وجهة الأعياد المبهرة... أجواء احتفالية وسحر فصل الشتاء
تخيّم أجواء الأعياد على جنيف مع بداية شهر كانون الأول/ديسمبر، حيث تجسّد مزيجاً مذهلاً من الثقافة والتراث والاحتفالات لتعكس روح التنوّع التي تطغى عليها وتزرع البهجة في قلوب السكّان والزوّار على حدٍ سواء، إذ تقدّم لهم باقةً من الأنشطة التراثية التي لطالما اشتُهرت بها في موسم الأعياد، بدءاً من احتفال ليسكالاد التاريخي وصولاً إلى ليلة رأس السنة الآسرة.
يبدأ موسم الأعياد في جنيف مع احتفال ليسكالاد الذي يحيي ذكرى الانتصار العظيم الذي حققته جنيف في التصدّي للهجوم الذي شنّه 2000 جندي بقيادة دوق سافوي عشية 11-12 ديسمبر 1602، في محاولة لغزو المدينة وضمّها إلى فرنسا. وتحتفل المدينة الأوروبية بانتصارها التاريخي هذا منذ أكثر من أربعة عقود، حيث ينطلق المواطنون والسيّاح على مدى ثلاثة أيام في موكب ضخم مرتدين أزياءً من وحي القرون الوسطى، ويجوبون شوارع المدينة سيراً على الأقدام أو على ظهور الخيل احتفاءً بروح الشجاعة التي صانت استقلال جنيف.
تستمرّ الاحتفالات مع النسخة الـ 45 من سباق ليسكالاد للمشاة الذي من المقرّر أن يُقام يومَي 3 و4 ديسمبر 2023 في مدينة جنيف القديمة، حيث يحتشد عدّاؤون من خلفيّات متنوّعة للمشاركة في هذا السباق الذي يُعَدّ الأكبر في سويسرا، وواحداً من أهمّ السباقات في أوروبا. وتجمع هذه الفعالية ما بين أجواء البهجة وروح المنافسة لتجسّد القيم التي يرتكز عليها السباق والمتمثلة في المرح، والاحترام، والتضامن، والتكامل والتميّز.
لا تكتمل أجواء الأعياد في جنيف بدون الانغماس بأشهى الأطايب التي تميّزها، ألا وهي الشوكولاتة اللذيذة، إذ تبتكر المدينة طبقاً من الشوكولاتة يُعرف باسم "مارميت دو ليسكالاد" ويأتي على شكل قِدرٍ مصنوعة من الشوكولاتة ومليئة بقطع المرصبان على شكل خضار، فيستكمل التقاليد المرتبطة باحتفال ليسكالاد ويضفي نكهة مميزة على موسم الأعياد.
بعد انتهاء احتفالات ليسكالاد الرائعة، تفتتح جنيف السوق الميلادية "نويل أو كاي" التي منحتها شهرةً كبيرةً وجعلتها تسرق قلوب السكّان والزوّار من مختلف الخلفيات، باعتبار المدينة عنواناً لأشهر الأسواق الميلادية في العالم. وتعود هذه السوق الآسرة لتضفي الأجواء المبهرة على طول رصيف مون بلان في المدينة من 16 تشرين الثاني/نوفمبر إلى 24 ديسمبر 2023، فتوفّر وجهة رائعة يحلو الاحتفال بفترة الأعياد بين أحضانها. وتدعو هذه السوق الزوّار إلى تخليد أجمل الذكريات بجانب نافورة جنيف، وركوب إحدى أقدم البواخر في المدينة، والاستمتاع بالإطلالات الخلاّبة على البحيرة. كما تكشف عن باقةٍ واسعة من القطع الفنية والحِرفية وتضمّ أكشاكاً مصمّمة على طراز شاليهات خشبية جميلة تقدّم ابتكارات جديدة في كل أسبوع، ويشارك فيها الفنّانون A collage of a person in a santa garment sitting on a chair Description automatically generated ، والمصمّمون والمبدعون المحلّيون، حيث يجسّدون شغفهم عبر أعمال مبتكرة يحلو تقديمها كهدايا قيّمة في عيد الميلاد.
كذلك، تلبّي السوق الميلادية في جنيف متطلبات عشاق الطعام من مختلف الأذواق، فتحتضن أكشاك طعام متنوّعة تقدّم لزوّارها باقة من أشهى الأطايب التي تشمل الراكليت والمشروبات المميزة وغيرها الكثير. أمّا استراحة عيد الميلاد، فتوفّر ملاذاً مريحاً لتناول المقبلات الشتوية على وقع أنغام الـ"دي جاي" التي تحيي الأجواء. من جهة أخرى، يمكن الزوّار الانغماس في تجربة طعام خارجة عن المألوف داخل شاليه خشبي كبير يقع في قلب حديقة السوق ويُقدَّم الفوندو اللذيذ. كما تكشف جنيف عن تجربة فوندو من وحي الحكايات الخيالية هذا العام لتزيد موسم الأعياد تميزاً، حيث يُقدّم الفوندو في عربة تجرّها الخيول وتجوب شوارع المدينة القديمة الساحرة، لاختبار لحظات رومانسية مميزة أو الاستمتاع بأجواء الدفء العائلية.
وبالطبع، لم تنسَ المدينة ضيوفها الصغار وسط هذه العجائب الشتوية، فهي تتيح لهم إمكانية الاستمتاع بالكاروسيل والمشاركة في برنامج حافلٍ بالأنشطة والحِرف اليدوية وزينة عيد الميلاد والألعاب والرسم على الوجه ورواية القصص والكثير من الأنشطة الممتعة.
تجتمع أوجه التقاليد والتميّز في مدينة جنيف التي تدعو الزوّار إلى اختبار تجربة أصيلة تتلاقى فيها أجواء الأعياد مع التاريخ العريق والأطباق الشهية وسحر الشتاء، لتزرع البهجة في قلوب المسافرين فيشعرون بالانتماء إلى المجتمع المحلّي ويمضون أوقاتاً تبقى محفورةً في الذاكرة طوال العمر.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024