مؤسسة Fondazione Arnaldo Pomodoro ودار FENDI يقدّمان "أرنالدو بومودورو... مسرح الحضارات العظيم"
أعلنت مؤسّسة Fondazione Arnaldo Pomodoro ودار FENDI عن إطلاق شراكة بينهما ستمتر لسنواتٍ عدة تتجسّد فيها رؤية كلّ منهما ورسالتهما المشتركة بشكل احتفالٍ بالفن كأداة تجمع بين الاحترام للإرث والتراث والاهتمام والمعرفة واسعة الانتشار باللغات الفنية والبحث عن أشكال جديدة للتعاون من منظور الاستدامة والابتكار.
وتأتي هذه الشراكة بمثابة تطوّر طبيعي للعلاقة التي نشأت بين المؤسّسة والدار في العام 2013، عندما اتخذت FENDI من مساحة المعرض السابقة للمؤسسة في شارع Via Solari 35 مقراً لها في ميلانو. وهو المكان الذي يضمّ العمل البيئي بعنوان Ingressonellabirinto، ويُعدّ من أهم أعمال أرنالدو بومودورو وأكثرها تمثيلاً ضمن المسيرة الفنية للنحّات الإيطالي.
معرض Arnaldo Pomodoro. IL Grande Teatro delle Civiltà
وتتجسّد الثمرة الأولى لهذه الشراكة المتجدّدة اليوم الجمعة في معرض Arnaldo Pomodoro. IL Grande Teatro delle Civiltà "أرنالدو بومودورو. مسرح الحضارات العظيم" في مقرّها الخاص في قصر الحضارة الإيطالية Palazzo della Civiltà Italiana بروما. ويُقام المعرض تحت إدارة لورينزو ريسبي وأندريا فيلياني بالتعاون مع مؤسّسة Fondazione Arnaldo Pomodoro، وتبقى أبوابه مفتوحةً للزوّار مجاناً لغاية 1 تشرين الأول (أكتوبر) 2023.
ويمثّّل التعاون بين مؤسسة Fondazione Arnaldo Pomodoro ودار FENDI جزءاً من شراكةٍ أوسع نطاقاً تجمع بين احترام الإرث التاريخي ودعم اللغات الفنية المعاصرة ونشرها والبحث عن أشكال جديدة للتعاون المبني على الاستدامة والابتكار.
وصُمّم المعرض خصيصاً ليتماشى مع المساحات الداخلية والخارجية لـقصر الحضارة الإيطالية Palazzo della Civiltà Italiana في المنطقة الأوروبية، حيث مقرّ دار FENDI في روما منذ العام 2015. ويغطّي المعرض ما يزيد على سبعين عاماً من تجارب الفنّان النحّات أرنالدو بومودورو، ويتخذ شكل "مسرح" لسيرته الذاتية، يجمع بين الواقعي والنفسي من جهة، والتاريخي والخيالي من جهة أخرى، يتخلّله ما يقارب الثلاثين عملاً من توقيع بومودورو في الفترة بين أواخر الخمسينيات من القرن العشرين والعام 2021، إلى جانب سلسلة من الموادّ الأرشيفية، من صورٍ فوتوغرافية، ووثائق، ومخطوطات، ورسوم معظمها لم يُعرض من قبل، تستحضر روح وأجواء الاستديو والأرشيف الخاص بالفنان.
يبحث معرض Il Grande Teatro delle Civiltà في العلاقة المترابطة، في ممارسة بومودورو، بين الفنون البصرية والفنون ذات المناظر الطبيعية الخلاّبة، ويسلّط الضوء على العلاقة ما بين عنصر التخطيط ضمن العمل وابتكار العمل فعلياً. ويتجلّى في قصة تنشأ من بين سطورها التلميحات الممكنة والمتعددة إلى تلك "الحضارات" القديمة، العتيقة، الحديثة أو حتى الخيالية التي تشير إليها أعمال بومودورو باستمرار، والتي تنبثق منها أشكال ومواد تشكّل في آنٍ واحدٍ ذاكرة الماضي ورؤية المستقبل وتعيد صياغة معارفنا وقصصنا المتخيّلة، وتجربتنا في الزمان والمكان وفي التاريخ والأسطورة.
يُستهلّ المعرض من الزوايا الخارجية الأربع للمبنى حيث وُضعت المنحوتات الأربع Forme del mito (1983) - Il potere (Agamennone)، وL’ambizione (Clitennestra)، وLa macchina (Egisto)، وLa profezia (Cassandra). وقد أُخذت هذه المنحوتات من آلات المناظر الطبيعية التي ابتُكرت خصيصاً لسلسلة العروض المسرحية المستوحاة من أوريستيا لإيسخيلوس للفنان إيميليو إيسغرو، والتي قُدّمت على أنقاض ساحة غيبيلينا الرئيسية التي دمّرها زلزال بيليس في ما بعد. تظهر المنحوتات كخلفية تمتدّ بين القصر والمناظر الطبيعية والمجتمع الحضري المحيط، لتعيد رسم المبنى فتعطيه معنى جديداً، وتحوّل ما يسمى Colosseo Quadrato - أحد الرموز المعمارية للحداثة والعقلانية الإيطالية - إلى عمل مفتوح ومُعاد تفسيره وتصميمه، بحيث لا يكون محدّداً مرةً واحدة فحسب.
في بهو قصر الحضارة الإيطالية يستقبل الزائر عملان من الأزياء الخاصة ابتكرهما الفنّان من أجل عرضين مسرحيّين هما: Costume di Didone (لـديدو، ملكة قرطاج Dido, Queen of Carthage لكريستوفر مارلو، قُدّم في غيبيلينا في العام 1986)، وCostume di Creonte (لأوديب الملك Oedipus Rex لإيغور سترافينسكي والذي قُدّم في سيينا عام 1988). وقد تمّ إنتاج الزيّين من المواد النحتية المقترنة بمواد سريعة الزوال مثل الرافيا والنسيج، لتذكّر هذه الأزياء بالأيقونات والفنون الدرامية لليونان القديمة، بالإضافة إلى الأيقونات العتيقة والتقنيات التقليدية للأعمال الفنية الأفريقية والآسيوية، مما يعيد تنشيط حكاية أسطورتَيْ ديدو وأوديب.
ويُستكمل المعرض في غرفتين متناظرتين وغرفة متصلة، أشبه بطورين من عمل مسرحي مع فاصل موسيقي intermezzo. وفي المساحات الرئيسة تطالع زوّار المعرض منحوتتان بلونين متناقضين أقيمتا بشكلٍ متماثل: Le battaglie (1995) باللون الأسود، و Movimento in piena aria e nel profondo(1996-1997) باللون الأبيض.
تستعيد المنحوتة الأولى بزواياها وأشكالها الحادّة والمستدقّة، ومن خلال المواد المختلفة المستخدمة في تنفيذها (من حبال متشابكة، وأوتاد وبراغٍ) معركة سان رومانو The Battle of San Romano لباولو أوتشيلو، وهي تحفة فنية من عصر النهضة. وإلى جانبها أقيم عملان آخران يتعمقان أكثر في أبحاث بومودورو: هما Grande tavola della memoria (1959-1965)، وهو انعكاس للنحت الغائر والتقنية القديمة للصب باستخدام عظم الحبّار، وIl cubo (1961-1962)، وهي قطعة تتزامن مع بداية اختبارات جديدة بالأشكال الأولية للهندسة الإقليدية.
في الغرفة الثانية منحوتة Movimento in piena aria e nel profondo المؤلفة من منحنى مزدوج يشير إلى المساحات السماوية والأرضية الكبيرة، وهي تصف الفعل النحتي على أنه "حفر في تعقيدات الأمور" بحيث يترسخ في الوعي بالقدرة على "ثني الزمان والمكان."
وبجانبها، يُقام عمل يمنح المعرض دائريةً مفاهيميةً، فيقلب نهايته من جديد ليبدأ من نقطة انطلاق: Continuum (2010)، وهي عبارة عن نحتٍ كبير زاخر تماماً بالعلامات المميزة للأعمال الأولى للفنّان، كنوع من "مخطط" يحتوي على الرموز وعلى جردة لكل "كتاباته".
وقد صُمّمت هاتان الغرفتان وكأنهما تشكّلان معرضاً داخل المعرض، تُستعرض فيهما موادّ التصميم والمواد الوثائقية، ومعظمها لم يُقدّم من قبل - ككتب الفنان، ومخطوطاته، ورسوماته، ونماذجه، بالإضافة إلى الرسائل والصور الفوتوغرافية والقوائم والمواد الدراسية لأهم المشاريع الخاصة به – تمّ استعراضها داخل أدراج العرض والرفوف التي يمكن الزوار فتحها والاطلاع عليها، في خطوةٍ تستحضر أجواء استوديو الفنان وأرشيفه.
ويظهر الرابط بين الغرفتين، كفاصل موسيقي intermezzo بين طورين مسرحيين، من خلال العمل الفنّي Rotativa di Babilonia(1991)، والذي ثُبّت في الخارج ولكن بقي مرئياً من نوافذ القصر، بشكله الدائري الذي يشير إلى فكرة الحركة الدورية والمستمرة، التي تحدث في الزمان والمكان. وتُعرض داخل الردهة سلسلة Tracce (1998)، المكونة من واحد وعشرين نحتاً نافراً بالطبشور باللونين الأبيض والأسود وبلون الصدأ.
ويُختتم المشوار في رواق الطابق الثالث مع Osso di seppia (2011-2021)، المصفوفة الرمزية لكل أعمال الفنان، وهو الذي بدأ فعلياً تجربته النحتية من خلال نحت عظم الحبّار. ويظهر الشكل نفسه أيضاً كعنصر رمزي في محيط Ingresso nel Labirinto، في مساحة العرض السابقة لمؤسسة الفنان في ميلانو، حيث يقع مقر FENDI منذ عام 2013.
كما يعتبر معرض Il Grande Teatro delle Civiltà نقطة انطلاق لاكتشاف أعمال بومودورو الأخرى الكائنة في روما ومن حول العالم، وهو يمثّل فرصةً لتعميق معرفة المرء بتجارب الفنان وعلاقته بـ "المدينة الخالدة". ويترافق المعرض مع قائمة خاصة بالفنان تولّت نشرها دار "سكيرا"، مع مقالة من إعداد القيّمين على المعرض، والعديد من المواد النقدية والسِّير الذاتية والببليوغرافية والوثائق الفوتوغرافية الشاملة، والتي ستكون متاحةً في متاجر FENDI ومباشرة في مساحة المعرض. يمكن استكشاف هذه المواد رقمياً عبر موقع ويب مصغّر مخصص للمعرض (http://arnaldopomodoro.fendi.com/) حيث سيتسنّى للمستخدمين أيضاً التسجيل لزيارة المعرض.
نشاطات مقبلة
ومن بين الأنشطة المختلفة التي تخطّط لها المؤسسة وFENDI، إعادة تفسير أرنالدو بومودورو لحقيبة Peekaboo الشهيرة، التي ابتكرتها سيلفيا فنتوريني فندي عام 2008. ويندرج هذا النشاط ضمن مشروع Canvas Peekaboo العالمي الذي شارك فيه، بدءاً من العام 2014 فنانون ومصمّمون وشخصيات بارزة من أجل ابتكار قطع فريدة تمثل شهادات خاصة للدار.
ومن خلال ابتكاره، أراد بومودورو مناقشة وظيفة استخدام الحقيبة كغرض وتحويلها إلى شيء غامض ذي رؤية، ربما كدرع من العصور الوسطى، أو حيوان أسطوري مغطى بأشواك حادّة، أو حتى كزهرة غريبة ذات مدقّات طويلة.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024