وزير الدولة الفلسطيني لشؤون الجدار ماهر غنيم...
النساء والأطفال هم من يعانون بالدرجة الأولى من بناء جدار الاحتلال العنصري على الأراضي الفلسطينية، وقد أدى هذا إلى ازدياد معاناة النساء وتسرب العديد من الأطفال من المدارس... التقينا وزير الدولة لشؤون الجدار في السلطة الوطنية الفلسطينية ماهر غنيم للتعرف بشكل أوضح على معاناة المرأة والطفل والأسرة الفلسطينية في ظل هذا الوضع الصعب.
- تختلف التعريفات الخاصة بالجدار فما هو تعريفه السياسي؟
هو حجة إسرائيلية للاستيلاء على الأرض الفلسطينية تحت ذرائع مختلفة وخاصة الأمن، فهم يقولون إنهم بدأوا ببناء الأجزاء الأخرى من الجدار من أجل الحفاظ على أمن إسرائيل، إلا أن ما حصل هو أن أكثر من 92 في المئة من الجدار بني على الأرض الفلسطينية داخل أراضي الضفة الغربية، وبالتالي هو جدار فصل عنصري وهو جدار ضم وتوسع يعمل على خلق التجمعات السكانية، ويعمل على حرمان المواطنين من الوصول إلى أراضيهم وخدمتها وزراعتها تمهيدا للاستيلاء عليها.
- هل بني الجدار بالكامل؟
حوالي 70 في المئة من الجدار نفذ وهناك حوالي 40 كيلومترا قيد التنفيذ والباقي مخطط له، وأنا أتحدث عن 757 كيلومترا وهو طول الجدار بالكامل إذا نفذ كله. وهذا الجدار هو على الجانب الغربي من الضفة الغربية فيما هناك أيضا مشروع عزل للجزء الشرقي، وأعني هنا الأغوار أي شمال الضفة الغربية إلى البحر الميت وثم إلى جنوب الخليل. وهذه المنطقة تشكل ما يزيد عن 33 في المئة من مساحة الضفة الغربية وهي مناطق عسكرية يمنع على المواطنين دخولها ويسمح فقط لحاملي هوية الأغوار بدخولها.
- ما هي الآثار السلبية لبناء جدار الضم والتوسع وممارسات الاحتلال الإسرائيلية على المرأة الفلسطينية؟
تعاني المرأة بشكل كبير من بناء جدار الضم والتوسع الذي ترك آثاراً كارثية على الشعب الفلسطيني ومستقبله. فالمرأة تقاسي في التنقل للعمل أو زيارة أقاربها أو الذهاب إلى مستشفى أو الذهاب إلى جامعة... النساء الفلسطينيات يتعرضن للتحرش والتخويف والأذى بشكل روتيني على أيدي الجنود الإسرائيليين عند نقاط التفتيش وبوابات الجدار.
- هل يؤثر الجدار وممارسات الاحتلال الإسرائيلي في صحة المرأة؟
حسب المسح الذي أجراه الجهاز المركزي للإحصاء في آب/أغسطس 2006 فإن 65 في المئة من الأسر الفلسطينية المقيمة داخل جدار الفصل العنصري شكل لها الانفصال عائقاً في الحصول على الخدمات الصحية مقابل 39.4 في المئة للأسر الواقعة خارج جدار الضم والتوسع. وقد تردت صحة المرأة نتيجة عدم قدرة النساء على الوصول إلى المراكز الصحية. وتتعرض النساء الحوامل لأخطار صحية حين ينتظرن لفترات طويلة عند نقاط التفتيش. وقد حصل عند هذه النقاط عدد من الولادات غير الآمنة التي أسفرت أحياناً عن وفاة الأم أو المولود أو الاثنين معاً.
- ما مدى تأثير الجدار وممارسات الاحتلال الإسرائيلي على الصحة النفسية للمرأة؟
الصحة النفسية للمرأة تأثرت سلباً نتيجة ممارسات الاحتلال، فهناك عدد كبير من النساء تحملن كل الأعباء الأسرية نتيجة استشهاد الزوج أو أسره على أيدي قوات الاحتلال. ومع ازدياد تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في فلسطين حيث وصلت نسبة الفقر في منتصف 2005 إلى 45 في المئة، ازدادت الأعباء النفسية على المرأة وتتعاظم هذه الأعباء بفعل ممارسات الاحتلال من هدم للمنازل والقيود على التنقل والفقر والبطالة. ويلاحظ الارتفاع في معدل حدوث الاضطرابات النفسية لدى النساء الفلسطينيات وأطفالهن. كما أن البطالة والفقر الناجمين عن الاحتلال يسفران عن حدوث الطلاق ووقوع حوادث العنف المنزلي مما يزيد الضغوط النفسية على المرأة الفلسطينية.
وألفت إلى أن القانون الإسرائيلي للجنسية والدخول إلى إسرائيل الصادر عام 2003 يعمد إلى الحيلولة دون لم شمل الأسر عندما يكون أحد الزوجين مقيماً في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ونتيجة لهذا القانون يعيش الآلاف من أفراد الأسر المتضررة منفصلين بعضهم عن بعض دون أن تتوافر لهم أي وسيلة قانونية للم الشمل. والطريقة الوحيدة للحفاظ على وحدة الأسرة هي الإقامة غير القانونية في إسرائيل في خوف دائم من التحقيقات والطرد. ويلقي هذا الوضع بعبء هائل على كاهل المرأة الفلسطينية وبالتالي على حالتها النفسية.
- وبالنسبة الى الأطفال ما هي الآثار السلبية لبناء جدار الضم والتوسع وممارسات الاحتلال الإسرائيلي؟
عانى الأطفال الفلسطينيون بشكل مستمر من ممارسات الاحتلال الإسرائيلي وجدار الضم والتوسع، وانعكس العنف المفرط الذي تستخدمه قوات الاحتلال ضد المدنيين على الأطفال الفلسطينيين بدرجة أساسية وترك آثاراً كبيرة على الجوانب النفسية للطفل. ومن الاضطرابات النفسية والسلوكية التي ظهرت التشتت وعدم التركيز وضعف الذاكرة والنسيان، والحزن والاكتئاب، والحركة المفرطة والعنف تجاه الآخرين، وملازمة الكبار لعدم الشعور بالأمان، والأرق أو النوم الزائد، والفزع والاستيقاظ المتكرر من النوم. كما أدى العنف الإسرائيلي إلى التأثير حتى على نوعية الألعاب المعتادة، وحتى رسومهم أصبحت تسيطر عليها صور العنف الإسرائيلي بكل أشكاله.
- هل لك أن تستعرض لنا بعض المواقف التي مرت على الأطفال من ممارسات قوات الاحتلال والجدار وتأثيراتها على الأطفال؟
في طليعة ذلك الحرمان من التعليم بسبب ادعاء سلطات الاحتلال الإسرائيلي أنم الصغار يشاركون في مقاومة الاحتلال واستغلال التجمعات المدرسية لهذا الغرض. ولحرمان الأطفال من التعليم، أقدمت سلطات الاحتلال على الإغلاق الجزئي لبعض المؤسسات التعليمية، وحرمان الأطفال من فرص التعلم واكتساب المعرفة، وذلك كما حدث لمدرسة أم الريحان في جنين التي تتعرض من فترة إلى أخرى إلى إغلاق جزئي. أما مدرسة الضبعة في رأس طيرة في قلقيلية والتي سميت في ما بعد مدرسة الصمود فبقيت مغلقة خلف الجدار فترة طويلة حتى تعديل مساره حديثاً. كما أن هنالك مدارس معرضة للهدم بحجة عدم وجود رخص لها، مثل مدرسة بروقين في سلفيت، ومدرسة الخان الأحمر المسماة مدرسة الإطارات لأنها مبنية من إطارات السيارات.
- هل هناك نسبة معينة من الطلاب الذين يعانون من الجدار؟
بلغ عدد الطلبة المتأثرين بالجدار والذين يتنقلون عبر بوابات الجدار خلال العام الدراسي 2009/2010 حوالي 1228 طالباً وطالبة، وبلغ عدد الطلاب المتضررين من الجدار حوالي 13566 طالباً وطالبة... لقد أدى الجدار وما نشأ عنه من قيود وعرقلة في حرية الحركة وعدم الوصول المنتظم إلى المؤسسات التعليمية إلى تشجيع العديد من الأطفال على التسرب من المدارس.
- ما مخططاتكم لهذا العام؟
الشيء الجديد الذي بدأناه عام 2011 ويتوقع أن يتوسع في 2012 هو التعاون مع المانحين من أجل تقديم الدعم للأسر في هذه المناطق، وهذا له معنى أبعد من المعنى الإنساني وهو المعنى السياسي. وحتى برامج دعم المرأة وتأهيلها فإنها قد انتقلت إلى هذه المناطق. ولدينا برنامج ممول من الفرنسيين لترميم المنازل في التجمعات الفلسطينية داخل الكتل الاستيطانية الكبرى مثل جنوب بيت لحم، وجزء من هذا البرنامج هو لتطوير النساء وتأهيلهن في هذه المنطقة.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024