تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

'الانفجار' دراما اجتماعية تقول...

هل للإرهاب لون أو جنس أو رائحة؟ هل يمكن أن يميّز بين صغير وكبير أو بين رجل وامرأة؟ هل يفكر الإرهابي بضحيته عندما يُقدم على عمل من شأنه أن يزهق في أرواح الأبرياء؟ وما هي الآثار المدمرة للعمل الإرهابي على المجتمع مادياً ومعنوياً ونفسياً؟ وكيف هي حال عائلات ضحايا العمل الإرهابي؟ إلى أي مدى يمكن أن يعانوا؟...
تساؤلات كثيرة يحاول المسلسل السوري «الانفجار» إثارتها والإجابة على عدد منها من خلال مجرياته التي تنطلق من حادثة افتراضية تقوم بها مجموعة إرهابية غير محددة الهوية تتمثل بعملية تفجير لحافلة لنقل الركاب تقوم برحلتها الروتينية بين دمشق وحلب، وتحمل مجموعة أشخاص ينتمون إلى محافظات متعددة. ويؤدي الانفجار إلى مقتل عدد من الركاب وجرح الباقين.
ويستمر العمل بعدها كعمل درامي اجتماعي، أما المجموعة الإرهابية فتم التعريف بها على أنها عصابة أفرادها من ذوي النفوس الضعيفة الذين دفعتهم بعض ظروف الحياة الصعبة من جهل وفقر وبطالة أو من ظروف عائلية غير مستقرة إلى ارتكاب جريمتهم.

نموذج مُصغّر للعالم...
تحمل أحداث العمل بين طياتها الكثير من الإسقاطات على الإرهاب عبر دول العالم، وضمن هذا الإطار قال هاني مخلوف رئيس مجلس الإدارة لشركة الهاني المُنتجة للعمل: «المسلسل عبارة عن رسالة إنسانية للعالم بأسره بأن يوقفوا قتل الإنسان للإنسان، فأحداث العمل نموذج لما يحدث في بلدان العالم عندما تتعرض للإرهاب ولكننا سنقدمه بخصوصيته العربية.
فما يحدث في سورية وبقية مناطق الشرق الأوسط من إرهاب يحدث في دول العالم كلها، وقد حرصنا على عدم إظهار هوية المجموعة الإرهابية التخريبية فالإرهاب لا دين له ولا لون ولا بلد، إنه فكر عبثي بلا هدف، وأعتقد أن شريحة كبيرة من الشباب ستنجذب الى العمل لأنه يحمل الكثير من الأكشن والمغامرة والمطاردات».
وسيضم العمل مشاهد مطاردة بالسيارات وطائرات الهليكوبتر والمظليين بهدف التشويق وإبراز الممثل السوري والعربي على أنه لا يقل عن أبطال هوليوود الذين كرستهم وسائل إعلام غربية على أنهم أبطال لا يقهرون، ولتنفيذ ذلك ستتم الاستعانة بالاتحاد الرياضي، وكما سيتم الاستعانة بخبير غرافيك لتنفيذ مشهد تفجير الحافلة والذي يعتبر من أهم مشاهد المسلسل.
يُذكر أن مسلسل «الانفجار» إخراج أسامة حمد وتأليف وحوار أسامة كوكش وبطولة: خالد تاجا، زهير رمضان، فايز قزق، رضوان عقيلي، فاديا خطاب، باسم ياخور، مهيار خضور، إمارات رزق، ضحى الدبس، مرح جبر، تاج حيدر، كندا حنا، ديمة قندلفت، فادي صبيح، رنا شميس، محمد حداقي، عاصم حواط، جهاد عبدو، جلال شموط، أندريه سكاف، بشار إسماعيل. ومن إنتاج شركة الهاني للإنتاج الفني .
حول طبيعة المسلسل وآلية العمل فيه وخطوطه ومحاور شخصياته كانت لنا هذه الوقفة مع مخرجه وعدد من أبطاله.


المخرج أسامة حمد

- عديدة هي الأعمال التي تطرّقت إلى موضوع الإرهاب في المواسم الدرامية الماضية، فما الذي يميّز «الانفجار» عما سبق تقديمه ضمن الإطار نفسه؟
تعتمد الفرضية الأساسية في البناء الدرامي للمسلسل على موضوع الانفجار، وتتجه آفاقه نحو العائلات التي تأذت منه والنقلات النوعية التي أحدثها في حياتها والتداعيات التي نتجت بناءً عليه، فنلقي الضوء على ما حل بتلك العائلات التي تشكل في مجموعها الطيف السوري وهي تعيش في دمشق، وبالتالي فإن ماهية العمل ترتكز على إظهار انعكاس الأذى والتخريب على من تأثر به وهم ضحايا العبثية الفكرية التي يعيشها البعض.

- هل يناقش المسلسل فكر الإرهاب وآلياته أم يكتفي بتسليط الضوء على آثاره؟
لم ندخل إلى مشروعية فكر الإرهاب، وأرى أن التخريب لا يحمل فكراً، وأي تخريب في الحياة هو ليس بمشروع فكري، فمن يتجه نحو المجتمع بالأذى هو مخرب وليس صاحب فكر، لذلك سعينا لأن يُظهر العمل تداعيات ما يرتكبون من جرائم.

- إلى أي درجة تحاول أن توظّف الشحنة العاطفية الكبيرة التي يتمتع بها المسلسل في خدمة جذب المشاهد؟
إنها طاقة كبيرة توظّف درامياً لترى كم العاطفة لدى هؤلاء الناس، فكل عائلة في العمل تشكّل رسالة بحد ذاتها. فما معنى أن يكون شاب في أوج عطائه وأول سني عمره ولديه مشروعه في الحياة ثم يتحول إلى مقعد جليس كرسي متحرك؟!... كما تجد عائلة قد لا تشعر بقيمة شخص فيها لأنه موجود دائماً ولكن فجأة عندما يغيب تكتشف أنه أحد أهم أسباب توازنها، وفي مثال آخر عندما تخسر العائلة معيلها تشعر بالعجز الكامل في الحياة.
وفي الحالات كلها ليس لك ذنب في كل ما حدث سوى أنك كنت في حافلة تم تفجيرها... وبالتالي فالمسلسل يحوي جرعة إنسانية كبيرة عالية المستوى.

- هل هناك قصص حقيقية تم استقاؤها من الواقع أم هي قصص مُفترضة؟
لم نأخذ قصصاً حقيقية فنحن هنا نتعامل مع عمل درامي منسوج على فرضية تفجير حافلة.

- مشهد الانفجار أحد أهم مشاهد المسلسل، فكيف سيتم تصويره بإطار يُقنع المشاهد ويكون أقرب إلى الحقيقة؟
نعمل بجهد حقيقي ليحمل المشهد أكبر مقدار ممكن من المصداقية والواقعية، ومما لا شك فيه أن المشهد سيكون حقيقياً كما أن هناك قسما كبيرا منه مرتبطاً بعملية الغرافيك. وستتم عملية التفجير في نهاية الحلقة الثانية من المسلسل ويستمر العمل في ما بعد ضمن البعد الاجتماعي.
فالغاية من هذا الخط التشويق وشد المشاهد لمتابعة العمل بما يحمله من حبكة بوليسية تحوي بعض مشاهد الأكشن حتى تتمكن السلطات الأمنية من القبض على مرتكبي التفجير.

- ألا تخشى أن يقع المسلسل في مطب التطويل والثرثرة بسبب خضوعه لمبدأ الثلاثين حلقة؟
بل على العكس، وأرى أن الثلاثين حلقة باتت عرفاً وتقاليد وينبغي أن يكون المسلسل مؤلفا من ثلاثين حلقة، فهناك موسم له شروطه التي يفرضها على الجميع، وأنا لست ضد هذه الفكرة.
أضف إلى ذلك كله أن مسلسل "الانفجار" يحتوي على خمسة خطوط، وكل عائلة فيه لديها علاقاتها وأحداثها، وبالتالي أرى أن الثلاثين عدد جيد لحلقات المسلسل، لا بل هناك خط حذفناه كي لا يكون هناك نوع من الضغط في الأحداث والحكايا.

زوجة مع وقف التنفيذ
تؤدي الفنانة كنداحنا شخصية ليلى في المسلسل. وحول خصوصية الدور تقول: «أجسد شخصية ليلى وهي زوجة أحد المصابين في الانفجار الذي يتحول من شاب رياضي كثير الحركة إلى مُقعد ومشلول. يرصد العمل ما يجري في المنزل بعد هذا التغيّر الكبير الذي طرأ على العائلة، كما يعكس القصص والحكايا التي جرت مع العائلات الأخرى ومدى معاناتها مع الواقع الجديد.
وبعد قراءتي للدور وجدت أنه يشكل رسالة للعالم ولمن يفكر بطريقة إرهابية لأن ما يحدث فيه من أسى هو أمر غير إنساني، وأتمنى أن يصل المسلسل إلى الناس بشكل صحيح فهو يقول ببساطة... لا للإرهاب.

- إلى أي مدى تفاعلت مع الشحنة العاطفية الكبيرة التي تحويها شخصيتك في العمل؟
إنها زوجة لرجل بات فاقداً لرجولته مما يجعلهما كزوجين يعيشان مشكلة كبيرة في المنزل، وهذا الأمر أثّر سلباً على الزوجة من الناحية النفسية، ولكنها رغم ذلك ترفض أن تتركه وتعود إلى منزل أهلها، لأن أمامها حالة إنسانية، وفضّلت تحمّل الألم وأن تعيش معه إلى نهاية المطاف.
وهذه الفكرة بالذات من أهم الخطوط التي لفتت نظري في النص عندما قرأته لأن هناك جرعة إنسانية كبيرة في الدور.

- هل هناك صراع تعيشه الشخصية بين ما تريده من الحياة وبين الواقع الجديد الذي فُرض عليها؟
بالطبع، فهي عروس جديدة وحامل، والعلاقة الزوجية لم تعد موجودة مما يعكس عندها مشكلات نفسية تتجلى أحياناً بالتعبير عن غضب فتفش خلقها بابنها أو بتنظيف المنزل.

تغيّر جذري
الفنان القدير خالد تاجا يجسد دور «أبو عامر» الذي كان يعمل مساعداً في الجيش ويؤدي الانفجار إلى تغير جذري في حياته وحياة عائلته، فيُصاب ابنه بالشلل مما يجعله يعيش معاناة كبيرة وألماً.
قال لنا (قبل أن يخطفه المرض) : «يتناول المسلسل موضوع الإرهاب وهو القتل العشوائي غير المشروع، وأجسد دور الرجل الذي يتحمّل صدمة الانفجار فهو يحصد نتيجة إرهاب عبثي لم يحدث أثناء حرب أو قتال شريف.
فالشخصية التي أؤديها هي لرجل حارب في لبنان وفي الجولان، ولكنه اليوم يجد نفسه أمام حدث إرهابي يقلب حياته وحياة عائلته رأساً على عقب».

القلق من المستقبل
يؤدي الفنان زهير رمضان شخصية «أبو سامر»، وهو أحد تجار السوق الشرفاء وإنسان يحكّم العقل في حياته ويتصف بالاتزان وبعلاقته الجيدة مع أفراد عائلته. ولكن بعد حدوث الانفجار تنقلب حياته رأساً على عقب... يقول: «أجسد دور تاجر أرمل يعمل في دمشق يتعرض لصدمة قوية بعد استشهاد ابنه الوحيد جراء عمل إرهابي تمثّل بتفجير الحافلة التي كانت تقلّه من دمشق إلى حلب، مما يجعله قلقاً من المستقبل ويبدأ التفكير بإيجاد حلول فيعيش صراعاً داخلياً عنيفاً ويتخلّى عن متع الحياة رغم كل ما يملك من مال، ويقرر في النهاية الزواج مرة أخرى كمن يُرزق طفلاً يحمل له اسمه واسم العائلة بعد وفاته».
ويؤكد رمضان أن مسلسل «الانفجار» ينبغي أن يكون من الأعمال التي تتركز عليها الأنظار لأنه يمزج بين الاجتماعي والتحذيري القائم على أهمية مكافحة الإرهاب لما له من آثار سلبية وأضرار جسيمة تقع على المجتمع.

فقدان الرجولة
من بين الفنانين المشاركين في المسلسل الفنان مهيار خضور الذي يؤدي دوراً له خصوصيته ويعتبر تحدياً لأي ممثل يؤديه... حول المحور الأساسي للشخصية في العمل تحدث قائلاً:
 «أجسد في المسلسل شخصية سومر وهو ضابط في الجيش يتعرض أثناء سفره في الحافلة مع بقية الركاب الآخرين إلى حادث انفجار، ويكون هو الناجي الوحيد من الموت لكنه يصاب بحالة شلل ما يجعله يعاني صراعا داخليا مؤلما، فإن كان لقي حتفه كالآخرين الذين كانوا في الحافلة ألم يكن أفضل من أن يعيش مشلولاً؟ ويستمر هذا الصراع عبر حلقات المسلسل لنرى هل سيتجاوز هذه الأزمة، وكيف يتعامل مع العجز الذي أصابه، خاصة أنه عريس جديد فقد تزوج قبل ثمانية أشهر من الانفجار وزوجته حامل وبالتالي هناك تغير سيطرأ على حياتهما وسنرى كيف أصبحت علاقته معها فهو لم يعد يستطيع أن يقدم لها أي شيء كزوج، ورغم ذلك يحاول التغلب على عجزه.
عموماً نحاول عبر العمل ككل وعبر هذه الشخصية إدانة الإرهاب بكل أشكاله وألوانه، ذلك الإرهاب الذي لا يقبله أي دين أو طائفة أو بلد وترفضه الإنسانية، هذا الإرهاب الذي نرى نتائجه عبر هذه الشخصية».
وحول مرجعيته للشخصية خاصة أن هناك العديد من الأعمال العربية التي تناولتها، يقول: «لا شك أن الذاكرة تختزن تجارب حقيقية في الحياة وأخرى في الدراما والسينما، وبالتالي تأدية الدور تتطلب شيئاً مختلفاً كي لا نقع في التكرار.
هناك أشخاص أعرفهم يعيشون حالة الشلل، حاولت أن أحتك بهم بشكل أكبر لألتقط مفرداتهم وأقترب من عالمهم حتى على صعيد الشكل الخارجي لأعرف كيف يجلسون ويتعاملون مع الكرسي المتحرك وكيف يكون سلوكهم ونظرتهم الى الأمور... أضف إلى ذلك أن سومر يتعرض لحرق في وجهه فنرى انعكاس هذا الأمر على نفسيته وطبيعة سلوكه وعلاقته مع الآخرين.
وذلك كله أوجد لديّ حالة من البحث لأنها شخصية جديدة بالنسبة إليّ وصعبة في الوقت ذاته».

تفاصيل جديدة
تؤدي الفنانة ديمة قندلفت شخصية سعاد التي تفقد أخاها معيل الأسرة إثر حادث الانفجار، فتعيش في حالة من البحث الشاق عن سبل توفير المال للعائلة، فوالدها مُقعد والحالة المادية في الحضيض مما يدفع بها إلى التفكير في السير في طرق غير جيدة ولكنها لا تلبث أن تتراجع فهي محصّنة بتربيتها وأخلاقها.
تقول الفنانة ديمة: «الدور ليس بجديد بالنسبة إلي وإنما تفاصيله هي الجديدة، وقد حاولت قدر الإمكان الابتعاد عبر تفاصيل الشخصية عما قدمته سابقاً سواء من ناحية الأداء أو الشكل الخارجي للشخصية.
وما دفعني إلى تأدية الدور هو ما يحمله من اختلاف، فدائماً نحصر موضوع التنازلات بموضوع الشرف أما هنا فنرى أن هذه الشخصية تتنازل (بغباء) عن دم أخيها الشهيد لتتخلص من الفقر والذل لأنها لا ترضى أن تبيع نفسها.
إنه لشيء مؤلم ومعيب أن تبيع الفتاة نفسها لتحصل على شيء ما فكيف إن باعت ما هو أكبر وأغلى، وهو دم أخيها؟»...

معاناة وألم
الفنانة إمارات رزق تقول عن دورها: «أجسد شخصية سمر وهي شقيقة شاب يُصاب بالشلل نتيجة للانفجار الذي يحدث مما يخلق معاناة كبيرة لأفراد المنزل كلهم فيعيشون معه ألمه ومعاناته.
وتحاول سمر أن تكون الأخت المُسايرة التي تتحمل حالة أخيها النفسية كما تتحمل إزعاجات زوجته وتحاول المشاركة في صندوق الدعم الذي أنشئ لضحايا الانفجار».

انتهازي مُحب للمال
أما الفنان بشار إسماعيل فيتحدث عن دوره قائلاً: «أجسد شخصية خالد وهو إنسان انعدمت الأخلاق من قاموس حياته.
إنه انتهازي وصولي محب للمال يستغل الظروف من أجل مصالحه الخاصة إلى درجة أنه استغلّ الجريمة الإرهابية التي وقعت ليستفيد مادياً من صندوق جمع التبرعات الذي أنشئ خصيصاً من أجل مساعدة أهالي الضحايا»...

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079