ليلة القيصر كاظم الساهر 'المعلّمة'
لم يشهد مسرح «أراب آيدول» هذا الحضور الغفير الذي احتشد للقاء قيصر الغناء العربي المبدع العراقي كاظم الساهر. هل في العالم العربي فناناً يكتب ويلحّن ويغني في آن واحد؟ هو فقط كاظم الساهر، العراقي الموصلي الذي كان يصنع موسيقاه في الخفاء ولا ينام معها في غرفة واحدة، فإن ذهب بقيت الوصية. كاظم الساهر، كان خياره افتتاح السهرة بأغنية وطنية في منتهى الحكمة.
- كيف تتذكر نفسك في سن مواهب برنامج «أراب آيدول»؟
لم أحظَ بالفرصة المتاحة أمامهم. أذكر برنامج «مع الهواة» الذي شاركت فيه، لكن عدد المواهب فيه كان هائلاً. كونه برنامج المواهب الوحيد آنذاك. أثنى المعنيون على موهبتي لكنني امتثلت للخدمة العسكرية في الجيش.
- كيف تصف التحدي الفني لديك آنذاك؟
كان الاعتماد على النفس والتحضير العميق. أذكر التحدّي الفني للفقر دون وساطة. كنت أعدّ مستقبلي الفني بنفسي، أصنع ألحاني وأخبئها. كنت مؤمناً بأن أعمالي لن تبقى مخبئة بل سيستمع إليها الناس يوماً.
- ما هو أول عمل لحّنته؟
أغنية «أين أنتِ يا حياتي» التي لم أسجلها. لم أعد أحتفظ إلاّ بقسم منها للأسف.
- حدثنا عن كاظم الساهر العشريني؟
أول الأشياء التي أذكرها هي الأيام العصيبة، بداية الحرب الإيرانية. كانت ذكريات مرّة جداً طوال ثماني سنوات من الحرب. كنت أصنع أعمالي الموسيقية في الخفاء. وأحياناً، كنت أنام في غرفة وأضع الكاسيتات في غرفة أخرى. فلو تعرّض المكان للقصف يحتمل أن تبقى الوصية الموسيقية. لكن أجمل ما أتذكره هو الأساتذة الكبار الذين كانوا حولي، كنت محظوظاً بوجود الموسيقار روحي الخماش ومدرّس المقام الأستاذ حسين الأعظمي والشيخ جلال الدين الحنفي الذي لقّنني العروض. كانوا من عمالقة الأدب والفن.
- ما هي حكمتك الفنية اليوم التي تقدّمها إلى مواهب «أراب آيدول»؟
الصبر والتأني والبحث والتسلّح بثقافة وإن كانت بسيطة حتى تكون الموهبة متمكّنة من أدواتها. أعتقد أن البساطة مسألة مهمة أيضاً. يجب أن تكون الموهبة عاشقة وفي حالة حب لربط الموسيقى مع الشعر، ربط رومانسي للفنون. والانتماء إلى عالم خيالي مختلف عن عالمنا. لو اجتمعت هذه الصفات في الفنان سينجح حتماً.
- اليوم، هل كنت لتفضل أن تلمع على مسرح «أراب آيدول» أم أن تسير في رحلة التعب حتى لقب «القيصر»؟
عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم. هذه الرحلة الصعبة جعلت فنّي أعمق. ولا أتمنى أن تختبر أي موهبة ما مررت به.
- إلى أي مدى كنت جريئاً وواثقاً بنفسك خصوصاً أنك لحّنت أغنية «خيّرتك» دون إذن من الشاعر الراحل نزار قباني؟ (اختار أداءها على مسرح أراب آيدول إلى جانب أغنيتي «ما ريدك بعد روح» وبلاد العرب أوطاني»).
لقد أديت القصيدة في حفلة بسيطة في سورية. وأعلنت حينها على الملأ رغبتي في الحصول على رقم هاتف الشاعر نزار قباني. وفعلاً، خدمني الحظ أن أحد أقاربه وأحد اصدقائه كان موجوداً. حصلت على رقم هاتفه واتصلت به. عبّر عن إعجابه بالعمل. لكنني قلت له: «كانت الحفلة خاصة». فقال: «أخبروني بأنك لحنت القصيدة بشكل جميل. أرسل لي التسجيل».
- لماذا كان يلقّبك ب»المتسكّع»؟
حين كان لا يجدني أحياناً. لكن اللقب الدائم في لقاءاته كان «ابني الروحي».
- هل ستغني مجدداً من قصائده في الألبوم الجديد؟
لقد أرجأت طرح إحدى القصائد التي أحتفظ بها منذ سنوات، لكنني سأسجّلها قريباً.
- ما مصير ملحمة أو أوبريت «جلجامش»؟
لقد أنجزتها، وهي في عهدة الموزّع المصري الدكتور فتح الله أحمد. هو مشروع أرجأته الأزمة المصرية. سنبدأ التسجيل الشهر المقبل. اخترنا مجموعة من مطربي دار الأوبرا في مصر.
- تكتب وتلحن وتغني، لمَ لا تجتمع هذه الصفات في الفنان العربي إلاّ نادراً وبشكل استثنائي؟
التلحين، موهبة أخرى منحني إياه الله. أعتقد أن اجتماع هذه الصفات مسألة ثقافة، أن يكون الفنان ملماً بالشعر والموسيقى. أنا خريج معهد موسيقى ولدي موهبة التلحين مذ كنت طفلاً في الثانية عشرة. هذه هبة من الله.
- لماذا اخترت افتتاح الحفلة بأغنية «بلاد العُرب أوطاني» الوطنية؟
قدّمت هذه الأغنية العربية الوطنيهة في ختام دورة الألعاب العربية في الدوحة. (يؤدي مطلعها)، «بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدانِ» أي بغداد. « ومن نجدٍ إلى يمنٍ إلى مصر فتطوان».
- لماذا يطغى على الفن العراقي الملامح الحزينة؟
نبدأ أداءنا ب»الآه» غالباً، أي الألم حتى لو كان الفنان يحيي زفافاً. أعتقد أن الفنان العراقي ورث طبيعة البلد وويلاته وغزواته وتاريخه على امتداد آلاف السنوات. نحن ورثة هذا الكمّ الهائل من الحزن.
- متى موعد الزيارة الثانية للعراق مع منظمة «اليونسيف»؟
قريباً، لإنجاز خطة بناء مشروع للأطفال الذين يعانون ظروفاً صعبة، مدارس ونحاول أن نوسّع الخطة لتشمل المستشفيات أيضاً.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024