محمد مصطفى: لقب زوج شيرين عبد الوهاب لا يغضبني
عندما سألناه هل يغضبك لقب زوج شيرين عبد الوهاب؟ كنا نتوقع أن يقول نعم، خاصة أنه ناجح كملحن وموزع موسيقي لكن شهرة شيرين الضخمة تجعل البعض يصفه أحياناً بهذا اللقب، إلا أن محمد مصطفى فاجأنا بأن اللقب لا يغضبه، وإن كان يفضل بالطبع أن يصفه الناس بلقبه الخاص كملحن وموزع.
وتحدث معنا عن علاقته بشيرين في العمل، وتوزيعه سبع أغنيات في ألبومها الأخير، ومدى تدخل كل منهما في شغل الآخر، ومدى تأثره أيضاً بصداقات أو خلافات شيرين في الوسط الغنائي.
كما أبدى رأيه في عمرو دياب وآمال ماهر، وأفصح عن أسماء النجوم الذين يتمنى العمل معهم، وفي النهاية قال لنا: «كأب لا أتمنى لابنتيَّ العمل في الفن».
- وزّعتَ سبع أغنيات في الألبوم الأخير لشيرين عبد الوهاب «اسأل عليا»، هل هذا التعاون المكثف ناتج عن علاقتكما الزوجية؟
يمكن أن يقال ذلك على المستوى العام، لكن الحقيقة أنني أتعاون مع شيرين من قبل الزواج، فمثلاً أنا وزّعت أغنية «آه يا ليل» وكذلك أغنية «بحبك» لشيرين ومحمد محيي وأغنية «مابتفرحش» و»مفيش مرة» وغيرها الكثير.
بل عندما تزوجنا لم أتعاون معها سوى في أغنية «بطمنك» باستثناء الألبوم الجديد، بالإضافة إلى أنني في بداية مشروع ألبوم «اسأل عليا» لم تكن عندي نية توزيع الأغاني السبع، لكن سعيد إمام، مدير شركة روتانا، كان يرغب في أن أتولى توزيع أغنيات أكثر، إلى جانب أن هناك أغنيات استبعدت واختيرت أغانٍ أخرى من توزيعي، ولهذا ظهر أنني قدمت عدداً كبيراً من الأغنيات في الألبوم.
- وهل أنت من اختار الأغاني أم أن شيرين هي التي عرضتها عليك؟
أريد توضيح شيء، وهو أن الموزع غالباً لا يقوم باختيار الأغاني، لكن الملحن بعد أن يستقر مع المطرب على الأغنية يختاران الموزع، لأنه آخر شخص يظهر في دائرة العمل. ورغم ذلك هناك حالات استثنائية تحدث في حالة وجود دويتو بين بعض الملحنين والموزعين، وقد قمت بها من قبل مع وليد سعد.
- ولماذا لم تلحن بعض الأغاني في ألبوم شيرين واكتفيت بالتوزيع الموسيقي؟
لحنت أغنية واحدة لشيرين في ألبوم «حبيت»، وأنا عموماً قليل التلحين وأعتمد أكثر على توزيع الأغاني.
- معنى ذلك أن التوزيع أقرب إلى قلبك من التلحين؟
التوزيع فيه جزء كبير من التلحين، فالموزع يضع مقدمة الموسيقى للأغنية، مثل البيانو الموجود في أغنية «مش حبيبي» لشيرين، وهذا جزء من التلحين.
فالتلحين هو أن تبتكر جملاً موسيقية جديدة، والتوزيع أغلبه معتمد على التلحين لكن مجاله أوسع، بمعنى أنك في التلحين وظيفتك كتابة جملة لحنية، بينما التوزيع هو تقديم الأغنية بأكثر من شكل ووضعها في الإطار المناسب، ولذلك مجاله أوسع.
- هل من الضروري أن يكون الموزع على اتفاق مع الملحن ليكتمل شكل الأغنية؟
غالبا الملحن يعطي الموزع الأغنية دون الاجتماع معه، لكن الملحن هو الذي يختار الشكل الذي ستوضع فيه الأغنية، أي أنه يختار نوع الأغنية سواء سريعة أو رومانسية أو درامية وهكذا.
وبصراحة شديدة أي شخص لديه الموهبة يستطيع التلحين، ولا يشترط أن يكون على دراية بالعزف على أي آلة موسيقية، بينما الموزع يجب أن يكون على معرفة كاملة بالآلات الموسيقية.
- ما هي أصعب الأغنيات التي استغرق توزيعها وقتاً طويلاً؟
أغنية «مش حبيبي» لأنني كنت أريد أن أصل إلى درجة ترضيني في التوزيع، وإظهار الأغنية في شكل جديد لم أقدمه من قبل في أي أغنية أخرى، خصوصاً أنني أمارس مهنة التوزيع منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً، وزّعت خلالها ما يقرب من ألف أغنية.
- ما سبب وضع البداية الموسيقية لأغنية «مسؤولة منك» كمقدمة للألبوم؟
هذه الأغنية من تلحين محمد يحيى وتوزيعي، لكنني كنت أريد حذف المقدمة الموسيقية، ثم عدّلتها حتى ظهرت بهذا الشكل، وأعجبت شيرين جداً وكانت تريد وضعها في بداية الألبوم، لكنني فكرت في أن أضع البداية الموسيقية لها كمقدمة للألبوم لنصنع بذلك شكلاً جديداً ومختلفاً.
ورغم استغراب الجمهور في البداية، فوجئت بعدها بإعجاب الجميع بالفكرة، ولذلك اتفقت مع شيرين على أن نقوم بذلك في كل الألبومات المقبلة.
- لكن البعض ظن أنها بداية موسيقى لأغنية «لو جاني»، فهل كنت تقصد ذلك؟
بالفعل كنت أقصد ذلك، فقد وضعت ثانية واحدة كفرق بين موسيقى المقدمة وأغنية «لو جاني»، بينما بقية الأغاني الفرق بينها ثانيتان.
كنت أرى أن أغنية «لو جاني» كانت ستلقى قبولاً أكثر من الجمهور لو وضعت في منتصف الألبوم لا في المقدمة، لأن الجمهور كان ينتظر أغنية مفاجأة من شيرين في بداية الألبوم. ورأيي الشخصي أن «لو جاني» ليست أقوى أغنية في الألبوم.
- ما هي أقوى أغنية؟
أغانٍ كثيرة، لكن الفن لا يمكن حصره في رأي واحد، وكما يقال لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع، فلا يوجد مقاييس محددة. إنما في رأيي أغنية «هتروح» من أقوى الأغاني، رغم عدم إعجابي بها في البداية بسبب عدم فهمي لها، وكذلك أغنيتا «مش حبيبي» و»نفسي» أرى أنهما من الأعمال القوية في الألبوم.
- هل ترى أن إطلاق الألبوم في توقيت آخر كان سيحقق مبيعات أكبر من التي حصدها؟
بالعكس، أرى أن التوفيق كان معنا في توقيت إطلاق الألبوم، فكان من المفترض طرحه العام الماضي وأرجئ بسبب قيام الثورة المصرية.
وأعتقد أن هذا التوقيت كان مناسباً، لأن ألبوم شيرين كان بمفرده في الأسواق، إلى جانب أن الجمهور كان يحتاج إلى سماع أغانٍ جديدة لشيرين عبد الوهاب بعد غياب أكثر من ثلاثة أعوام. ويجب ألا نغفل شيئاً مهماً، وهو أن الألبوم سرق على الإنترنت قبل نزوله إلى الأسواق بيوم واحد.
- ما رأيك في الهجوم الذي تعرضت له شيرين بسبب غنائها في برنامج «أراب آيدول» رغم سقوط ضحايا في مباراة الأهلي والمصري لكرة القدم؟
هذا البرنامج يجري تصويره على مرتين حتى يذاع على ثلاث حلقات، فقبل المباراة كانت شيرين قد صوّرت بعض اللقطات مع المتسابقين أثناء البروفات، وفي ليلة الحلقة الثانية والتي تذاع على الهواء مباشرة تحدثت معي عن عدم رغبتها في الغناء بسبب أحداث المباراة، فقلت لها مستحيل أن يحدث ذلك خصوصاً أنها سجلت حلقة أذيعت قبلها، بالإضافة إلى الإعلان عن أن شيرين هي ضيفة الحلقة ولا يمكن إلغاؤها أو استبدالها.
ورغم حزنها الشديد في ذلك الوقت على بلدها وعلى ضحايا تلك المجزرة، غنّت لأنها كانت قد اتفقت على إحياء الحفلة فنحن دائماً نلقي باللوم على المطرب عندما يؤدي عمله، بينما لو حدث الأمر من شخص آخر سيكون رد الفعل مختلفاً.
فمثلا الطبيب يجري العمليات الجراحية في اليوم الذي يفقد فيه أقرب الناس إليه حتى لا يموت المريض، فلماذا نحاسب الفنان على قيامه بعمله؟
- معنى ذلك أن الفنان قد يتعرض للظلم من جمهوره في أمور خارجة عن إرادته؟
أرى أن الفنان طوال حياته يعيش مظلوماً، لأنه في أبسط الأشياء لا يستطيع أن يعيش حياته بحرية مثل بقية البشر. وهناك موقف حدث معي من قبل، عندما كنت مع محمد فؤاد في أحد المراكز التجارية بدبي وقابله أحد الأشخاص وسأله هل أنت محمد فؤاد؟ فأجاب فؤاد نعم فطلب منه التقاط صورة تذكارية معه، وبعدها تكرر الموقف لأكثر من ثلاثين مرة، حتى قررنا العودة إلى الفندق الذي نقيم فيه.
وهناك موقف آخر مع محمد فؤاد أيضاً، وكنا وقتها على شاطئ البحر وطلب منه أحد المارة أن يتحدث مع أخته في الهاتف المحمول، والغريب أن الفتاة طلبت منه أن يغني لها على الهاتف! فالفنان دائماً مظلوم رغم الشهرة والأضواء المسلطة عليه في حياته.
- هل تأخذ شيرين رأيك في الحفلات المعروضة عليها أو أشكال الأغنيات التي تقدمها؟
من بداية الزواج ونحن متفقان على أن لكل منا عمله ولا يجوز أن يتدخل فيه الطرف الآخر، لكن يمكن أن تأخذ رأيي في بعض الأحيان وأنا كذلك، ويبقى القرار النهائي لصاحب الشأن دون فرض أي آراء.
والدليل على ذلك أن هناك أغاني في ألبوم شيرين الجديد «اسأل عليا» لم أستمع إليها إلا عند نزول الألبوم الى الأسواق.
- هل تؤثر صداقات شيرين وخلافاتها داخل الوسط الفني على تحديد من تتعامل معهم من المطربين والمطربات؟
بالعكس، فكما ذكرت لك لا يتدخل أحد منا في عمل الآخر، بل يمكن أن أقول إن صداقاتنا واحدة داخل الوسط الفني، بينما خلافاتنا ليست واحدة.
فمثلاً في خلافها الأخير مع إيمان البحر درويش لم أكن على خلاف معه أبداً، بل إنه صديق لي ودائماً ما نتحادث عبر الهاتف حتى أثناء فترة الأزمة.
كذلك أثناء خلاف شيرين مع أصالة كنت أعمل مع الثانية على ألبومها. فخلافات شيرين لا تؤثر أبداً على علاقاتي مع الآخرين، بل أحياناً كثيرة أحاول تصفية خلافاتها مع الآخرين وتقريب وجهات النظر بينها وبينهم.
- وما رأيك في مستوى الأغنيات التي يتم تقديمها حالياً؟
الغناء الآن فيه جزء كبير للترفيه، لأن الظروف مليئة بمعاناة الحياة وتعبها، فالجمهور انجذب بشكل أو بآخر إلى الأغاني الشعبية والألفاظ الغريبة التي لم يتوقع أحد أن تظهر في الأغاني لتكون أداة للتعبير عن الواقع وما يمر به الشعب.
مع ذلك، ما زال للأغنية الرومانسية مكانها في قلوب الكثيرين.
- ماذا عن أعمالك الجديدة؟
أعمل على توزيع أغنية لغادة رجب بعنوان «الليلة دي»، كلمات بهاء الدين محمد. كما نفّذت أغنية للأطفال لمصطفى قمر لتوضع في فيلمه الجديد «لحظة ضعف»، وأيضاً سأشارك معه في ألبومه الجديد.
وهناك مشروع آخر مع المطرب المغربي عبد الفتاح الجريني، لكننا لم نتفق على تفاصيله حتى الآن، ووزّعت أخيراً أغنية للمطرب العراقي حاتم العراقي.
- من هم أقرب أصدقائك في الوسط الفني؟
أصدقائي كثيرون جداً، لكن نادراً ما نتقابل بحكم ظروف العمل، ومنهم مصطفى قمر وبهاء الدين محمد وخالد عز والملحن وليد سعد.
وأحياناً ارتبط بعمل يجعلني ألتقي بعض الأفراد بشكل يومي، خصوصاً أنني أفضل في أوقات الفراغ أن أبقى مع عائلتي أو أذهب لزيارة أقاربي، لكن معظم المطربين أصدقائي.
- من تتمنى تكرار العمل معهم؟
كثيرون، أبرزهم سميرة سعيد التي عملت معها في ألبومها الأخير، إلا أنها لم تقدم أي أعمال جديدة منذ فترة طويلة، وأيضاً أفتقد العمل مع مدحت صالح وعلي الحجار ومحمد الحلو ومحمد منير والملحن صلاح الشرنوبي، وأتمنى أن أكرر العمل معهم قريباً.
- بعيداً عن شيرين من هي المطربة المفضلة بالنسبة إليك؟
بصراحة شديدة لا أستمع إلى الأغاني لأن لديَّ مشكلة، وهي تركيزي الشديد على التفاصيل والموسيقى، ولذلك لا أشعر بالمتعة خلال سماع الأغنية، بل أستمع إلى الألبومات لغرض مهني فقط. ولكن في المقابل، أعشق الاستماع إلى الموسيقى التصويرية للأفلام الأجنبية.
- ما رأيك في ألبومَي عمرو دياب «بناديك تعالى» وآمال ماهر «أعرف منين»؟
ألبوم عمرو دياب لم يكن بمستوى ألبوماته الماضية، لكنه دائماً يسير على مستوى ثابت إلى حد كبير، فهو لا يتراجع، لكنه منذ ألبوم «تملي معاك» ومستوى ألبوماته لا تقل عن نسبة 85 في المئة، أما في الألبوم الأخير فلم يصل إلى نسبة مئة في المئة.
وأعتقد أن عمرو يتعمد عدم الوصول إلى نسبة مئة في المئة، لأنه ذكي جداً، حيث فلا يعطي في كل مرة المستوى العالي جداً حتى لا يصل إلى القمة فيطلب منه الجمهور الأعلى منها.
أما ألبوم آمال ماهر فقد أعجبني كثيراً، وهي من المطربات القويات في مصر، واستطاعت أن تصنع التركيبة الصعبة، وهي أن تقدم ألبوماً جيداً مهنياً وناجحاً مع الجمهور في الوقت نفسه.
- ما الذي تغير فيك بعد أن أصبحت أباً لهنا ومريم؟
هنا ومريم هما النعمة التي أنعم بها الله عليّ في حياتي، فأي شخص لا يشعر بقيمة الأطفال إلا عندما يصبح أباً، وأسعد أوقات حياتي تكون عندما ألعب معهما في غرفتهما، وأيضاً نشاهد معاً أفلام الكرتون ونلعب بالكرة وكل الألعاب المفضلة لديهما.
- هل تتمنى أن تمتهنا الفن بالمستقبل؟
لا أتمنى ذلك، لأن الفن ليس مهنة مضمونة، بل يظهر للجمهور فقط كمهنة ناجحة ومربحة، بينما الحقيقة أنه من أصعب المهن. فهناك أمثلة عديدة جداً على فنانين وصلوا إلى مرحلة الفقر في نهاية حياتهم، لأن الفنان يتقاضى مبالغ كبيرة لكنه في الوقت نفسه يصرف مبالغ ضخمة ليحافظ على مظهره.
ولهذا أرغب في أن تخوض ابنتاي مجالاً آخر غير الفن، ولا مانع وقتها من العمل في الفن الى جانب مهنة أخرى إذا كانتا تمتلكان الموهبة.
- هل يغضبك لقب زوج شيرين عبد الوهاب؟
لا يغضبني إطلاقاً، لأنني أحب شيرين جداً وأفرح بنجاحها وشهرتها، لكنني أتمنى أن يصفني الجمهور بصفتي الشخصية وبعملي الذي أنجح فيه. وهذا ليس تقليلاً من قدر شيرين، لكنني أرغب في أن يصفني الجمهور بمحمد مصطفى الملحن والموزع الموسيقي.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024