هدى ياسين تنصح المذيعات...
المزاوجة بين الإطلالة عبر شاشة قناة «إم بي سي» الفضائية وإذاعة «بانوراما إف إم» التي تتولى إدارتها، تبدو واحدة من أبرز سمات مشوار الإعلامية هدى ياسين الممتد على مدار نحو 13 عاماً، عرف الجمهور خلالها صوتها وصورتها في آن واحد، فخلال 5 أيام من العمل الأسبوعي في الاستوديو الإذاعي، اعتادت ياسين المرور على غرفة الأخبار لإذاعة نشرتها يومي الخميس والجمعة بصفة دورية.
وما بين «بسمة صوتية» تصاحب تقديمها برنامج «هدى وهن» الإذاعي، وأخرى تعبيرية على الشاشة، تبدو تجربة ياسين مثيرة ونادرة.
لكنها على أية حال ليست المزاوجة الوحيدة في حياتها، بل ربما أن المزاوجة الأهم بالنسبة إليها ان زوجها زميل لها في المحطة، وهو الإعلامي زياد حمزة.
لم تغفل هدى ياسين خلال حوارها مع «لها» أن تنصح زميلاتها اللواتي يترددن في الزواج من رفقاء في المهنة سواء انتموا إلى العمل عبر الأثير أو الشاشة، بأن يتعاملن مع هذا الأمر باعتباره ميزة، وليس العكس، قائلة: «أحد اسرار السعادة الزوجية هو أن يكون الشريك على تناغم تام معك»، وبكل تأكيد فإن وجودهما في محل عمل واحد يمنحهما الكثير من الاهتمامت المشتركة.
المشكلات المشتركة للإعلاميين من حيث الاضطرار للبقاء ساعات طويلة خارج المنزل جعلت هدى تدرك أن الأمر يتوقف على مدى تفهم المؤسسة الإعلامية لخصوصية حياة الشركاء الزوجية، قائلة: «يضطر زوجي بحكم عمله للسفر خارج الدولة في مهمات عديدة، وهو أمر يمكن أن يتحول إلى عبء أسري ثقيل بالنسبة إلي لولا أن إدارة «إم بي سي» تتفهم ذلك، وتبدي مرونة حياله في تلك الأوقات كي أستطيع التوفيق بين المهمات العائلية ومتطلبات العمل».
وخلافاً لأحلام إذاعيات بالوصول إلى نجومية مذيعات الشاشات الفضائية، تبدي هدى انحيازاً أكبر لعملها في الإذاعة، مضيفة: «إذا كان لي أن أختار عالماً واحداً بين الشقيقين الإذاعة والتلفزيون، فحتماً سأختار الأول.
على الرغم من أن الزميلات يعتبرن أن الإذاعة تبدو خطوة عملية للوصول إلى التلفزيون، أشعر بتوافق وانسجام أكبر خلف ميكرفون الإذاعة، وبمجرد أن أدخل إلى الاستوديو وأغلق بابه لأبدو الوحيدة بداخله، بصحبة ميكرفون يصلني بالمستمع، أصبح في أحسن أحوالي».
حرية وراحة
تفسير تلك الحالة التي تقترب من عشق ميكرفون الإذاعة تكشفه هدى: «بكل صراحة انا احب الحياة الهادئة والحرية الأوسع التي يمنحني إياها هذا الميكرفون بعيداً عن تقاليد الإطلالة التلفزيونية بما يصاحبها من ضوابط تتعلق بالماكياج والملابس وتسريحة الشعر، ليس أمام الكاميرا فحسب، بل حتى في الحياة الشخصية طالما قررت الخروج من المنزل، لأنه ببساطة يجب أن تحافظ المذيعة التلفزيونية على الصورة التي يراها الناس على الشاشة».
«ابتسم أنت خلف الميكرفون» شعار لا يفارق هدى ياسين التي تعتبر الابتسامة شيفرة من شيفرات نجاح الإذاعية، مضيفة : «الحالة المزاجية للمذيع يلتقطها المستمع بسهولة، وعلى المذيع المتميز أن يوصل بصوته إحساس التفاؤل إلى المستمع، وخصوصاً في البرامج الصباحية، وهذا لا يعني أن البرامج الجادة التي تناقش مواضيع اجتماعية معفاة من هذا الشرط بالضرورة».
الانتقال من تقديم برنامج في الفترة الصباحية هو «أحلى صباح» إلى برنامج آخر عنوانه «هدى وهن»، كان بالنسبة إليها تحدياً جديداً في إذاعة «بانوراما إف إم» وهو ما تعبر عنه قائلة: «هناك مساحة إيجابية في الوصول إلى المسكوت عنه سابقاً من قضايا وشؤون تهم المجتمع، والممتع أن الحكي أصبح مسموحاً به أكثر من اي وقت مضى في عالمنا العربي، لذلك أستثمر هذا السقف ليس من أجل الوصول إلى الإثارة الإعلامية بل من أجل مناقشة توعوية لتلك القضايا».
كيفية تناول الموضوع إذاً هو المعيار بالنسبة إلى المسموح والممنوع الإعلامي في رأي هدى التي تؤكد: «أعرف جيدأً مواضع الخطوط الحمر، لكن الحقيقة المؤكدة أنه لا توجد قائمة بالممنوع بقدر ما تحدد ذلك طريقة طرح الإعلامي للقضايا المثارة».
من أجل ذلك لا يخلو صباح هدى من قراءة فاحصة للصحف العربية عموماً والسعودية خصوصاً، لأن نطاق بث «بانوراما» بالأساس هو المملكة العربية السعودية، من أجل الوصول إلى حقيقة ما يشغل مستمعها بشكل آني ومتطور.
النجومية لم تعد حلماً بعيداً عن المذيعة مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما «تويتر» في حالة هدى ياسين: «أحرص على التواصل مع الجمهور من خلال موقع تويتر، والمدهش أن المشاهد يبدو أقرب إلى الناقد المتخصص في كثير من الأحيان، ويبدي آراء واضحة في الطلة الإعلامية.
فلم تعد مذيعة الأخبار ذات علاقة حيادية مع المشاهد، بل تتلقى آراءه من دون وسيط عبر تلك المواقع، وهذا أول ما أحرص عليه عقب انتهائي من تقديم نشرة الأخبار».
زواج الإعلاميين
زواج الإعلاميين زياد حمزة وهدى ياسين لا يقود بالضرورة إلى أسرة إعلامية، على الأقل حسب ما تتمناه الزوجة التي تتمنى أن يشق ابنها الأكبر طريقه بعيداً عن الإعلام: «ابني مهووس بأن يلتحق بالعمل الإعلامي، لكنني أحاول أن أصرفه عن هذا المجال لأن عواقبه ليست آمنة دائماً، وقد يجره إلى أشياء وفقت في أن أتجنبها، لكنني لا أثق بالضرورة في أن يحالف التوفيق نفسه ابني الذي أتمنى أن يكون له مشروعه الخاص، وان يستمتع بحياته أكثر من أن يحرص على الركض في منافسة لا تنتهي تفرضها طبيعة العمل الإعلامي».
الوصول إلى الحديث عن الزوج والابن قاد هدى إلى الحديث عن أمومتها: «ارى نفسي سيدة بيت جيدة، وأملك مهارة خاصة في المطبخ أظهرها كلما سمحت ظروف عملي بذلك.
ورغم أنني راضية على قدرتي حتى الآن في المواءمة بين البيت والعمل، أشك كثيراً في استمرار تلك المعادلة بشكل منضبط، وهناك الكثير من المؤجلات التي أتطلع إليها حين أبدأ رحلة جديدة في الحياة في المرحلة التي تلي الاحتجاب عن العمل الإعلامي لمصلحة عالمي الخاص».
ما لا تجد فيه هدى نفسها كإعلامية هو برامج المنوعات، وبعد طموحها الحالي المتمثل في تحقيق أقصى قدر من النجاح لبرنامجها الذي يهتم بقضايا المرأة السعودية «هدى وهن»، تطمح إلى تذوق ألق البرامج الحوارية الاجتماعية والسياسية، فهي على حد تأكيدها «شغوفة بدور الإعلامي الإيجابي في التأثير في المجتمع، وإحداث مقدار من الحراك الإيجابي في مسلماته التي يتطلب صالح المجتمع إعادة النظر في ثباتها».
النموذج الأوروبي للإذاعات لم يعد بعيداً عن الإذاعات العربية، وترى ياسين أن الانفتاح الملحوظ وأجواء الحرية التي استثمرتها تلك الإذاعات اختزلت كثيراً المسافات بين النموذجين، وهو ما يجعلها تتوقع مزيداً من المهنية في السنوات الخمس المقبلة التي ستعزز فيها شعبية الإذاعات ظاهرة اللجوء إلى استخدام المذياع ليس فقط داخل السيارات الخاصة، بل أيضاً عبر أجهزة الهواتف النقالة التي جعلت الأثير أقرب إلى الجمهور من اي وسيلة إعلامية أخرى.
رغم ذلك فإن مذيعة بانوراما إف إم، تتمتع بعلاقة عشق استثنائية مع الميكروفون وعملها داخل الاستوديو، الى درجة انها لا تزال تستشعر بامتنان شديد لصدفة قادتها إلى العمل الإذاعي في محطة بمالطا التي كانت تستقر فيها حين بحثت إدارتها عن صوت عربي من أجل المشاركة في إنجاز بث ساعة واحدة يومياً في نطاق رسالة متعددة اللغات: «كانت تلك الساعة مفتاحي إلى «إم بي سي» التي أشعر بالفعل بأنها بيتي الثاني».
شهر رمضان دائماً ما يحمل طقوساً إذاعية خاصة تراعي روحانيات الشهر الكريم، وفي هذا العام تؤكد هدى ياسين أن هناك نخبة من البرامج التي تم التجهيز لها خصوصاً لهذا الشهر، فرغم أنها تفخر دائماً بأنها تؤدي المهمات الموكلة إليها في برنامجها من الألف إلى الياء، تؤكد أن روح الفريق الواحد هي الرباط الحقيقي الذي يربط بين مهماتها الوظيفية من جهة، ورؤية الأسرة الإدارية لتبقى الخريطة البرامجية لشهر رمضان دسمة بمقدار استيعابها جماليات تعدد الآراء.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024