ظافر العابدين رمز السينما والأبوّة والحبّ
شارك الفنان التونسي ظافر العابدين بفيلميه الجديدين في "مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي"، الأول سعودي بعنوان "إلى ابني"، والثاني مصري اسمه "أنف وثلاث عيون" ومأخوذ عن رواية للكاتب المصري الراحل إحسان عبد القدّوس. ظافر في حواره مع "لها" يتحدث عن كواليس فيلميه، ويكشف سبب عدم مشاركته في الدراما الرمضانية لعام 2024، وعلاقته مع زوجته وابنته ياسمينا، كما يُدلي باعترافات تتعلق بحياته الفنية والشخصية.
- تولّيت إخراج الفيلم السعودي “إلى ابني” الذي شاركت به أخيراً في “مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي” بالسعودية، كيف جاءتك الفكرة؟
حين زرت مدينة أبها في المملكة العربية السعودية لأول مرة، انتابني شعور غريب نحو تلك المدينة، وقد تأثرت بجمالها الذي أدهشني، وبمرور الأيام عُرض عليّ سيناريو فيلم “إلى ابني”، وعندها تذكّرت أبها المدينة الساحرة التي زرتها من قبل، وأحببت أن يكون التصوير فيها، خصوصاً أن قصة الفيلم تتماشى مع طبيعة المكان، فهي تحكي عن شخصية “فيصل” المواطن الإنكليزي الذي هو من أصل سعودي ويعيش في لندن مع ابنه “آدم”، وبعد أن تُقتل زوجته، يقرر مغادر بريطانيا والعودة إلى بيته الأصلي في المملكة العربية السعودية، حيث تستقبله شقيقاته بالترحاب والمحبّة، ويجافيه والده بسبب تركه البلاد، ومع تطوّر الأحداث يفاجأ بأن ابنه مصاب بمرض مميت، لتنقلب حياته رأساً على عقب.
- كم من الوقت استغرق الفيلم ليرى النور؟
التصوير استمر لستة أشهر كاملة، ولكن جلسات التحضير التي سبقت تصوير الفيلم وعملية المونتاج بعد التصوير استغرقت وقتاً أطول.
- رغم كثرة المدن العربية الجميلة اخترتَ مدينة أبها السعودية للتصوير، ما السبب؟
أحداث الفيلم فرضت علينا ذلك، فهي تحتاج إلى مكان مرتفع عن سطح البحر، غني بالتضاريس والجبال، وتتساقط فيه الأمطار في فصول معينة من السنة، وكل ذلك وجدناه في أبها، كما أن المدينة لا تزال تتمسك بالتقاليد الشرقية مع الطابع الاجتماعي العربي.
- الأفلام التي أخرجتُها تسلّط الضوء على أهمية العلاقة بين الأب والابن، لماذا؟
هذا صحيح، فيلما “غدوة” و”إلى ابني” يتطرقان إلى علاقة الأب والابن، فأنا في الواقع أب، وأحب أن أسخّر كل إمكاناتي للتخطيط لأن يعيش كل أب وابن بسعادة، ولذلك وجدت من الضروري أن تتمحور أفلامي حول هذه العلاقة المميزة، فالعائلة بالنسبة الى المواطن العربي هي الأهم في الحياة، ربما يغضّ الطرف عن أمور كثيرة في حياته، ولكنه يظل متمسكاً بأسرته.
- هل واجهتَ صعوبة في تجسيد شخصية رجل سعودي؟
لا، فقد ظللتُ أراقب سكان مدينة أبها لمدة أربعة أشهر، وأرى كيف يتعاملون مع بعضهم البعض، وكيف يتحدثون، وبعد فترة من الزمن أصبحت قادراً على تقليدهم، فالأمر كان سهلاً ولم يتطلب معاناة كبيرة مثلما كنت أعتقد، كما أن الدور لا يتطلب أن أكون سعودياً خالصاً لأن صاحب الشخصية عاش فترة طويلة من حياته في بريطانيا.
- وماذا عن اللهجة السعودية؟
عانيت بعض الصعوبة في تأدية اللهجة السعودية، ولكن هذا أمر طبيعي، وحصل معي ذلك حين بدأت التمثيل باللهجة المصرية وأيضاً اللبنانية، وكل ما أحتاج إليه لتخطّي هذه العقبة هو المثابرة والمذاكرة.
- هل سنراك مُخرجاً للمرة الثالثة قريباً؟
أحلم دائماً بأن أخرج أفلاماً سينمائية، وربما لا يعلم الكثيرون أنني حين تركت لعبة كرة القدم، ودخلت مجال الفن في تونس، عملت لمدة عامين مساعدَ مخرجٍ، ومع مرور الوقت واكتساب المهارات في التمثيل ابتعدتُ عن الإخراج، ولكنه دائماً يجذبني حين أقرأ نصاً جيداً.
- كممثل، كيف استفدتَ من الإخراج؟
الإخراج يجعلك ترى الممثل من جوانب أخرى لم تكن تفكر فيها، وبالنسبة إليّ أعدت اكتشاف نفسي كممثل، فللممثل عين واحدة حين يقدّم عملاً فنياً، أما المخرج فله أكثر من عين، ولذلك أتمنى على جميع الفنانين أن يدرسوا الإخراج لاكتساب المزيد من المهارات.
- ألم تخف من فكرة تقديم فيلم “أنف وثلاث عيون” التي قدّمها الفنان الكبير الراحل محمود ياسين في سبعينيات القرن الماضي؟
من حُسن حظي أنني لم أرَ فيلم الأستاذ محمود ياسين، كما أنني قررت عدم مشاهدته حتى لا أتأثر بأحداثه، وفضّلت الاعتماد على الرواية الأصلية للعمل والسيناريو الذي نسجه الفنان وائل حمدي. أرى أن المشكلة الوحيدة التي واجهتني في تصوير الفيلم ضرورة أن تتغير شخصية الدكتور هاشم مع مرور الزمن، لأن الزمن الذي خُلقت فيه هذه الشخصية مختلف تماماً عن الزمن الذي نعيش فيه اليوم.
- ولماذا وافقت على المشاركة في الفيلم؟
لأن الشخصية التي أقدّمها فيه معقّدة وصعبة، وأنا أحب تجسيد هذه النوعية من الشخصيات، والدور كان تحدّياً بالنسبة إليّ، وسعيد بأنني استطعت تأديته بالشكل المطلوب، خصوصاً أنني اتبعت نصائح المخرج أمير رمسيس والسيناريست وائل حمدي.
- ما هو سبب غيابك عن السينما المصرية؟
ما من سبب محدّد، ربما أحببتُ خلال السنوات الماضية التجديد وتقديم أدوار مميزة واقتحام أبواب درامية أخرى في عدد من الدول العربية، والظهور درامياً في أعمال عالمية، ولكن إذا عُرض عليّ عمل مصري جيد يقدّمني بشكل مختلف فحتماً سأشارك فيه، وحين عُرض عليَّ سيناريو فيلم “أنف وثلاث عيون” وافقت على الفور لأنه عمل جيد والشخصية جديدة ومركّبة وفيها تحدٍّ لي.
- ألم تخشَ من فكرة تقديم الأعمال ذات الطابع النفسي؟
لم أقدّم هذه الشخصية من قبل، ولذلك سعيت لتقديمها، ولو سألت المنتجة شاهيناز العقّاد والمخرج أمير رمسيس فسيؤكدان لكَ أنني وافقت على المشاركة في العمل بمجرد أن اطلعت على تفاصيل قصته. لقد أحببت الجزء النفسي في العمل، ونجحت في التعامل مع شخصية الدكتور هاشم من الناحية النفسية، وعرفت كيف يحيا الرجل بعد سنّ الأربعين.
- كيف كانت الأجواء وكواليس الفيلم مع ثلاث فنانات هنّ: أمينة خليل وسلمى أبو ضيف وصبا مبارك؟
الكواليس كانت رائعة، وأحببتها كثيراً الأجواء التي سادها الودّ والمحبة، ربما أكثر مشاهدي كانت مع سلمى أبو ضيف وصبا مبارك، لكن المشاهد التي جمعتني بأمينة خليل كانت أيضاً ممتعة، وأنا أحببتهنّ جميعاً.
- هل أنت راضٍ عن نهاية الفيلم؟
هي النهاية المنطقية للدكتور هاشم، وأنا أحببت تلك النهاية السعيدة.
- ألم تخف من ردود فعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي على موقفك تجاه سلمى أبو ضيف في الفيلم؟
أي رد فعل من الجمهور تجاه الفيلم سيُسعدني، لأنه سيكون دليلاً على نجاحي في تجسيد الدور، ولكنني بشكل عام لا أهتم بالشكر والثناء الزائد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ولا أحزن من انتقادهم لي، فلا بد من التعامل مع تلك المواقع والمنصّات بعقلانية، وأنا أحب رد الفعل المباشر من الجمهور الذي يقابلني في الشارع أو في السينما، وأرفض أن ينتقدني المتلقي الجالس خلف شاشة.
- هل ستشارك في دراما رمضان 2024؟
للأسف هذا العام أيضاً سأغيب عن دراما رمضان، لأنني بعد تصوير فيلمين في وقت واحد أصبحت بحاجة الى قسط من الراحة، ولا بد من الجلوس مع زوجتي وابنتي لتعويض غيابي عنهما خلال انشغالي بتصوير أعمالي الفنية.
- كيف توازن بين حياتك الفنية وتلك الشخصية؟
مثلما قلت لك، حين أشعر بأن العمل أخذني من أسرتي، أحاول سريعاً الموازنة بين الأمور، فبعد غيابي عن أسرتي لأشهر من أجل تصوير فيلمين يجب عليّ تخصيص وقت للجلوس معهم في المنزل، أو التفكير في السفر للاستجمام معهم.
- ماذا يمثل الحب لظافر العابدين؟
الحب بالنسبة إليّ هو أفعال وليس مجرد كلمات رومانسية عابرة، والعلاقة الزوجية يمكن أن تستمر بالتفاهم، مثلما حدث مع أجدادنا، كما أرى أن التواصل والحوار هما الأهم في أي علاقة، فهي بمثابة الوردة التي نسقيها يومياً لكي تظل نضرة ويفوح عطرها.
- هل ستشجّع ابنتك ياسمين إذا أحبت التمثيل مثلك أو الغناء مثل والدتها البريطانية جوان فاريل؟
سأدعمها في أي قرار تتخذه، فدوري في الحياة هو مساعدتها على تحقيق أحلامها وليس الوقوف في وجه مستقبلها، ولكنها حتى الآن ليس لديها أي طموحات فنية.
- هل ما زلتَ تهوى كرة القدم؟
بكل تأكيد، فأنا مارست لعبة كرة القدم لفترة طويلة من حياتي، ولعبت لأحد أهم الأندية في الوطن العربي والقارة الأفريقية وهو “الترجّي” التونسي، حتى بعد الإصابة التي تعرّضت لها انضممتُ الى نادٍ متوسط المستوى هو “الترجّي” الجرجيسي، وبعد الاعتزال أصبحت مشجّعاً لنادي الترجّي، ربما ليس كما كنت في الماضي، ولكن أحاول دائماً متابعة نتائجه، كما أنني أحبّ فريق “ليفربول” وأشّجعه دائماً.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024