الإعلامية السعوديّة نادين البدير
إعلامية سعودية أثارت الجدل بمقالاتها الجريئة وإطلالتها التلفزيونية. لم تكترث للإنتقادات التي وجهت إليها، بل زادتها تصميمًا على مواقفها لأنها تؤمن بأن الوطن أهم. من قناة «الحرّة» التي عملت فيها خمس سنوات طرحت في برنامجها «المساواة» مشكلات تعانيها المرأة السعودية، انتقلت إلى «روتانا خليجية» لتتوسع بمروحة المواضيع التي تطرحها في «اتجاهات». «لها» التقت نادين البدير وكان هذا الحوار.
- حائزة ماجستير في إدارة الأعمال ودخلت مجال الإعلام، من الذي شجعك على دخول العمل الإعلامي؟
دراستي إدارة الأعمال لم تكن اختيارية، بل «مرغم أخوك لا بطل». فالإعلام والحقوق والعلوم السياسية من الاختصاصات المقتصرة على الذكور في السعودية. صحيح أني درست إدارة الأعمال، ولكن في الوقت نفسه كنت شغوفة بالمطالعة. والمفارقة أني كنت كلما أقرأ أدرك أن وضعي كفتاة ليس طبيعيًا، وهناك من في سني يعشن بطريقة مختلفة وأدركت وضعي المتخلف، وأن هناك تمييزًا يجب أن أتخلص منه. بدأت أثور وأغضب على الوضع الذي أعيش فيه، وكان القلم والمقالات المنفذ الذي أُنفّس فيه عن غضبي، كنت أكتب لنفسي، وبعد فترة اكتشفت أن هناك فعلا نساء يعشن في مآسٍ ويستحققن الكتابة عنهن. فكانت البداية في جريدة «عكاظ» التي أرسلت لها مقالتين وبعد ذلك طلبوا مني أن يكون لي عمود في الجريدة.
- ما كان رد فعل أهلك؟
في البداية فوجئوا لم يكونوا متوقعين الأمر وقد تعمدت وقتها أن أكتب اسمي الثلاثي، ووالدي كان سعيدًا وفخورًا بي. أظن أنه كان متوقّعًا أن أعمل في الشأن العام، إذ أذكر أنه عندما عُينت بنازير بوتو رئيسة وزراء قال لي: «يجب أن تكوني مثل هذه السيدة، وإذا لم تكوني، فلست امرأة حقيقية، وستكونين مثل غيرك فتاة عادية».
- مَن من الكتّاب أثّر فيك وجعلك تنظرين إلى وضعك كأنثى؟
نوال السعداوي، كان لها دور كبير وأثرت فيّ. أول كتاب قرأته لها كان «المرأة والجنس». حين تقرأين هذا الكتاب في مجتمع منغلق سوف تشتاطين غضبًا على وضعك الاجتماعي. يقولون لي إني تلميذة نوال السعداوي، وهذا ليس صحيحًا فأنا أختلف معها في أشياء، ولكن الذي يعجبني فيها جرأتها فهي من خلال كتاباتها قالت لي بشكل غير مباشر سيري في الطريق الذي ترينه صوابًا وإن كان الجميع مجمعًا على أنه خطأ. قرأت مؤلفاتها في فترة كان كل من حولي يقول لي إني على خطأ وأفكاري خطأ ليس هناك مساواة.
- بدأت كاتبة مقال ثم انتقلت إلى التلفزيون، ومعروف أن العمل التلفزيوني بالنسبة إلى الفتاة السعودية كان في تلك الفترة شبه محرم خصوصًا أنك لا تظهرين على الشاشة بالزي التقليدي، بل المعاصر؟
نشأت في عائلة ليبرالية إلى حد ما، تنظر إلى المذيعة نظرة احترام وتقدير، على عكس النظرة التي كانت سائدة في المجتمع السعودي آنذاك التي ترى ظهور الشابة السعودية على الشاشة كإعلامية أمرًا معيبًا. وبعدما صار لي عمود أسبوعي في البداية في «عكاظ» ثم مجلة «المجلة»، وأنهيت الماجستير شعر أهلي بنضجي وثقتي بنفسي، مما سهّل علي خوض مجال الإعلام المرئي. أما علاقتي بالتلفزيون فبدأت حين استضافوني في قناة «الحرة» للتكلم على حقوق النساء في السعودية، ولثلاثة أسابيع كنت قلقة بين موافقة أهلي ورفضهم تصوير الحلقة التي كان لها صدى قويّ وكان لها الفضل في أن عرّفت الناس وإدارة «الحرة» إليّ، وبعد شهرين عرضت علي العمل معهم، وكانت في الوقت نفسه لدي فكرة برنامج، أرسلت لهم التصور من الألف إلى الياء وهكذا كان. ووافق أهلي.
- كيف كانت ردود الفعل على ظهورك للمرة الأولى على شاشة «الحرّة»؟
الحلقة الأولى كانت مسجّلة، ولم أرَ نفسي، ولكن الكل كان يترقب ظهوري الأول، وبعد انتهاء الحلقة انهالت علي الاتصالات المهنئة. ففي البداية كان صعبًا عليّ أن أشاهد نفسي، لأنك تجلدين نفسك وترين كل ما تقومين به خطأ وإن أجمع كل الناس على مهنيتك وحرفيتك، أما اليوم فأرى نفسي من دون تردد.
- قدمت في قناة «الحرّة» برنامج «مساواة» الذي يعالج قضية المرأة العربية والسعودية، وانتقلت إلى «روتانا خليجية» التي تختلف في طابعها عن «الحرة»، ما السبب الذي دفعك لقبول العمل في «روتانا خليجية»؟
كانت البداية جميلة جدًا في قناة « الحرّة» وكنت سعيدة في عملي بها، وقد أثار ظهوري على شاشتها ضجة كبيرة، لأنه كان من غير المألوف أن تظهر فتاة سعودية على شاشة تلفزيون وتنتقد وضع النساء في السعودية. وفي المقابل كان عرض «روتانا خليجية» موجودًا، والأمير الوليد بن طلال وقتها شجعني كثيرًا وكان يطلب مني أن أنضم إلى أسرة «روتانا خليجية» في الوقت الذي كنت فيه قد بدأت مع «الحرّة»، وقلقة من أن أترك هذه القناة التي لم يكن للحرية فيها سقف، بل كان لدي مطلق الحرية في تناول كل المواضيع طالما أنها لا تجرح الشعور العام.
وهذه الحرية كانت قيّمة جدًا بالنسبة إلي في ذاك الوقت الذي كنت فيه في قمة الثورة، ولكن بعد خمس سنوات في برنامج يتناول حقوق النساء وجدت أن لدي رغبة في طرح مواضيع جديدة تتناول كل مجالات الحياة، وعندي طاقة أكبر أريد أن أوظّفها فضلا عن أنني كنت أرغب في جمهور أكبر، فـ«الحرة» كما ذكرت عدد مشاهديها محدود رغم أنه في البداية لم يكن عدد الجمهور يعنيني بقدر ما كنت أرغب في إلقاء الضوء على بعض المواضيع التي كان محرمًا طرحها ومعالجتها. فوجئت في روتانا بحجم المشاهدة العالية والتركيز عليها كبير، صحيح لها طابع منوّعات ولكنها في الوقت نفسه تعرض برامج تطرح مواضيع تعنى بالشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي لدول الخليج، وفي برنامجي «اتجاهات» أناقش مواضيع سياسية لم أكن أناقشها في «الحرة».
- هل تحوزين امتيازات في «روتانا» لأتك سعودية والاتجاه اليوم في القنوات التي يملكها سعوديون هو إلى توظيف أبناء البلد؟
من الطبيعي أن يعمل في قناة سعودية إعلاميون سعوديون لأنها في الأصل متوجهة إلى المشاهد السعودي، فضلاً عن أنه هناك جيلاً من الشباب الإعلاميين السعوديين المحترفين ومن حقهم أن يعملوا في شركات سعودية . وعمومًا تتوجه معظم الفضائيات نحو المحلية في برامجها. ألاحظ هذا الأمر في كل القنوات، فالهدف استقطاب المشاهد المحلي قبل العربي بعامة. عندما يريد المشاهد أن يطّلع على شأن محلي يشاهد القناة الخاصة ببلده، من المؤكد أنه يتابع الفضائية العربية، ولكن في النهاية يصب في قناة تطرح مواضيع تناقش حياته اليومية ومجتمعه الخاص.
- هل كونك سعودية ليبرالية سهّل عليك خوض المجال الإعلامي؟
في «الحرة» لم اكن أعرف ما إذا كنت سعودية أم لا ، ربما لأني الحلقة التي أُستُضفت فيها كانت لها أصداء قوية وكذلك البرنامج الذي قدّمته، ولو كان الأمر متعلقًا بجنسيتي لتوقف بعد الحلقة الخامسة عشرة، ولكنه استمر خمس سنوات فهذا دليل على مهنيتي وليس جنسيتي. لم أستند إلى جنسيتي رغم أن هناك أشخاصاً كانوا يرون سعوديتي أمرًا لافتا.
- أنت إعلامية مثيرة للجدل، أقيمت دعاوى عليك في المحاكم، اتهموك بالتكفير إلى حد هدر دمك... ألم تخشي طرح المواضيع الساخنة في عقر دار القنوات التلفزيونية العربية؟ هل هذا تحد أم جرأة؟ ألا تخشين عدم تقبل الجمهور الخليجي لجرأتك؟
عقدنا الاجتماعية في العالم العربي كثيرة، وعندما تنظرين إليه عن بعد تستغربين كيف تسير الحياة في العالم العربي الذي يعيش تناقضات كثيرة، وهذا ليس صحيا للأجيال القادمة. كانت لدي رغبة في طرح كل هذه التناقضات كما كنت أرغب في الشعور أن هناك جمهورًا يتابعني. هناك كثر مما يوافقونني في طرح المواضيع، ولكن الشهرة ينالها من يقف ضدي، لأنه يقوم بها بطريقة مثيرة للجدل مثل الدعاوى في المحاكم... وهذا دليل على أني جذبت انتباههم. كتبوا عني ولو لم أكن مؤثرة لما فعلوا.
أعرف أن هناك من يرفضني ومن يقبلني ، وهناك من لا يرغب في أن يرى صورته الحقيقية التي أعكسها في كتاباتي، وبعضهم يستغلون أنني بنت من مجتمع شرقي محافظ، فيجرّحون بسمعتي ويتهمونني بالإلحاد وهذه أرخص الطرق، وهم لا يدركون أن الوطن لدي أهم من سمعتي. ما السمعة أمام طرح هموم وطني! مع الأسف الشديد عندما تتكلمين على الهمّ الوطني لا يستوعبون ما تقولينه، فالتقاليد والعادات والقبلية بالنسبة إليهم أهم، الانتماء يكون للجزء وليس للوطن. وهذا ما لا يمكن أن أسكت عليه.
- كيف هي علاقتك بالليبراليين العرب؟
الليبراليون من الناس الذين حاربوني في البداية، فحتى تسعينات القرن الماضي كان الرجل هو من يكتب عن حقوق المرأة، وصاروا يصفونني بأني سطحية ولا أفقه في ما اتحدث عنه، وأنني لا أزال يافعة. فهم يعتقدون أن حقوق المرأة يجب أن يناقشها رجل، والذي يكتب عنها يجب أن يكون ذكرًا. وعندما وجدوا إمرأة تتكلم على المرأة وتفوقهم انفتاحًا فوجئوا. أما اليوم فقد تغيّرت النظرة وكلما ألتقي شخصًا كان يكتب عني نقدًا سلبيًا أجده يمدحني، ربما لم يكن مستعدًا في البداية وفوجئ بي، ولكن مع الوقت غير رأيه فيّ. أن تكون ليبراليا في مجتمع يهوى التكتم على كل شيء والتصريح بليبراليتك فهذا نضال.
- كيف ترين المرأة السعودية؟
تغيّرت كثيرًا. هناك جيل جديد من الشابات لديهن الجرأة للمطالبة بحقوقهن من دون خوف من أحد، ولكن لا يزال عددهن قليلاً لأننا في حاجة إلى حركة نسوية عامة، فالعمل من أجل حقوق المرأة لا يزال محصورًا في المبادرات الفردية وليس هناك تجمع نسوي قوي لنتكلّم على حركة نسوية فاعلة، ورغم ذلك أجد أن ما تقوم به هذه الفئة من النساء السعوديات فيه جرأة. فإحدى السيدات اللواتي استضفتهن في برنامجي، لديها موقع «... السعوديات». سألتها عن عملها فقالت إنها ربة منزل وأم، وهذا يشير إلى أنها فعلاً قوية، فهي ليست موظفة استمدت جرأتها من زميلاتها، ولكن ببساطة أم عندها حق وتطالب به. وهذا ما لم نكن نراه في السابق، فكل اللواتي كن يطالبن بحقوق المرأة كن شخصيات عامة من كاتبات وصحافيات وأستاذات جامعيات. بعضهم يقول إن علينا الانتظار لأن يحدث الإصلاح التدريجي، وأنا لا أعرف ما إذا كان علينا الانتظار أم لا. بل أرى أن علينا استغلال الفرص. لا أظن أن تحسين وضع المرأة في السعودية سوف ينتج عنه أثر سلبي على الوضع السياسي، لا علاقة بينهما.
- في «روتانا» صارت لديك نسبة كبيرة من مشاهدين الخليج. هل ستغيرين أو تكبحين جماح جرأتك حفاظًا على نسبة الجمهور؟
قبل أن أنضم إلى «روتانا» صرت أكتب بنضج أكبر، وصرت أغفر للناس أخطاءهم وأستوعب ردّات فعلهم. فكلما تقدّم الإنسان في السن يزداد نضجًا ويستوعب الأمور بعقلانية أكثر. اليوم إذا أردت أن أطرح موضوعًا صرت أفكر بالزمن والمكان المناسبين. في الماضي لم أكن كذلك، بل كانت ردّات فعلي سريعة وأكتب بمجرد أن يستفزّني موضوع ما وأطرحه غير آبهة بردّات فعل الآخرين. ويمكن القول إني أصبحت أكثر هدوءًا في كتاباتي بعد مقالتي «أنا وأزواجي الأربعة» التي كانت نقطة فاصلة في حياتي المهنية.
- ما الذي خطر في بالك لدى كتابة هذا المقال؟
لا شيء. كنت أفكر في تعدّد الزوجات وكيف هو مسموح للرجل به، وافترضت أني زوجة أعيش حياة مملة مع زوجي، وهذا عذر الرجل المزواج، و لا تريد أن تطلق، ماذا تفعل. كان مقالاً ساخرًا، أردت منه تحديد معنى تعدّد الزوجات لأنه صار سلوكًا فوضويًا في السعودية وغيرها وليس له ضوابط ومنتشرًا بطريقة غير معقولة ويؤدي إلى طلاق. فهناك نساء يرفضن أن تشارك امرأة أخرى زوجها. كتبت لأني كنت مقهورة على النساء اللواتي ألتقيهن وكن يبكين ويمرضن بسبب زواج أزواجهن. كتبت مقالاً ساخرًا ولو قرأه جيدًا من انتقدني واتهمني بالكفر ورفع قضية ضدي في المحكمة، لوجد أنه مجرد مقال ساخر. للأسف اعتقدوا فعلاً أني أريد تعدد أزواجي.
- هل تتعمّدين أن تكون مقالاتك مثيرة للجدل وصادمة؟
لم أقصد يومًا أن أكون مثيرة للجدل، ولكن هذا المقال صدم المجتمع. ليس فقط المجتمع العربي بل الغربي أيضًا، وأجريت مقابلات مع صحافة غربية لأنه كان صادمًا أن تكتب سيدة سعودية مقالاً كهذا. الطريف أنهم في رمضان قبل الماضي صوروا حلقة في «طاش ما طاش»عن هذا المقال والناس استوعبته. دائمًا المجتمع يحتاج إلى صدمة أولى. ليس هناك مجتمع لا يريد مواكبة العصر ولكن كل مجتمع يحتاج إلى الخطوة الأولى.
- تعيشين اليوم في دبي واحة حرية الخليج. ما هي قراءتك للمجتمع ومقاربتك بين الماضي والحاضر؟
للأسف الصورة المطبوعة عن المجتمع الخليجي أنه مجتمع متخلف، وهذا ليس صحيحًا إطلاقًا، إذ ليس هناك مجتمع مواكب للعصر والتكنولوجيا والسفر مثل المجتمع الخليجي. ولكن المشكلة أن هناك تيارات متشدّدة هي المتحكّمة في المجتمع ومهما علا صوت الليبرالي فالكلمة الفصل لهذه التيارات المتغلغلة في المجتمع الخليجي والمتشبثة بالعادات، إلى درجة أن هؤلاء استحدثوا تقاليد جديدة و دخلوا في فتاوى غيّرت المجتمع.
- ما رد فعل أهلك على الهجوم والنقد اللذين تتعرضين لهما؟ ألا يخافون عليك ويطلبون منك أن تكوني أقل ثورة؟
عوّدت أهلي ألا يتدخلوا في عملي، والدعوى القضائية لم يسمعوا بها لأنهم لم يذكروها أمامي. ولكن ما فاجأني فعلاً رد فعل الجريدة الإيجابي فرغم أن مقالتي «أنا وأزواجي الأربعة» لم تكن إلا الثانية في الجريدة فإن رئيس التحرير مجدي جلال وقف بجانبي ودافع عني. فهو من تابع القضية ومثلني في المحكمة وأنا غير موجودة في مصر، وكل الناس أجمعوا على أنه سيتم إيقافي عن العمل في الجريدة، فيما ظهر عبر «البي. بي. سي.» وقال «لماذا نمنع هذه الكاتبة؟ نحن نراها ممتازة ومنسجمة مع خط الجريدة وستستمر معنا». وهذا جميل، يا ليت كل الصحف العربية تمنح الكتّاب أماناً وتدافع عنهم.
- أيهما احب إليك القلم أم التلفزيون؟
في البداية كنت أحب الكتابة أكثر، أما أليوم فأعشق الكاميرا. خصوصًا أن الجمهور الذي يتابع برنامجي أصبح كبيرًا، ودائمًا أتلقى اتصالات من الناس بمجرد انتهاء الحلقة. صرت أرى كل الناس عبر الكاميرا، وهذا شعرت به أكثر مع روتانا.
- تظهرين بثياب معاصرة على عكس الكثيرات من الخليجيات اللواتي يظهرن على الشاشة بالزي التقليدي رغم أن لباسهن في حياتهن العادية معاصر؟
هذا هو فصام الشخصية بعينه، إذ كيف تظهرين على الشاشة بحجاب وفي حياتك العادية ترتدين على الموضة؟! أردت أن أزيل هذا التناقض. في «الحرة» طلب موفق حرب مني أن أضع غطاء خفيفًا على رأسي لأكون رمزًا للخليج، وبالفعل نفذت رغبته في الحلقات الأولى، ولكن لم أستطع أن أكمل بهذا الزي لأني لست مقتنعة. أردت أن يعرفني الناس كما أنا أمام الشاشة وخلفها، لأن التناقض في السلوك أرفضه، عمن أريد الضحك، إذا أردت أن أضع الحجاب أمام الكاميرا فسوف أكون ممن تفتنها الكاميرا، هل أمارس طقوسي الدينية لأرضي الناس؟ أنا أظهر هكذا في حياتي العادية فلماذا أكذب على الكاميرا؟ أكره الشخصية الفصامية. أنا واحدة لا وجهان لي.
- تعرفت إلى العالم الغربي. ما الفارق بينه وبين والعالم العربي؟
الإنسان في العالم الغربي أكثر صدقًا ووضوحًا مع نفسه، ليس هناك أحد أهم من نفسه ليضحك عليه، فيما هنا لا نحب أنفسنا بل نجامل الآخر أكثر من أنفسنا، رغم أننا نكون مطحونين في الداخل. في صغري عندما كنت أسافر مع أهلي كنت أشعر بالحرية. هناك حرية إنسانية، وعندما كبرت سافرت إلى أوروبا وصوّرت حلقات هناك. أما في ما يتعلق بوضع النساء هناك فالمفارقة أن التمييز لا يزال موجودًا لديهم، الرجل أخذ كل شيء حتى في الغرب، فالمرأة ليس لديها الحقوق نفسها في العمل، لهذا صرت أكثر عقلانية وهدوءًا في تفكيري ونظرتي إلى الأمور.
- ممّ تخافين على الوطن العربي؟
خوفي أن لا يلي هذه الثورات التي تحدث ثورات اجتماعية، ويبدو أنها مجرد تغيير سياسي فيما التغيير الاجتماعي غائب وإذا لم يحدث فلن يكون لها معنى. المجتمع هو الذي أنتج هذه الأنظمة وعلينا أن نضمن تغييرًا اجتماعيًا لكي نضمن تغييرًا سياسيًا.
- نادين هذه الشخصية القوية، ألا يخاف الرجل الشرقي التقرب منها؟
لا، الذين يخافون مني النساء للأسف، وأفاجأ أن الرجال هم من يدافعون عني، فيما أنا أكتب لمصلحة النساء، لا أفهم هذه المواقف الغريبة. أكيد في مجتمعنا من يرفض أن يكون للمرأة شخصية قوية وصادفت هذا حين تقدم لي شخص اشترط أن أجلس في البيت وألا أظهر في الإعلام أو حتى الكتابة، ولكنْ هناك شباب يشجعون على ذلك، ولا يمانعون أن تكون لزوجاتهم أو بناتهم صاحبات شخصية قوية.
- من الرجل الذي يلفت نظرك؟
الرجل الهادئ الذي لا يتحدث كثيرًا ربما لأني أتكلم كثيرًا، أحب أن يكون صاخبًا ووقورًا في الوقت نفسه ويناقشني كثيرًا، لا أحب المسيطر أو الضعيف الشخصية.
- ماذا يعني لك الزواج؟
بدأت اشعر بالوحدة. في البداية كان جميلاً أن تمضي جزءًا من حياتك في شكل مستقل ومن دون شخص أو زوج. تكوّنين شخصية وتكونين متفرغة لتحقيق طموحاتك وأحلامك من دون أن يحدها أحد. وبعد فترة تشعرين بأنك ترغبين في أن تكوني مسؤولة عن شخص. أشعر بأنه آن الأوان لأن يكون لي شريك. أحب الأطفال وعندما أحضن أبناء أخوتي أشعر بأمومة عجيبة وصار لدي طاقة حنان أريد أن أمنحها. في السابق لم أكن أشعر بذلك.
- كيف علاقتك ببقية أفراد العائلة؟
لدي ابنة أخت هي ملهمة بالنسبة إلي فهي صورة عن جيل متمرد على كل شيء وعنده طموح، فترسل إلي رسائل وتوصل إلي تعليقات صاحباتها وأحيانًا أشعر بأنها صلة وصل بيني وبينهم أي بيني وبين جيلها. هي تعتبرني نموذجًا تقلده، أمها تقول لي هذا. علاقتي بأخوتي قوية.
- هل تخافين الفشل؟
أحب المغامرات أحيانًا، بعضها يكون خطأ ولكن أحب التجربة. لا أعرف معنى الفشل، فأنا متفائلة جدًا. اشعر أحيانًا بأني ضعيفة ولكن بعد فترة أفكر كيف تحملت كل هذه الصعاب أو المشكلات التي واجهتني، جرأتي اليوم هادئة أكثر. الكتابة هي التي أدخلتني في مواقف صعبة.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024