ألفت عمر: نظرت في المرآة فلم أعرف نفسي
عندما رشحها المخرج حاتم علي للمشاركة في مسلسل «عمر»، كان أول سؤال توجهه إليه هو: هل هذا العمل جائز دينياً؟ وعندما علمت بموافقة مجموعة من كبار علماء الدين عليه لم تتردد لحظة في قبول المشاركة فيه.
وكانت المفاجأة الكبرى لها ترشيحها لشخصية «عاتكة» زوجة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
الفنانة ألفت عمر تتحدث عن حكايتها مع هذا الدور، والماكياج الذي صدمها في البداية، ولحظات الرعب التي عاشتها في سورية، والشائعة التي استفزتها.
- كيف تم ترشيحك للعمل بمسلسل «عمر»؟
الترشيح جاء عن طريق مخرج العمل حاتم عليً، لأنه يعرفني منذ أن عملت معه في مسلسل «الملك فاروق»، وبعدها رشحني لمسلسل «محمد علي»، الذي كان من المفترض أن يلعب بطولته الفنان يحيى الفخراني وكنت سألعب شخصية ابنة سليمان باشا، وكان من الأدوار المؤثرة في أحداثه، بل ويعتبر البطولة النسائية داخل العمل.
لكن المشروع توقف فجأة وأُجل ال أجل غير مسمى، ولا أعرف الأسباب. وبعدها اتصل حاتم بي وأبلغني بامر مسلسل «الفاروق عمر».
وكنت خائفة في البداية من الناحية الدينية ومدى شرعية التمثيل في العمل، لكنه طمأنني الى أن هناك علماء دين أفتوا بجواز تقديم المسلسل، فوافقت على الفور ولم تهمني مساحة الدور، وكنت سأوافق على المشاركة حتى لو كان أسند لي مشهداً واحداً فقط، لأنه عمل ذو قيمة وسيذكره التاريخ.
وأنا فخورة بالمشاركة فيه من الناحية الدينية قبل الفنية.
- كيف استعددت لشخصية «عاتكة» زوجة عمر بن الخطاب ؟
بمجرد موافقتي على القيام بتجسيد الشخصية، بدأت أبحث عنها على مواقع الإنترنت وفي الكتب والمراجع، لكنني لم أجد معلومات كافية عنها سوى أنها ملقبة بزوجة الشهداء، حيث إن كل أزواجها استشهدوا بالحروب الإسلامية، بالإضافة إلى أنني وجدت بعض المعلومات عن وقوفها بجانب زوجها عمر ومساندتها له.
لكنني عندما قرأت السيناريو الذي كتبه وليد سيف تعرفت على الشخصية بشكل أعمق، وبدأت تحديد ملامحها كما جسدتها، وبعدها جلست مع المخرج حاتم علي وبدأنا في مرحلة البروفات على الشخصية والتدريب عليها بكامل شكلها، من ملابس وأكسسوارات وماكياج وغيرها من التفاصيل، حتى وصلت إلى مرحلة التجانس مع الشخصية.
- صرحت من قبل أنك صدمت من ماكياج الشخصية في أول يوم تصوير لك فما السبب؟
«عاتكة» كان معروفاً عنها أنها تمتاز بالجمال، ولهذا توقعت أن المكياج سيجعلني أظهر بشكل جذاب، بمعنى أن أكون سيدة بيضاء البشرة، لكنني فوجئت في أول يوم تصوير أن الماكياج الذي قام به الماكيير يظهرني سمراء اللون بشكل يشعر المشاهد بأن جلدي ملتهب، فصدمت وشعرت بأنني قبيحة الشكل.
لكنني علمت بعدها من المخرج حاتم علي أن مقاييس الجمال خلال تلك الفترة كانت مختلفة تماماً عما نعرفه الآن، فهؤلاء البشر كانوا يعيشون في الصحراء الجرداء لا زرع فيها ولا ماء والخيام شديدة الحرارة، ولهذا كانت حرقة الشمس تظهر على وجه النساء.
وأبهرني بعدها استخدام الماكياج في المسلسل حيث استعان فريق العمل بمجموعة من المتخصصين في الماكيير والكوافير والملابس بالمراحل التاريخية، ويعلمون جيداً أشكال الشخوص الذين كانوا يعيشون خلال تلك الفترة.
وأكثر ما أعجبني فيهم أنهم يقومون بتطبيق الواقع كما ينبغي، وهو ما يجعلك تشعر بأنك تعيش بالفعل في هذا العصر وليس مجرد تقديم شخصية مثلما يحدث مع معظم الأعمال التاريخية.
- وما الذي جعلك تشعرين بالإرهاق أثناء تجسيدك الشخصية؟
أكثر ما أرهقني بالشخصية شيئان، الأول هو الماكياج الخاص بها، لأنه كان يحتاج إلى وقت طويل لعمله يصل إلى ثلاث ساعات تقريباً قبل التصوير، وهذا يحدث بشكل يومي مما جعلني أصاب بالإرهاق والتعب، لكنني كنت أخفي ذلك حتى لا يظهر على الكاميرا أثناء التصوير.
أما الشيء الثاني فهو أماكن التصوير، لأن المخرج حاتم علي أصر على أن يكون التصوير مشابهاً للحقيقة وليس ديكوراً مصنوعاً، فكنا نصور داخل صحراء جرداء وخيام حقيقية في فصل الصيف، ودرجة الحرارة كانت مرتفعة للغاية وتصل في بعض الأحيان إلى 45 درجة مئوية، في حين أنني كنت أرتدى أثناء التصوير عدداً كبيراً من الملابس، بالإضافة إلى القبة التي توضع فوق الرأس لتغطي الشعر، فكانت المسألة في غاية الصعوبة.
أما التفاصيل الأخرى الخاصة بالشخصية فلم ترهقني، لأنني أجيد التحدث باللغة العربية الفصحى، أما الأداء نفسه فيرجع الفضل فيه إلى المخرج حاتم علي الذي ساعدني في طريقة تأدية الشخصية حتى أصبحت المسألة سهلة بالنسبة إلي.
- معنى ذلك أنك لو قدمت تلك الشخصية مع مخرج آخر كانت ستظهر بشكل مختلف؟
بلا شك، لأن حاتم علي له أثر كبير في الشكل الذي خرجت به كل شخصيات المسلسل، لا «عاتكة» فقط، وما ساعده على ذلك كونه ممثلاً في الأصل، فاستطاع أن يوجه الممثلين إلى المناطق التي قد تغفل عن الفنان أو لا يلتفت إليها.
والدليل على ذلك أنه استطاع أن يخرج من سامر، مجسد شخصية عمر بن الخطاب، أروع ما لديه رغم أنه يعتبر من الوجوه الجديدة.
- وما هي أصعب المواقف التي واجهتها أثناء تصوير العمل؟
كان ذلك أثناء وجودنا في سورية حيث صورنا أغلب المشاهد، وكنا نعمل وقت اندلاع الثورة هناك، وحدث موقف مرعب في أحد أيام التصوير في منطقة تبعد عن دمشق حوالي ساعة عندما سمعنا فجأة أصوات انفجارات.
وظن فريق العمل أنها معركة بين الجيش والثوار، وتوقعنا ألا نستطيع العودة إلى المدينة وسنظل في الصحراء حتى الموت.
وجلست أبكي من شدة الخوف والرهبة، حتى علمنا بعد ساعات أنه انفجار في أحد المصانع القريبة من مكان التصوير، وأوقفنا التصوير بعدها وأخذ فريق العمل راحة لفترة حتى نستطيع أن ننسى هذا الموقف.
- وما تعليقك على الهجوم الذي يتعرض له المسلسل ومطالبة البعض بمنع عرضه؟
لم أشارك في المسلسل إلا عندما علمت أن هناك عشر موافقات من عشرة علماء كبار بالدين الإسلامي يبيحون تقديم هذا العمل، وكان سؤالي الأول للمخرج حاتم علي عندما عرض عليَّ الدور «هل تقديم المسلسل جائز شرعاً؟»، فعدد لي أسماء علماء الدين الذين وافقوا على تقديم العمل، ومنهم الشيخ يوسف القرضاوي من مصر والشيخ سلمان العودة من المملكة العربية السعودية والشيخ على الصلابي من ليبيا والشيخ أكرم ضياء العمري.
وعندما أعلن الأزهر الشريف بمصر تحريم تجسيد شخصيات الصحابة في أعمال فنية كنا بالفعل قد بدأنا تصوير المسلسل وأوشكنا على الانتهاء منه، لأننا انتهينا من تصوير العمل منذ حوالي أكثر من عام تقريباً، وجلس المخرج بعدها فترة كبيرة في مرحلة المونتاج والميكساج، وقد أصدر الأزهر من قبل فتوى تحريم تجسيد الأنبياء عندما كان يرغب يوسف وهبي في تجسيد شخصية النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، لكن لم يصدر نص صريح وقتها بتحريم تجسيد شخصيات العشرة المبشرين بالجنة.
- تعرضت لعدد من الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تؤكد عدم صلاحيتك لتقديم دور زوجة سيدنا عمر بن الخطاب بسبب تقديمك بعض مشاهد الإغراء في فيلمك الأميركي الذي تصورينه الآن، فما ردك؟
سمعت تلك الشائعات السخيفة التي استفزتني كثيراً لعدم صحتها، فأنا من الفنانات اللواتي يرفضن تقديم المشاهد الساخنة من أي نوع، وكل الأعمال الفنية التي قدمتها منذ ظهوري وحتى تلك اللحظة تؤكد ذلك، فليس من المنطقي أن أقوم بذلك في هذا التوقيت، لكنني أقول دائماً إن الهجوم دليل على النجاح، وما حدث من هجوم على المسلسل حتى قبل بداية عرضه على الشاشة يدل على ذلك.
وأرجو ألا تؤثر هذه الشائعات على المشاهد وهو يتابعني على الشاشة، وأن ينتظر كل من يرغب في الهجوم أو الانتقاد انتهاء عرض المسلسل بالكامل حتى يستطيع أن يعلن رأيه بوضوح، سواء بالسلب أو بالإيجاب.
- خرج بعض المتشددين دينياً وأعلنوا إهدار دمك بعد المسلسل فما تعليقك؟
بصراحة لم أسمع هذا الكلام من قبل، لكن أريد أن أقول في حالة صحته إنني لا أهتم بذلك على الإطلاق، خصوصاً أن مسألة إهدار دمي ليس لها تبرير مقنع، لأن تجسيد شخصية «عاتكة» ليس من المحرمات ولا يوجد جدل حول ذلك، لأنها ليست من العشرة المبشرين بالجنة أو من أهل البيت.
ويراودني سؤال: إذا كانوا سيهدرون دمي فماذا سيفعلون مع سامر مجسد شخصية عمر بن الخطاب وبقية فناني العمل؟ أرى أن هذا شكل من أشكال تحجيم الفن والإبداع وترهيب الممثلين لعدم الخوض في تلك المناطق، لكنني أرى أنها محاولات فاشلة لن تحقق شيئا لأصحابها.
- هل ترين أن توقيت عرض المسلسل في شهر رمضان مناسب خصوصاً بعد الهجوم الذي يتعرض له من بعض علماء الدين؟
أرى أنه مناسب جداً، وخصوصاً عرضه هذا العام بالتحديد، لأن مسلسل «عمر» يناقش حياة عمر بن الخطاب بكل تفاصيلها وصفاته العظيمة.
ونحن الآن أحوج ما نكون لأن نتعلم منه ونحاول تقليده في فرض العدل، وكيفية التفرقة بين الحق والباطل وشكل العلاقة بين الراعي ورعيته، فكل ذلك نحتاج أن نتعلمه، سواء الشعوب العربية أو حكامها، خاصة بعد سلسلة من الثورات شملت معظم الدول العربية. وأتمنى من كل رئيس دولة أن يسير على خطى سيدنا عمر.
- ماذا عن ردود الفعل على عرض المسلسل؟
كنت أنتظر رد فعل الجمهور على العمل لأنني في بداية التصوير وبعد عمل الماكياج الخاص بالشخصية بقيت فترة أندهش من شكلي عندما أنظر في المرآة، حتى وصلت في بعض الأحيان إلى أنني لم أستطع أن أتعرف على نفسي بسبب تغيير شكلي، وكنت واثقة أن الجمهور لن يتعرف على شخصيتي عندما يتابع العمل، وبالفعل هذا ما حدث، فقد جاءتني العديد من ردود الفعل من الناس تؤكد أنهم لم يتعرفوا عليَّ إلا من الحسنة الموجودة في وجهي، وهذا جعلني أشعر بالسعادة لأنني استطعت أن أقدم الشخصية كما ينبغي، مع انها تبعد كل البعد عن ملامحي الشكلية.
وأيضاً جاءتني تعليقات عديدة من الفنانين والمبدعين الذين أكدوا لي أنهم لم يتابعوا أي أعمال درامية في شهر رمضان سوى مسلسل «عمر».
وهناك العديد من الفنانين والمخرجين الذين يتابعون العمل من أجل مشاهدة النواحي الفنية والتقنية التي يستخدمها المسلسل، حيث يظهر من الإعلان الخاص به أنه يتميز بميزانية ضخمة واستخدام أحدث الإمكانات لخروج صورة جيدة للمشاهد، وأيضاً هناك من يتابع المسلسل لمشاهدة النواحي الدينية وقصة حياة سيدنا عمر بن الخطاب، وطريقة إدارته للأمور.
كل هذا جعل الإقبال على مشاهدة العمل كبيراً منذ اليوم الأول لعرضه.
- هل ستختلف اختياراتك الفنية بعد مسلسل «عمر»؟
بالتأكيد لأنني استفدت من هذه التجربة أشياء عديدة، وأشعر يأن خبرتي المهنية زادت بشكل كبير، بالإضافة إلى زيادة قدرتي على الاختيار الأفضل للأعمال الفنية التي تعرض عليَّ.
كما أن مسلسل «عمر» أفادني نفسياً وروحانياً ودينياً، وليس فنياً فقط، ولهذا كنت أشتاق للذهاب إلى الاستوديو حتى في الأيام التي لا يوجد فيها مشاهد تخصني، لأنني كنت أعشق متابعة تصوير كل مشهد، وعند عرض المسلسل أعيش متعة أخرى بمشاهدته على الشاشة.
- ما سبب غيابك طوال الفترة الماضية؟
احتراماً للشخصية التي أقوم بتقديمها بمسلسل «عمر» قررت ألا أشارك في أي أعمال فنية أخرى العام الماضي، حتى أستطيع أن أضع تركيزي الكامل عليها، خصوصاً أنني كنت مرتبطة بتصوير الفيلم الأميركي «الثورة في أميركا» في الوقت نفسه تقريباً.
أما بالنسبة الى هذا العام فقد علمت أن المسلسل سيعرض ففضلت ألا أظهر في أي أعمال فنية أخرى حتى يكون التركيز الأكبر من الجمهور والنقاد على شخصية «عاتكة»، لذا رفضت عدداً من الأعمال التي عرضت عليَّ، ومنها مسلسل «الصفعة» بطولة شريف منير وشيرين رضا.
- وما الأعمال التي جذبتك في رمضان هذا العام؟
هناك عدد ضخم من المسلسلات المعروضة هذا العام، ومعظمها لنجوم كبار، ولهذا فإن المنافسة كانت صعبة للغاية بين الأعمال الفنية، وخصوصاً الدراما الاجتماعية.
وكنت أتمنى مشاهدة جميع المسلسلات، لكنني للأسف لم أستطع ذلك، لأنني كنت مشغولة بتصوير مسلسل «أهل الهوى» مع فاروق الفيشاوي.
ورغم ذلك حاولت متابعة بعض الأعمال مثل مسلسل «باب الخلق» لمحمود عبد العزيز، كما لفت انتباهي الشكل الجديد الذي تظهر به غادة عبد الرازق في «مع سبق الإصرار».
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024
مقابلات
بسنت شوقي تتحدّث عن الفن وعلاقتها بزوجها محمد فراج وأسرار رشاقتها
مقابلات
بسنت أبو باشا: أنا محظوظة وأقتدي بالكثير من النجوم
مقابلات