أصدقاء وردة
رحلت وردة، لكن يظل عطاؤها الفني الطويل وأغنياتها محفورة في قلوب محبيها. والمؤكد أن هناك من عرفوها عن قرب، وأن لدى هؤلاء أسراراً وذكريات معها لا تنسى
. «لها» ترصد شهادة ثلاثة ممن عرفوا وردة جيداً: صديقتها المقربة الفنانة نبيلة عبيد، ومديرة أعمالها السيدة نجاة، والماكيير محمد عشوب الذي كانت تسلمه وردة وجهها وكلها ثقة في ما يفعل.
كما تكشف «لها» تفاصيل وأسرار أغنية وردة الأخيرة التي لم تر النور، والتي كانت تحلم بأن تعود بها إلى الغناء الوطني لمصر.
نبيلة عبيد صديقة وردة المقربة: لم أتحمل إلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليها
تعد الفنانة نبيلة عبيد من أقرب صديقات الفنانة الراحلة وردة، فقد عرفتها منذ سنوات طويلة، وبينهما ذكريات كثيرة. ورغم أحزان نبيلة لكنها كانت حريصة على أن تحدثنا عن صديقة عمرها. في البداية سألناها في ظل انشغال معظم العاملين بالوسط الفني بمشاغلهم الخاصة أو الفنية، إلا أنك من القليلات اللواتي يحافظن على الصداقة، وهو ما ظهر واضحاً مع الراحلة وردة.
- فبماذا تصنفين صداقتكما؟
الصداقة لها معنى كبير جداً بالنسبة إلي، لذا، هناك من يمكن أن نطلق عليهم معارف، وهناك من نطلق عليهم أصدقاء، لأن من يفهم كلمة الصداقة سيفهم مدى أهمية هذه الكلمة. وأبسط ما تحمله هذه الكلمة من معنى هو أن يرى كل منا صديقه سعيداً، ويشعر كل صديق بسعادة أو معاناة صديقه، حتى لو بعدت المسافات، ويسعد لسعادته أو يحزن لحزنه، وهذا هو مفهوم الصداقة الذي أعرفه، وهذا ما وجدته عند وردة.
- لكن كيف نشأت هذه الصداقة القوية بينكما؟
بالحب والود والإحساس، هكذا نشأت صداقتنا ولا شيء آخر، وردة كانت إنسانة جميلة محبة لكل من حولها، وخاصة أصدقاءها المقربين، وكانت محبة لفعل الخير أيضاً، ولذلك تقاربنا بمنتهى السهولة لاشتراكنا في صفات كثيرة.
- وكيف حافظت كل منكما على تلك الصداقة، رغم انشغالكما بأمور حياتية أو فنية؟
وكيف تكون صداقة، ما لم يلتزم كل صديق بواجباته تجاه صديقه؟ المسؤولية أحد أركان الصداقة بالطبع، وكانت وردة مخلصة في صداقتها، وكنت أبادلها الشعور نفسه. كما أن صداقتنا مستمرة منذ سنوات طويلة تقاربنا خلالها كثيراً. وكل ما يمكنني قوله إنني كنت أداوم السؤال عنها باستمرار بحكم ما تفرضه علي مسؤوليتي تجاهها كصديقة، وكنت أحاول دائماً أن أكون بجانبها إذا شعرت ببعض الإرهاق أو أثناء مرورها بوعكة صحية، وفي الوقت نفسه كنت أحاول أن أكون بجانبها في أوقات فرحها، مثل انتهائها من تسجيل أغنية جديدة، أو غنائها في حفلة عامة.
- هل كنت تداومين على حضور حفلاتها؟
كانت وردة مقلة في حفلاتها خلال الفترة الأخيرة نظراً الى ظروف كثيرة، إلا أنني كنت أحاول دائماً ان اكون الى جانبها في حفلاتها الكبرى. وأذكر أنني سافرت خصيصاً ذات مرة إلى بعلبك في لبنان لحضور إحدى حفلاتها، ورغم وصولي متأخرة بعض الوقت، وهو ما جعلني أتوجه من المطار إلى الحفلة مباشرة، إلا أنها وبمجرد صعودها الى المسرح. وبعد توجيه التحية إلى الجمهور، نظرت إلى الأمام ثم قالت «فين بلبلة؟» فوقفت ورفعت يدي لها، فشاهدتني ورفعت يدها لي مرحبة، وهذا يدل على ثقتها الكبيرة في حضوري للحفلة، رغم أنني لم أخبرها بوصولي، وعلمها بعدم ارتباطي بأي أعمال في بيروت في ذلك الوقت. وفي الوقت نفسه، كان هناك إصرار من جانبي على الذهاب إلى الحفلة وحضورها وسط الجمهور، حتي لو وصلت متأخرة بعض الشيء، وهذا يعيدنا إلى أحد معاني الصداقة التي كنا نتحدث عنها قبل قليل، ألا وهي مسؤولية كل صديق تجاه صديقه، والثقة التي تنشأ بينهما نتيجة قوة ما بينهما من حب وود.
- هل كنت تزورينها باستمرار في بيتها، أم أن حالتها الصحية لم تكن تسمح بذلك؟
نظراً الى علاقة الصداقة القوية التي كانت تجمعنا، فقد كنت من أصدقائها القلائل الذين سمحت لهم بزيارتها في أي وقت، وقد كان لي هذا الحق في الذهاب إليها وزيارتها في منزلها في أي وقت دون اتفاق مسبق، لكنني لم أفعل هذا إلا بعد أن صرحت لي بذلك بنفسها أكثر من مرة، وكانت دائماً ما تقول لي «تعالي في أي وقت بدون اتصالات وستجدينني في انتظارك».
- متى كانت المرة الأخيرة التي ذهبت فيها إلى منزلها؟
باكية: كنت أستعد لزيارتها خلال هذه الأيام، بعد عودتها من السفر لأنها كانت خارج مصر، إلا أن القدر قال كلمته. وفي الحقيقة أنا لا أصدق حتى هذه اللحظة أنني لن أذهب إلى منزلها مرة أخرى، وبصراحة فراق وردة صعب جداً عليَّ، لا أستطيع تحمل فكرة فراقها، هذه سنّة الحياة بلا شك، لكن الفراق صعب أيضاً.
- ما هي أكثر صفة في وردة جعلتك تتمسكين بصداقتها؟
وردة لا تتحدث أبداً عن أحد بسوء، وهذا أحد طباعها التي أحببتها جداً.
- باعتبارك من أقرب أصدقائها، من كان دائم الاطمئنان عليها؟
محبو وردة لم يكونوا فنانين فقط، فقد كان لها أصدقاء من خارج الوسط الفني، لذا لا يمكنني أن أذكر أسماء بعينها، لكن محبي وردة كثيرون وكانوا دائمي السؤال عليها باستمرار.
- هل كانت تشعر بالوحدة؟
وردة كان لها عالمها الخاص، وأعتقد أنها لم تشعر يوماً بالوحدة، ولم تذكر أمامي ولو لمرة واحدة أنها تشعر بالوحدة، أضف إلى ذلك أنها كانت تعمل حتى اليوم الأخير، وكانت تختار أغنيات جديدة لغنائها، وتعقد بعض جلسات العمل مع بعض الشعراء والملحنين. حتى أنها انتهت منذ فترة قصيرة من تصوير فيديو كليب جديد، وهاتفتها بعد مشاهدتي للكليب، وهنأتها كثيراً على اللوك الذي ظهرت به.
- هل ألقيت نظرة الوداع الأخيرة عليها؟
لا، لم أكن لأتحمل أن أراها هكذا أبداً، ولم أكن لأتحمل هذا الموقف، وأنا لن أنسى وردة أبداً، وستظل الصور المنتشرة في منزلي والتي تجمعني معها في مكانها ولن تتغير.
نجاة مديرة أعمالها: وردة كانت تخفي مرضها عن الجمهور
أكدت نجاة مديرة أعمال وردة التي كانت تقيم معها بشكل دائم، أن الفنانة الراحلة عاشت أيامها الأخيرة داخل منزلها بمنطقة المنيل في القاهرة، وهي تعاني من المرض لأكثر من عامين. لكنها كانت تحرص على عدم إظهار ذلك لجمهورها، وتضيف نجاة: «منذ عامين ووردة تعاني من المرض، لكنها لم تكن تظهر ذلك لمن حولها، بل كانت تفضل أن تتألم بمفردها، وقد كانت أفضل أيام حياتها خلال الفترة الأخيرة من عمرها هي الفترة التي قررت فيها العودة إلى الغناء، وتحديداً في عام 2011 حيث كانت دائما ترغب في أخذ تلك الخطوة، وتقديم ألبوم جديد، لكن ظروفها الصحية كانت تحول بينها وبين تحقيق ذلك، لكنها حاولت أن تقاوم لأنها كانت ترى أن عودتها إلى الغناء عودة الى الحياة من جديد من وجهة نظرها.
وبالفعل بمجرد البدء في تسجيل أغنيات ألبومها الأخير «اللي ضاع من عمري»، شعرت بأن الفنانة وردة تغيرت تماماً بل وتماثلت للشفاء وعادت للحياة بابتسامة مشرقة دائماً، ورغم ذلك لم يتركها المرض، وبعد فترة ومنذ شهرين تقريباً عادت وردة تتألم من جديد، لكنها عندما كانت تظهر أمام الجمهور من خلال كليب غنائي أو مقابلة تلفزيونية، كانت تتحول إلى الانطلاق والحيوية بشكل يثير الدهشة، ومع مرور الوقت كانت الفنانة الرقيقة تتأزم حالتها الصحية، حتى وافتها المنية في المكان المحبب إلى قلبها بمنزلها بالقاهرة.
وعن الزيارات الأخيرة لها قبل الوفاة تقول نجاة: «لم تكن وردة تعلم أحداً بمرضها، كما ذكرت من قبل، ولهذا فأغلب الفنانين فوجئوا بخبر وفاتها مثل جمهورها بالضبط، كما أن عدد الزيارات لها بالمنزل كانت قليلة جداً، خصوصاً أن أهلها وأقاربها جميعاً وحتى ابنها رياض يعيشون في الجزائر». وعن مصير المنزل الذي كانت تعيش فيه تقول: «حتى الآن لا أعرف مصير المنزل، لأنني لم أجلس مع ابنها رياض، ولا أعلم هل سيتم إغلاقه أم بيعه؟».
الماكيير والمنتج محمد عشوب: دموع الأطفال نقطة ضعفها ولم يكن للمال أي قيمة في حياتها
يعد الماكيير والمنتج محمد عشوب من الأصدقاء المقربين للفنانة الراحلة وردة الجزائرية، فمنذ أن تعرف عليها في بداية العقد الخامس من القرن الماضي، وهو لم يفارقها مطلقاً حتى خلال سفرها إلى بلدها الجزائر، أو خلال رحلاتها إلى العاصمة الفرنسية باريس للعلاج. عشوب كان أكثر الفنانين حزناً وتأثراً على رحيل أميرة الطرب العربي، فمنذ معرفته بخبر وفاتها وهو في منزلها حتى صلى عليها صلاة الجنازة، وحملها على كتفه حتى عربة ايصال الجثمان إلى مطار القاهرة لكي يودعها.
البداية
عن بداية تعارفه على وردة، يقول عشوب: «معرفتي بالمطربة الجزائرية وردة، كان خلال التجهيز لأوبريت «الوطن الأكبر» الذي قدم عام 1960 وكان من تلحين موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، وشارك فيه عدد كبير من المطربين، أمثال عبد الحليم حافظ وشادية وفايزة أحمد وفادية كامل. خلال تلك الفترة كنت أعمل ماكيير مساعد مع الأستاذين الراحلين سيد محمد ومصطفى إبراهيم القاطوري وكان دوري في الأوبريت هو عمل الماكياج الخاص بالفنانة وردة، ومن لحظة تعرفي عليها كونا علاقة صداقة قوية للغاية».
يضيف: «أصبحت دائم التردد على وردة في منزلها، وتعرفت على إخوتها، رحمة الله عليهم جميعاً، واستمر تعاوني معها في المجال الفني، حتى قمت بعمل الماكيير الخاص لها في فيلم «ألمظ وعبده الحامولي»، وبعده انقطعت علاقتي بوردة بسبب سفرها إلى الجزائر، ومكوثها هناك لفترة طويلة نتيجة زواجها وإنجابها ابنها رياض وابنتها وداد. وطوال هذه الفترة كنت أحاول الاتصال بها، لكن باءت كل محاولاتي بالفشل، حتى قرأت ذات يوم خبراً في جريدة الأخبار القاهرية أن المطربة وردة عادت الى مصر، فأسرعت لمقابلتها وكانت من أحلى لحظات حياتي أن أراها مرة أخرى».
مواقف إنسانية
أما عن وردة الإنسانة فيقول: «وردة رحمة الله عليها، كانت من أطيب وأكرم الفنانات اللواتي تعاملت معهن في حياتي، فهي إنسانة لا يعرف قلبها الكراهية، وتكره الخيانة وتحب عملها بعشق قد يصل إلى درجة الجنون، واليأس لم يظهر في حياتها إلا خلال لحظات مرضها». وعن نقطة ضعفها يقول عشوب: «أضعف نقاط وردة عندما كانت ترى طفلاً صغيراً يبكي، فحينها ترى دموعها تتساقط بدون إرادتها، وأيضاً عندما يحكي لها صديق عن قصة مؤثرة حدثت لشخص ما، فربما تجد وردة تقوم مع صديقها، لكي تذهب معه إلى صاحب المشكلة وتحاول أن تساعده في حلها».
ويحكي عشوب قصة عن إحدى المطربات الكبار اللواتي لم تكن بينها وبين وردة علاقة حميمة، بل كانتا على خلاف، فحينما علمت وردة بأن هذه المطربة في لحظة مرض، ولا تملك المال الكافي للعلاج، قررت أن تذهب لها وتقدم لها مبلغاً مالياً كبيراً يكفي علاجها». وعن المال في حياة وردة يقول: «وردة لم تضع طيلة عمرها أية قيمة للمال، فكانت دائماً ما تحب أن تفرق أموالها على المحتاجين والفقراء، وحينما يتم استضافتها في برنامج تحمل وردة مبلغا ماليا كبيرا معها، لكي تفرقه على العاملين في الاستديو لمعرفتها بصعوبة عملهم».
ويحكي هنا عشوب قصة أخرى عن علاقتها بالمال فيقول: «كنا في إمارة دبي بدولة الإمارات، وتم استضافتنا في برنامج «جديد × جديد»، وبعد الحلقة طلبت وردة مبلغاً من المال من إدارة القناة، فاعتقد البعض أنها تريد الاتفاق المادي الذي تم التعاقد عليه مع ابنها رياض، وأعطيت ظرفاً مليئاً بالدراهم الإماراتية، وما أن أخذته حتى أعطت كل عامل في الاستديو ما يقرب من ألف درهم».
المرض والاعتزال
وعن أصعب مراحل حياتها يقول محمد عشوب: «المرض هو أصعب مرحلة مرت بها الفنانة الراحلة، فوردة لم تكن تعرف اليأس ولم تفكر في المرض مطلقاً، لكن مع أزمة التليف الكبدي الذي تعرضت له أواخر القرن الماضي بدأت تمر بفترة يأس كبيرة». ويضيف عشوب: «بالتأكيد فكرت وردة كثيراً في الاعتزال، وربما كانت قد أخذت قراراً بالاعتزال، لكن حب الناس كان سبباً في تراجعها عن تلك الفكرة. ورغم أن ابنها رياض كان يتمني أن تعتزل أمه الغناء والفن بوجه عامه، نظراً الى خوفه الدائم عليها من مشاكله ومتاعبه، فإن وردة كانت ترفض ذلك وتصر على الاستمرار».
الإنتاج
وعن تجربة إنتاجه فيلم «ليه يادنيا» لوردة في مجال السينما يقول عشوب: «رغم مشواري الطويل في مجال الفن كماكيير، لم أفكر مطلقاً في احتراف إنتاج الأفلام إلا عندما وجدت المطربة الراحلة تطلب مني إنتاج فيلم لها، تعود به إلى التمثيل بعد سنوات طويلة غابت خلالها عن السينما منذ فيلم «حكايتي مع الزمان». وفي ظل تخوفي من تلك التجربة، وقفت وردة بجانبي وقالت لي «سأظل معك حتى النهاية». وبالفعل لم تتقاض مني مليماً واحداً، رغم أنني كسبت مادياً بعد عرض الفيلم، ورغم تصميمي على أن أعطيها حقها المادي، لكنها كانت ترفض وكادت تخاصمني بسبب إصراري».
آخر علاقة فنية
يكمل عشوب: «عقب عودتها من فرنسا بعد زرع الكبد، كانت وردة حزينة لابتعادها بشكل كبير عن حبها الوحيد في حياتها الفن. وخلال إحدى زياراتي لها اقترحت عليها فكرة العودة بمسلسل تلفزيوني من إنتاجي، فرحبت بالفكرة، وبدأت أجري اتصالات بقطاع الإنتاج في مدينة الإنتاج الإعلامي، واتفقت مع رئيس القطاع على تقديم مسلسل جديد، وبالفعل جلسنا مع الكاتب نادر خليفة، واتفقنا على قصة بعنوان «محامية تحت التهديد» وأعجبت بها وردة.
واتفقنا بشكل كامل على تفاصيل العقد، إلى أن سافرت الى اليبيا، فوجدت الإعلامي الكبير وجدي الحكيم يهاتفني ويقول لي «إن وردة اتفقت على تقديم مسلسل آخر بعنوان «آن الأوان» مع الملحن صلاح الشرنوبي»، وما كان مني إلا أن شجعتها على العمل الجديد، حتى إذا لم يكن معي».
الموت يمنع «وردة» من الغناء للثورة المصرية
جاء رحيل وردة قبل أيام من تسجيلها أغنيتها الجديدة «يا أولاد مصر» التي كان سيتم بثها تزامناً مع انتخاب رئيس جديد لمصر، فالفنانة الراحلة قررت الغناء لمصر مرة أخرى بعد أن كانت قد اعتزلت الغناء الوطني منذ حرب أكتوبر 1973، وبالتحديد منذ أغنية «وأنا على الربابة بغني». ويعد السبب الرئيسي وراء قرار عودتها هو تحسن العلاقات المصرية الجزائرية بعد مشكلة أم درمان التي حدثت خلال مباراة مصر والجزائر في تصفيات كأس العالم جنوب إفريقيا 2010، وأيضاً بسبب سعادتها بنجاح ثورة «25 يناير». فاتفقت مع الشاعر الغنائي عوض بدوي والملحن وليد سعد والإعلامي وجدي الحكيم على أن يقدموا لها أغنية جديدة تدور تفاصيلها حول مصر وشبابها الذين نجحوا في تفجير «ثورة يناير»، واتفق مسؤولو التلفزيون المصري معها على تحمل تكاليف تصوير وإذاعة الأغنية، وقرروا عرض الكليب الخاص بالأغنية تزامناً مع انتخاب رئيس جديد للبلاد، كاحتفال بنجاح الثورة المصرية.
يقول الشاعر عوض بدوي: «كانت بداية تعاملي مع وردة في أغنية «أنا ليا مين غيرك»، التي طرحت في ألبوم حمل الاسم نفسه منذ ما يقرب من 12 عاماً، ومن بعدها أصبحت مقرباً من الفنانة الراحلة وقدمنا أعمالاً رائعة في ألبومها الأخير «اللي ضاع من عمري»، وكان منها أغنية «عدت سنة» التي لحنها أمجد العاطفي». ويضيف: «كتبت قصيدة بعنوان «يا أولاد مصر»، كان من المفترض أن يلحنها وليد سعد وقدمناها لوردة وأعجبت بها وقررت غناءها، وكان معنا الإعلامي الكبير وجدي الحكيم الذي أجرى اتصالات بالتلفزيون المصري، لكي يتفق معه على إنتاج الأغنية وتصويرها فيديو كليب».
تقول كلمات الأغنية:
يا أولاد مصر ياللي علشانها كتير ضحيتوا
يا أولاد مصر ياللي بمصر الحرة ناديتوا
ياللي هتفتم في التحرير
ياللي طالبتم بالتغيير
مصر أمانة في أيديكم أنتم
لسه هتدوا لمصر كتير يا أولاد مصر
أما الإعلامي وجدي الحكيم الذي كان حلقة الوصل بين المطربة الراحلة والتلفزيون المصري لإنتاج الأغنية، فيقول: «منذ سنوات وأنا أحلم بأن أعيد وردة إلى الغناء لمصر، فلا نستطيع أن ننكر أن وردة كانت من أهم الأصوات التي غنت لمصر خلال عصرها الحديث. وبالفعل بدأت وردة جلسات عمل مع عوض بدوي ووليد سعد، لكي تخرج أغنيتها الجديدة إلى النور في أسرع وقت، لكننا قررنا أن نؤجلها لكي تطرح في وقت لا يوجد فيه انشغال سياسي كبير، خاصة أن الفترة الحالية تشهد زخماً سياسياً بمناسبة إجراء الانتخابات الرئاسية». يضيف: «عقب انتهاء وردة من تسجيل أغنيتها «زمن ما هو زماني»، سجلتها مع المطرب السعودي عبادي الجوهر، اتفقت معي على اللقاء لنتناقش في تفاصيل أغنية «يا أولاد مصر»، لكن سفرها الأخير إلى فرنسا حال دون ذلك».
ويختم الحكيم حديثه قائلاً: «عقب عودتها اتفقنا على أن نتحادث لكي نتقابل يوم الخميس الموافق السابع عشر من شهر أيار (مايو)، يوم الوفاة. وبالفعل في الساعة الثانية بعد الظهر أجريت اتصالا بها، خاصة أنني أعرف أن وردة تستيقظ من النوم في السادسة صباحاً. وفوجئت برد نجاة مديرة منزلها عليَّ وتقول لي إن وردة نامت مرة أخرى، وطلبت مني أن أكلمها في وقت لاحق، لكنني نسيت أن أكلمها مرة أخرى، حتى علمت بخبر وفاتها من التلفزيون، فالراحلة حتى آخر أيامها كانت تفكر في مصر، وتحلم بالغناء لها».
الأسرار تُكشف بعد رحيلها
عمرو دياب تمنى غناء أغنية وردة «ضميرك مستريح»
بدأت الأسرار تُكشف الواحد تلو الآخر عقب وفاة المطربة الجزائرية الكبيرة وردة، وهذه المرة ينكشف سر اهتمام المطرب عمرو دياب بأغنية الراحلة «ضميرك مستريح». وعلمت « لها» أن عمرو دياب أعجب بأغنية «ضميرك مستريح» التي طرحت ضمن أغاني الفنانة الراحلة في ألبومها الأخير الذي أنتجته شركة «روتانا» بعنوان «اللي ضاع من عمري» في تشرين الأول (أكتوبر الماضي).
تعود قصة الأغنية التي كتبها خالد تاج الدين ولحنها ووزعها خالد عز، عندما اختارت وردة الأغنية لكي تضمها إلى ألبومها الجديد، وبالفعل حدث اتفاق مبدئي معهما لشراء الأغنية، لكن بعد أحداث مباراة كرة القدم بين مصر والجزائر التي تسببت بإحداث أزمة في العلاقات المصرية الجزائرية، رفض أصحاب الأغنية إعطاءها لوردة وقدموها لعمرو دياب الذي أعجب بها للغاية واتفق على تسجيلها لكي تطرح ضمن ألبومه الأخير « بناديك تعالى».
لكن مع عودة العلاقات المصرية الجزائرية مرة أخرى، رأى أصحاب الأغنية أنه في حالة رفض إعطاء الأغنية لوردة، قد يخسرون كثيراً نظراً الى أن التعامل مع فنانة في مستوى الراحلة، سيكون شهادة في تاريخهم الفني يتذكرونه طوال عمرهم، وبالفعل رفضوا عرض دياب وأعادوا الأغنية مرة أخرى إلى الراحلة لكي تغنيها. ورغم أن عمرو كان قد أعد العدة لضم الأغنية إلى ألبومه الجديد، لكنه رفض إحداث بلبلة إعلامية أو افتعال مشاكل بسبب علاقته القوية بالفنانة الراحلة، وأيضاً احتراماً وتقديراً منه تجاه المطربة التي أحبها الملايين في الوطن العربي، والتي تعد رمزاً من رموز الغناء العربي.
«مازال واقفين»... الأغنية الأخيرة لوردة
كانت أغنية «مازال واقفين»، بمناسبة عيد استقلال الجزائر في 5 تموز/يوليو، آخر عمل فني لدى جمهور وردة في الجزائر، و لم تكن تعلم الفنانة أنها أغنيتها الأخيرة قبل أن ترحل تاركة محبيها مع أعمالها الخالدة وسيرتها الفنية الطيبة. وقبل ذلك، كانت وردة قد عبرت على لسان ابنها رياض عن استيائها من انتشار شائعة وفاتها بأزمة قلبية عشية الانتخابات التشريعية الجزائرية، التي تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي، كما تعالت أصوات فنية عربية كثيرة تطالبها بالاعتزال بعد تقدمها في السن... وصرحت وردة قبل أيام من وفاتها أنها ستظل تغني إلى آخر نفس في حياتها، وأنها بصدد التحضير لألبوم جديد في الجزائر سيكون مفاجأة لجمهورها في جميع أنحاء الوطن العربي. ولكن الأقدار شاءت غير ذلك...
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024