تينا شاغوري تروي معاناتها مع سرطان الثدي وحياتها الجديدة
أن تكوني ناجية من مرض سرطان الثدي فهو بطولة وإنجاز لا يُقدّر بثمن، في زمن تكثُر فيه الأمراض المزمنة والتي يصيب بعضها المرأة مهما كان سنّها. ومن بين النساء المكافحات الدكتورة تينا شاغوري التي اكتشفت مرضها بالصدفة وهي في عمر الـ39، لتبدأ بعدها رحلة علاج طويلة بكل ما تحمله من صعوبات جسدية ونفسية وروحية لتنتصر في النهاية وتصبح من أكثر الوجوه المؤثّرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
تؤكد خبيرة التغذية اللبنانية أن بعد تشخيص إصابتها بورم يبلغ حوالى أربعة سنتيمترات، بدأت بجلسات العلاج الكيماوي بهدف تقليص حجم الورم، وبعد تجاوب جسمها مع العلاج خضعت لعملية استئصال الجزء المتورّم وتنظيف الخلايا المحيطة به. وعن ذلك تقول تينا: “كما الكثير من السيدات، كان لديّ مفهوم خاطئ يرتكز على فكرة أن عدم استئصال الثدي أو الثديين يزيد إمكانية عودة الورم من جديد، ولكن علمياً هذه الفكرة غير صحيحة، إذ تكشف الدراسات والتجربة أن استئصال الورم مع العلاج الكيماوي والعلاج الشعاعي تعطي الحماية اللازمة.
خسارة الأنوثة هي الأصعب لمريضة السرطان
وتروي تينا المحارِبة لسرطان الثدي تفاصيل لا يمكن أي مصابة بالمرض أن تكشف عنها في العلن، فتقول: “لا أتحدث كثيراً عن هذا الأمر عبر السوشيال ميديا، لأنه يرتبط بالأنوثة والشعور بزوال الملامح، وأعتقد من خلال الندوات وحملات التوعية التي أشارك فيها دائماً، أن هذا الأمر مشترَك بين جميع الناجيات من السرطان. ويصبح الأمر في غاية الحساسية، حين تشعر المرأة المصابة بالسرطان خلال فترة العلاج أنها تخسر جزءاً كبيراً من أنوثتها من الناحية الجسدية مع تساقط شعرها ورموشها وحواجبها، وحين تسودّ أظافرها وتتكسر بسهولة، وبالتالي الإحساس بفقدان الأنوثة تعيشه كل السيدات خلال فترة العلاج وبعدها”.
وتلفت إلى أنه “عندما نتخطّى المرض أو نستفيق من الغيبوبة ونعود إلى حياتنا العادية نكتشف أن كل شيء في جسدنا قد تغيّر، شكلنا، هورموناتنا،... وإذا شُخّص المرض في سنّ صغيرة تدخل الشابة في عمر اليأس وهي صغيرة في العمر، أضف إلى ذلك مشكلة العقم وعدم إمكانية أن تصبح أمّاً، والتي بات في إمكانها حلّها من خلال تجميد البويضات أو الخضوع لعلاجات تحافظ على الخصوبة، إلاّ أن كل هذه المواضيع تضغط بشدّة على الناجية من السرطان ونادراً ما تحكي عنها”.
استحالة العودة إلى الحياة والأحلام القديمة
وتشير تينا شاغوري إلى أن “فترة ما بعد العلاج تكون في البداية صعبة وتحتاج إلى استجماع الأفكار وتقبّل الواقع والشكل الجديد، لذا من الضروري الاستعانة بطبيب نفسي أو طبيب تغذية أو لايف كوتش، لتقديم العلاج اللازم إلى جانب العلاج الطبي في رحلة الشفاء، لأن حياتنا وإنجازاتنا وأهدافنا كسيدات منتجِات تتغيّر بعد السرطان، وكل سيدة تكون بحاجة إلى شخص مختص يُرشدها إلى طريقها الجديد، لأن من المستحيل أن تعود إلى طريقها القديم”.
الأمومة في ظل مكافحة المرض
وعن الصعوبات التي واجهتها خلال رحلة تلقي العلاج، تقول تينا: “بحسب تجربتي الشخصية، من الأمور التي أثرت فيّ كثيراً تغيّر شكل جسمي، إذ تخطّى وزني الـ 16 كيلوغراماً، وهذه التغيّرات لم تؤثر فيّ كامرأة أو زوجة إنما كأخصائية تغذية تهتم بباقي السيدات لإسعافهن وتزويدهنّ بالنصائح للحفاظ على نمط حياة صحي... ففي البداية لم أتقبّل تغيّر شكلي وهذا أثّر سلباً في نفسيتي، وأشعرني أحياناً بالعجز”.
احترام خصوصية المريضة
وتتحدث تينا عن أهمية الدعم النفسي والعائلي خلال فترة التشخيص والعلاج وما بعد الشفاء، وتقول: “الدعم هو الأهم بالنسبة الى مريضة السرطان، فمن الضروري أن يدرك المحيطون بها أنها لم تضعف ولم تمت، وأنها قادرة على المحافظة على روتين حياتها العادية وممارسة دورها في المجتمع ودورها كأمّ، لأن المرأة خلال فترة العلاج لا تتغيّر إنما تضعف قليلاً جسدياً بسبب العلاج الكيماوي، وتتأثر نفسياً بسبب التعب والخوف والقلق، ولكن رغم ذلك تبقى قوية وتحرص على الاهتمام ببيتها وأولادها وعملها، لذا من الضروري احترام خصوصيتها وألاّ يسيطر أحد على حياتها الشخصية والزوجية كي لا يؤثر فيها المرض سلباً”.
البحث عن الإلهام الخاص
ومن خلال تجربتها الشخصية، تقدّم تينا شاغوري نصيحة ملهمة الى السيدات بضرورة الاهتمام بكل ما يشعرهن بالسعادة، وتقول: “ما ساعدني خلال العلاج وبعده وإلى اليوم، هو اهتمامي بحسّ الموضة الذي يشعرني بالسعادة، فأسلوبي في اختيار الملابس وتنسيقها اختلف كثيراً عن السابق، وكل مرحلة في السنوات الماضية تقبّلتها كما هي وحاولت إيجاد ما يناسب تغيّر شكلي، فحين ازداد وزني اخترت الملابس الواسعة وغيّرت في الألوان التي ارتديها في العادة وأضفتُ الكثير من الإكسسوارات إلى إطلالاتي، وبالتالي وجدت نفسي في تنسيق الملابس ومتابعة أحدث صيحات الموضة، وهذا ما تحتاج إليه كل ناجية من السرطان لتشعر بالراحة مع نفسها. وبالتالي لا تخسري نفسك ولا تتخلّي عن حبّك للموضة والجمال، بل ابحثي دائماً عن الإلهام الخاص بكِ”.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024