تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

منذر رياحنة: لن أنسى موقف أحمد السقا...

رغم تألق الفنان الأردني منذر رياحنة في كثير من الأعمال الدرامية في سورية والأردن، وفوزه بالعديد من الجوائز عن أدوار قدمها أو أعمال شارك فيها، مثل «الاجتياح» الذي نال جائز الإيمي أوورد العالمية، ظل للجمهور المصري مجهولاً، حتى كانت نقطة انطلاقته من خلال دور صغير في فيلم «المصلحة» للمخرجة ساندرا نشأت، رشحه أحمد السقا بعدها لمشاركته بطولة مسلسل «خطوط حمراء» الذي عرض في شهر رمضان.
في هذا الحوار، يتحدث منذر رياحنة عن حلمه الذي تحقق بالعمل في السينما والدراما المصريتين، ولماذا يكره كلمة المنافسة، وينتقد انتشار المسلسلات المدبلجة في الفضائيات العربية، كما يكشف سر رفضه التحدث عن نفسه وعن زملائه الفنانين.


- كيف بدأت مشوارك الفني في مصر؟
جئت إلى مصر بفضل المخرجة ساندرا نشأت التي كانت تحتاج إلى ممثل يجسد شخصية الأردني الذي يظهر في فيلم «المصلحة»، ومن متابعتها لأعمالي التي قدمتها من قبل وقع اختيارها عليَّ.
وكانت هذه الخطوة التي فتحت لي بوابة الفن المصري، وبعدها رشحني الفنان أحمد السقا للمشاركة في بطولة مسلسل «خطوط حمراء»، وساعدني كثيراً، وكان يدعمني في كل خطوة حتى قدمت هذه الشخصية بنجاح.

- ساعدك إلى أي مدى؟
أحمد السقا فنان رائع جداً يحب التمثيل والفريق الذي يشاركه البطولة، فنان بمعنى الكلمة، فأنا لن أنسى أبداً جميله معي وما فعله من أجلي، ربنا يحميه ويوفقه دائماً.
وأنا أقولها صريحة، لو بعد 20 سنة طلبني السقا في مشهد لن أتأخر عليه، لأنني مؤمن بأن هذا المشهد سيكون مهماً.
فكل الشكر لأحمد السقا على النجاح الذي حققته في مصر.
وبعيداً عن المسلسل فأنا لا أصدق ما يقدمه لي من مساعدات، فهو يتعامل معي وكأني أخوه ويعرفني منذ زمن بعيد، فأنا مع السقا أعتبر نفسي مع عائلتي، وبسببه لم أشعر لحظة بالغربة، فهو دائماً يسألني عما إذا كان ينقصني شيء، وأشهد أنه يعطي للآخرين أكثر ما يأخذ لنفسه.

- هل تخطط للعمل بمصر أم أنها كانت مجرد صدفة وستعود إلى الدراما السورية والأردنية؟
بالطبع كانت أمنيتي طوال الوقت أن أعمل في هوليوود الشرق وأم الدنيا مصر، والحمد لله أن هذا الحلم تحقق سريعاً. فأنا بشكل عام أحب مصر وأهلها الطيبين، وأحب أيضاً فنها.

- لماذا وافقت على تجسيد شخصية دياب في «خطوط حمراء»؟
عندما يكون نجم بحجم أحمد السقا بعيداً عن الدراما كل هذه السنوات وفجأة يقرر العودة، بالتأكيد أن هذا المسلسل سيكون مهماً وليس عادياً، فهذا من أسباب الموافقة في البداية قبل قراءة السيناريو لأن السقا ممثل يحترم عمله جداً.
لكن هذا لا ينفي أن الدور استفزني وأحببت شخصية «دياب» فقررت ألا أفرّط بها.

- في «المصلحة» قدمت دور مهرب مخدرات وفي «خطوط حمراء» تجسد شخصية تاجر سلاح، هل ستتخصص في أدوار الشر في مصر؟
أجسد كل الأدوار، الخير والشر والكوميدي والتراجيدي، فهذا عملي، ويجب أن أتقن كل الأدوار التي أجسدها، وأختار أفضل المعروض عليَّ. فإذا عرض عليَّ دور شر أتقن ذلك، وإذا حدث العكس لن أقصر أيضاً.

- هل كنت تتوقع النجاح الذي حققته في المسلسل؟
الحقيقة لم أكن أتوقع النجاح إلى هذه الدرجة، لكن الحمد لله على كل شيء، وكنت أثق بالجمهور المصري الواعي، لأنني أعرف أنه يقوّم بعناية الممثلين الذين يشاهدهم على الشاشة في كل الأعمال، ويختار من بينهم الأفضل.

- وكيف هو مستقبلك في مصر بعد «خطوط حمراء»؟
أتمنى أن ينقلني هذا العمل إلى مرحلة أخرى، ويرشحني لتقديم أعمال محترمة للجمهور المصري، وأن أكون على قدر الثقة التي منحني إياها.
كما أتمنى أن أنتقل إلى مكانة أستطيع من خلالها أن أخدم بلدي الأردن والوطن العربي كله.

- عيناك على السينما أم التلفزيون؟
لا أفكر بهذه الطريقة، فأنا يمكنني أن أعمل في السينما والتلفزيون، بالإضافة إلى المسرح أيضاً، المهم بالنسبة إليّ طبيعة العمل والهدف والرسالة التي يحملها للمشاهد.

- لماذا تفضل الأدوار الجادة؟
هذا انطباع ليس صحيحاً، فأنا قدمت أدواراً كوميدية خفيفة، وقدمت أدواراً اجتماعية وتاريخية، فأنا لا أصنّف نفسي، وأحب تقديم كل الأدوار. وفي النهاية أنا مضطر لأن أختار من بين المعروض عليَّ.

- إلى أي مدى ساهم اقتراب اللهجة الصعيدية من الأردنية في نجاحك بشخصية «دياب»؟
تشابه اللهجتين الصعيدية والشامية في بعض الكلمات لا يعني أنهما متطابقتان، فالتحدث باللهجة الصعيدية كان يمثل صعوبة شديدة لي، وتدربت عليها كثيراً حتى أظهر بشكل لائق خلال الأحداث.
وأرى أن التمثيل بلهجة أخرى غير التي تتحدث بها هو تحدٍ واختبار حقيقي للممثل، كما أنه يحقق متعة كبيرة للممثل الذي يحب التغيير، وأرى أن الأصعب دائماً يكون أجمل، فالشخصيات السهلة لا أحبها.

- رغم تحقيق «خطوط حمراء» نسبة مشاهدة مرتفعة لاحظنا أنه من أكثر المسلسلات التي واجهت نقداً في رمضان، ما تعليقك؟
أنا أحب النقد، فجميل أن يتم انتقاد العمل الذي تقدمه حتى تتعلم وتعرف أخطاءك. وبالمناسبة لم نغضب كأسرة المسلسل من التعليقات الساخرة على بعض المشاهد، فهذا كان يضحكنا كما يضحك الجمهور بالضبط، لأن الجمهور عندما يحب ممثلاً أو عملاً فنياً يريده أن يكون بلا أخطاء تماماً، فلذلك يبادر بالتعليق على الأخطاء وانتقادها حباً في العمل وليس كرهاً.

- كيف رأيت المنافسة في رمضان؟
لا أحب كلمة المنافسة، لأننا في هذه اللحظة جميعاً نعمل تحت مظلّة الدراما المصرية، كل المسلسلات وليس «خطوط حمراء» فقط.
وأرى أن المنافسة يجب ألا تكون مع أنفسنا، وإنما تكون منافسة للمسلسلات التي تأتينا من الخارج في الصورة والشكل والقضايا التي تطرحها.
ورغم أنني لست ضد مشاهدة أعمال الآخرين، فقد زهقنا ومللنا من المسلسلات المدبلجة، ودورنا الحقيقي أن ننافس هذه المسلسلات ولا ننافس أنفسنا، فيجب أن تصل أعمالنا إلى الآخرين كما تصل أعمالهم إلينا.
يجب أن نصل إلى هذا المستوى حتى تصل ثقافتنا إليهم، بدلاً من أن ننشغل بالتصارع مع أنفسنا.

- ما هي المسلسلات التي تابعتها في رمضان؟
لأني انتهيت من التصوير يوم 24 رمضان تقريباً، لم تتح لي فرصة متابعة أي مسلسل، لكن مؤكد أنني سأحرص على متابعتها بعد رمضان.
وفي كل الأحوال أحب أن أتقدم بكل الشكر إلى كل النجوم والمنتجين المصريين الذين جازفوا بأسمائهم وأموالهم حتى تعود الدراما المصرية بهذا الكم والكيف، في وقت تراجعت فيه الصناعة في عالمنا العربي.

- كيف رأيت وجود ثلاثة ممثلين أردنيين في الدراما المصرية هذا العام، أنت وصبا مبارك وإياد نصار؟
لا أحب التصنيفات، فالسياسة ألزمتنا طويلاً بحدود جغرافية، وأرى أن الفن هو الشيء الوحيد الذي يجمعنا، فأنا ممثل عربي، ولا يمكن تصنيفي كأردني أو سوري أو مصري.

- لكن هذا لن يمنعنا من سؤالك عن سر تكرارك العمل مع صبا مبارك؟
أنا أحب العمل مع أي فنان يحب عمله.

- إلى أين وصلت في مشروعك الإخراجي؟
كان مشروع تخرجي فيلماً قصيراً اسمه «لا شيء مهم»، وبعده أخرجت 100 فيلم وثائقي عن البيئة في الوطن العربي، وأجريت بحثاً كاملاً عن الديانات السماوية وأخلاقيات الحرب، كما أُحضِّر لمشروع مسلسل يحمل عنوان «أحلام العائلة الأخيرة»، لكني لن أنفذه حالياً بسبب ظروف الإنتاج.

- تعمل في الوسط الفني منذ عشر سنوات تقريباً، إلى أي مدى تشعر بالرضا عما حققته حتى الآن؟
النجاح كلمة تعني أن الإنسان وصل إلى قمة الهرم التي لا يعلوها شيء، لذلك أعتبر كل عمل أقدمه مجرد خطوة في طريق النجاح. وما أتمناه أن تكون خطواتي محترمة ويحبها الجمهور.

- مشاركتك في فيلم «مملكة النمل» هل كانت بدافع فني أم للدفاع عن القضية الفلسطينية؟
أنا أدافع عن القضية الفلسطينية بالعمل في أفلام ومسلسلات تطرح القضية، فالتمثيل وسيلة دفاعي عن فلسطين، وقد عملت من قبل في «الاجتياح» و«أنا القدس»، ودائماً أقول إن أي عمل سيقدم عن القضية الفلسطينية سأشارك فيه.

- كيف ترى أزمة الدراما في الأردن؟
الدراما الأردنية تعرّضت للظلم من مجموعة منتجين كان هدفهم فقط تحقيق ربح مالي من وراء دخول الصناعة، ولم يفكروا لحظة في بناء حالة درامية حقيقية في الأردن، لذلك تواجه الدراما أزمة.

- «أنا متزوج وأعول» تصريح نسبه البعض إليك عند الحديث عن إعجاب بنات مصر بك فسارعت الى إصدار بيان تنفي فيه هذا التصريح، هل أقلقك الى هذه الدرجة؟
حرصت على أن أنفي تلك التصريحات حتى لا يفهم منها أنها تحمل إساءة الى بنات مصر اللواتي أعتز بهن. وعموماً لا أحب التحدث في هذا الموضوع لأنه انتهى بالنسبة إلي، وأتصور أنه لم يعلق في أذهان المشاهدين أصلاً.

- ألا تحب التحدث عن نفسك؟
لا أحب التحدث عن نفسي إطلاقاً، كما لا أحب التحدث عن زملائي.

- لماذا؟
لا أتحدث عن نفسي لأن هذا نوع من أنواع الغرور، يضاف إلى ذلك أن منذر لن يفيد المشاهد إلا داخل العمل الفني وليس خارجه. كما لا أحب التحدث عن زملائي حتى لا أظلم أحداً، فيمكن أن أقول إن أحدهم أهم، ويكون هناك من هو أهم منه، والعكس.

- نجوم كثر يتبرأون من صفحاتهم على الفيسبوك ماذا عن منذر رياحنة؟
صفحتي ملكي وأديرها بنفسي، وأنشر من خلالها كل أخباري وأحدث صوري، وهناك أناس أنشأوا مواقع وصفحات باسمي ولا أغضب منهم طالما أنهم لا يتجاوزون.

- ألم يكن غريباً لشخصية محافظة مثلك أن تنشر صورة ابنتك على العامة؟
ابنتي وجد حياتي وروحي، بعد أن رزقني الله بها أرى أن الدنيا ألوانها اختلفت، وهي ابنتي الكبرى ويصغرها ريان.

- هل تعرف أن والدها ممثل؟
طبعا هي صغيرة لكنها تعرفني جيداً وتجبر الجميع على مشاهدة مسلسل «خطوط حمراء».

- ما الرسالة التي تحملها من خلال أعمالك؟
الفن يجب أن يحمل رسالة، فيجب أن يتعلّم الجمهور من العمل شيئاً، فثمة ثورات في العالم خرجت بعد عروض مسرحية عن الظلم والاستبداد، ورسالة الفن أن يكشف الواقع سواء في قالب كوميدي أو تراجيدي.
وأرى أن الأعمال الترفيهية مهمة جداً خاصة في الوقت الحالي، لأن المواطنين يحتاجون إلى ما يخفف عنهم ويفرج همومهم.

- لماذا أنت مهتم بشكل كبير بالثورات العربية؟
لأنها عربية وأنا عربي، فهذه الثورات تخصني، وأنا أحب التغيير نحو الأفضل، فأنا ليس لديَّ حلم أن أهاجر إلى أميركا لأنها أفضل، كل أحلامي أن أعيش في وطني العربي.
أتمنى أن يأتي اليوم الذي أعيش فيه بكرامة وحرية في بلادي العربية، فهذه أرضي وملكي، ولدت فيها وسأموت فيها، وأريدها أن تصبح الأفضل بين الأوطان، لذلك أدعم الثورات العربية.

- لكن لا يزال هناك انقسام حولها بين من يعتبرها عربية خالصة وآخر يراها مؤامرة خارجية لضرب استقرار الوطن العربي؟
قاطعني قائلاً: لا أعتقد أن بو عزيزي الذي أحرق نفسه في تونس كان وراءه أحد أو أنها كانت مؤامرة، فهو مواطن ملَّ من الظلم فأضرم النار في نفسه احتجاجاً على أوضاعه الاجتماعية، كما أنني مع التغيير، وأن نجرب أشخاصاً آخرين، ربما نتقدم بهم، وحتى اذا كان التغيير الى الأسوأ نقوم بثورة أخرى ضد النظام الجديد ونأتي بغيره إلى أن يقود بلادنا إلى الأفضل.

- هل أنت مع تصنيف الفنانين إلى قوائم عار وشرف بعد وقوفهم إلى جانب نظام أو نضالهم ضده؟
المفترض في أعمالنا الفنية التي نقدمها عبر التاريخ أنها تحمل رسالة ضد الظلم والاستبداد، وتشجع على المقاومة والحرية.
هل يجوز لممثل في لحظة من اللحظات أن يكون ضد الذي قدمه طوال مشواره الفني؟ هذا يكون كذباً، فالجمهور يقبل الفنان لأنه يشعر أنه يطرح قضاياه ويشعر بأوجاعه، لكن في الوقت نفسه يجب ألا نحمّل الفنان أكثر مما يحتمل لمجرد أنه قال رأياً سياسياً يقتنع أنه صحيح.

- ما الذي تتمنى أن تقدمه؟
أتمنى أن أقدم عملاً جيداً ومفيداً في الوقت نفسه، وأدعو الله أن يعجب الجمهور الذي أحبني ووثق بمنذر رياحنة كممثل بعد تجسيد شخصية «دياب»، وهذا خطر جداً، لأن العمل المقبل سيثبت أنني إما على قدر هذه المسؤولية التي حمّلني إياها الجمهور، أو سأجلس في البيت.
فمن يحبني وينتظرني في عمل مقبل إذا صدمته بتقديم عمل سيِّئ لن يشاهدني مرة أخرى.

- عندما تنزل إلى الشارع في مصر كيف يقابلك الجمهور؟
يقابلونني بترحاب شديد جداً، ويتحدثون معي بالضحك والإشادة والانتقاد، فالجمهور المصري عفوي جداً.

- بمَ ينادونك؟
علاقتي بالجمهور المصري بنيت بشكل تدريجي، في البداية كانوا يقولون من بعيد: «هذا هو الممثل الذي يظهر مع أحمد السقا في المسلسل»، وبعد ذلك أصبحوا ينادونني «سقا سقا»، وبعد ذلك أصبحوا ينادونني باسم الشخصية التي أقدمها «دياب». وطبعاً شكر كبير لأحمد السقا أنه منحني جزءاً كبيراً من جمهوره الذي يحبه.

- هل تحب الموسيقى؟
بالتأكيد فأنا بشكل عام تربيت على أغاني الشيخ إمام، كما أحب عمالقة الطرب مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفيروز وأسمهان في بعض اللحظات. أما أغنيتي المفضلة فهي «فيها حاجة حلوة» للمطربة ريهام عبد الحكيم.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079