تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

فيروز كراوية: تركت الطب واتجهت الى الغناء

مطربة ذات طابع خاص، نجحت خلال فترة قصيرة في أن يكون لها جمهورها الخاص العاشق لصوتها وأغنياتها المختلفة وأفكارها التحررية الخاصة بالمرأة، بل ونجحت في التعبير عما تشعر به فتيات ونساء كثيرات بمفردات لم تستخدم من قبل في الأغنية المصرية.
وفي لقائنا معها تتحدث المطربة الشابة فيروز كراوية عن أسباب ترك عملها كطبيبة لتتجه إلى الغناء، وتكشف سر عشقها لفيروز، ورأيها في الرحبانية.
وتشرح الاختلاف بين أغنياتها وأغنيات حمزة نمرة، وسبب إصرارها على إنتاج ألبوماتها بنفسها.
كما تبدي رأيها في قضية القرصنة، ومشاكل المنتجين مع المطربين وتتكلم عن محمد منير وشيرين عبد الوهاب وأنغام، وعلاقة أغنياتها عن الوحدة بحياتها الخاصة.


- تدربت على الغناء في مرحلة مبكرة في مدرستك الابتدائية ثم دعمت موهبتك بدراسة العود في معهد الموسيقى العربية، ودرست الإخراج المسرحي وعملت فيه واتجهت الى الغناء. ألا ترين أن دراستك للطب لا علاقة لها بكل ما سبق؟
بالطبع كل ما سبق له علاقة بالآخر باستثناء دراسة الطب، خاصة أنني أرى أن الفن عبارة عن حالة كاملة تخرج فيها الإبداعات الفنية بأكثر من شكل وبأكثر من طريقة. وأنا على سبيل المثال سبق أن كتبت سيناريو.
كما عملت في المسرح، وشاركت تمثيلاً في عدد من الأعمال، بالإضافة إلى الغناء بالطبع. أما دراستي للطب فجاءت من خلال المجموع الكبير الذي حصلت عليه عند انتهائي من دراسة مرحلة الثانوية العامة، وكما تعرف فإن مجتمعنا يؤمن بأن صاحب المجموع الكبير عليه الالتحاق بإحدى كليات القمة، وكانت هذه رغبة أسرتي بالطبع، وقد كنت لا أزال صغيرة في ذلك الوقت، لذا نفذت لهم رغبتهم في الالتحاق بكلية الطب.
لكن، وبعد انتهائي من دراستي وخوض مجال الطب بشكل عملي، اكتشفت أنه من الأفضل أن أعود إلى المجال الذي أحبه، لذلك قررت العودة إلى الغناء والفن بشكل عام.

- وفي أي تخصص طبي كنت تعملين؟
ابتسمت قائلة: الطب النفسي.

- ولماذا كانت عودتك إلى الغناء تحديداً بدلاً من اكمال عملك مع فرقة «المسحراتي» المسرحية رغم تقديمك أربعة عروض معها؟
عملت مع فرقة « المسحراتي» منذ عام 2004 حتى عام 2006، وبعد تقديمنا أربعة عروض مسرحية قررت التركيز على مشروع غنائي جديد كان يحتاج إلى كثير من الوقت والمجهود، خاصة أنني لم أبدأ مشواري الفني بتقديم أغنيات قديمة أو أغنيات من التراث، بل كانت لي أغنيات بأسلوبي الخاص، وهذا يحتاج إلى كثير من العمل.

- أطلقت أولى أغنياتك «قبل الأوان» عام 2001 من خلال فيلم «أسرار البنات»، ألا ترين أن أحد عشر عاماً مدة طويلة لطرح ألبوم؟
كنت لا أزال طالبة في الجامعة عندما أطلقت أغنية «قبل الأوان»، ولم أكن في ذلك الوقت قد اتخذت قرار الغناء بشكل منفرد واحترافي، لكن هذا القرار اتخذته عام 2006 كما ذكرت لك قبل قليل، عندما قررت تنفيذ مشروع غنائي حقيقي.
ولم أدخل في حيز التنفيذ الفعلي للألبوم إلا عام 2009، لذا العمل في الألبوم لم يستغرق سوى عامين فقط، خاصة أن موعد طرحه كان في آذار/مارس 2011، لكنني قررت تأجيله بالطبع نتيجة الأحداث السياسية في ذلك الوقت.

- هل كان لتشابه اسمك مع اسم الفنانة الكبيرة فيروز أي تأثير موسيقي في شخصيتك؟
يعود اختيار اسمي إلى الفنانة فيروز في الأساس، وذلك نتيجة عشق والدي لصوتها منذ سنوات طويلة، وقد كانت أغنياتها وصوتها أول ما استمعت إليه في حياتي منذ طفولتي، أضف إلى ذلك أن مشروع فيروز الغنائي هو مشروع كبير جداً.
ولا أتخيّل وجود مطرب عربي لم يتأثر بفيروز موسيقياً، فهو مشروع مليء بالمراحل الفنية المختلفة المتنوعة، فقد قدمت فيروز كل الأشكال الغنائية، بدايةً من الدبكة الشعبية اللبنانية وانتهاءً بالجاز.
هذا مشروع ثري موسيقياً إلى أبعد الحدود، ولا تنس التجديد المستمر الذي انتهجته طوال تاريخها في الكلمات والأشعار، أضف إلى ذلك الدمج بين التوزيع الغربي والموسيقى الشرقية، وقد كانت والأخوان رحباني أول من استخدم هذا الأسلوب، لذا من الصعب أن ينكر أحد تأثره بهذا المشروع الفني المهم. لكن في النهاية، لكل فنان هوية وشخصية يختلف بهما عن الآخرين، وهذا ما أجتهد لتحقيقه.

- هل صحيح أنك تأثرت بشدة في صغرك بكل من محمد منير ونجاة الصغيرة ومدحت صالح؟
لا أستطيع تحديد اسم معين يمكن أن أصفه بأنه كان له بالغ الأثر، خاصة أنني أستمع منذ صغري إلى كل الألوان الغنائية بشكل عام، وفي الوقت نفسه لا يوجد لديَّ أي تحفظات عن أي شكل موسيقي، بل إنني أستمع إلى كل أشكال الأغنية، بداية من الأغنيات الشعبية وصولاً إلى الأغنيات الغربية، فكل من هذه الأشكال يضيف إلى المطرب ويثري ثقافته الموسيقية.
لذلك، عندما قررت تقديم مشروعي الغنائي الخاص، بحثت عن كلمات وألحان وأفكار مختلفة عن كل ما هو موجود، وبحثت عن مشاعر لم يتطرّق إليها أحد من قبل، وجاءت كل هذه الأفكار نتيجة الخلفية الموسيقية التي استمعت إليها طوال السنوات الماضية.
لذلك لا أستطيع أن أجزم بأن هناك اسماً معيناً كان له بالغ التأثير في مشروعي، خاصة أن كل الأسماء التي ذكرتها هي أسماء كبيرة لفنانين لهم تاريخ طويل ومعروف في الأغنية.

- إذا أردنا تحديد اسم أو أكثر تأثرت به بعد فيروز فمن يكون؟
أحترم بالطبع مشروع محمد منير الموسيقي، وأسلوب مدحت صالح، كما أحب أنغام وشيرين، وأحترم أيضاً موسيقيين لبنانيين كثيرين، مثل زياد رحباني ومارسيل خليفة وشربل روحانا، فهؤلاء لهم إضافات موسيقية غنائية ثرية.
ولو تحدثنا عن المشاريع الغنائية الأجنبية أحترم المطربة دايدو، كما أحترم كل المطربات الأجنبيات اللواتي يستخدمن الغناء الحر بشكل أكبر، خاصة من يطلقن العنان لطبقات أصواتهن، ولهن طريقة معينة في التعبير عن الكلمات.

- لكن اختيارات أغنياتك توحي بأنك امتداد لمشروع عايدة الأيوبي؟
لا أعتقد ذلك، وربما شعور البعض بالحنين إلى مطربة مصرية تعبّر عن المشاعر بشكل مختلف، ولا تقدم ما هو سائد هو ما أعطى ذلك الإيحاء والربط، خاصة أن الفنانة عايدة الأيوبي كانت متوقفة عن الغناء منذ فترة طويلة، لكنني أعتقد أن من يستمع إلى أغنياتي سيتأكد أن لكل مشروع شكلاً خاصاً ومختلفاً.

- هل ترين أنك الوجه النسائي لمشروع حمزة نمرة الموسيقي خاصة أنه ظهر أخيراً وقدم أيضاً مفردات مختلفة وشكلاً موسيقياً جديداً؟
أعتقد أن التشبيه بهذه الطريقة لا يجوز، لكن في الوقت نفسه قد تكون النقاط التي ذكرتها هي أيضاً ما أوجدت ذلك الرابط بيننا. وأعتقد أن ملامح مشروعه مختلفة عن ملامح مشروعي الغنائي.

- لماذا لحنت أغنية «بفتح شباك الصبحية» تحديداً دون غيرها؟
كلمات هذه الأغنية كانت قريبة من قلبي جداً، خاصة أنها كانت من أولى الأغنيات التي اخترتها لتكون في الألبوم، وهي من كلمات عمر طاهر، حتى أنني أذكر أنه بعث إليَّ برسالة هاتفية قال فيها: «هذه الأغنية هي أكثر أغنية ستنجح وأكثر أغنية ستعيش».
وأنا أوافقه الرأي. وكلماتها تقول: «بفتح شباك الصبحية للشمس البعيدة.. ألف حاجة ضايعة مني حاسة إني وحيدة.. يا مفارق من غير ما تسلم على العمر اللي راح.. بتقربنا جراح وتعلم وتفرقنا جراح.. زي الأغراب في الدنيا دي يعيش قلبك في وادي وقلبي في وادي.. بصحى كل يوم بفتح شباك الصبحية للشمس البعيدة».

- لماذا لم تتعاملي في ألبومك مع شعراء معروفين أمثال بهاء الدين محمد وأيمن بهجت قمر وأمير طعيمة ومحمد عاطف ونادر عبدالله وغيرهم؟
الأسماء التي ذكرتها كبيرة بالطبع في عالم كتابة الشعر الغنائي في مصر، ولهم جميعاً أغنيات ناجحة جداً، ولكل منهم تاريخ طويل.
لكنني في الحقيقة فضلت منذ بداية تعاملاتي الفنية أن أتعاون مع شعراء يحبون الأغنية، بدلاً من التعامل مع شعراء غنائيين محترفين، وهناك فرق بين الفئتين بالطبع، لأن الشاعر الذي يكتب قصائد عادة ما يكتب بأسلوب ومفردات مختلفة عن الشاعر الذي يحترف كتابة الأغنيات، وهو ما جعلنا نصل إلى حالة تشبع بسبب تكرار مفردات وأفكار، باستثناء أغنيات معدودة.
لذلك اجتهدت وحاولت البحث عن مفردات جديدة. وأعتقد أن من استمع إلى أغنياتي سيجد أن مفرداتي لها طابع وشكل مختلفان، خاصة أنني أعتبرها أحد أهم أركان مشروعي الغنائي.

- هناك من يتهمونك بأنك توجهين اختياراتك الغنائية للمثقفين فقط والدليل أن عامة الشعب لا تعرف فيروز كراوية رغم وجودك في الساحة منذ عام 2006 تقريباً، فما ردك؟
الحكم على نوع معين من الفن يجب أن يتم بعد أن ينال هذا الفن حقه في التسويق والدعاية، خاصة إذا لم تكن هناك مؤسسة تقف خلفه لتساعد على انتشاره عن طريق إذاعة الأغنيات في المحطات الإذاعية والفضائيات بشكل مكثّف كما يحدث مع البعض، لأننا للأسف نعيش حالة احتكار إعلامي كبير.
الغناء في النهاية ليس صوت مطرب أو مطربة فقط، أو لحناً أو كلمات أو موسيقى، إنما صناعة كبيرة، لها العديد من العناصر وأحدها الإعلام.
لذا لا يمكن المقارنة بناءً على ما تقوله. ودعني أثبت لك ذلك من خلال مقارنة بسيطة بين عبد الحليم حافظ ومحمد قنديل الذي لم يكن بالطبع مطرباً للمثقفين، لكنه كان مطرباً معزولاً ليس له علاقات كبيرة مثل عبد الحليم حافظ، فكان بعيداً عن الإعلام، لذلك لم ينل الشهرة التي يستحقها.
من هنا، يجب أن يتاح للجمهور كل أنواع الفنون بشكل عادل، ثم نحكم في ما بعد على آرائه أياً كانت.
ولذلك قررت إنتاج الألبوم على نفقتي الخاصة، حتى لا تؤثر قلة الإنتاج في جودة الأغنيات، ولكي يخرج مستوى الصوت بجودة الأغنيات.
وأنا أعتبر أن الاستماع إلى أغنية بجودة ممتازة هو أحد حقوق المستمع.

- هل كنت تعتقدين أنك في حال اتفاقك مع أي شركة لإنتاج ألبومك لم تكن هذه الشركة لتهتم بجودة تنفيذ أغنياتك؟
معظم المنتجين يتعاملون مع اختيار الأغنيات بمنطق أن ما يطلبه الجمهور هو ما يتم الاهتمام به ودعمه مادياً إلى أبعد الحدود، وبالطبع ستكون تجربة غير منصفة.

- هل كنت تتخوفين أيضاً من تدخلات المنتجين في اختياراتك بعيداً عن ميزانية الأغنيات؟
بالطبع، هذه نقطة مهمة أيضاً تضاف إلى النقطة الأولى.

- ألا تشعرين بأن إقدامك على الإنتاج مخاطرة كبيرة خاصة مع ما يحدث حالياً من عمليات قرصنة بمجرد طرح ألبوم؟
 مشكلة القرصنة لا تشغلني إطلاقاً ولا أهتم بها، بل يهتم بها المنتجون الذين يتذرّعون دائماً بهذه المشكلة حتى لا يلتزموا بأي عمليات تسويقية أو ترويجية للمطربين، وحتى لا يبذلوا مجهوداً في الوصول إلى أي عائد مادي.
وفي النهاية يكون المطربون خاسرين، لأن عمليات القرصنة وتحميل الأغنيات من مواقع الإنترنت موجودة في كل العالم وليست مشكلة مصرية أو عربية فقط، لكن في المقابل هناك حفلات وخطط تسويقية وجولات غنائية تساعد المطربين على الحضور في كل مكان.
وأعتقد أن تعلل المنتجين بمشكلة القرصنة «حدوتة سخيفة»، كما أعتقد أن المنتجين لا يريدون تغيير المشهد الموسيقي سواء في مصر أو الوطن العربي، والدليل عدم وجود حفلات حية.
لذلك لم أفكر ولو للحظة في مشكلة القرصنة، ولا أنتظر أي عائد من مبيعات الألبوم، وفي النهاية كان لا بد من تقديم نفسي للجمهور بالطريقة التي أراها مناسبة.

- كيف ستستمرين في العمل وتقديم ألبوم كل فترة؟
عن طريق الحفلات، فهي المصدر الرئيسي الذي يتكسب منه المطرب، وأنا مثل أي مطربة أخرى، تأتيني عروض للغناء في حفلات.

- ما تقويمك للأغنيات التي صدرت مع «ثورة يناير»؟
أعتقد أن هناك أغنيات تم طرحها من باب المتاجرة بالحدث، وهي لن تستمر طويلاً. وقد أعجبني عدد قليل جداً من الأغنيات مثل أغنية فريق «كايرو كي» وأغنية فريق «إسكندريلا»، وأغنية حمزة نمرة.

- ما تفاصيل منحة مؤسسة المورد الثقافي التي حصلت عليها؟
هي منحة سنوية إنتاجية تقدم كل عام من المؤسسة في مجال الموسيقى، بهدف دعم بعض المشاريع الغنائية، وتقدمت لها هذا العام، والحمد لله حصلت عليها، وستتيح لي تصوير أغنية.

- وما الأغنية التي تنوين تصويرها؟
«بره مني».

- لماذا تكررت كلمتا وحيدة والوحدة في معظم أغنيات ألبومك، مثل أغنيات «بفتح شباك الصبحية» و»جربت تحب» و»عاشق قليل»، خاصة أن تكرار تلك الكلمة قد يوحي أنها تجارب شخصية؟
الغناء ليس بالضرورة أن يكون تجارب شخصية، لكنها مشاعر قد تأتي وتذهب، وفي النهاية المطرب يجب أن يغني الحالة التي تنال إعجابه.

- هل هذا يعني أنك لست وحيدة؟
مبتسمة: لا لست وحيدة، أنا متزوجة منذ ست سنوات، ولديَّ طفلة عمرها ثلاث سنوات.

- ما اسمها؟
أفضل عدم التصريح باسمها.

- يبدو أنها تحمل اسماً فنياً كوالدتها؟
مبتسمة مرة أخرى: لا، أبداً.

- إذن لماذا لا تحبين ذكر اسمها؟
أنا من أشد المؤيدين لعدم اختراق الإعلام لحياة الفنان الخاصة، ومع عدم دفع أبناء الفنانين إلى حياة الشهرة والأضواء والإعلام تحت أي مسمى. ابنتي اسمها عاليا ما دمت مصرًّا على معرفة اسمها.

- هل تتميز بصوت جميل مثل والدتها؟
في الحقيقة أعتقد أنها تتميز بصوت أفضل مني، ويبدو أن صوتها سيكون أجمل، وبالمناسبة تحفظ أغنياتي كاملة، حتى ألبومي الأخير تحفظ كلماته وألحانه جميعها.

- بما أنك تغنين للمرأة والحب هل كان زواجك عن قصة حب؟
بالتأكيد.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079