البروفيسورة سوزانا نونيس وتحدّي النساء في مجال العلوم في السعوديّة
البروفيسورة سوزانا نونيس، أستاذة العلوم والهندسة الكيميائية والبيئية ونائب رئيس هيئة التدريس والشؤون الأكاديمية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنيّة في السعودية، وهي الفائزة بجائزة لوريال-اليونسكو من أجل المرأة في العلم العالمية التي كرّمت من خلالها عالمات عالميات متميّزات. في هذا الحوار الخاص نتعرّف أكثر على تحدّيات المرأة في مجال العلوم وأسرار نجاحها.
- ما الذي دفعك إلى مجال العلوم؟
انجذبت إلى العلوم في سنّ مبكرة، والسبب هو سحر التحوّل الذي رأيته في الكيمياء، وإمكانية صنع مواد جديدة وتغييرها. حصلت على أدوات للأبحاث الكيميائية في السابعة من عمري وأحببتها. لاحقاً، تابعتُ دراستي في مدرسة ثانوية مع التركيز بشكل خاص على الكيمياء، ومع مرور الوقت ازداد اهتمامي بهذه المادة.
- ما هي التحدّيات التي تواجهها النساء في مجال العلوم؟
يبرز التحدي الأول في سنّ مبكرة. لا تزال الفتيات أقل انجذاباً الى العلوم من الفتيان، وذلك بسبب الألعاب المتوافرة لهم، ورؤية العلوم كمسار طبيعي لمهنة المستقبل. لحُسن الحظ، فإن عدد النساء في العلوم والهندسة في ازدياد. تبلغ نسبة الطالبات في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية حوالى 39%، في حين أن الجامعة مكرّسة للعلوم والهندسة فقط. ويتواصل ويتنامى تحفيز الشابات على الاستمرار في هذا المجالفي العديد من الدول. لكن وفي وقت لاحق من المسار المهني للمرأة، ينخفض عدد النساء في المناصب القيادية. علماً أن الدعم والرعاية يؤثران في عدد النساء في هذا المجال. ذلك أن دعم الرجل للمرأة في بداية المهنة أمر سهل ومحفّز. مع ذلك، ومع التقدّم في الحياة المهنية، يصعُب على الرجل تقبّل وجود امرأة تتنافس على المنصب نفسه(أو حتى أعلى)...لكننا نرى تغييرات إيجابية مستقبلاً. أنا لست عالمةً فقط، ومنصبي في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية كنائب لعميد الجامعة يُبرز جانباً آخر لرؤية القيادة.
- ما هو الإنجاز العلمي الذي جعلك تبرزين، وساعدك على نيل التقدير؟
طوال مسيرتي المهنية، ركّزت على تطوير مواد وأغشية جديدة، وهي مرشحات دقيقة جداً لدرجة أنها قادرة على فصل الجزيئات. الأغشية مهمة للعديد من التطبيقات. عملتُ في ألمانيا على تطوير أغشية للطاقة المتجدّدة، خاصة لتكنولوجيا الهيدروجين. في المملكة العربية السعودية، أطوّر أغشية تُستخدم للفصل في الصناعات الكيميائية وقطاع المياه.
- هلاّ تحدّثينا عن جائزة لوريال- اليونسكو من أجل المرأة في العلم؟ وكيف كان شعورك حين حصلت على هذه الجائزة؟
التقدير شرف كبير لي وخاص جداً، وأنا سعيدة للغاية به. أعمل في المملكة العربية السعودية منذ 13 عاماً، وخلال هذا الوقت حصلت تغيرات كثيرة أيضاً في المملكة. أرى في هذه الجائزة احتفالاً، ليس بي شخصياً وإنما بالتغييرات الإيجابية التي تشهدها البلاد وبالمواهب النسائية التي تزخر بها.
- ما هي طموحاتك في هذا المجال؟
أركّز في عملي على الاستدامة وكيفية تطوير مواد جديدة للمساهمة فيها، وأعمل على تطوير مرشحات (أغشية) دقيقة جداً للفصل الجزيئي. الانفصال ضروري في العديد من المجالات ويتطلّب الكثير من الطاقة. نحتاج إلى طرق فصل أكثر فاعليةً تستخدم طاقة أقل وتنتج كميات أقل من ثاني أوكسيد الكربون. تقنية الأغشية هي بديل واعد. على سبيل المثال، جزء كبير من المياه التي نشربها الآن في منطقة الشرق الأوسط هي من مياه البحر التي تم فصلها إلى ماء وملح بواسطة غشاء. يمكننا استخدام تقنية فصل مماثلة في الصناعات الكيميائية، البتروكيماوية والصيدلانية إذا توافر المزيد من المرشحات الانتقائية والثابتة. جوهر بحثي هو تطوير هذه المرشحات. الفصل مسؤول عن 50% من الطاقة المستهلكة في هذه الصناعات. طموحي هو المساهمة في انتقال سريع إلى مجتمع مستدام.
- في اعتقادك، كيف يمكن أن تلهمي بمسيرتك الناجحة نساء أخريات يعشقن العلوم؟
أولاً، من المهم رؤية نساء أخريات يلتحقن بالمجال الذي اخترتِه لنفسكِ. ومن المهم أيضاً إدراك أن نساء أخريات قد نجحن في هذا المجال ويجب أن يكون هذا مساراً أو اختياراً مهنياً طبيعياً لهن. ما زلنا أقلية في مجالات العلوم، ولكننا نثبتُ يوماً بعد يوم أن ذلك ممكن، ونحن خير مثال على ذلك.
- أيّ رسالة توجّهين إلى النساء في مجال العلوم؟
يرجى اعتبار العلوم مساراً طبيعياً لمهنة تمارسها المرأة. نواجه اليوم الكثير من التحدّيات الكبيرة التي يجب تخطّيها. الأمثلة الواضحة مثل تغيّر المناخ وكل العواقب المرتبطة به، وذلك سوف يؤثر فينا جميعاً. لذلك نحتاج الى التنويع في الأفكار لكي نتغلب على هذه التحدّيات من أجل تأمين مستقبل أفضل للأجيال القادمة، ويجب أن تكون النساء جزءاً من هذه العملية.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024