تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

خالد يوسف: تجاهل دعوة الممثلات الشابات...

بينما أبدى كثير من الفنانين تفاؤلهم بلقاء الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي، واعتبروه حماية للفن من حملات التشويه التي تلاحقه، استمر المخرج خالد يوسف في السباحة ضد التيار معتبراً اختياره لحضور اللقاء مجرد ديكور لاكتمال الصورة، وإثبات أن اختيار أسماء المدعوين جاء عشوائياً ولم يتم إقصاء أحد.
خالد يوسف يتحدث في هذا الحوار عن انطباعاته بعد لقاء الرئيس، ولماذا خرج غير متفائل عكس زملائه، كما يكشف سر صدمته في الرئيس بعد تخليه عن إلهام شاهين، ويتساءل: لماذا تجاهلت الرئاسة دعوة فنانات مثل يسرا ومنة شلبي ومنى زكي وهند صبري ومن تصغرهن عمراً واكتفت بالفنانات المتقدمات في العمر؟


- لماذا أعلنت عدم تفاؤلك بعد لقاء الرئيس المصري محمد مرسي معظم الفنانين؟
الطبيعي أن نسأل العكس: لماذا خرج الفنانون والمثقفون يحملون هذا القدر من التفاؤل بعد لقاء الرئيس محمد مرسي الذي ينتمي إلى تيار لا يرحب بالفن والإبداع؟!

- لكنه طمأن بالفعل الفنانين إلى مستقبل الفن!
الحقيقة أنا ضد أن ينتظر الفنانون طمأنة من أحد، فالمبدع أقوى من أي سلطة، ولا يجوز أبداً أن تكون حريته متوقفة على رضا الحاكم عنه، فالفن يدافع عن نفسه في أي وقت حتى في ظل القلق وسيطرة التيار الديني على الحكم.
الفن قادر على الدفاع عن نفسه، لذلك أحب أن أؤكد أنني لم أحضر هذا اللقاء لأحصل على تطمينات.

- لماذا تستبق الأحداث وتشكك في نوايا الرئيس أو التيار الذي ينتمي إليه؟
قلت ذلك لأن الرئيس ينتمي إلى جماعة دينية إذا خرج الفن عن تصوراتها لمفهوم الدين تعتبره إفساداً في الأرض، وهذا يذكرني بالنظام السابق الذي لم يكن يهتم بالفن إلا عندما يرغب في تمرير شيء، فيستعين بنجوم الفن ليدغدغ مشاعر الجماهير.

- إذا كان يفكر بهذه الطريقة فلماذا دعاك لحضور اللقاء وأنت من أكثر المعادين لفكره؟
أتصور أنه تمت دعوتي لحضور هذا اللقاء لإثبات شيء أمام الرأي العام، وهو أن الأسماء التي حضرت ليست منتقاة، لكن هذا غير صحيح، وإلا لماذا لم تحضر إلهام شاهين؟

- حكاية حضور إلهام شاهين عليها خلاف خاصة أن الرئيس بنفسه قال خلال اللقاء إنها ضمن المدعوين!
ما أعرفه أن إلهام شاهين لم تتلق دعوة لحضور اللقاء بل لم يتصل بها أحد ليخبرها بأنها ضمن قائمة المدعوين، ثم إن هناك صدمة بالنسبة إلي شخصياً لأن الرئيس قال إنه يتضامن معها خلال اللقاء وخرج المتحدث باسمه بعدها يقول إن الرئاسة لا تتضامن معها، وأن القضاء فقط هو الذي يفصل في مثل هذه القضايا.

- لكن هذا لم يحدث. بالعكس إلهام شاهين خرجت بتصريحات إعلامية تقول فيها إن الرئيس رد اعتبارها وإن ياسر علي المتحدث باسمه اتصل بها وأبلغها تضامن الرئيس معها!
أعتقد أن إلهام شاهين قالت هذا الكلام بناءً على ما ذكره زملاؤنا الفنانون الذين حضروا اللقاء، بالإضافة إلى المكالمة التي تحدثت فيها إلى المتحدث باسم الرئاسة، ولا أنكر أنني كنت من المتفائلين بكلام الرئيس بشأن قضيتها، لكني صدمت عندما وجدت بعض المواقع الإخبارية تنفي بعد ذلك بساعات أن تكون الرئاسة متضامنة مع إلهام شاهين في قضيتها ضد الشيخ عبدالله بدر، وأنها يجب أن تأخذ حقها عن طريق القضاء.
وأنا أعترض على هذا الأسلوب تماماً، لأن من واجبات الرئيس أن يتضامن معها، ويقف إلى جانبها ويحميها من الذين تعرضوا لها، لا أن ينصحها باللجوء إلى القضاء لينظر في ما تعرّضت له من إهانات.

- لماذا ترى أن الدعوات كانت انتقائية؟
هي ليست انتقائية فقط، وإنما تنمّ عن أن من قام بها يحمل موقفاً ضد المرأة، فلم يمثل أجيالاً كثيرة من الفنانات واكتفى بالكبيرات فقط، مثل نجلاء فتحي ومديحة يسري وسهير البابلي.
وأنا أتساءل: لماذا لم يدعُ أجيال يسرا ومنى زكي وهند صبري واللواتي يصغرنهن وكأن المرأة عورة؟

- بعيداً عن حالات التفاؤل والتشاؤم التي خرج بها الفنانون من اللقاء، لماذا كانت كلمتك سياسية وليست فنية؟
لأن كل زملائي تحدثوا عن الفن والإبداع، ولأنني لا أريد أن أكرر كلاماً قيل من قبل، قررت استغلال كلمتي في الدفاع عن شركاء الثورة، فطالبت بالإفراج عن آلاف المعتقلين السياسيين، وكذلك ضباط الجيش الذين يعرفون إعلامياً بـ«ضباط 8 إبريل».
كما طالبت الرئيس بأن يفصل بين التصويت على مواد الدستور والمادة التي تنص على أن يستكمل الرئيس مرسي فترة رئاسته.

- لكن هل يعقل أن تكون أحد أبرز مؤسسي جبهة الدفاع عن حرية الإبداع ولا تكون لك طلبات في هذا الشأن؟
تم التحدث كثيراً عن حرية الإبداع خلال اللقاء، لكني أعتقد أن ذلك بلا جدوى، لأنني أثق بأن الحكام الحاليين للبلد لا يؤمنون أصلاً بالفن، فكيف أطالبهم بدعمه وأناقشهم في قضاياه؟

- إذا تركنا الحديث عن لقاء الرئيس وسألناك عن السينما، لماذا لم تقدم أي فيلم بعد الثورة حتى الآن؟
اهتمامي بالسياسة شغلني عن الدخول في أي مشروع فني لمدة عام ونصف العام، هي الفترة التي أعقبت ثورة «25 يناير» وحتى اليوم، وكنت أختار خلال هذه الفترة أفكاراً لتقديمها أفلاماً، لكن دائماً كان يحول دون إتمامها تكرار الأحداث الثورية واشتعال الشارع سياسياً.

- هل تشعر بالتقصير لضياع هذه الفترة دون تقديم فيلم سينمائي؟
أبداً لا أشعر بالتقصير تجاه الفن، ولم أضيّع وقتي لأن الحدث الذي مرت به مصر لم يكن عادياً، وأرى أن ثورة الشعب تستحق التضحية من أجلها بالغالي والنفيس.
كما أنني حالياً لا أفكر في الماضي، وبدأت أنظر إلى المستقبل بمجرد قراءتي سيناريو فيلم «سره الباتع»، المأخوذ عن قصة للأديب الراحل يوسف إدريس، والذي أعيدت كتابة السيناريو والحوار الخاص به حالياً بمساعدة ناصر عبد الرحمن كاتب النص.

- كنت قد أعلنت أن «سره الباتع» سيكون مشروعاً مزدوجاً فيلماً ومسلسلاً يتم تصويرهما في الوقت نفسه، فهل تخليت عن هذه الفكرة؟
على العكس تماماً، لم أتراجع عن تنفيذهما في وقت واحد، لكن الناس عادة تهتم بأخبار السينما أكثر من التلفزيون، فأنا بدأت تجهيز سيناريو الفيلم حتى ينتهي المؤلف محفوظ عبد الرحمن من كتابة سيناريو المسلسل ليبدأ تصويرهما معاً في الوقت نفسه.

- هل رشحت الأبطال؟
حتى الآن لم أبدأ مرحلة ترشيح الأبطال، لأن السيناريوهين لم يكتملا، ومن طبيعتي ألا أبدأ في مرحلة إلا بعد انتهاء التي تسبقها.
لكن هذا لن يكون بعيداً لأنني أنوي بدء التصوير قريباً. وعموماً معظم الممثلين سيشاركون في الفيلم والمسلسل، إلا في الأدوار الرئيسية سيكون لها أبطال منفصلون للفيلم عن المسلسل.

- حول ماذا تدور أحداث المسلسل والفيلم؟
الفيلم والمسلسل مأخوذان عن قصة «سره الباتع» التي تدور أحداثها حول واقعة تاريخية موجودة في الرواية الأصلية في حقبة الحملة الفرنسية على مصر، من خلال قصة شاب قتل أحد جنود الحملة الفرنسية فيكلّف نابليون بونابرت جيشه البحث عن هذا الشاب، الذي يتميز بوجود وشم لعصفورة على وجهه، وفي يده أربع أصابع فقط.
وعندما يختبئ في قرية يقوم شبابها بقطع أصبع من يد كل منهم ويرسمون الوشم نفسه على وجوههم حتى لا يتعرف عليه جنود الجيش الفرنسي.

- هل فقدت الأمل في تنفيذ رواية «أولاد حارتنا» التي أعلنت نيتك تنفيذها؟
أزمة «أولاد حارتنا» للكاتب الكبير نجيب محفوظ تتمثل في أن هناك مشكلة في حقوق ملكية الرواية، فقد اشترتها إحدى دور النشر وليس من حق أحد استغلالها دون الرجوع إليها، فإذا زالت هذه الأسباب سيخرج المشروع الى النور.

- إذا عدنا بالزمن قليلاً سنجد أنك ابتعدت في آخر أفلامك «كف القمر» عن السوداوية والتشاؤم وتوقعت أن يكون الغد أفضل!
نهايات أفلامي ليست سوداوية ولا تحمل أي نسبة تشاؤم، وأتساءل: كيف تفسر نهاية «هي فوضى» التي يتجمع فيها أهالي الحي حول مركز الشرطة الظالم بأنها نهاية سوداوية، رغم أن هذا ما حدث بعدها بسنوات في ثورة «25 يناير»؟ وفيلم «حين ميسرة» كانت نهايته تحذر من الجيل القادم المهضومة حقوقه، وكذلك نهاية «دكان شحاتة» التي حذرت من ثورة الجياع التي كان متوقعاً قدومها إذا ما تحقق سيناريو التوريث في 2013، وحينها سيسيطر البلطجية والجماعات المتشددة... كل هذه النهايات ليست سوداوية، لكنها شديدة الواقعية تحمل مقداراً كبيراً من التفاؤل، يتمثل في تجمّع إرادة الشعب بفيلم «هي فوضى»، وتحذير من غياب تلك الإرادة في «حين ميسرة» و«دكان شحاتة».

- من ضمن الانتقادات التي توجه إليك أنك مباشر في تناولك للموضوعات، فما ردك؟
اتهامي بالمباشرة فيه مبالغة شديدة، لأن الذي يتبنى وجهة النظر هذه لم يراع أن طبيعة الموضوعات التي قدمتها في الأفلام التي تنتمي الى سينما الشارع والواقع، تحتاج إلى هذه الطريقة في التناول.
لذلك عندما جاء موضوع مختلف مثل «كف القمر»، كان عليَّ أن أختار له الطريقة التي تناسبه، وحينها قال النقاد إنني تخلصت من هذه الصفة.
لكن الحقيقة أن كل فكرة فيلم لها طريقة خاصة في تقديمها، والفرق كبير بين المباشرة الفجة، والواقعية الصريحة، وأرى أن هناك من يخلط بين الاثنين.
وعندما استخدمت الواقعية الصريحة في أفلامي، اتهموني بأني مخرج مباشر وفج، رغم أن التيمة الدرامية لهذه الأفلام لم تكن تحتمل «الفذلكة السينمائية»، وأن أقدمها في ثوب سينمائي غير ملائم لها.

- دائماً ما تواجه اتهامات بأنك مخرج الغرائز... كيف ترد عليها؟
من يراجع النقد الذي كتب عن فيلمي الأخير «كف القمر» سيجد أن الجميع اعتبروا أنه لا يضم مشاهد جريئة تثير الغرائز.
وأرى أن هذه كانت شهادة بأن أفلامي السابقة لم تكن تضم مشاهد مستفزة لدرجة الهجوم عليَّ، لأنني في هذا الفيلم تقريباً قدمت جرعة المشاهد المثيرة نفسها التي قدمتها في أفلامي السابقة، فكان هناك لقطتان لجومانة مراد الأولى في السرير، والثانية وهي ترتدي ملابسها، وهما مشهدان مبرران درامياً.
فإثارة الغرائز أبداً لم تكن منهجي، ودائماً أقف عند منطقة لا أتخطاها، سواء في «كف القمر»، أو «حين ميسرة» عندما قدمت مشهد «السحاق» أو «الاغتصاب»، فلم يكن أحد يرى شيئاً.
ورغم ذلك كنت أتعرّض لهجوم قاسٍ، لكن يجب أن يعلم الجميع أنني كنت مستهدفاً، وكلمة «الإثارة الجنسية» التي تم إلصاقها بأفلام خالد يوسف كانت تستخدم لتشويهي واختصار كل نجاحاتي كمخرج في الـ20 ثانية المثيرة التي يضمها الفيلم.
وكان المغرضون الكارهون لأفلامي يروِّجون لفكرة أن أفلامي تحقق إيرادات وتنجح لأن الجمهور مهووس بالجنس، وليس لأن خالد يوسف مخرج ناجح ويصنع أفلاماً جيدة.
والدليل على صدق كلامي أن جميع المشاهد الجريئة في 11 فيلماً قدمتها حتى الآن لا تتخطى بأي حال ثلاث دقائق، فهل يعقل أن تكون هذه الدقائق المحدودة سبباً في نجاح 11 فيلماً؟

- إلى أي مدى ترى أن ظهورك المكثف في الإعلام أضرّ بأفلامك خاصة أن المشاهد يكون مجبراً على متابعة أفلامك من خلال وجهة نظرك؟
إذا وصل الأمر الى هذه الدرجة، وأصبح المشاهد يقرأ الفيلم من خلال أفكار المخرج فهذا مضرّ جداً للفيلم والمخرج، لأن المشاهد أحياناً سيتلقى الفيلم بشكل خاطئ.
لكن في بعض الأحيان يكون وضوح أفكار المخرج لدى المشاهدين مفيداً، لأنه يكون معلوماً أن المخرج لديه أفكار وليس «تافهاً»، فيضطر الجمهور أن يتيقظ ويترقب كل مشهد حتى يكتشف إذا كان المخرج يقصد منه شيئاً أم لا.

- هل تشعر بأن البعض يسيء فهمك؟
نعم، وهذا لا يزعجني، لأنه حتى الآن هناك من لا يستطيع فهم أفكار يوسف شاهين وتوفيق صالح وصلاح أبو سيف بالشكل الكامل، رغم أنهم مخرجون كبار.

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080