المذيعة آسيا عبدالله: أعشق الصحافة الرياضية وهذا ما يمنحني القوة
آسيا عبدالله مذيعة ومراسلة ومعلّقة رياضية في قناة beIN SPORTS ، بدأت حياتها المهنية مذيعة رياضية في محطة تلفزيونية لبنانية لتصبح بذلك أول امرأة تعمل في الصحافة الرياضية وأول معلّقة لكرة السلة في العالم العربي. وآسيا لاعبة رياضية سابقة، حصلت على جوائز عدة، ولذلك برعت في تغطية الكثير من البطولات الرياضية. في هذا الحوار، نتعرف إلى آسيا الطموح صاحبة المهارات الاستثنائية التي لا تستسلم أمام المصاعب.
هلاّ حدثتنا عن أبرز محطات مسيرتك المهنية؟
بدأتُ مسيرتي المهنية في سنّ مبكرة، حيث كنت عدّاءةً للمسافات القصيرة في نادي الأنصار اللبناني خلال مرحلة المدرسة. انضممتُ بعد ذلك إلى نادي بيروت لكرة السلة كصانعة ألعاب في صفوفه ووقّعت أول عقد احترافي في فريق السيدات. قمنا في ما بعد، وبالتنسيق مع مدرّب الحراس في منتخب لبنان جهاد محجوب وشقيقه أشرف والمدرّب أحمد الروّاس، بتأسيس وإطلاق أول منتخب نسوي لكرة القدم وحظينا حينها بعقد رعاية كبير ومهم يغطّي مصاريفنا المختلفة.
وفي الفترة نفسها، بدأت دراستي الجامعية في مجال الإعلام المرئي والمسموع في بيروت، وقررت في عامي الأول التركيز على الدراسة بعيداً من ممارسة الرياضة، فكانت بدايتي في جريدة "الشرق" اللبنانية والمؤسّسات الإعلامية التابعة. كما عملتُ في قسم التحقيقات والرياضة في آن، قبل أن أنتقل إلى جريدة "الأخبار" اللبنانية كصحافية في القسم الرياضي. وسرعان ما نجحت في بناء اسمي في مجال الصحافة الرياضية المكتوبة، ممّا مهّد الطريق أمامي لتلقي عروض تلفزيونية مختلفة؛ من قناة "الجديد" إلى قناة "أو تي في" وأيضاً "إل بي سي". وبعد أربعة أشهر فقط من عملي كمقدّمة للأخبار الرياضية في قناة "الجديد"، جاءني العرض الذي كنتُ أحلم به طوال حياتي من قناة beIN SPORTS التي كانت تُعرَف بقناة "الجزيرة الريضية" سابقاً كمذيعة رياضية في 2009.
وهكذا انتقلتُ من بيروت إلى الدوحة وبدأت رحلتي مع beIN SPORTS التي كان لإدارتها الفضل في تحقيق حلمي بتغطية أهم وأكبر الأحداث والبطولات الرياضية كمذيعة ومراسلة، من كأس العالم الى كرة القدم في جنوب أفريقيا 2010، والبرازيل 2014، وروسيا 2018، وقطر 2022، بالإضافة الى دورات الألعاب الأولمبية الصيفية لندن 2012، وريو 2016، وطوكيو 2020، والشتوية بيونغ تشانغ 2018.
والجميل في عملي مع beIN SPORTS أنني قمتُ بتغطية أهم البطولات التي يحلم بها أي إعلامي، وحصل ذلك من خلال مهام مختلفة كانت توكل إلي، ففي بعض الأحيان كنتُ أعمل مراسلة ميدانية، وفي بعضها الآخر كنت مذيعة أو مقدّمة برامج واستوديوهات، وفي بعضها علّقتُ على مباريات، وأصبحتُ أول فتاة تعلّق على مباريات كرة السلة في العالم العربي. وهذا ما يجعل العمل مع beIN SPORTS متعة بكل ما للكلمة من معنى.
كيف انتقلت من كونك رياضية إلى الإعلام، وهل كنت تحلمين بالعمل مذيعةً تلفزيونية؟
مررت بمحطاتٍ عدة كرياضية محترفة، من محاولاتي التي لم يُكتب لها النجاح في الجمباز الفني، مروراً بألعاب القوى وسباقات المسافات القصيرة مع نادي الأنصار اللبناني، إلى كرة السلة وكرة القدم. وجعلتني هذه التجارب إلى جانب دراستي للإعلام لا أفكّر إلا بالإعلام الرياضي كمجال للعمل، وكنت أرى أنني أملك كل الحق في هذه المهنة، فأنا رياضية وصحافية ومكاني في الإعلام الرياضي، كما لم أرد الابتعاد عن مجال الرياضة الذي رافقني مذ كنت في سنّ الرابعة. وبعد دخولي مجال الصحافة الرياضية المكتوبة في جريدة "الأخبار" اللبنانية فُتحت الأبواب على مصاريعها أمامي، وحين عملتُ في قناة "الجديد" كنتُ دائماً أقول لأصدقائي وزملائي" "أشعر أن مسيرتي معكم قصيرة ولدي إحساس بأنني سأترك لبنان قريباً وسأذهب للعمل في الخارج في مؤسّسة رياضية متخصصة". وفعلاً هذا ما حصل، فبعد إطلالتي على الهواء بأربعة أشهر فقط، جاءني العرض الكبير من beIN SPORTS، وكنتُ قد تخرّجتُ لتوّي في الجامعة، لم أفكّر كثيراً في الأمر واستشرتُ والدي رحمه الله، واتفقنا على أن أنضمّ إليهم، وحصل ذلك في كانون الثاني/يناير 2009.
لماذا اخترت الصحافة الرياضية دون غيرها؟
هي كل ما أفهم فيه وأعيش من أجله، هي كل حياتي، أحياناً أشعر أن الصحافة الرياضية هي التي اختارتني وليس أنا... أو بالأحرى كنّا نبحث عن بعضنا في كل زمان ومكان من أجل فرصة ولو صغيرة. لا أرى نفسي لا في السياسة ولا في الفن ولا في الاقتصاد ... الرياضة هي كل حياتي، ونقطة قوّتي، ومصدر سعادتي، وراحتي.
ما أبرز البطولات الرياضية التي غطّيتها ولها أثر خاص في نفسك؟
غطّيت الكثير من البطولات الرياضية، سواء كمراسلة ميدانية أو مذيعة أو حتى معلّقة، مثل كأس العالم لكرة السلة في تركيا 2010، وكأس العالم لكرة القدم في البرازيل 2014، وفي روسيا 2018 وفي قطر 2022، ونهائيات دوري أبطال أوروبا، أو حتى بطولة فرنسا المفتوحة للتنس ولسنوات طويلة.
ولا أريد أن أنسى أولمبياد ريو في 2016 وأولمبياد طوكيو في 2020 وأولمبياد بيونغ تشانغ الشتوي في 2018، إلى جانب دورة الألعاب الآسيوية في إنتشون 2014 وآسياد هانغجو 2023 والذي انتهى لتوّه في الصين.
ولكلٍ منها مكان في قلبي، لأن مهمّتي في كل واحدة تختلف عن الأخرى، ففي كأس العالم لكرة السلة عملتُ مراسلة وقابلتُ نجوم العالم فيها عن قرب وكانت المسؤولية كبيرة. وينطبق الأمر نفسه على بطولات كأس العالم لدى beIN SPORTS في كرة القدم أو حتى دوري أبطال أوروبا والألعاب الأولمبية والآسيوية التي أنهيتُ لتوّي العمل في الاستوديو الخاص بها كمقدّمة.
ما الذي يمكنك وصفه بمهارات أو إمكانيات استثنائية تمتلكينها؟
أنا رياضية قبل أن أكون صحافية رياضية أو مذيعة، وهذا يمنحني قوّة في مجال عملي، قد لا يملكها غيري ممّن لم يحترف أي رياضة من قبل. كما تلقّيتُ وتشرّبتُ علوم الإعلام والصحافة على يد ألمع الأساتذة سواء من خلال نيلي شهادة الليسانس الجامعية أو حتى الماجستير في هذا المجال. ولا أستطيع القول بأنني أمتلك مهارات استثنائية، فكل إنسان لديه إمكانات تختلف عن غيره وتميّزه عن الآخرين، لكن أعتقد أن نقطة قوّتي تكمن في كوني مارست رياضات مختلفة. وهكذا ساعدتني خلفيتي الرياضية كثيراً إلى جانب مجال دراستي لأرتقي في عملي، أي أنني أمارس كل أنواع العمل الصحافي الرياضي البسيط منها والمعقّد. وباختصار، أستطيع القول إنني من الأشخاص المحظوظين الذين استطاعوا أن يعملوا في مجال واحد طوال حياتهم، كما لم أتعلّم أسس الرياضة ولا الإعلام الرياضي في سنّ الثلاثين، بل بدأتُها في سنّ الرابعة مع الجمباز الفني، وها أنا أعمل في هذا الإعلام المتخصص منذ عام 2007.
ما أبرز التحديات التي واجهتك كونك امرأة تقدّم برنامجاً رياضياً؟
كثيراً ما يُطرح هذا السؤال عليّ. بصراحة، لم أشعر يوماً بوجود أي تحديات. لقد انتقلتُ بسلاسة كبيرة من الملاعب إلى المكاتب وغرف التحرير في المجال الرياضي، وقد ساعدتني خلفيتي الرياضية وصداقاتي في مجال الرياضة كي أبني اسمي. كما لم أكن يوماً دخيلةً على الإعلام الرياضي، فأنا ابنة هذا المجال. لكن كل ذلك لم يكن ليتحقق لولا ثقة إدارة beIN SPORTS بي، وذلك منذ انضمامي إلى أسرتها عام 2009. صحيح أنني رياضية سابقة وصحافية رياضية، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن أكون قادرة على بلوغ النجاح الذي تحقق من دون دعم وثقة وإيمان أصحاب القرار، والحمد لله أنني وُفّقتُ في ذلك.
ما هي البرامج التي تحلمين بتقديمها بعيداً من الرياضة؟
تلقيتُ قبل عام تقريباً عرضاً للعمل في مجال السياسة، ولا أنكر أنني فكّرتُ بالأمر في البداية، لكن مسألة الرفض لم تستغرق مني أكثر من 24 ساعة، إذ لم أتخيّل نفسي أنني سأترك هذا المجال الذي أخذ مني سنوات طويلة من العمل والسهر والعطاء. كما أنني أعمل في beIN SPORTS أهم مؤسّسة رياضية متخصّصة، ومن المستحيل أن أفكر في التخلّي عن هذه الفرصة.
ما هي مقوّمات الإعلامية الناجحة؟
امتلاك الموهبة والثقافة، بالإضافة إلى حبّ العمل والاجتهاد في المجال الذي تعمل فيه، لأننا من دون هذا الشغف لا يمكن أن نستمرّ. هذا بالإضافة الى الذكاء الاجتماعي وسرعة البديهة وهما عطاء ربّاني يمنحان أي شخص القدرة على التعامل مع الظروف الصعبة على الهواء. والأهم بالنسبة إليّ أن تكون الإعلامية قادرة على ممارسة كل أنواع العمل الصحافي، حينها تكون ناجحة وشاملة.
ما الذي يمنحك القوة؟
أن يكون الشخص المناسب في المكان المناسب هو مصدر قوة حقيقي، فقد كنت أعلم منذ البداية هدفي بعد احتراف الرياضة ودراسة الإعلام، واكتمل المثلث بعملي في هذا المجال، ما شكّل أساساً متيناً لمسيرتي المهنية الحالية كمذيعة ومراسلة ومعلّقة رياضية.
وعلى الصعيد الشخصي، يمكنني القول بأنّ ممارسة الرياضة واحترافها قد عزّزا لديّ روح العمل الجماعي، وهو أمر قد لا نراه لدى الجميع في الإعلام، كون هذا المجال يساهم في تسليط الضوء على الشخص الذي يقف أمام الكاميرا.
كيف ترين مستقبلك؟
أنا متفائلة جداً ولديّ إيمان كبير بالله بأن الآتي دوماً أفضل. كما تمتلك إدارة beIN SPORTS رؤية ثاقبة، وقد قطعت أشواطاً طويلة باتجاه دعم المرأة في مجال الإعلام الرياضي. فأنا فخورة بكوني أول امرأة تقدّم استوديوهات تحليلية لكرة القدم في بطولات بارزة مثل نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2018، بالإضافة الى استوديوهات كأس العالم لكرة القدم للسيدات في 2015 و 2019، ونهائيات دوري أبطال أوروبا أيضاً للسيدات في 2018 و 2019. كما يسرّني أن أكون أول معلّقة على رياضة كرة السلة في العالم العربي، وأوّل سيدة تقدّم استوديوهات تحليلية لدوري NBA في منطقتنا الآسيوية. ولم تكن هذه الفرصة لتُتاح لي لولا عملي لدى beIN SPORTS التي تمتلك حقوق بث هذه الفعاليات الرياضية الرائدة. بناءً على كل ما سبق، إيماني كبير بأن مستقبلي كرياضية سابقة ومذيعة حالية في إحدى أهم القنوات الرياضية المتخصّصة سيكون أفضل.
هل من حكمة تتبعينها في حياتك؟
ليست حكمة، بل أسلوب حياة أعيشه، أحبّ الخير للآخرين كما أحبّه لنفسي، فالساحة كبيرة جداً وتتسع للجميع، والنجاح يليق بكل مجتهد.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024