مع لطيفة.
المسرحية لا تزال في طور التحضير. قرأت النص، وسمعت الأغاني لكني لم أوقّع بعد. وجدي شيّا فنان كبير وكتب عملاً رائعاً، ولطيفة فنانة أحبّها، لكن إلى الآن لم أوقّع الاتفاق.
- وماذا عن أغنية المغتربين التي أطلقتها أخيراً؟
طلب مني وزير المغتربين أن أشارك في عمل أخصّصه لمهرجان المغتربين الذي يقام برعاية رئيس الجمهورية اللبنانية في قلعة جبيل. هكذا قدّمت أغنية المغتربين من تلحيني وغنائي، وستصوّر فيديو كليب وسيستعملها طيران الشرق الأوسط، وتبثّ على جميع القنوات العربية وتترجم إلى اللغتين الفرنسية والإنكليزية. وأنا أدعو كل المغتربين للعودة إلى الوطن، فهم بيضة القبّان، اقتصادياً واجتماعياً.
- يعني أننا لن نرى عاصي الحلاني مغترباً!
أسافر كثيراً ومن محبّي السفر، ولكني أعود بعد أسبوع أو عشرة أيام لأنه يصعب عليّ ترك لبنان، هناك علاقة مميّزة تربطني بأرض لبنان وترابه، لا أتصور أن أحداً «عنده ياها».
The Voice
- كيف وجدت مسؤولية التدريب في برنامج the Voice؟
أصعب مرحلة في البرنامج بالنسبة إلي هي هذه المرحلة «المواجهة» The Battles، سأختار بين 13 صوتاً اقنعني أصحابهاواخترتهم بنفسي لأني أعجبت بمواهبهم. نعيش وضعاً حرجاً اليوم في اختيارنا بين موهبتين لبقاء واحدة منهما، كي يصبح في كل فريق ست مواهب ليتنافسا في المرحلة النهائية. وبرأيي أن هذه المرحلة ستحمل الكثير من التشويق وسيحبّها المشاهد كثيراً. توقّعوا الأجمل في الحلقات المقبلة لأنها مليئة بالتشويق والحرج والتوتّر. لاحظتم كم كنّا دقيقين وكم كانت مواقفنا حرجة. وأنا أقول أن المشاركين الستّة الذين بقيوا في فريقي، أحبّهم كثيراً وأتوقّع أن ينافسوا بقوّة على اللقب.
- حكي الكثير عن مشاكل بينك وبين كاظم بسبب التعليقات التي تبادلتماها في المرحلة الأولى. كنّا حاضرين في الاستديو وندرك تماماً أنها كانت مواقف عفوية ولم يكن هناك حساسيّة على الإطلاق. كيف تعاملت مع ما قيل وكيف هي علاقتك بالمدرّبين؟
تربطني بصابر وكاظم وشيرين علاقة محبّة وموّدة ومنافسة في الوقت نفسه. نادراً ما ترين منافسة شريفة كمنافستنا. حتّى أنّي في إحدى المرّات استعنت برأي صابر وتشاورت معه أثناء اختياري صوتاً في البرنامج.
في حلقة من الحلقات «مزحت» مع كاظم، واقتربت بعدها منه وقلت له اعذرني ان كنت بالغت في المزاح، قال لي: «أنت عملت حياة في البرنامج، أرجوك تابع هذا».
«عن علاقتي بالمدرّبين»
سبق أن قلت لكاظم وصابر وشيرين أتمنى منكم أن تعتبروا أنّ لكم أخاً في لبنان وبيتي هو بيتهم، والأيام المقبلة ستبرهن للجميع كم أحبّهم، أنا بطبعي انسان محبّ.
- هل دعوتهم إلى مزرعتك في البقاع؟
قصد صابر مزرعتي مراراً، وقال لي «لو هذه المزرعة ملكي، لما تركتها ونزلت إلى بيروت»، وأخبرني بأنّه يحبّ الخيل كثيراً ولكنّه لا يملك الجرأة لركوبه. أمّا كاظم فقد دعوته بعد أول لقاء بيننا إلى مزرعتي لركوب الخيل ورفض، والسبب هو الحادثة التي تعرّض لها أثناء تصوير كليب «زيديني عشقاً» عندما وقع عن الخيل. علماً أنّي وقعت عنه أكثر من مرّة لكنّي لا أتوب. أما شيرين فيليق بها أن تركب أجمل خيل، «بيلبقلها كل شي» أحبّها كثيراً. كان لديّ رغبة في أن نجتمع نحن الأربعة في البقاع، لكنّ الوقت لم يسمح لنا بذلك بعد. اجتمعنا حول مائدة عشاء في مطعمي «عاصي» أنا وصابر وشيرين واعتذر حينها كاظم لأنّه كان متعباً.
- هل ستؤثّر المنافسة على صداقاتكم في المراحل المقبلة؟
أنا من الفنانين القلائل الذين تجمعهم صداقات في الوسط الفنّي. راغب علامة صديق عزيز وغالٍ وحبيب، وأنا وجورج وسوف أكثر من شقيقين، ووليد توفيق صديق مقرّب جداً. لا نلتقي يومياً بسبب التزاماتنا وأعمالنا لكنّ المحبّة والاحترام والتقدير تجمعنا. اليوم كاظم في بلد وأنا في بلد لكنّي أتمنّى من الجميع أن يعتبروني صديقاً لهم، لأن صداقاتي لا تقف عند انتهاء برنامج ولا بعد جلسة. زارتني نجوى كرم هنا في المنزل منذ فترة في سهرة ، وزرتها بدوري وأحيينا سهرة بحضور قائد الجيش وسمير صفير وأصدقائنا المقرّبين.
- هل يمكن أن يجمعك دويتو بأحد من المدرّبين؟
احتمال! ولكن لم تُطرح الفكرة بعد.
- هل ممكن أن تنفّذ الدويتو مع أحد المشاركين؟
لمَ لاَ!
- هل عينك على أحد أفراد فِرق كاظم وصابر وشيرين؟
أبداً، فريقي أحلى فريق، وأهمّ الأصوات موجودة في فريقي.
- ماذا تقول للذين يعتبرون أنّ فريقك هو الأضعف في البرنامج؟
«لديكم ضُعف سمع». «هنّي بدّن يشوفوا هيك». «بكرا منذكّر بعضنا».
- هل كنت على سجيّتك في البرنامج؟ وهل شعرت بالانزعاج من ساعات التصوير الطويلة؟
أنا انسان يصعب عليه الجلوس في مكان واحد «خلقي ضيّق»، أكره السفر لأني لا أتحمّل أن ألازم الكرسي لساعات، أقوم وأمشي في الطائرة، أزور الكابتن وأطلّ على المسافرين، وأعود لأجلس مكاني، تماماً كما يحصل في البرنامج، فلم أثبت في كرسيّ. أمضيت الوقت أتجوّل في المسرح، أقترب من المدرّبين، أنفّذ المقالب في شيرين، أتوجّه نحو الجمهور لأعانق أولادي الذين حرصوا على الوجود في استوديو البرنامج أثناء تصوير كل الحلقات.
- هل تنفّذ المقالب في الطائرة أيضاً؟
طبيعي (يضحك). «ياما نفّذت المقالب في المضيفات».
«صديقي الصدوق محمد الحلاني»
- من هو صديقك الصدوق؟
لديّ الكثير من الأصدقاء الذين أثق بهم. في الوقت الذي خُدعت بعدد كبير من الأصدقاء، لذلك أصبح صديقي الصدوق هو «محمد الحلاني» الذي هو أنا. أتمتّع بشخصيّتين، شخصيّة فنيّة وشخصيّة مختلفة تماماً لا علاقة لها بالفن.
- متى تعيش هذه الشخصيّة؟
أعيشها بمفردي بيني وبين ذاتي، لا يراني أحد. أكون «محمد الحلاني» عندما أقصد منزل والديّ، وعندما أمرّ بجانب مدرستي التي درست فيها. وأخرج في الساعة الرابعة فجراً لأتفقّد الحي الذي كنت أسكن فيه، والشارع الذي كنت أنزل فيه مشياً على القدمين متوجّهاً نحو المدرسة، والأماكن التي عملت فيها. أعيش الحياة التي عشتها في صغري ومراهقتي وشبابي. أعيشها ويأتي «محمد» ليقول لعاصي «انتبه، خلّيك عالأرض، واتذكّر انت وين كنت ووين صرت».
- هل محمد راضٍ عن عاصي؟
كثيراً، أهم شيء في حياتي أنّ والديّ توفيا وهما راضيان عنّي، علماً أنّهما كانا يناديانني باسمي الحقيقي «محمد» ولم ينادياني باسم «عاصي». رضى والدي ووالدتي عن عاصي جعل محمد راضياً.
عاصي الإبن والأب
- من بعد وفاة والدتك، من هي العين التي تسهر على عاصي؟
رغم وفاة والديّ وغيابهما، إلاّ أن طيفهما بجانبي. الصوت يذهب ولكن الطيف يبقى، ورضاهما لا يغيب عنّي. عندما أمرّ في أزمة أو محنّة أصلي وأطلب من ربّي أن يساعدني لتخطّيها، أطلب من والديّ أن يقفا بجانبي ويصلّيا لي. لولا رضاهما لما وفّقني الله وأعطاني أكثر مما أستاهل.
- ما هو الشيء الذي تتفاءل به؟
أتفاءل عندما أرى أولادي. عندما تراني كوليت متوتّرا ومشنّجا ترسل لي وليد.
- أخبرنا عن علاقتك به.
وليد صديقي المقرّب، يشبهني كثيراً ويحبّ الأشياء التي أحب، يمارس الفروسيّة والملاكمة وفاز في بطولة المدارس في لعبة الجودو قبل سنتين هو ودانا. بارع في الرياضة ولديه شخصيّته الخاصة وهو رجل صغير، رجل بيت، عندما أسافر أعتمد عليه وأوصيه بأخوته وأمّه والبيت. حادثة حصلت قبل ثلاث سنوات، كنّا في مصر وتركت العائلة وغادرت لإحياء حفلة في الجزائر، وعدت إلى مصر وفوجئت بصديق لي يلتقيني في الفندق ويعلمني بأنّ وليد تشابك مع شاب في المسبح ورمى له هاتفه في حوض السباحة، ليخبرني بعدها بأن شاباً صوّر دانا وماريتا وهما في المسبح فاقترب وليد منه وطلب منه أن يمسح الصور من الهاتف، فأنكر الشاب أنه صوّرهما، فمسك وليد بالهاتف وعندما شاهد الصور، رمى به في الحوض، وأرعب ذلك الشاب. يرافقني في كل مكان، ويقدّم لي النصائح ويبدي رأيه في كل ما أقوم به، فقد اقترب منّي أثناء تصوير الحلقة الأولى من the Voice وقال لي «عاصي مش عم تزيدها شوي؟!». لم يعتد أن يرى شخصّيتي الطبيعيّة إلاّ في المنزل، شعر بالقلق لأنّها المرّة الأولى التي أُظهر بها عفويتي وطبيعتي على الشاشة. وكما تعلمان أن مدير المسرح والقيّمين على البرنامج طلبوا منّي عدّة مرّات أن «ولّعها» عندما تهدأ الأجواء في الاستوديو ويسودها السكون، وذلك للمحافظة على الحماسة لدى المدرّبين والمشاركين والجمهور. أمّا في الحلقة الثانية فلاحظ أنّي كنت أهدأ، فجاء ليقول لي «ليش اليوم عادي!؟ ولّعها عم تطلع أهضم». يملك وليد أذناً موسيقيّة وقد أبدى رأيه بكل أعضاء فريقي وهو متابع جيّد للبرنامج اليوم.
- لماذا اخترت اسم الوليد؟
أحبّ الاسم، وكنّا في «كان» في عشاء مع الامير الوليد بن طلال، وكانت كوليت حاملاً حينها، فسألني ماذا ستسمّي الطفل فقلت له الوليد وسمّيناه الوليد.
- ودانا، ماذا تخبرنا عنها.
تحبّ ركوب الخيل والجودو والسباحة...
من حبّهم للبرنامج ذهبوا إلى الاستديو وليس بسببي. في أول حلقة، كانت قد مرّت فترة لم أرهم فيها، كنت في المنزل وهم كانوا في «الشاليه»، فطلبت منهم أن يأتوا إلى الاستديو لأراهم، وفي الحلقة الثانية جاؤوا لمتابعة البرنامج ولتشجيع المشاركين.
- هل ممكن أن يشّجعوا مدرّباً غيرك؟
بالتأكيد لا. ماريتا تؤيّد خياراتي وتشجّع فريقي وليس صحيحاً أنّها تشجّع فريق صابر كما كُتب.
سعادة السفير...
خلال اللقاء كشف الفنان عاصي الحلاني أن منظمة الأمم المتحدة اختارته سفيراً للنيات الحسنة لبرنامج «Live Lebanon» الذي يعنى بمعالجة مشاكل اجتماعية ويسعى إلى حلّها بمساعدة اللبنانيين المغتربين، ويستهدف قطاع الشباب في لبنان، والقطاع الصحي، والعائلات الفقيرة، والقطاع البيئي في سبيل تأمين الدعم وتعويض غياب الدولة في هذه المجالات أو التعاون مع الوزارات المختصة.
وحول سبب اختياره سفيراً قال عاصي «عندما زارني السيد روبرت ويتكنز مندوب الامم المتحدة في الشرق الاوسط ليخبرني أنهم اختاروني كسفير في الأمم المتحدة بعدما بحثوا وشاهدوا ما قدّمته وأقدّمه، تشكّرته، وقلت له إنني أعمل وأقدّم واجباتي الانسانية سواء كنت سفيراً للأمم المتحدة أم لم أكن».
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024