تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

ميريام عطا الله: البعض صار فاسدا...

«من نجاح إلى نجاح» ربّما هو عنوان صغير مكثّف لكنه يختصر بين حناياه مسيرة فنية دأبت صاحبتها على العطاء والعمل خلالها بكل جهد للارتقاء بما تقدم. لم تكتفِ بالغناء رغم أنها حققت فيه خطوات مميزة منذ أن شاركت في برنامج «أستار أكاديمي»، فخاضت غمار التمثيل، وأجادت ونوّعت في الشخصيات التي أدتها وتركت عبر كلّ منها بصمة خاصة غلّفتها بشفافيتها ودفئها فأنسنتها وحوّلتها إلى روح حقيقية من لحم ودم وبثت فيها الحياة.
واستطاعت أن تنسل من خلال كل دور تقوم بتأديته إلى قلوب المشاهدين بعفوية أدائها وبموهبتها... إنها الفنانة السورية ميريام عطا الله التي سعت لبلورة شخصيتها الفنية عبر خياراتها على صعيدي التمثيل والغناء ولم تتقوقع ضمن إطار معين.
وقد حقّقت في الموسم الدرامي الأخير حضوراً لافتاً من خلال مجموعة من الأعمال التي جسدت فيها شخصيات مختلفة... معها كان لنا هذا اللقاء.


- لماذا لم يسبق لك المشاركة في أعمال البيئة الشامية قبل مسلسل «الزعيم» إخراج مؤمن الملا؟
الحياة فرص، فقد شاءت الأقدار أن أشارك في مسلسل يندرج ضمن إطار البيئة الشامية، وكانت مشاركة سريعة وبسيطة لأن البعض يصفون شكلي بالغربي الأمر الذي قد لا يساعد في هذا الإطار، ولكن في ما بعد قالوا إن شكلي شامي تماماً.

- إلى أي مدى استطعت التغلّب على عائق اللهجة الشامية؟
أعتقد أنني تغلّبت على هذا العائق بشكل جيد، وفي النهاية أنا بنت هذا البلد واللهجة ليست بعيدة عن مسمعي، لكن بما أنني أتكلم لهجتي القلمونية فيعتقد البعض أنني أتكلم باللهجة اللبنانية، رغم قدرتي على إتقان أي لهجة وبسرعة.

- تتصف أعمال البيئة الشامية بأنها ذكورية، فهل هي كذلك؟ وماذا عن تجربتك في مسلسل «الزعيم»؟
كانت هناك محاولة في مسلسل «الزعيم» لإعطاء المرأة الشامية مساحة تمثلت بشخصيات متعددة لها أحداثها وخطوطها الدرامية، ولكن أرى أن الأعمال التاريخية والبيئية وحتى الأعمال الاجتماعية غالباً ما تطرح موضوعات قد تكون ذكورية أو تدور في فلك عالم الرجل بشكل أكبر، ربما لأن معظم الكتاب رجال أو لأن الحالة الشرقية لها تأثيرها وخصوصية طرحها للموضوعات التي تتعلق بالمرأة.

- ما سر جماهيرية أعمال البيئة الشامية رغم كل ما وجهه إليها النقاد من انتقادات؟
أعتقد أن اللهجة كان لها أثر كبير، وكذلك الأزياء وروح الشام القديمة والعلاقات الحقيقية والعميقة والنموذجية التي تطرحها هذه الأعمال.

- كيف تتعاملين مع الاتهام الذي يوجه إلى هذه الأعمال بأنها لا تخرج عن النطاق السطحي والسياحي الفلكلوري؟
حضور هذه المسلسلات لطيف في رمضان فهي تشبه حالة الحكواتي، تمتعنا بتفاصيل تطرح قيماً ومبادئ وعادات جميلة ربما بدأنا نفتقد بعضها.

- ما الذي أضفتِه إلى شخصية رانيا التي جسدتها في الجزء الثالث من مسلسل «صبايا»؟
أثناء التصوير كانت هناك الكثير من المواقف التي أتت بطريقة عفوية وقادتنا إليها طبيعة الشخصيات وأفعالها، ولكني أرى أن على الممثل تجسيد ما هو مكتوب على الورق بطريقة يبتكر من خلالها تفاصيل تغني الشخصية ليمنحها الحيوية والحياة.


السير الذاتية

- أين تكمن خصوصية دورك في مسلسل «في حضرة الغياب»؟
أحببت العمل واستمتعت به خاصة أن هناك علاقة قوية تربطني بالشعر. أما دوري فأعتقد أن الهدف منه كان عكس صورة محمود درويش الإنسان الخاص العميق والحقيقي، فعلى سبيل المثال في النص تتعرف سيلفي (الشخصية التي جسدتها) على محمود من باب أنها تريد كسر شوكته عبر الصحافة التي كانت تكتب فيها، ولكن عندما تتعرّف عليه تغرم بشخصه وتتأثر به كثيراً ومن ثم يصبحان صديقين مقربين.

- ما السبب وراء الانتقادات التي تم توجيهها إلى هذا العمل؟ وهل كانت ظالمة؟
لقد كانت كذلك... فالبعض بدأ بمعارضة العمل حتى قبل انطلاق عمليات التصوير، وبشكل خاص أتت هذه الانتقادات حول بطولة المسلسل التي أداها الفنان فراس إبراهيم، الأمر الذي جعلني أشعر بأن هذه الانتقادات تستهدفه شخصياً وسببها ليس مدى جودة العمل، بغض النظر عما إذا كان الناس قد أعجبوا أو لم يُعجبوا به بعد المشاهدة، ولكن أرى أنه يكفي لهذا العمل أنه ذكّرنا أو عرفنا بالكتابات الرائعة للشاعر الراحل محمود درويش إضافة إلى القليل من سيرة حياته، فلنعتبره على الأقل مادة ثقافية ونقدّر جهوداً كبيرة للكثيرين في هذا العمل.

- ما أخطار تناول السير الذاتية في الدراما التلفزيونية؟
ليس هناك من أخطار، خاصة عندما يعلم المشاهد أن هذا العمل هدفه المتعة والتذكير بأشخاص كان لهم دورهم الفاعل والمؤثر في المجتمع، وليس أن يظهر الممثل بصورة طبق الأصل عن الشخصية الحقيقية التي يتم تناولها، وبالطبع شرط احترام تاريخ الشخصية. وعموماً بالنسبة إلي فإنني لا أحبذ تأدية هذه الشخصيات.


«
صبايا» وسحب البساط!

- بماذا تردين على من انتقد «صبايا» وقال إنه يحوي الكثير من الافتعال والمبالغة؟
لم أسمع هذا الانتقاد... ولكن الناس أذواق والفن ليس له مقياس، فبالنسبة إلي جاءت مشاركتي في الجزء الثالث من العمل نتيجة اطلاعي على مدى جماهيريّته ونجاحه، وهو فعلاً مسلسل حقق حضوراً وله جمهور كبير شئنا أم أبينا، وما زالت نسبة مشاهدته عالية.
ولا أرى أنه من الضرورة بمكان أن يتناول معاناة اجتماعية أو مأساة ما، فهو حالة لطيفة تعكس مجموعة من العلاقات بين عدة صبايا وبعض التفاصيل الطريفة في حياتهن.
وأعتقد أنّنا بحاجة إلى أعمال لطيفة تدخل ضمن إطار حالة جمالية وهادئة في الوقت الراهن، بمعنى أنه ليس من الضروري طرح اللون الأسود في الحياة فقط ، فهناك ألوان أخرى يمكن التطرق إليها.

- وجود خمس صبايا في منزل واحد يعني أن كلاً منهن ستسحب البساط إلى جانبها... فهل حدث ذلك بينكن؟
الفنانات اللواتي جسدن شخصيات العمل سبق أن أثبتن جدارتهن في أعمال مختلفة ويحملن هاجس نجاح المسلسل، والأمر ذاته بالنسبة إلي، ونعلم أننا نستطيع من خلال التعاون الوصول إلى تقديم الأفضل.
عموماً لدي اقتناع داخلي بما يُطلق عليه «كاريزما» وبالتالي هناك أشخاص مهما عملوا لن يستطيعوا لفت النظر إليهم، في حين أن هناك أشخاصاً آخرين وهبهم الله حضوراً قوياً حتى وهم في قمة الصمت، وبالتالي لكل شخصيته وعمله.

- ما مفهومك للكوميديا، وإلى أي مدى يتقاطع فهمك لها مع ما قُدم في «صبايا» و«يوميات مدير عام»؟
إذا سألتني أي أنواع الكوميديا أفضل أجيبك كوميديا الموقف، أي التصرّف بطريقة طبيعية في موقف تضحكنا نتيجته، ولا أحب النوع الذي يعتمد على تمييع الحركات لاستجرار الضحك من المشاهد.

أما في «صبايا» فكانت هناك مواقف طريفة كما في «يوميات مدير عام» الذي كان غنياً بالكركترات وفيه تقنيات عالية بالمكياج والأقنعة التي أمتعنا بها النجم أيمن زيدان.

- ما سبب تكاثر الأعمال الكوميدية في الموسم الدرامي الأخير؟
ربما لأننا بتنا بحاجة الى البسمة والضحكة، فالحياة كلها جد وركض وتعب. وهنا أريد طرح فكرة مفادها أنه بغض النظر عن قضية الكوميديا بتنا في أعمالنا لا نحكي إلا عن الزوايا المعتمة في المجتمع، وربما كنا نطرح في البداية أنه علينا تناول هذه الزوايا لنعالجها ولكن أصبحنا نطرح الموضوعات الشائكة لدرجة تحوّلنا فيها جميعنا إلى نقّاد وفقدنا متعة المُشاهدة.
وكرأي شخصي أقول أنه من كثرة ما قدّمنا من شخصيات فاسدة أصبح البعض «الفاسد» في الواقع أوقح لأنه امتلك إحساساً بأن هناك أمثلة كثيرة غيره وما يخاف من كشفه أصبح واضحاً ومعروفاً للجميع.


بين الغناء والتمثيل

- سبق أن قلت «بالغناء أعبّر عن نفسي وبالتمثيل أعبّر عن الناس»... أيهما الأفضل عندك التعبير عن نفسك أم عن الناس؟
أنا كما الناس، نعيش القصص نفسها ونتعرض للمواقف المتشابهة.

- هل تسعين لمشروع يجمع بين موهبتي الغناء والتمثيل لديك؟
لا أسعى للأمر بالمعنى الدقيق للكلمة، ولكن أتمنى.

- لماذا تأخر إطلاق ألبومك وما الذي سيضمه من أغانٍ؟ ومع من تعاونت فيه من ملحنين وكتاب؟
تأخر الألبوم لأني اعتمدت فيه على مجهودي الشخصي في الإنتاج والتسويق، وسيضم تسع أغنيات منوعة، وسيغلب عليه الطابع المصري. وقد تعاونت فيه مع الملحنين: محمود عيد، هيثم زياد الراحل، رياض الهمشري، فاروق الجزائري، مازن أيوبي، مهند مشلح.
أما الكتاب فهم: أحمد ماضي، أنور مكاوي، أمير طعيم، أحمد درويش، صفوح شغالة، والتوزيع الموسيقي: ناصر الأسعد، ميشيل فاضل، أمير محروس، وليد عبد المسيح، سامي بيطار.

- من تولّى إنتاج الألبوم؟ وكيف هي علاقتك مع شركات الإنتاج؟
علاقتي جيدة معها، ولكن بالأساس ليس هناك شركات تقوم بالإنتاج، فنحن من يقوم بالإنتاج وندفع لهم ليتولوا التسويق، ومن ثم يأخذون ملكية الألبوم ويأخذون حصصاً من الحفلات!

- بأي عين ترين العقود الفنية مع شركات الإنتاج؟
عندما تدفع شركة إنتاج المال للتسويق والدعم ينبغي أن تضمن حقها، لهذا تعتمد مبدأ الاحتكار لتضمن أن من دفعت من أجله المال ودعمته سيأتي الوقت الذي تجني منه المال.
أما كيف أرى هذه العقود؟ أرى أنها تحوي الكثير من التفاصيل، وقد تضمن حق الطرفين أو تجحف بحق أحدهما وهذا يعتمد على المعرفة الأوسع بطبيعة العقود.

- وسط زحمة المطربين وكثرة الأغنيات، أمازال هناك مكان للمطرب الحقيقي وللأغنية ذات المواصفات الجيدة؟
أكيد... هناك الكثير من الأغنيات والأصوات الجميلة ولكن للأسف من كثرة الحديث عن الجوانب السيئة بدأنا نعتقد أننا فقدنا الجوانب الجميلة.


«
ستار أكاديمي» في الذاكرة

- ماذا بقي في ذاكرتك من برنامج «ستار أكاديمي»؟
الكثير من الأشياء الجميلة والرائعة، خاصة الدروس المنوعة مثل تمارين الصوت ودروس الرقص والتمثيل وملاحظات أسامة الرحباني ونصائحه التي لا تُقدر بثمن والتي أذكرها وأستنير بها حتى الآن.
ودائما أقول إن برنامج «أستار أكاديمي» صنع لنا اسماً بسرعة وانتشرنا حتى دون أن يكون لدينا رصيد فني حقيقي يذكر.

- ما شروطك لتقديم برنامج تلفزيوني أو إذاعي؟
ليس لدي ميول لتقديم البرامج، ولكن يعتمد الأمر على نوعية البرنامج وأهدافه و سوّيته الفكرية والإنتاجية ومخرجه والقناة أو الإذاعة التي ستقدمه.


الجرأة في العمل الدرامي

- هل الجرأة المطروحة في الأعمال الدرامية تلامس الواقع حقيقة وتغوص إلى عمقه أم أنها جرأة مفتعلة هدفها تسويقي تجاري ليس أكثر؟
هناك أعمال تغوص في قلب الواقع، ويمكنني القول أنني لم أشعر ولا مرة واحدة في الدراما السورية بأن هناك عملا أُنتج ليكون تجارياً، ومعنى تجاري أن هدفه البيع فقط، فمهما كان العمل أو نوعيته تشعر بأنه يحمل فكرة أو رسالة ما.

- هل مهمة الدراما أن تنقل الواقع أم تجمّله؟ أم أنها انتقائية تلتقط ما تشاء منه وتعرضه؟
ينبغي على الدراما تجميل الواقع، فالناس يتأثرون بما يتم عرضه خاصة الأطفال واليافعين، كما ينبغي أن تكون انتقائية على ألا تكون بلون واحد، فمازال هناك الكثير من الأمور الجميلة في الحياة التي يمكن أن نحكي عنها.
وهنا يمكن ملاحظة كم يفتقر إعلامنا العربي الى البرامج التوعوية اللطيفة والتي تتناول موضوعات مختلفة بأسلوب درامي غير إعلاني.

- هل طالتك الشائعات بسهامها؟
الشائعات لا تؤثر فيّ ولا تهمنّي، وعندما تصل إلى مسامعي شائعة لم تعجبني أتعامل معها بلا مبالاة وكأنني لم أسمعها أبداً.

- كيف تتعاملين مع الغيرة في الوسط الفني؟
بشكل عادي جداً، فالغيرة موجودة في كل مكان وليس في الوسط الفني فقط، وإن رأيت أحداً ما يشعر بالغيرة مني أشعر بالسعادة لأني أعرف عندها أنني قدمت ما هو جيد ومؤثر إلى درجة أنني أثرت اهتمامه وغيرته...

 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079